ملحمة جديدة للمقاومة في غزة.. ساعتان من الاشتباكات تُفشل كمينا للاحتلال

كمائن المقاومة تكبد الاحتلال خسائر أكثر من التي يسمح بنشرها
"انقلب السحر على الساحر"، "نصبوا كمينا فوقعوا فيه وعادوا قتلى وجرحى"، بهذه العبارات وغيرها، أعرب ناشطون عن سعادتهم بإعلان مقتل عسكريين إسرائيليين بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.
جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن في 26 أبريل/نيسان 2025، مقتل أحد عناصره ويدعى “نيتع يتسحاك كاهانا” من وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود.
كما أعلن الجيش مقتل ضابط برتبة نقيب يدعى “عيدو فولوخ” وإصابة 3 جنود آخرين في اشتباك مسلح وقع قبلها بيوم في حي الشجاعية.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، قد أعلنت أن مقاتليها في حي الشجاعية، استهدفوا قوة إسرائيلية خاصة تحصنت في منزل بقذائف آر بي جي، والياسين 105، واشتبكت معها بالأسلحة الرشاشة وأوقعوها بين قتيل وجريح.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن تسلسل الأحداث، موضحة أن قوة من لواء الاحتياط 16، العاملة في الشجاعية، خرجت لتنفيذ غارة هجومية على بُعد حوالي كيلومتر ونصف من السياج الحدودي.
وقالت: إنه بعد أن نفذت القوة عمليات تمشيط، بقيت في الميدان لتنفيذ كمين بواسطة مقاتلي اليماس (وحدة المستعربين).
ولكن خلية مسلحة وصلت إلى موقع الكمين واشتبكت مع قوات اليماس داخل مبنى في الشجاعية، وقتل أحد عناصر الوحدة.
وأضاف الإعلام الإسرائيلي أنه على الفور بدأت عملية الإنقاذ، وهو ما تطلّب استدعاء قوات إضافية إلى المكان لإخراج المقاتلين من الكمين.
وأوضحت أن القتال استمر ساعتين كاملتين لإنقاذهم وخلالهما أطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس النار 5 مرات على الأقل “نحو فرق الإنقاذ”.
وأفادت بأنه جرى إطلاق صاروخ مضاد للدروع على آلية عسكرية كانت في طريقها للإخلاء، مما أسفر عن إصابة جندي بجروح متوسطة، ولاحقا أُطلق صاروخان آخران على دبابة من كتيبة 46، لكن لم تقع إصابات.
وقال الإعلام الإسرائيلي، إنه بعد ساعة تقريبا من الاشتباك الأول، أُطلق صاروخ مضاد للدروع على دبابة أخرى من كتيبة 46، وهذه المرة أصاب الهدف، مما أدى إلى مقتل ضابط من الكتيبة وإصابة جندي آخر بجروح.
وأوضح أنه بعد حوالي نصف ساعة، أطلق صاروخ آخر مضاد للدروع آخر على القوة، كما بدأ المسلحون في إطلاق نيران الأسلحة الخفيفة، وهو ما أسفر عن إصابة جنديين آخرين.
وأثنى ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الشجاعية، #كتائب_القسام، #غزة، وغيرها من الوسوم الأخرى، على جسارة وبأس وشجاعة المقاومة الفلسطينية وقدرتها على تكبيد الاحتلال خسائر في صفوفه.
وعرفوا بوحدة المستعربين ودورها وخطورتها، مشيدين بكمائن المقاومة ويقظة المقاومين وخوضهم معارك بطولية وتنفيذهم كمائن محكمة وتربصهم بالوحدة وإيقاعها بين قتيل وجريح وكسب المعركة وقلب المعادلة وتحويلها من عملية لضربهم إلى كمين لتصفية الجنود.
وألمح ناشطون إلى أن كمائن المقاومة تكبد الاحتلال خسائر أكثر من التي يسمح بنشرها وأن "ما خفي أعظم"، موضحين أن روايته دائما مبتورة؛ لأنه معروف بالتكتّم على خسائره.
تعريف بالمستعربين
وعن تفاصيل الحدث وإيضاحا لصفة القتلى، أوضح تامر قديح، أن المستعربين الإسرائيليين قوة عسكرية خاصة تنتحل أسماء عربية وتلبس زيا مدنيا ويتحدثون العربية وتبدو عليهم ملامح عربية دخلوا لمنطقة تبعد نحو كيلومتر ونصف الكيلو عن الحدود بهدف تنفيذ كمين داخل مبنى في حي الشجاعية.
وأشار إلى أن قوة المستعربين الإسرائيليين وقعت في كمين نصبته المقاومة الفلسطينية؛ حيث أطلق المقاومون النار عليهم، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة عدد آخر منهم، مؤكدا أن المقاومين خاضوا اشتباكا استمر ساعتين، تخلله خمس مواجهات مباشرة.
وروى الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أنه إثر عملية خاصة لقوات المستعربين (يماس)، هاجمت قوات كتيبة الشجاعية قوة العدو، وقتلت أحد أفراد القوة، وأصابت آخرين.
وأوضح أنه بعد تدخل سلاح الجو لفض الاشتباك وتدخل قوات النجدة، جرت خمسة اشتباكات عرقلت عملية الإجلاء، مما أدى لمقتل جندي آخر من قوة المدرعات، وإصابة آخرين.
وأشار زياد إلى أن هذا أول قتيل من قوة المستعربين منذ بداية الحرب، والقوة تعد وحدة خاصة تتبع الشرطة الإسرائيلية وليس الجيش، ويتم زجّها لأغراض العمليات الخاصة الدقيقة فقط.
ولفت حسن حلمي إلى أن الجندي المقتول إثر كمين الشجاعية أول قتيل من قوة المستعربين منذ بداية الحرب، موضحا أن القوة تعد وحدة خاصة تتبع للشرطة الإسرائيلية وليس الجيش، ويتم زجّها لأغراض العمليات الخاصة الدقيقة فقط.
وكتب صهيب أورغال: “أغلب الظن أن وحدة المستعربين عالية التدريب كانت لهم معلومات حول الأسرى ولكن اعتقدت نفسها في الضفة الغربية تصول وتجول فيها بفعل التنسيق الأمني وتناست أن كتيبة الشجاعية هي من سحقت لواء جولاني وقتلت قادته في ديسمبر 2023”.
وحذر أحد المدونين، من أن وحدة المستعربين من أخطر الوحدات التي تمتلكها العصابات الصهيونية، فهي وحدة خاصة مستعربة تتكلم باللغة الفلسطينية الدارجة وتجيد اللغة العربية وترتدي ملابس الفلسطينيين.
وأشار إلى أن العصابات الصهيونية تستخدم هذه الوحدة من أجل اختراق قوات المقاومة والشعب الفلسطيني للحصول على معلومات أو تحركات، لافتا إلى أنها موجودة أيضا في الضفة الغربية ولبنان.
وقال محمد إدريس: “المُستَعرِبون هي كُنيَة أُعطيت لرجال عصابات صهاينة وأفراد وحدات خاصة تخفوا بلباس عربي أو اتخذوا لهم أشكالا شبيهة بالعرب الفلسطينيين”.
وأوضح أن هذه الفكرة بدأت في سنوات الثلاثينيات عندما قامت عصابة الهاجاناه بتشكيل فريق من أعضائها للقيام بمهام استخبارية وتنفيذ عمليات قتل وتصفية ضد الفلسطينيين والمسلمين.
وأشار إدريس إلى أن أول مستعرب كان هو “أهارون حاييم كوهين”، ومع الزمن حُوّلت فرقة المستعربين إلى دوائر الاستخبارات العامة.
وأضاف أن استخدام المستعربين تقطّع خلال العقود الأربعة الأولى بعد إقامة الكيان الزفر ثم تجدد في أواخر ثمانينات القرن الماضي، بين عامي 1988 و1989 عند انطلاق الانتفاضة الأولى في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأصبح المستعربون تحت إدارة وتوجيه جيش الكيان الزفر.
وبين أن الوحدات الأمنية الإسرائيلية التي يعمل أفرادها متخفين كعرب فلسطينيين تسمى بـ"وحدات المستعربين".
سمح بالنشر
وتحت عنوان "كابوس سمح بالنشر يعاود الغزاة"، أشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى إعلان الاحتلال عن مقتل جنديين وإصابة خمسة، جراح اثنين منهم خطيرة، قائلا: إن هراء "النصر المطلق"، يتكشف أمام أعينهم من جديد.
وأضاف أن "أبطالنا يكشفون هشاشة هذا الكيان، فيزداد المتصهينون حقدا على حقدهم، فيما يسرف زلم سلطة رام الله وقبيلتها الحزبية في الهذيان".
وأشار الصحفي فايد أبو شمالة، إلى تطبيق المقاومة "نظرية عمودي وأفقي في غزة البطولة"، مشيرا إلى سماح جيش الاحتلال بالإعلان عن مقتل النقيب "عيدو فولوخ" - ضابط في سلاح المدرعات، في معارك شمال قطاع غزة.
ولفت أيضا إلى سماح الشرطة الإسرائيلية بالإعلان عن مقتل "نيتع يتسحاك كاهانا"، من وحدة اليماس "المستعربين" في معارك بقطاع غزة.
ونشر إياد عياد، صورة القتيل الثاني بالكمين القسامي في حي الشجاعية هو نيتا يتسحاق كاهانا من حرس الحدود والذي نعته شرطة الاحتلال وجيش العدو سوية.
وعرض مهند سامي، صورة أحد قتلى الاحتلال، قائلا: "تم قتل هذا الخنزير في منطقتي حي الشجاعية‼️ تكبير".
إشادة وثناء
وأشاد محمد عويضي، بالمقاومة الفلسطينية، وإيقاعها قوة إسرائيلية بكمين مضاد بحى الشجاعية، قائلا: "هنا غزة.. بدون تعليق.. المقاومة تتحرك والجميع يثرثر".
وقال الصحفي خير الدين الجبري: "بعد 568 يوما من الحرب مازالت غزة قادرة على إيجاع العدو وإفجاعه في ضباطه وجنوده، ووالله لو وجدت غزة من الأمة ما يلزم من الدعم والنصرة، لكان مصير الاحتلال اليوم محسوما ومحتوما".
وأضاف: "لكن الأمة تخلّت وتولّت وبدّلت وأذعنت ووالت أعداء الله قتلة الأطفال ومشروعهم السرطاني، وها نحن نشهد كل يوم تمحيصا شديدا وغربلة مزلزلة، وما بعد ذلك إلا البلاء والعقاب على كل من نكص على عقبيه وباع دم إخوانه المسفوح، والله على ذلك شهيد".
قراءات وتحليلات
وفي تحليل للحدث ووقوفا على تبعاته، قال المحلل السياسي ياسين عز الدين: “من الواضح أن القسام بدأ بمهاجمة جيش الاحتلال في مواقع وجوده وخطوطه الأمامية، وغير من مخططاته السابقة التي كانت تنتظر توغله في المناطق الفلسطينية”.
وأضاف أن هذا التغير في المعادلات يضع جيش الاحتلال بين خيارين صعبين: إما الاستمرار بتلقي الضربات والاستنزاف، أو المغامرة بدخول غزة دون عدد كافٍ من المقاتلين.
وِأشارت سمية إبراهيم إلى أن هذه المرة الثانية منذ أسابيع التي يتم فيها اكتشاف قوة خاصة تريد تنفيذ مهمة ما في الشجاعية ويتم ضربها بالنار والبارود، مؤكدة أن يوم أمس كانت الضربة ثقيلة جدا حيث استمر إجلاء القتلى والجرحى أكثر من 5 ساعات متواصلة.
وعرضت صورة لما يسمى وحدة المستعربين بعد عودتها فاشلة خائبة من الشجاعية محملة بقتلى وإصابات وليس بنجاح المهمة، قائلة: "عاشت العيون المتيقظة".
وتساءل موسى زايد: “ما معنى أن يأتي العدو بوحدات خاصة من المستعربين ويدمر بنى تحتية في منطقة يسيطر عليها كما يزعم سيطرة كاملة ولا تبعد عن السياج العازل سوى بضع مئات من الأمتار ثم يكمن للمقاومة وينتظرها، ثم لما يأتِ رجال المقاومة يصاب جنود العدو بالرعب”.
وأردف: “وعندها يتحول العدو من صياد إلى صيد ويقعون بين قتيل وجريح ويستدعون الطيران لإنقاذ الجرحى وانتشال القتلى؟”
وأجاب زايد قائلا: "لا معنى لهذا سوى أن هؤلاء الجنود مهزومون نفسيا مرعوبون فعليا دفعتهم قياداتهم رغما عنهم إلى حتفهم، ولا معنى لهذا سوى أن المقاتل هو الأساس ومهما ملك الجبان من سلاح فإنه لا يستطيع المواجهة ولا حتى الاستعمال الصحيح".
وقال محمد النجار: "تلك الشجاعية التي تغنى الجيش باغتيال 5 من قادة كتيبتها، ما زالت تمرغ أنفهم في التراب".
وأضاف: "تلك الشجاعية تقاتل باقتدار، وكأنه يوم قتالها الأول، ففيها البأس والعزم، ووهج غزة الذي لا ينطفئ".