لماذا يصمت السيسي المستأسد على شعبه تجاه أطماع ترامب؟!.. هكذا علق ناشطون

"من طمع في ممر بنما ومضيق السويس لماذا لا تستهويه رائحة النفط العربي؟"
منذ توليه ولايته الثانية، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يضرب بالقوانين والأعراف الدولية عرض الحائط ويمارس البلطجة وممارسات الاستعمار، وجديد ذلك تحريضه على مرور السفن الأميركية عبر قناتي بنما والسويس مجانا.
وطالب ترامب في منشور عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال"، بضرورة "السماح للسفن الأميركية العسكرية والتجارية بالمرور مجانا عبر قناتي بنما والسويس”.
وقال: “هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة”. مضيفا أنه طلب من وزير الخارجية أن يتولى هذا الأمر فورا.
من جهته، شارك مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، منشور ترامب عبر حسابه على منصة "إكس"، قائلا: إن الولايات المتحدة "ينبغي ألا تدفع لعبور قناة تدافع عنها".
وتأتي تصريحات الرئيس الأميركي في وقت تسعى فيه قناة السويس، التي تعد أحد أبرز المصادر الحيوية للنقد الأجنبي لاقتصاد مصر، للتعافي من تداعيات عزوف عدد من السفن عن العبور من خلالها؛ بسبب العدوان الأميركي ضد جماعة الحوثي التي تستهدف سفن إسرائيل حتى إيقاف الإبادة الجماعية في غزة.
قناة السويس
وقناة السويس في مصر ممر مائي اصطناعي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ويسمح بتنقل السفن التجارية والحربية بين أوروبا وشرق آسيا دون المرور بإفريقيا.
وتعد القناة أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي، وهي القلب النابض للتجارة والملاحة، وأكثر الطرق البحرية رواجا وازدحاما في العالم.
ويبلغ طول قناة السويس 193 كيلومترا من ميناء بورسعيد إلى مدينة السويس، وتعدّ أطول ممر مائي في العالم، وتفوق قناة بنما بين المحيط الهادي ومنطقة بحر الكاريبي، والتي يصل طولها إلى 77 كيلومترا.
وشهدت قناة السويس بحكم وظيفتها الملاحية والإقبال المتزايد عليها، عدة توسيعات غيّرت من حجمها؛ إذ انتقل طولها الأصلي من 164 كيلومترا إلى 193 كيلومترا، وعمقها من 8 أمتار إلى 24 مترا، وزاد عرضها من 52 مترا إلى 205 أمتار.
وتطلب حفرها 10 سنوات من العمل الدؤوب لأكثر من 20 ألف عامل مصري، وأدارت شؤونها الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، التي كانت تحت قبضة الفرنسيين وتداول عليها منذ 1855 إلى 1956 رؤساء أغلبهم فرنسيون، ومنذ يوليو/تموز 1956، عاد تسييرها للكفاءات المصرية.
قناة بنما
أما قناة بنما فتعد ثاني أهم معبر مائي بعد قناة السويس، وتربط المحيطين الأطلسي والهادي وتشق اليابسة الواصلة بين الأميركتين فاسحة المجال لعبور أكثر من 14 ألف سفينة سنويا.
وتعود فكرة شق القناة إلى العصر نفسه الذي ظهرت فيه قناة السويس، إذ ألهم نجاح القناة المصرية صاحب فكرتها بتطبيقها في مكان آخر، وبالفعل حصل الفرنسي فرديناند دي ليسيبس عام 1879 على امتياز لشق قناة من الحكومة الكولومبية.
وعملت القناة بعد الانتهاء من شقها عام 1914 م على تقصير مسافة رحلة السفن ما بين مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو إلى أقل من 8,370 كم.
وفي الفترة التي سبقت شق هذه القناة، كان على السفن التي تقوم بمثل تلك الرحلة، أن تبحر حول أميركا الجنوبية قاطعة نحو 20,900 كم، وقد ارتفعت حركة المرور السنوي من حوالي 1000 سفينة خلال الأيام المبكرة لإنشائها إلى 14702 سفينة في عام 2008.
ورد رئيس بنما على مطالب ترامب قائلا: "أود أن أعبر بشكل دقيق أن كل متر مربع من قناة بنما والمنطقة المجاورة لها هو لبنما وسيظل كذلك، السيادة والاستقلال لبلادنا غير قابلين للتفاوض، الرسوم ليست نزوة، بل تحدد بشكل علني وفي جلسة مفتوحة.
وأضاف أن تحديد الرسوم يراعي ظروف السوق، والمنافسة الدولية والتكاليف التشغيلية واحتياجات الصيانة والتحديث للطريق بين المحيطات، مؤكدا أن القناة ليست تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة لا من الصين ولا من المجتمع الأوروبي، ولا من الولايات المتحدة أو من أي قوة أخرى".
وأشاد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي برد رئيس بنما الحازم والقوي على مطالب ترامب وتحريضه على مرور سفن بلاده من قناة بنما بلا رسوم، مستنكرين صمت رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي وحكومة بلاده وعدم إعلانهم ردا رادعا لأطماع الرئيس الأميركي.
واستنكروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #قناة_السويس، #بنما، #السيسي، #ترامب، وغيرها، ممارسة الرئيس الأميركي سياسة "البلطجة" التعدي الصريح على مصر، معلنين رفضهم هذه السياسة.
بلطجة ترامب
وتحت عنوان "ترامب جاي يبلطج على العالم كله"، استنكر الناشط أسامة رشدي، رغبة الرئيس الأميركي في المرور في قناة السويس بدون رسوم، وعدم اكتفائه بالتسهيلات التي تمنح لأسطوله بأولوية المرور دون انتظار.
وأشار إلى أن تصريحات ترامب تتسم بالعدوانية والجهل، مؤكدا أن لا علاقة لأميركا بقناة السويس التي افتتحت للملاحة سنة 1869 ولم يكن أحد في هذا الوقت يقيم لأميركا أي وزن بعد استقلالها عام 1823 وبالكاد بدأت تتشكل ملامح الدولة بعدما انتهت حربهم الأهلية عام 1865. فبأي حق يتحدث هذا؟!.
وأكد رشدي، أن مشكلة ترامب أنه جاهل بالتاريخ وبالجغرافيا ولا يعي ما يقول، وكل ما يفعله الآن هو إثارة الفوضى، قائلا: "على نفسها جنت براقش!!!".
من جانبه، توقع الكاتب رفيق عبدالسلام، أن يقول ترامب: إن آبار النفط في الخليج هي حق خالص لأميركا أو في الحد الادنى سيقول إنها شريك رئيس في الملكية مادامت تتولى حماية دول الخليج ومعها حماية منابع النفط، وخلص إلى أن "حاميها حراميها".
ورأى أن ما يقوي هذا الاحتمال هو اشتداد المنافسة مع الصين ثم ارتفاع مديونة الولايات المتحدة إلى 36 ترليون دولار، متسائلا: “من طمع في ممر بنما ومضيق السويس لماذا لا تستهويه رائحة النفط العربي؟”
بدوره، وصف أحد المغردين تصريحات ترامب حول قناة السويس بأنها: "غير مسؤولة وغير ناضجة ومتهورة"، مشيرا إلى أنه كالعادة يرسل فقاعات هواء وينتظر رد الفعل، ولكن هذه المرة هي غطرسة مقيته وتطاول على القوانين الدولية.
وتساءل: “كيف تفرض ضرائب جنونية على الشركات العاملة في بلدك، وتريد ان تمر من وسط بلد من دون دفع رسوم.”
ورأى محمد بن عاكف، أن الرد على كلام ترامب مفترض أن يكون برفع رسوم العبور من قناة السويس وفورآ.
فيما أشار عماد الزوركاني، أن بلطحة ترامب الذي وصفه بالمخبول والمجنون في طلب المرور المجاني في قناة السويس وقناة بنما، أعاد فتح نقاش حول السياسات الأميركية التوسعية وسيادة الدول على مواردها الإستراتيجية.
ولفت إلى أن ترامب يبرر موقفه بالدور التاريخي للولايات المتحدة في دعم إنشاء القناتين، لكنه يتجاهل السيادة الحالية لمصر وبنما على هذه الممرات المائية الحيوية.
ورد الزوركاني، قائلا: "قناة السويس ملك لمصر.. مصر حفرت القناة بأرواح ولادها ودفعت دمها تمنًا لها.. مش هتعدي ببلاش".
ضعف مصري
بدوره، استنكر الناشط هيثم أبو خليل، الصمت المصري الرسمي على تصريحات ترامب، قائلا: "حتى الآن الخرس أصابهم!".
وأضاف أن "الرد على تصريحات ترامب الوقحة لا يكون بتدوير المرشح الرئاسي الحقيقي أحمد الطنطاوي، ولا باستمرار قمع المصريين، بل بفرد الظهر وبرد قوي وواضح، وبفتح المعتقلات وفتح المجال العام، والاعتذار عن الجرائم في حق مصر والمصريين".
وحذر الصحفي مصطفى عبدالسلام، من أن التجاهل الرسمي في مصر لتهديدات ترامب والتحرش الفج بقناة السويس وممارسة البلطجة ضد شريان التجارة الدولية غير مفيد بشكل مطلق، بل يعد نوعاً من أنواع الضعف والتفريط في القرار الوطني لصالح ترامب وإدارته العنصرية.
وذكر بأن هذا ليس التهديد الأول من ترامب ضد قناة السويس أحد أهم الروافد التجارية العالمية كما قال في تصريح سابق، ومحاولة فرض الإتاوات على الدولة المصرية، بل المساس بسيادتها.
مشيرا إلى أن لجنة الشحن البحري الفيدرالية الأميركية أعلنت قبل أسابيع، فتح تحقيق حول "نقاط الاختناق البحرية العالمية"، الذي يشمل قناة السويس، بهدف تقييم الظروف غير المواتية للتجارة الأميركية، التي قد تسبّبها دول.
وطرح الصحفي أحمد عطوان، عدة تساؤلات منها: “هل صدر أي رد رسمي على ترامب؟ هل فيه أي بيانات من الرئاسة؟ هل فيه أي تصريحات من الخارجية؟ هل فيه أي طوارئ بمجلس النواب؟”
وواصل تساؤلاته: “طيب هل السيسي ومدبولي وعبد العاطي وحنفي سمعوا عن فرمان بلطجي أميركا بمرور السفن الأميركية من قناة السويس ببلاش وضياع السيادة والهيبة المصرية؟”
من جهته، قال الصحفي خالد محمود: "صحيح أنه حتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من مصر، ردا على هراء ترامب، لكن رد الفعل الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي في تويتر والفيسبوك، كفى ووفى، وتناقلته وسائل الإعلام العالمية والعربية، ما يسهل على الرئاسة والحكومة لاحقا التعليق".
مولينو والسيسي
وفي مقارنة موقف رئيس النظام المصري بموقف رئيس بنما، قال الناشط مراد علي: "على الرغم من صغر حجم بلاده (4.4 مليون نسمة)، وعلى الرغم من حداثتها ( تأسست عام 1903)، لم يتردد رئيس بنما "المدني" خوسيه راؤول مولينو، في إلقاء بيان تلفزيوني للتأكيد على رفضه طلب الرئيس ترامب بخصوص قناة بنما، مما يعكس عدم خوفه من عواقب هذا القرار".
وأكد أن ما فعله رئيس بنما يعزز موقفه الداخلي ويعطي انطباعا لمواطنيه وللعالم بأن بلاده ليست مستعدة للتنازل عن مصالحها حتى في مواجهة الضغوط الكبرى.
واستنكر علي، أن في المقابل، تمتنع السلطات المصرية، الرئاسة والجيش، عن الرد على نفس الطلب الخاص بقناة السويس، بالرغم من مكانة مصر الإستراتيجية وثقلها التاريخي في المنطقة، وتكتفي للأسف بصرخات أحمد موسي وهتافات مصطفي بكري وزعيق عمرو أديب وزوجته لميس.
وأضاف: "يبدو موقف القيادة المصرية ضعيفاً، ربما تحت وطأة الحسابات السياسية والضغوط الاقتصادية، أو لهشاشة الشرعية التي تنطلق منها، أو لعدم ثقتهم في المساندة الشعبية، أو ربما خوفًا على مصالح خاصة.. هذا التردد في المواجهة يأتي على حساب مكانة مصر التاريخية ودورها الطبيعي في الدفاع عن مصالحها الإستراتيجية.
ورأى "علي" أن هذا المشهد يكشف أن السيادة الحقيقية لا تقاس بحجم الدولة ولا بعدد سكانها، ولا بالشعارات والأغاني الوطنية ولا بالقصور والأبراج، بل بصلابة قيادتها واعتزازها بكرامتها الوطنية.
بدوره، أشار محمد الإسكندراني إلى أن رئيس بنما رد على ترامب بلغة سياسية حادة كتصرف طبيعى، حيث لا مجال لبلطجة ترامب وأن بنما دولة ذات سيادة واستقلالية، مؤكدا أن ذلك متوقع وطبيعي.
ورأى أن الذي ليس طبيعيا هو عدم رد رئيس السيسي حتى اللحظة، قائلا: "لعل المانع خير!! ".
وعرض الكاتب سليم عزوز، رد رئيس بنما خوسيه مولينو، على ترامب بتذكيره بالمعاهدات التي تحدد تكاليف العبور في قناة بنما ويلزمه بالالتزام بالقواعد المتفق عليها، قائلا: "رئيس بنما لم يلتزم الصمت".
من جانبه، أشار الصحفي نظام مهداوي، إلى أن رئيس بنما خرج بخطاب رسمي يردّ فيه على ترامب ردًّا قاطعًا وحاسمًا، مؤكّدًا أن بلاده لن تتنازل عن حقها في إجبار السفن التي تمرّ بالقناة على دفع الرسوم، بصفتها قضية سيادية لا تفاوض بشأنها.
وقال: “الجبان الرعديد، الجنرال الانقلابي السيسي، المستأسد على شعبه، أتحدّاه أن يجرؤ على مخاطبة ترامب أو إعلان رفضه عبر خطاب رسمي يلقيه بنفسه.”