تصريحات الشرع بشأن التطبيع.. صحيفة عبرية تسأل: حقيقة أم مناورة لرفع العقوبات؟

“انهيار النظام السوري أثار قلقا كبيرا في الجانب الإسرائيلي”
توقف إعلام عبري عند ادعاءات منسوبة للرئيس السوري أحمد الشرع بشأن التطبيع مع إسرائيل، مسلطة الضوء على مدى جديتها واستعداد دمشق الفعلي لذلك.
ونشرت وكالة “بلومبيرغ” في 23 أبريل/ نيسان 2025 تقريرا عن مقابلة الشرع مع عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية فلوريدا، الجمهوري كوري ميلز، المقرب من الرئيس دونالد ترامب.
وقد أثار هذا التقرير الجدل في الأوساط الإسرائيلية والعربية على حد سواء، جراء تطرقه إلى قضية التطبيع بين سوريا وإسرائيل، في وقت لم يصدر فيه أي رد من الرئيس الشرع بشأن هذه الادعاءات.
مناورة سياسية
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصدر أمني اعتقاده أن "تصريح الشرع بمثابة مناورة سياسية يستهدف بها رفع العقوبات الأميركية وخداع الجميع".
فيما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحفيين بالمكتب البيضاوي في 25 أبريل/ نيسان 2025: "سنعمل على توسيع اتفاقيات إبراهام".
وأفاد بأن "العديد من الدول تريد الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام، وأعتقد أن ذلك سيحدث سريعا جدا".
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو: "هناك فرصة هائلة لتوسيع نطاق اتفاقيات إبراهام، لا يوجد قائد يبذل جهدا أكبر لمنع الحروب أو إنهائها من ترامب حاليا، لدينا رئيس يسعى جاهدا لإحلال السلام".
وذكرت الصحيفة العبرية أن “ميلز قال إنه خلال زيارة سوريا التي لم تعد زيارة رسمية، ونظمت من قبل أميركيين من أصل سوري، التقى مع الشرع لمدة 90 دقيقة تقريبا”.
وذكرت أن "ميلز ناقش مع الشرع قضية العلاقات مع إسرائيل، إلى جانب الشروط التي سترفع بموجبها الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على دمشق خلال فترة حكم الديكتاتور بشار الأسد".
وقال ميلز لوكالة “بلومبيرغ” إنه “ينوي إطلاع الرئيس ترامب على نتائج المحادثات، وكذلك مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض مايك والز”.
وأضاف أنه "سيسلم ترامب رسالة شخصية من الرئيس السوري، وأنه عرض على الشرع شروط الإدارة الأميركية التي يتعين عليهم تنفيذها، مقابل دراسة واشنطن رفع العقوبات عن دمشق".
وزعم التقرير أن "الرئيس السوري مهتم بالانضمام إلى الاتفاقيات التي أقامت إسرائيل بموجبها علاقات رسمية مع عدد من الدول العربية، بينها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان".
وبحسبه، صرح الشرع لميلز: "سوريا مهتمة بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهام حين تتوفر الظروف المناسبة لذلك".
نقطة تحول
ووفق "بلومبيرغ"، فقد وصف ميلز المحادثات مع الشرع بأنها "إيجابية"، وأفاد أنه تحدث مع وزير الخارجية أسعد الشيباني.
وعبر ميلز عن "تفاؤل حذر" بشأن هذا الموضوع، وقال: إنه يتطلع إلى "استمرار الحوار المفتوح مع سوريا"،
وأضاف: "في مرحلة ما، كانت ألمانيا واليابان أيضا أعداء لنا، لكن يجب علينا تجاوز ذلك إذا أردنا الاستقرار".
وذكرت الصحيفة أن الزعيم السوري "يحتاج بشدة إلى إزالة العقوبات، بسبب الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد بعد الحرب الأهلية الطويلة".
ولفتت إلى أن "التقديرات تشير إلى أن إعادة تأهيل سوريا واقتصادها يتطلب نحو 400 مليار دولار، وقد أعربت عدة دول خليجية عن استعدادها للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، إلا أن العقوبات الأميركية تمنعها من الاستثمار فيها".
وفي عرض الواقع السوري الجديد وتأثيره على الأمن الإسرائيلي، ترى "يديعوت أحرونوت" أن "سقوط نظام الأسد وسيطرة الجبهات الإسلامية على سوريا (وليس كلها بعد) يشكل نقطة تحول في توازن القوى والنفوذ الإقليمي".
ورأت أن "تحركات إسرائيل في حربها ضد حزب الله والهزيمة الإستراتيجية للمنظمة كانت السبب في سقوط نظام الأسد، الذي فقد دعم حزب الله وإيران، التي هزمتها إسرائيل أيضا، وتخلت عنها روسيا التي لا تزال تركز جهودها على أوكرانيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن "انهيار النظام السوري أثار قلقا كبيرا في الجانب الإسرائيلي بسبب وجود عناصر جهادية في جنوب سوريا قرب الحدود".
وأضافت: "سارعت إسرائيل للسيطرة على المنطقة العازلة، وأعلنت أنها ستستمر في السيطرة حتى يستقر النظام وتصبح الأمور أكثر وضوحا، وذلك لمنع أي محاولة لتكرار هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى) من جنوب سوريا".
وذكرت أن "إسرائيل شنت ضربات جوية على البنية التحتية للجيش السوري لمنع وقوعها في أيدي المتمردين واستخدامها ضد إسرائيل".
ساحة صراع
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن "سوريا تحولت إلى ساحة للصراع بين الأطراف الإقليمية والدولية".
وأشارت إلى أنه "من غير الواضح بعد إلى أين يتجه النظام الجديد، وهو يحاول كسب دعم العالم وتعاطفه بوعود".
وقالت الصحيفة: "فمن جهة إيران فقدت قبضتها على سوريا"، معتبرة أن ذلك يعني أنها "فقدت أهم أصولها في المنطقة وتحاول الحفاظ على بعض نفوذها من خلال دعم الجهات الفاعلة السورية مثل العلويين، ولكن نفوذها ضئيل ومحدود".
وشددت على أن "الأهمية الجيوستراتيجية لسوريا والواقع الإستراتيجي الذي سيتشكل هناك سيؤثر حتما على منطقة الشرق الأوسط الأوسع وما وراءها".
ومن وجهة نظر الصحيفة، فإن "مفتاح تحقيق الاستقرار في سوريا يقع في أيدي إسرائيل وتركيا، اللتين تدهورت علاقاتهما، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى أدنى مستوى شهدته الدولتان منذ إقامة العلاقات بينهما".
وترى أنه "من الصعب افتراض قدرة البلدين على التوصل إلى اتفاقيات بينهما دون مساعدة خارجية، وهذا لا يمكن أن يأتي إلا من الولايات المتحدة، التي تتمتع بعلاقات وثيقة للغاية مع البلدين، وثقة قادة البلدين في ترامب".
واستطردت: "يجب على الولايات المتحدة أن تنضم إلى هذه المهمة، وأن تجد، بالتعاون مع تركيا وإسرائيل، طريقة لتقسيم نفوذها على سوريا بطريقة تضمن المصالح الحيوية لكلا البلدين وتساعد في استقرار وتشكيل الواقع المستقبلي في سوريا".
وتوقعت الصحيفة أن "يسهم استقرار سوريا في التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وتحجيم الطموحات التركية في المنطقة".
وأردفت بأن "القدرة على التوصل إلى اتفاقيات وتفاهمات قد تساعد أيضا في استعادة العلاقات بين الدول، وتهدئة مخاوف السعودية والإمارات والأردن".
واسترسلت: "بل وتؤدي لاحقا إلى توسيع اتفاقيات إبراهام في التطبيع مع السعودية، وربما حتى إلى إعادة تأهيل سوريا والتطبيع بينها وبين إسرائيل".
ووفق الصحيفة، "من شأن هذه الخطوة أن تغير وجه الشرق الأوسط برمته، وتخفف التوترات، وتمكن من بناء بنية إقليمية جديدة بروح رؤية الرئيس ترامب، وكذلك حل القضية الفلسطينية، بعد انهيار حماس وظهور حكومة مدنية بديلة وإحداث إصلاحات كبيرة".
وتابعت: "إذا نجحت السلطة الفلسطينية في تبني هذه الإصلاحات، فيمكنها أن تصبح جزءا من هذه البنية الإقليمية الجديدة، أما الخيار الآخر فهو أسوأ وأكثر خطورة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها وما وراءها".