اتفاق مشترك بين تركيا وسوريا.. ما شكل التعاون العسكري المرتقب بين البلدين؟

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

أبرمت تركيا وسوريا اتفاقية عسكرية تنص على تقديم أنقرة الدعم لجارتها الجنوبية في إعادة تنظيم جيشها، إلى جانب تزويده بأنظمة أسلحة متطورة، بهدف تعزيز قدراته الهجومية.

وخلال إيجاز صحفي، في منتصف أغسطس/ آب 2025، أوضحت وزارة الدفاع التركية أن "مذكرة التفاهم التي وقعت عقب زيارة وفد سوري رفيع المستوى إلى العاصمة أنقرة تشمل تنسيق وتخطيط برامج التدريب العسكري والتعاون المشترك، وتقديم الاستشارات، وتبادل المعلومات والخبرات".

إضافة إلى "ضمان تزويد الجيش السوري بالمعدات العسكرية وأنظمة التسليح والوسائل التقنية والخدمات المرتبطة بها".

وبحسب صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، فإن تركيا ترى أن "الجيش السوري، الذي يضم في صفوفه عددا كبيرا من عناصر الفصائل المعارضة السابقة، يفتقر إلى الانضباط والتدريب والجاهزية القتالية الكافية، الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة شاملة لتعزيز كفاءته ورفع مستوى أدائه العسكري".

لحظة حاسمة

وأوضحت الصحيفة أنه "بناء على المعلومات المتاحة، فإن الاتفاق ينص على تبادل الخبرات بشكل دوري بين الكوادر العسكرية، والتدريب على مهارات متخصصة".

"إلى جانب تنفيذ برامج مشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والدفاع السيبراني والهندسة العسكرية واللوجستيات، وعمليات حفظ السلام"، وفق قولها.

وأضافت: "هذه المذكرة جاءت نتيجة مفاوضات استمرت لأشهر بين البلدين، ضمن إطار أوسع لاتفاق تعاون عسكري بدأ النقاش حوله بعد انهيار نظام بشار الأسد".

وتقدر الصحيفة أن توقيع المذكرة "يأتي في لحظة حاسمة بالنسبة لدمشق".

وتابعت موضحة مقصدها: "إذ نقل موقع (ذا ناشيونال) الإماراتي عن مصادر مطلعة أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطا على السلطات السورية لتطهير الجيش من العناصر ذات الخلفية الجهادية، في مسعى لمنع اندلاع مواجهات ذات طابع طائفي أو عرقي ما زالت تشهدها مناطق متفرقة من البلاد".

وأردفت: "علاوة على ذلك، تطالب واشنطن دمشق بتعيين وزراء تكنوقراط في الحكومة".

بالمقابل، "وعدت الولايات المتحدة، بحسب المصادر ذاتها، بحشد تحالف من المانحين الدوليين لتأمين موارد مالية مخصصة لإعادة إعمار البنية التحتية السورية المدمرة بفعل الحرب الطويلة"، وفق ما ذكرته الصحيفة.

وبحسبها، ترى واشنطن أن "استمرار وجود عناصر متطرفة داخل الجيش السوري الجديد يعرقل جهود دمج بعض المناطق، مثل الجنوب ذي الأغلبية الدرزية والشمال الشرقي الخاضع لسيطرة القوات الكردية، في مؤسسات الدولة الموحدة".

وأردفت: "لا يزال الأكراد والدروز منقسمين بشأن القبول بشروط دمشق، وهو ما يعزز، وفق تقييم المسؤولين الأميركيين، النزعات الانفصالية ويهدد بانهيار الدولة السورية الناشئة بعد الانسحاب السريع للأسد وقواته".

دعم منطقي

وتساءلت الصحيفة عن طبيعة التعاون العسكري المرتقب بين أنقرة ودمشق قائلة: "لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر المساعدة التركية على شكل الجيش السوري الحالي".

وفي هذا السياق، أشار خبير شؤون الشرق الأوسط أنطون مارداسوف، في حديثه مع الصحيفة، إلى أن "التعاون بين السلطات السورية الجديدة وتركيا يبدو منطقيا، نظرا للدعم الذي قدمته أنقرة في الماضي لفصائل المعارضة المسلحة".

ومع ذلك، يعتقد الخبير الروسي أن "العلاقات بين الطرفين ليست بالشفافية أو السلاسة الكاملة".

وقال: "دمشق، وبالنظر إلى التجربة السلبية السابقة للعلاقات السورية-الإيرانية التي كانت مثيرة للجدل بالنسبة للدول العربية السنية والغرب، تسعى لتجنب الاعتماد المباشر على طرف واحد، ومن المرجح أنها تحاول بناء شبكة علاقات متوازنة ومتنوعة".

وأضاف أن "الزيارة الأخيرة لوزيري الخارجية والدفاع السوريين، أسعد الشيباني ومُرهف أبو قصرة، إلى موسكو نهاية يوليو/تموز 2025 كانت محاولة ليس فقط لإعادة تفعيل الاتفاقيات القائمة بشكل محدود، بل أيضا لتحقيق توازن بين مصالح الدول المختلفة".

وأوضح مارداسوف أن "إسرائيل وبعض دول الخليج العربي تدعم استمرار وجود المنشآت الروسية في سوريا كوسيلة لمواجهة نفوذ تركيا".

إذ تدرك هذه الدول -وفقا له- أن "أنقرة تسعى لتحويل الأراضي السورية إلى نقطة دفاع متقدمة لها، على غرار ما فعلته إيران في السابق".

وتابع: "نجحت تركيا في تمرير الاتفاقية العسكرية الحالية بعد الزيارة المثيرة للجدل للوفد السوري إلى روسيا، وذلك لتأكيد دورها القيادي في هذا المسار رغم الاعتراضات الإقليمية". 

في المقابل، يرى الخبير أن "خيارات دمشق محدودة، ولا تملك بدائل كثيرة تتيح لها الابتعاد عن تركيا أو حتى التظاهر بذلك".

"وهو ما يعيد إلى الأذهان العلاقة السابقة بين نظام الأسد وإيران، التي كانت عائقا أمام تطوير علاقات دمشق مع دول الخليج"، على حد قوله 

وقال: "النظام السوري الحالي يواجه اليوم التحديات ذاتها تقريبا التي واجهها النظام السابق، سواء في السياسة الخارجية أو في الوضع الاقتصادي الذي يقوم بشكل أساسي على الاعتماد على المدن الكبرى".

ومع ذلك، يعتقد الخبير الروسي أنه "إذا قررت دول الخليج تنفيذ مشاريعها التنموية في سوريا، فقد يسهم ذلك في خلق نوع من التوازن، ولو جزئيا، بين مصالح القوى الإقليمية الفاعلة".