إعلانات متكررة.. لماذا لا ترد إسرائيل على هجمات مليشيات إيران من العراق؟

يوسف العلي | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

أثار إعلان المليشيات الموالية لإيران في العراق شن هجمات على إسرائيل، العديد من التساؤلات عن مدى تأثيرها، خصوصا أنها تستهدف مرافق حيوية ومهمة، وكذلك عن أسباب عدم رد الاحتلال عليها كما يحصل في سوريا ولبنان.

‏عقب إعلانها إيقاف عملياتها ضد القوات الأميركية في 30 يناير/كانون الثاني 2024، تشن ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة.

وبشكل أساسي تشكّل "المقاومة الإسلامية" الشيعية في العراق خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، فيما تعمل أيضا تحت لوائها بعض الفصائل الصغيرة مثل: (أنصار الله الأوفياء ولواء الطفوف).

هجمات مستمرة

وفي 3 أبريل/نيسان 2024، أعلنت المليشيات العراقية، استهداف مطار حيفا الإسرائيلي بالطيران المسير، مؤكدة أنها ستواصل ضرب أهداف إسرائيلية ردا على العدوان المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح 3 أبريل، إطلاق صفارات الإنذار للتحذير من هجمات محتملة في جنوب إسرائيل، ولم يذكر المزيد من التفاصيل.

وتزامنا مع إعلان الجيش الإسرائيلي في 1 أبريل، تعرّض أحد المباني في مدينة إيلات لاستهداف بطائرة مسيّرة قال إنها "قادمة من الشرق" تبنّت فصائل "المقاومة الإسلامية" العراقية، تنفيذ هجوم طال "هدفا حيويا" داخل الأراضي المحتلّة، مؤكدة استمرار عملياتها في "دكّ معاقل العدوّ".

وقال بيان لجيش الاحتلال: "متابعة لتسلل هدف معاد في مدينة إيلات، رصدت قواتنا جسما جويا مشبوها عبر من منطقة الشرق في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، وسقط في خليج المدينة".

وأشار البيان إلى "عدم وجود إصابات بشرية، بينما تسبب التسلل في تضرر أحد المباني". ثم أكد الاحتلال الإسرائيلي أن المسيرة أصابت مبنى في القاعدة البحرية التابعة للجيش.

وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال لم يُفصح عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بالطائرة المسيّرة، غير أن "هيئة البث العبرية" الرسمية أوضحت أن "القطعة الجوية المعادية سقطت في إيلات بعد اختراقها المجال الجوي الإسرائيلي، قادمة من الأردن".

فيما قال موقع "إسرائيل اليوم" في اليوم ذاته، إن المسيرة سقطت قرب سفينة ساعر الحديثة التابعة للأسطول الحربي الإسرائيلي.

وغالبا ما تنفّذ المليشيات العراقية هجماتها ضد إسرائيل باستخدام طائرات مسيّرة أو قذائف صاروخية.

فقد أعلنت استهداف ميناء حيفا ووزارة الجيش الإسرائيلية، وميناء أسدود وإيلات وأحد حقول الغاز، ومطاري بن غوريون وحيفا، وقاعدة عوفدا، إضافة إلى استهداف الجولان السوري المحتل.

وعلى الرغم من تصاعد الهجمات التي تشنها هذه المليشيات، لكن الجانب الإسرائيلي الرسمي لم يعلن موقفه حيالها، على عكس ما يجري مع الجبهة الشمالية، التي يواجه فيها استهداف حزب الله اللبناني، بقصف نوعي يطال قياداته وأفراده.

ولم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه ضربات عسكرية ضد حزب الله في لبنان، بل تعدى الأمر إلى استهداف قادة في الحرس الثوري وفليق القدس الإيراني في سوريا، كان آخرها قصف قنصلية طهران في دمشق، وقتل 7 من كبار المستشارين، أبرزهم اللواء محمد رضا زاهدي.

"استهلاك داخلي"

لكن على الجانب العراقي، شكك نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية فؤاد حسين، بتبنّي "المقاومة الإسلامية" في العراق، الهجمات المتكررة لمواقع عسكرية في العمّق الإسرائيلي، مشيرا إلى أن "سلطات الاحتلال لم تعلن صحّة هذه المعلومات".

الوزير العراقي، أوضح خلال مقابلة مع إذاعة "صوت أميركا" في 28 مارس، قائلا: "قرأت البيانات الصادرة، ولكن الجانب الآخر لم يقل إنها صحيحة، وأنا لا أعرف هل هذه البيانات للاستهلاك الداخلي أو أنها حقيقة؟".

ووفق حسين، فإن "استخدام السلاح داخل العراق يتطلب قرارا من القائد العام للقوات المسلحة، ولا ينبغي لأي شخص أن يتخذ قرارا من ذاته أن يشن حربا على هذه الجهة أو تلك"، مؤكدا أن "قرار الحرب يصدر من البرلمان العراقي حصرا، وليس قرارا شخصيا".

وفي هذه النقطة، يرى الخبير الأمني العراقي، عدنان الكناني، أن "العمليات التي نفذتها الفصائل العراقية أخيرا لضرب العمق الإسرائيلي، ربما تكون للتمويه عن حقائق أو غطاء لأهداف أخرى، وهذا مؤشر خطير قد يكون بوابة كبرى للدخول الأميركي إلى العراق مستقبلا".

وأضاف الكناني خلال تصريح لصحيفة "العالم الجديد العراقية" في 8 يناير، أن "البلاد تعيش في وضع حرج جدا، فالاحتلال الأميركي والوجود الأجنبي من الدول الإقليمية والغربية له موطئ قدم في الأرض العراقية".

وتابع: "هناك تلاعب بالقرار العام، والعراق محور صراع شرس بين هذه الأطراف وساحة لتحقيق المغانم، لذا فإن هذه الضربات لن تزيد الأمور إلا سوءا".

وشكك الكناني، بـ"قضية الاستهداف المتكرر للجولان خلال الفترة الماضية من قبل الفصائل العراقية”، مذكّرا بأن "العراق ضرب إسرائيل في عمقها بـ15 صاروخا في عهد النظام السابق (برئاسة صدام حسين)، ولم تكن ذات أضرار مباشرة، ثم تحملت البلاد وزرها لاحقا".

ودعا الخبير العراقي إلى "النظر للأمور بنظرة واقعية، لا سيما من تلك الجهات التي تدّعي الوطنية لكنها في الحقيقة تتعامل سرا مع المحتل"، محذرا من أن "مثل هذه الخطوات تعطي ذريعة للأميركيين والصهاينة بالتدخل، أو بسط النفوذ مستقبلا في البلاد".

وفي 28 ديسمبر 2023، تبنت "المقاومة الإسلامية بالعراق"، عملية استهداف مركز "تجسس فني" جنوب مستوطنة "إيلي-عاد" جنوبي الجولان المحتل، في وقت أكدت وسائل إعلام إسرائيلية سقوط طائرة مسيرة مفخخة، في هضبة الجولان، قالت إنها "انطلقت من سوريا".

ضربات سابقة

وبخصوص عدم الرد الإسرائيلي على هجمات المليشيات العراقية، رأى الباحث في الشأن العراقي، حامد العبيدي، أن "الضربات لم تصل بعد إلى مستوى التأثير المباشر وإيقاع أضرار في الأرواح أو تعطيل مؤسسات حيوية، رغم أنهم يعلنون استهداف مطارات وموانئ، وحتى قواعد عسكرية في الأراضي المحتلة".

وأوضح العبيدي لـ"الاستقلال" أن "الجانب الإسرائيلي اليوم يعيش في أصعب حالته منذ تأسيسه عام 1948، جرّاء ضربات المقاومة الفلسطينية، التي هدمت صورته بعد أن بذل جهودا كبيرة في رسمها، خصوصا أنه هزم جيوشا عربية عام 1967، واحتفظ بمدن بعض بلدان العرب لليوم".

وأكد أن "الاحتلال بات واضحا أنه لا يريد فتح جبهات جديدة بعيدة عن حدوده، فهو يقصف في لبنان وسوريا، لكنه لم يضرب أي هدف في اليمن والعراق، رغم الهجمات التي يتعرض لها منهما، لكنه سابقا استهدف مقرات للمليشيات بالأراضي العراقية، وخصوصا ببغداد".

ففي 14 أغسطس/آب 2019، تعرّضت مخازن صواريخ تابعة لقوات الحشد الشعبي في جنوب العاصمة العراقية بغداد إلى استهداف أتى عليها بالكامل، وحمّل الأخير الولايات المتحدة مسؤوليتها، ملمحا في الوقت نفسه إلى ضلوع إسرائيل فيها.

لكن نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق بهاء الأعرجي، قال: "من خلال طبيعة النيران لحريق مخازن العتاد في معسكر الصقر، يظهر أن طبيعة الأسلحة التي أحرقت غير عادية، ولا تستعملها القوات العراقية، ولا حتى (الحشد الشعبي)". 

وأضاف في تغريدة له بمنصة "إكس" (تويتر سابقا) في 14 أغسطس: "لذا نعتقد أنها عبارة عن أمانة لدينا من دولة جارة، وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة بناءً على وشاية عراقية خائنة"، في إشارة واضحة إلى أن تكدس العتاد مملوك للدولة الإيرانية.

وفي 20 أغسطس 2019، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل هي المسؤولة عن غارات جوية ضد أهداف إيرانية في العراق، مؤكدا أن تل أبيب “ستستمر بالعمل عسكريا حيثما وأينما يوجد حاجة لذلك”.

وقال نتنياهو للصحفيين خلال مؤتمر صحفي من فندقه في كييف في أوكرانيا، معلقا على سؤال حول الهجمات الأخيرة ضد منشآت عسكرية في العراق التي تم نسبها إلى إسرائيل، إن "إيران غير حصينة، في أي مكان".

وأردف: "الإيرانيون يستمرون بتهديد إسرائيل بالدمار ويبنون قواعد عسكرية في أنحاء الشرق الأوسط بهدف تحقيق هذا الهدف، سنعمل – ونعمل في الوقت الحالي – ضدهم، أينما يوجد ضرورة".

وفي 25 أغسطس 2019، اتهم الحشد الشعبي العراقي لأول مرة في بيان له "إسرائيل بالوقوف وراء مقتل عنصر من عناصره وإصابة آخر بجروح إثر استهداف طائرتين مسيرتين مواقعه على الحدود العراقية السورية في غرب البلاد".

وقالت القوات المكوّنة من مليشيات شيعية موالية لإيران إنه "ضمن سلسلة الاستهدافات الصهيونية للعراق عاودت غربان الشر الإسرائيلية استهداف الحشد الشعبي، وهذه المرة من خلال طائرتين مسيرتين في عمق الأراضي العراقية بمحافظة الأنبار، ما أدى إلى سقوط قتيل وجريح".