يونيفيل تقترب من مغادرة لبنان.. هل تستطيع أوروبا إقناع أميركا بإبقائها؟

واشنطن تدرس إنهاء مهمة قوات اليونيفيل خلال الأشهر المقبلة
في أجواء يغلب عليها الغموض والترقب، يلوح في الأفق مستقبل مجهول لمهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، وسط تجاذبات دولية حادة بين واشنطن والدول الأوروبية.
وشهدت مدينة نيويورك، في 18 شهر أغسطس/ آب 2025، مناقشات تتعلق بالمهام المتبقية لبعثات الأمم المتحدة حول العالم، ومن بينها مهمة قوات اليونيفيل في لبنان.
وتوقعت صحيفة "معاريف" العبرية أن "يُتخذ القرار بشأن قوات اليونيفيل في 28 أغسطس 2025، بالتزامن مع اقتراب انتهاء ولاية القوة الدولية نهاية الشهر، ما يستدعي من مجلس الأمن البت في مسألة التمديد من عدمه".
مع ذلك أشارت إلى أن واشنطن تدرس إنهاء مهمة قوات اليونيفيل خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي يخلق خلافا جديدا مع الدول الأوروبية التي تدعم تمديد مهام البعثة الدولية.

عديمة الجدوى
تأسست مهمة اليونيفيل لمراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عقب اجتياح عام 1978، وتوسع نطاقها بعد الحرب التي استمرت شهرا في عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وقد لعبت هذه القوة متعددة الجنسيات دورا مهما على مدى عقود في مراقبة الوضع الأمني في جنوب لبنان، بما في ذلك خلال الحرب في عام 2024 بين إسرائيل وحزب الله.
ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن "اليونيفيل واجهت دائما انتقادات من كلا الطرفين ومن العديد من المشرعين الأميركيين الذين يشغل بعضهم الآن مناصب بارزة في إدارة الرئيس دونالد ترامب".
ووقع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أخيرا على خطة تهدف إلى حل قوات اليونيفيل خلال الأشهر الستة المقبلة، وفق ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين في إدارة ترامب ومساعدين في الكونغرس.
وذكرت الوكالة أن هذه الخطوة "تأتي في أعقاب تعهدات أميركية بتخفيضات كبيرة في التمويل الأميركي للمنظمة، والذي يشكل حوالي 27 بالمئة من ميزانيتها السنوية".
وأضافت: “يعد العديد من المسؤولين في إدارة ترامب أن اليونيفيل تمثل هدرا لا طائل منه للمال”.
كما يرون أنها "تعيق الهدف الأساسي المتمثل في القضاء على نفوذ حزب الله وإعادة السيطرة الأمنية الكاملة للجيش اللبناني، وهو ما تؤكد الحكومة اللبنانية أنها غير قادرة على تحقيقه حاليا".

رفض أوروبي
في المقابل، أبدت دول أوروبية، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا، رفضها القاطع لتفكيك اليونيفيل.
وعزت الصحيفة العبرية تمسك المسؤولين الفرنسيين باستمرار وجود قوات المنظمة الدولية في لبنان إلى "خشيتهم من تكرار سيناريو مالي".
ففي باماكو، انسحبت الأمم المتحدة قبل أن تتمكن القوات الحكومية من السيطرة على الوضع الأمني، ما أدى إلى عودة "الجماعات المتشددة" إلى المشهد.
ويخشى الأوروبيون من تكرار هذا السيناريو في جنوب لبنان، حيث يمكن لحزب الله استغلال أي فراغ أمني في حال انتهاء ولاية يونيفيل قبل أن يتمكن الجيش اللبناني من تأمين الحدود بشكل كامل.
وتعتقد الصحيفة أن "تلك التحذيرات الأوروبية، وبدعم من السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الأميركي إلى لبنان توم باراك، دفعت واشنطن وإسرائيل -على مضض- إلى القبول بتمديد ولاية اليونيفيل لمدة عام واحد، يعقبها فترة مراجعة تستمر ستة أشهر".
في سياق متصل، تتضمن "المسودة النهائية للقرار الفرنسي التمديد لعام كامل من دون تحديد موعد لانسحاب القوات، مع وضع خطة انسحاب تدريجية"، وفق أسوشيتد برس.
ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر أميركية قولها: إن "تأييد واشنطن لا يزال ضروريا لإقرار التمديد". وكانت باريس قد وزعت المسودة أولا على الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ثم على بقية الأعضاء، بعد إدخال تعديلات طفيفة.
أبرزها "توضيح الفقرة الخاصة بحرية حركة قوات اليونيفيل بالجنوب، في محاولة فرنسية لتخفيف الضغوط الأميركية والإسرائيلية، خاصة بعد إعلان حزب الله موافقته على الانسحاب من منطقة الليطاني".
"في غضون ذلك، جدد مسؤولون لبنانيون مطالبتهم بوجود اليونيفيل، مشيرين إلى أن الجيش اللبناني الذي يعاني من نقص الموارد المالية وضغوط كبيرة لا يزال غير قادر على تنفيذ دوريات في المنطقة بمفرده".

تحذيرات من التقليص
بدوره، أكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن منظمته تعد قوات حفظ السلام "أساسية لاستقرار المنطقة".
فيما شدد المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي، على أن قرار التمديد يعود لمجلس الأمن قائلا: "نحن موجودون هنا لمساعدة الأطراف في تنفيذ المهمة، وننتظر القرار النهائي".
في الوقت ذاته، حذرت الصحيفة من أن “البعثة، رغم احتمالية تجديد ولايتها، قد تواجه تقليصا في حجمها لأسباب مالية”.
ويأتي ذلك في ظل توقعات بتعرض منظومة الأمم المتحدة لخفض كبير في ميزانيتها، بحسب مصدر رسمي في المنظمة.
وفي محاولة للتعامل مع تداعيات الأزمة المالية، كشفت أنه "يجري بحث خيار تقليص عدد الجنود وزيادة الاعتماد على الوسائل التكنولوجية لمراقبة الوضع الميداني".
وحاليا ينتشر نحو 10 آلاف عنصر من اليونيفيل في جنوب لبنان، مقابل 6 آلاف عنصر من الجيش اللبناني، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 10 آلاف لاحقا، وفق الصحيفة.
وفي ختام تقريرها، قدرت "معاريف" أن فرنسا وعددا من الدول الأعضاء في المجلس "سيعارضون بشدة أي محاولة لفرض موعد نهائي لإنهاء مهمة اليونيفيل عند التصويت المقرر في نهاية أغسطس 2025".