براغماتية أم تطبيع.. كيف ينظر ناشطون إلى لقاء الشيباني وديرمر؟

الشيباني بحث مع وفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس خفض التصعيد
بينما يشن الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة جماعية منذ 22 شهرا على قطاع غزة ويقصف سوريا ولبنان واليمن، أعلنت إدارة دمشق الجديدة رسميا ولأول مرة عن لقاء جمع وزير خارجيتها أسعد الشيباني بوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" في 19 أغسطس/آب 2025، بأن الشيباني، بحث مع وفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس، خفض التصعيد وعدم التدخل بالشأن السوري، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة.
كما بحث اللقاء مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب سوريا، وإعادة تفعيل اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين الجانبين عام 1974.
وأُنشئت بموجب الاتفاقية منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة في هضبة الجولان السورية المحتلة، قبل أن تعلن تل أبيب إلغاء العمل بها بعد سيطرتها على المنطقة العازلة وتوغلها في مناطق خارجها جنوبي سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.
ويعد هذا ثاني اجتماع بين الجانبين في العاصمة الفرنسية خلال أقل من شهر بعد أن اتفقا في يوليو/تموز على مواصلة المحادثات بعد عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تخفيف حدة التوتر في جنوب سوريا.
واستنكر ناشطون لقاء الشيباني بوفد إسرائيلي في زمن إبادة جماعية وحرب وحشية مروعة يخوضها كيان استيطاني توسعي لا يجد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو حرجا في الحديث عن طموحاته التوسعية وتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى" من النيل للفرات والتي تشمل أجزاء من سوريا.
وانقسموا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الشيباني، #فضيحة_باريس، #سوريا، وغيرها، إلى فريقين أحدهما دافع بقوة عن سياسات الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، والثاني مناهض ورافض للقاء ويراه تطبيعا علنيا.
وبرر الفريق الأول لقاء الشيباني الوفد الإسرائيلي بأنه دبلوماسية حكيمة وتكتيك ودهاء وبراغماتية وسعي لصياغة تفاهمات، فيما رفض الثاني كل المبررات التي ساقها المدافعون عن سياسات الإدارة السورية وأكدوا أن مجرد الجلوس مع عدو مغتصب للأرض خيانة واعتراف به وبشرعية وجوده.
استياء وغضب
وإعرابا عن الغضب والاستياء من اللقاء، ذكر الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، بأن الرئيس السوري أو الوزير الشيباني لم يلتقوا بمسؤول واحد من المقاومة الفلسطينية التي سارعت فور سقوط الأسد المجرم إلى تهنئة الشعب بانتصار ثورته.
واستنكر أن على الضفة المقابلة يجلس وزير خارجية سوريا الجديد مع وزير صهيوني متطرف يمثل الكيان الذي سارع فور سقوط الأسد إلى احتلال مزيد من الأرض السورية واستهداف السوريين بالاجتياح والقصف والاعتقال علاوة على الإبادة المفتوحة التي يرتكبها في غزة.
وأكد الكاتب الفلسطيني محمد حامد العيلة، أن سوريا الموحدة والقوية لا تأتي عبر مكتب نتنياهو، واللقاء الرسمي السوري-الإسرائيلي مؤلم، ومبرراته واهية وضعيفة، مذكرا بأن إسرائيل هي عدو لدمشق، والمهدد الأول لوحدة البلاد ونظام الحكم.
وقال: "إذا كان الهدف هو تعزيز السيادة، فلا يأتي من العدو إلا نقيضها، وإذا كان السوريون غير قادرين على مواجهة إسرائيل، فهذه الحجة كانت أولى مع الخصوم السابقين".
ورأى العيلة، أن سوريا بهذا تدخل في منزلق كبير، مؤكدا أن فذلكات السياسة الداخلية لا تصلح لأميركا وإسرائيل.
وذكر أن عداوتهم لسوريا معلومة حتى للجهلة، فإما أن يُكبح هذا المسار في بدايته، أو ستكون تل أبيب المقررة في دمشق حتى في أصغر المسائل.
وكتب رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده: "نعيد الدرس من الأول.. التطبيع خيانة.. اللقاء مع الاحتلال الإسرائيلي والتنسيق معه خيانة.. غض الطرف عن بحر الدماء خيانة".
وقال المغرد السوري قتيبة: إن المشكلة في اللقاء المباشر مع الصهيوني لا تختزل في جدل الاتهامات ولا في الرد على من يصف "سوريا الجديدة" بالصهيونية، فكثير من المهاجمين يريدون تأكيد دعايتهم القديمة وهؤلاء لا قيمة لهم، بل تكمن في طبيعة العلاقة التي يكرّسها اللقاء نفسه.
وأكد أن جلوس سوريا أمام عدوها الوجودي متوسلةً منه عدم التدخل في شؤونها الداخلية، فهذا سقوط إلى موقع العاجز والضعيف، وتنازل مجاني عن كرامة الدولة وسيادتها.
وعد قتيبة الأخطر أنه جعل من العدو الوجودي شريكاً في حل قضية يفترض أنها سيادية سورية، ما يعني الاعتراف به لاعباً أساسياً في تقرير مصير ما يجري على الأرض.
وأضاف: “للسلطة أن تبرر ما تشاء وتزيّن ما تفعل، فهذا دأبها، بل يمكن القول إنها بين شرّين تختار أهونَهما، لكن أنت؟! ما الذي يدفعك لأن تحمل على عاتقك عبء التبرير؟”
وتساءل منير جوري: “هل كُتب على سوريا وشعبها أن تعيش بين نظام مستبد دموي دام لعشرات السنوات، ونظام يسارع الخطى نحو تطبيع غادر يرهنها في فك العدو لعشرات السنوات القادمة؟”
وأكد أن الجلوس مع الصهيونية والتنسيق معها خيانة لا تغتفر، ولا يمكن إلا أن تكون وبالا جديدا على دولة عانت الأمرَّين، وإن أي بناء على علاقة تطبيعية هو بناء على أسس من الرمال.
كما تساءل يوسف بوشتة: "أين أنصار الثورة مما يجري من جريمة التطبيع مع قتلة الأطفال في غزة ومغتصبي الأرض السورية واللبنانية والفلسطينية ".
وخاطب أحمد محمد الكندري أحرار سوريا الكرام، قائلا: "إن ثورتكم العظيمة الصادقة من أصدق الثورات وأعظمها كلفة وأنجحها نصرا يشهد الله أننا نحبكم ونحب أن نرى (بلادكم) الجديدة قوية وعظيمة، ولكن كمحبين نستغرب ونستنكر ما حدث من لقاء الصهاينة".
وأضاف: “والله ما ضحى الشهداء الأبرار لنرى علانية لقاء الصهاينة في تطبيع غير مبرر، فاتقوا الله وعودوا لمبادئكم واقرؤوا التاريخ وانظروا ما هو مصير كل من صافحهم وماذا استفاد؟!”
وأردف: "الإبادة في غزة ما زالت قائمة.. فاتقوا الله في الدماء الزاكية، والله وحده يغنيكم عن الصهيونية والمتصهينين".
دفاع وتبرير
ودفاعا عن السياسات السورية، قال مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية أحمد موفق زيدان، إن الظروف الموضوعية المعقدة والمتشابكة التي تمرّ بها سوريا الجديدة اليوم، تفرض علينا جميعاً حلّ مشاكل متراكمة دفعها النظام البائد تحت سجادة الدولة لعقود، لتنفجر اليوم بوجهنا جميعاً.
واستنكر خروج من ينظر دون أن يفقه واقعاً شديد التعقيد، مطالباً بشفافية، قائلا: "لو بُحنا بواحد بالمئة منها، قبل النصر لاقتُلعنا من إدلب.. أربعوا على أنفسكم، وثقوا بإخوانكم، وبتقديراتهم السياسية".
وأكد فيصل بن جاسم آل ثاني، أن فعل القيادة السورية هنا سياسي وشرعي صحيح 100 بالمئة وما فعلته هو ما فعله النبي ﷺ في الحديبية والمسلمون يعذبون في مكة، وما فعله معاوية عندما هادن الروم ودفع لهم الجزية وقت حربه مع علي ثم غير الوضع بعد عام الجماعة، وفق قوله.
واستدل أيضا على صحة ما فعلته الحكومة السورية بما فعل عبد الملك بن مروان ودفع للروم الجزية وقت حربه مع ابن الزبير ثم تغير الوضع بعد استقرار ملكه، وما فعله نور الدين زنكي مع قيصر القسطنطينية الذي كان يقاتل سلاجقة الروم لضرورة بوجه الفرنجة غزاة اوروبا.
واستشهد بن جاسم، أيضا بما فعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بداية حكمه عندما ذهب للقدس وصافح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق أرئيل شارون. وأكد أن القيادة السورية مضطرة لهذا التواصل للضرورة فبلدها مُعرض للتفتيت والتآمر
وذكر أنها “تبذل أقصى جهود ممكنة من أجل تجنيب شعبها وبلدها التقسيم وحروب ليس لها قِبل بها وتحييد أكبر عدد من الأعداء وتفتيت تجمعهم وإضعافهم، ولا ينكر عليها بهذا إلا جاهل شرعاً وسياسةً”.
ورأى رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، أن الهياج "المفتعل" عن اللقاء لمناقشة أحداث الجنوب السوري والاعتداءات المتكررة، فيه قدر كبير من المبالغة، وأكثره مدفوع بالتصيد والكراهية للنظام الجديد في سوريا.
وأشار إلى أن قليلا من الآراء مدفوعة بقلق مشروع من تجارب سابقة، قائلا: إن المدهش أن يكون هذا الهياج على اللقاء دون أن يقدم أحدهم أي معلومة عما جرى فيه أو تمخض عنه.
وأكد سلطان عدم وجود دولة في المنطقة ـ بلا استثناء ـ لم تدخل في مفاوضات مع تل أبيب، بما فيها سوريا الأسد نفسها، لسبب أو آخر، سواء كان التفاوض مباشرة أو عبر وسيط، وأغلبه كان مباشرا، وهي تقديرات سياسية تتعدد فيها الرؤى، بعضها تحت ضغط الضرورة وليس فقط المصلحة.
وقال: إن المهم هو مخرجات التفاوض، وقدر الحقوق المنتزعة، أو الضمانات بمنع الاعتداءات، أو حماية التراب الوطني، ووحدة البلاد، مؤكدا أن التسرع في الإدانة ليس عقلا سياسيا، بل هوى وغرض.
وأضاف سلطان: "صحيح أن قليلا منه كان بدافع القلق ونبل المواقف، لكني موقن ـ بسوابق أصحابه ـ أكثره كان بدافع التصيد، ويصدر ممن يكرهون الحكم الجديد في سوريا سواء اجتمع أو لم يجتمع، قبل الاجتماع وبعده، به أو بدونه، هم فقط يبحثون عن غذاء جديد للكراهية لا أكثر".
وكتب المغرد عمر: "لا تبرروا لأحد ولا تدافعوا، فليقولوا ما شاؤوا.. الحاقدون على اختلاف توجهاتهم ما نصروا أهلنا في غزة وهم عاجزون عن نقد أي تصرّف في بلدانهم أو نقد أي مسؤول لكنهم يجدون في سوريا ساحة سهلة لكيل الاتهامات".
وتابع: "والله لو أنّ سوريا خاضت معركة وحررت القدس، لما أرضاهم ذلك، ولظلوا يطعنون.. يتخذون من جراح أهلنا في غزة فرّج الله كربهم ذريعة للطعن والتشويه".
مبررات مرفوضة
وردا على المسوغات والمبررات التي ساقها المدافعون عن السياسات السورية وتذكيرا بمصير دول أخرى طبعت مع الاحتلال ولم تجن شيئا، قال محمد إبراهيم: "واهم جدا من يعتقد أن تحسين الوضع الاقتصادي في سوريا يمر عبر التطبيع والعلاقة مع العدو الصهيوني".
وأشار إلى أن نماذج الدول المطبعة مع العدو واضحة وأصبحت اقتصادياتها مثقلة بالديون وفي بعضها حجم الدين يقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي.
وقال: إن العدو أصبح يهيمن على الأمن الاقتصادي لهذه الدول لا سيما أمن الطاقة، ناصحا: "لا تبيعوا الوهم والسراب للناس والشعوب مقابل هذه الجريمة والخطيئة".
وتحفظ عبدالله الهاشمي، عن تسمية لقاء الشيباني بأنه "مفاوضة" بين سوريا و"إٍسرائيل" وإلباسها ثوب الشرع، مؤكدا أنها تطويع وترويض للنظام الجديد؛ ليسير في ركاب الأنظمة العربية الخاضعة المنبطحة.
وقال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، إن الأصل أن الإسرائيلي ليس بحاجة للجلوس بشكل مباشر مع السوري في هذا الوقت.
فالمنطق يقول: إن كل ما يحتاج إيصاله للسوري والعكس يمكن تحقيقه عبر الراعي الأميركي، كما يحدث في لبنان، مثلا، وفق تقديره.
وأوضح أن إصرار الإسرائيلي على الاجتماع المباشر جاء لعدد من الأسباب، منها أنه يريد إيصال رسالة أنه يجلس مع السوري ليس من منطق قوة فقط، بل من منطق إخضاع وغطرسة، تماشيا مع مخطط نتنياهو الذي يتبجح به أنه تمكن من إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وأشار أبو رزق إلى أن السبب الثاني للإصرار الإسرائيلي على الاجتماع المباشر مع الحكومة السورية هو طبيعة الشخصية التي جلس معها الشيباني مختلفة جدا، فاللقاء لم يكن وزير خارجية مقابل وزير خارجية، بل وزير خارجية سوري مع رون ديرمر، المستشار الشخصي والإستراتيجي لنتنياهو.
ولفت إلى أن ديرمر معروف إسرائيليا أنه عقل ودماغ نتنياهو والذراع اليمنى له، وهو المسؤول عن صفقة القرن (لتصفية القضية الفلسطينية)، ومروج فكرة "إسرائيل الكبرى" عند الأميركي أيضا، مذكرا بتصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن خريطة الكيان تبدو صغيرة ويجب توسيعها.
وأكد أن إسرائيل سعت منذ زمن وتسعى لكسر حاجز نفسي عند عدد من قادة الدول العربية والإسلامية المترددة في فتح علاقات واللقاء معها، أن هؤلاء العرب الذين يظهرون أنهم الأكثر أصولية وإسلامية وتدينا يجلسون مع تل أبيب، فلم لا تفعلون.
وأوضح أنه حسب البيانات والأخبار التي خرجت للإعلام، حرص الإسرائيلي أن تكون معظم المواضيع التي جرى نقاشها وتناولها ملفات سورية داخلية، كملف السويداء والأكراد والقنيطرة وريف درعا، وهذا مفيد ومهم جدا له.
وذكر أبو رزق أن هذا يعني أن قضية الجولان التي ظلت على رأس الصراع مع السوري لخمسين عاما، باتت من الماضي.
ورأى أن الجانب الإسرائيلي وعددا من الدول العربية المطبعة في المنطقة حريصة على إيصال رسالة هزيمة للشعوب العربية، وهزيمة أكبر لفكرة الثورة والربيع العربي والمؤمنين بها، أن الثورات التي خرجت لأجل الحرية والكرامة لا يمكن احتواؤها فقط، بل هزيمتها وكسرها وكسر مبادئها.
ورد الكاتب سعيد الحاج على من يرون أن ضعف سوريا وتوحش الكيان مبرر كافٍ للقاءات التي تحصل بين مسؤولين من القيادة السورية وقيادات في دولة الاحتلال، قائلا: "لنفترض جدلاً أنه مبرر لحصول تواصل وتفاوض، فهل هو مبرر أيضاً للقاءات المباشرة وليس غير المباشرة بدون وسيط؟".
وتابع تساؤلاته: "هل هو مبرر لتسميتها إسرائيل وليس دولة الاحتلال؟، وهل هو مبرر لكثرة اللقاءات وتواترها؟، وهل هو مبرر لنقاش قضايا سورية داخلية معها، وكأنها وصية عليها؟،
وواصل القول: هل هو مبرر للصياغات الدبلوماسية "الناعمة" بخصوص اللقاءات؟ وهل هو مبرر لتسمية العدوان والاحتلال بـ "التوغل" ؟"
وأضاف: هل هو مبرر لتجاهل ذكر الجولان في أي تصريح أو بيان رسمي سوري؟، وعليه، ما هو المبرَّر وغير المبرَّر في هذه الحالة؟
وأردف: "أين سيقف منطق التبرير ليقول "كفى" ويرى أن المسار لا يفسّر أو يبرر فقط بمنطق الضعف وتوحش العدو، فضلا عن أنه غير مفيد ولا يحمي البلاد وإنما يشجع المعتدي على المزيد من العدوان الذي يحقق له أهدافه التي رسمها فيما يبدو (اللقاء والتفاوض بالحد الأدنى)؟!!!".
وقال يحيى غنيم: لم نكن يومًا ضد الثورة السورية أو من الراغبين فى إخفاقها، بل كنا ولا نزال من أخلص مناصريها ودفعنا أثمانًا غالية في سبيل ذلك، ووقفنا بجانبها ساعة العسرة عندما كان أصدقاء الزور الحاليين الجدد يدفعون الأموال لروسيا وللأسد لمحاربتها والقضاء عليها.
وأضاف: "لكننا نرى أمورًا يحزننا أن تلج الثورة غمارها؛ فالركون إلى أعداء الثورات مهلكة؛ فهم أفاعي كلها سمٌّ وإن نعمت لدى اللمس، والركون إلى أميركا ملاعبةٌ للشياطين لا يحتملها الصادقون، ومعرفة إسرائيل لجَّة آسنة يغرق فيها المبطلون، والرصيد المعنوي لدى الأحرار لا يخسره إلا الخاسرون".
وتابع غنيم: "قد تأخذ الثورة هدنة لالتقاط أنفاسها وترتيب أوراقها وتقديم أولوياتها، لكنها لا تتنصل لمبادئها، ولا تقترف من الجرائم ما قامت لتزيله، ولا تدير ظهرها لجمهورها وتنخدع ببريق هتاف أو إغواء المجرمين ممن كادوها بالأمس ويوادونها اليوم ليسحبوها إما إلى حفرة تقتلها أو باطل يشبههم".
صلح الحديبية
ودون الباحث عبدالرحمن الكسار سلسلة تغريدات بعنوان وقفات مع "صلح الحديبية"، على خلفية أن هذا الصلح أصبح التبرير الرسمي لكل أشكال التطبيع والاتفاقيات واللقاءات من بداية موجة التطبيع قبل سنوات وصولًا لليوم، ودفاعًا عن رسول الله في وجه هذا الافتراء.
وأوضح أن الصلح كان لوقف القتال، أي سبقه قتال، ولم يأت بعد لا شيء، أو اعتداء من طرف واحد، وفيه قال سيّدنا عمر لرسول الله : لم نُعطي الدنية يا رسول الله؟ فشرح له الرسول جدوى التنازل في ملفٍ ما مؤقتًا، ولم يتهموه بأنه خارجي ولم يقُل له أحدٌ "خليك ببلدك" و"بدك يانا نموت كرمال تنبسط؟"
وبين الكسار أن الصلح كان باسم كل المسلمين، ولوقف قتلِ كل المسلمين، لم يقمه الرسول ﷺ ليحمي فئةً منهم بينما تباد فئةٌ أخرى وتموت من الجوع، وانتهى الصلح لأن قريش نقضت العهد وقاتلت قبيلة خُزاعة حلفاء المسلمين! لم تكن قد دخلت الإسلام بعد، ولم يقل أحد "خلينا بقبيلتنا وديننا".
وأكد أن الكيان ليس عدوًا عاديًا، بل كيان لا شرعية له، ولقاؤه اعتراف، بينما قريش أصحاب الأرض، قائلا: "برِّر ما شئت، واشتم ما شئت، وافعل ما شئت، ولكن لا تحاول ليَّ عنق الدين والإسلام للتبرير".
ورفض المحلل السياسي ياسين عز الدين، تبرير البعض لحوار النظام السوري مع تل أبيب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد اتفاقيات مع اليهود، مؤكدا أنها مغالطات وقياس فاسد، لأن المشكلة مع إسرائيل ليست في دينها، بل لأنها مشروع جاء لإبادة شعبنا واستعباد الدول العربية وضمان تبعيتها للغرب.
وقال: "لو كان المعتدون مسلمين لكان موقفنا منهم نفس الشيء"، موضحا أنه "لم تكن هنالك مشكلة أن يعيش بيننا اليهود بل قد جاؤوا من الأندلس لاجئين إلى فلسطين والشام ومصر وتركيا وعاشوا مئات السنين دون مشاكل، وفي فلسطين عاشوا في طبريا وصفد والقدس والخليل".
وأشار عزالدين إلى أن يهود أوروبا (الأشكناز) كانوا يأتون لزيارة القدس ثم يستقر بعضهم ويعيش فيها دون اعتراض، مؤكدا أن المشكلة بدأت مع المشروع الصهيوني وسرقة أرضنا وتهجير شعبنا والاعتداء على الدول العربية.
وقال: لذلك إن أردتم التبرير للشرع والتفاوض مع دولة الاحتلال، فابحثوا عن ذرائع ومبررات أخرى، فهذا المبرر لا علاقة له بفلسطين ولا صراعنا مع الكيان الإسرائيلي.
ووجه عاصم النبيه رسالة إلى السوريين من قلب غزة، قائلا فيها: "يعلم الله أن حزنكم حزننا وفرحكم فرحنا وقهركم قهرنا، كلانا جرب القتل والقصف والتجويع والنزوح والاقتلاع وكلانا يعلم تماما معنى الخذلان.. همومنا واحدة، وآمالنا واحدة وتطلعاتنا واحدة، وقفتم معنا ووقفنا معكم".
وأضاف مخاطبا السوريين: "لم نناصركم كشعب مسحوق مثلنا ولكن ناصرناكم لأننا شعب واحد، نحن نشبهكم، تاريخنا، وجوهنا، لهجتنا، طعامنا، عاداتنا اليومية، قبل مئة عام فقط كنا شعبا واحدا وما زلنا. ولطالما آمنت أنه إذا تألمت امرأة في دمشق صرخت أختها في غزة".
ونصح النبيه السوريين، قائلا: “اتركوا للسياسيين بضاعتهم، لا تبصموا لهم على بياض، لستم مضطرين لأن تدافعوا عنهم وتبرروا مواقفهم”.
وقال: "اليد (الإسرائيلية) على غزة لكن العين على دمشق والقاهرة وعمان وبغداد وبيروت، العين على مكة وصنعاء والخرطوم، هم يروننا كيانا واحدا ونحن النازفون نرانا كيانا واحدا أيضا".