مصادقة إسرائيل التمهيدية على ضم الضفة.. نهاية حل الدولتين أم دعاية انتخابية؟

شدوى الصلاح | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في مسعى لتكريس الاحتلال وإنهاء حل الدولتين، صادق برلمان الكيان الإسرائيلي، بقراءة تمهيدية، على مشروعي قانون أحدهما لضم الضفة الغربية المحتلة منذ 1967، وآخر لضم مستوطنة معاليه أدوميم المقامة على أراض فلسطينية شرق القدس المحتلة.

وقال الكنيست على موقعه: "تمت الموافقة بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون تطبيق سيادة دولة إسرائيل (الضم) على أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

وجرى التصويت على مشروع قانون ضم الضفة الغربية بشكل علني ومن خلال قراءة أسماء أعضاء الكنيست، وليس إلكترونيا، وأيده 25 عضوا وعارضه 24 من أصل 120 عضوا، فيما أيّد مشروع قانون ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" 32 عضو كنيست مقابل 9 معارضين.

فيما امتنع الليكود عن التصويت؛ تنفيذا لتوجيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وصوّت أعضاء الكنيست من حزب "ييش عتيد"، وبينهم رئيس الحزب يائير لبيد، ضد مشروع قانون ضم الضفة في محاولة لإسقاطه والتأكد من المصادقة على مشروع قانون ليبرمان بضم مستوطنة "معاليه أدوميم".

وتقع "معاليه أدوميم" شرق القدس المحتلة، وهي إحدى أكبر المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، ومن شأن ضمها عزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني من الناحية الشرقية، وتقسيم الضفة إلى قسمين.

ولكي يصبح المشروعان قانونين نافذين، يتعيّن التصويت عليهما في ثلاث قراءات إضافية داخل الكنيست.

والقراءة التمهيدية في الكنيست هي تلك التي يقدم فيها العضو مشروع القانون المقترح مصحوب ببيانات توضيحية، وإذا تقرر قبوله، يُحال إلى لجنة من لجان الكنيست لإعداده للقراءة الأولى.

وفي حال ضم الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية إلى سيادته فإن ذلك يعني إنهاء إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، الذي تنص عليه قرارات صدرت من الأمم المتحدة.

وجاء تصويت الكنيست رغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 26 سبتمبر/ أيلول 2025، أنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، وفي ظلّ زيارة نائبه جي دي فانس إلى تل أبيب.

بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أن مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعي القانونين "باطلة"، وأنها لن تغير حقيقة أن الضفة أراضٍ فلسطينية بموجب التاريخ والقانون، قائلة: إن التصويت يعبر عن وجه الاحتلال الاستعماري القبيح.

فيما انتقدت دول غربية وعربية وإسلامية تصويت الكنيست على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مؤكدين أن هذه الخطوة "لن تغير شيئا في حقيقة فلسطينية الأرض" وستؤدي إلى تقويض حل الدولتين.

وحذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من أن إقرارات الكنيست قد "يهدد" وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة، مؤكدا أن الرئيس دونالد ترامب أكد أن الخطوة الإسرائيلية هي أمر لا يمكن لواشنطن دعمه في الوقت الحالي.

وأعرب ناشطون على منصات التواصل عن غضبهم من تمرير الكنيست بالقراءة التمهيدية مشروعي القانون، وأرجعوا الخطوة إلى ضعف الموقف العربي المناهض للاحتلال. مشيرين إلى أن الرفض الأميركي على أساس براجماتي خالص.

وتساءلوا عبر تغريداتهم وتدونياتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الكنيست، #الضفة_الغربية، #نتنياهو وغيرها عن موقف الدول العربية المطبعة مع الاحتلال والتي بررت تطبيعها بأنه يسهم في دفع ما أسموها عملية السلام وتحجيم توسعات الاحتلال. 

أجندة انتخابية

وفي تفسير لما حدث داخل الكنيست، أوضح شادي سد، أن  ما حدث مجرد قراءة أولى فقط لا غير ومن ثم سيتمّ عرضه على لجنة الخارجية والأمن في الكنيست ويخضع للقراءة والاطلاع والتصويت ومن ثم على أعضاء الكنيست مرة أخرى للتصويت بالقراءة الثانية والقراءة الثالثة.

وأشار إلى أن هذا الأمر يستغرق شهورا؛ كونه يحتاج لجلسات برلمانية متكررة تخضع للنقاش وتعديل، متوقعا ألا يتم التصويت وهي مجرد دعاية انتخابية لليمين المتطرف فقط وسيتهرب حزب الليكود برئاسة زعيمه نتنياهو من التصويت حتى لا يدخل بحالة صدام  مع إدارة ترامب التي ترفض الضم جملة وتفصيلا عالأقل في هذه المرحلة.

وأكدت المغردة ميسرة، أن بعض القوانين التي تطرح وستطرح في الكنيست من الآن لحين الانتخابات، سيكون هدفها انتخابيا بحتا وليست بهدف التطبيق الفوري.

واستدلت على ذلك بقانون ضم الضفة الذي قدمته كتلة ناعوم اليمينية رغم معارضة الليكود ونتنياهو، وقانون ضم معاليه أودوميم الذي قدمته كتلة ليبرمان المعارضة.

وعلق تامر قديح على امتناع حزب الليكود عن التصويت وتعليقه بالقول: إن "نحن نعزز الاستيطان يوميًا بالأفعال، بالميزانيات، بالبناء، وبالصناعة — وليس بالكلام.. والسيادة لا تُحقق بقانون يهدف للإضرار بالعلاقة مع واشنطن". موضحا أن الحزب يقصد أن ضمّ الضفة يجب أن يتم عمليًا كما يحدث حاليًا، دون إعلان رسمي.

وأشار إلى أن هذا يؤكد ألا فرق بين اليسار واليمين في إسرائيل، فالجميع متفق على إبادة غزة، قائلا: "لو كان اليسار في الحكم لفعل ما يفعله نتنياهو تمامًا، ولو كان نتنياهو في موقع اليسار لتبادل الأدوار معهم".

وأضاف قديح: "هي معارك سياسية داخلية لا أكثر، لكن لا خلاف بينهم على إبادة غزة، وسرقة الأرض الفلسطينية، ومنع إقامة دولة للفلسطينيين أو منحهم حقوقهم".

وقالت أحد المغردات: إن هذه الخطوة في الكنيست ليست مجرد "رمزية"، بل هي تصعيد خطير يعكس فشلا أخلاقيا وسياسيا لإسرائيل في مواجهة التحديات الحقيقية. 

وأضافت أن الضم ليس "حقا تاريخيا" كما يدعي اليمين، بل هو استعمار حديث ينتهك حقوق 3 ملايين إنسان، مؤكدة أن نتنياهو يلعب لعبة خطرة: يُرضي اليمين ليبقى في السلطة، لكنه يخاطر بعزلة إسرائيل عالميا وتصعيدا داخليا قد يؤدي إلى "سيناريو رعب آخر". 

وأشارت المغردة إلى أن ترامب، رغم دعمه التاريخي لإسرائيل، يرفض الضم لأنه يعرقل "السلام الاقتصادي" الذي يراه إنجازا شخصيا– وهذا يُظهر كيف أصبح الصراع رهينة لأجندات انتخابية.

وقال فايز أبو شمالة: إنه لم يتفاجأ من تصويت الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون ضم الضفة الغربية، وفرض السيادة عليها، وإنه لن يتفاجأ من ضم الضفة الغربية قريباً، وبشكل فعلي، وتهجير سكانهاّ.

وذكر بأنه حذرت سابقا، من أن غزة قد عرفت ما لها وما عليها، وستنتهي حرب الإبادة، ولكن المصيبة كلها ستنصب على رأس الضفة الغربية.

وأكد أبو شمالة، أنه طالما كان للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية قيادة بهذا الحجم الصغير، فتوقعوا مصائب لأرض الضفة الغربية وشعبها من الحجم الكبير.

نتاج الخنوع

من جانبه، سخر  حمود النوفلي، من إقرار الكنيست مشروع قرار احتلال الضفة كاملة وتهجير عباس وفتح ومن معهم.

وقال: "لذلك لا يوجد سلاح لمواجهة هذا القرار إلا الضغاطة، فالضغط العربي هو من سيردع الصهاينة عن ذلك، وسلاح الردع الثاني هو استخدام الضغاطة العربية لنزع سلاح المقاومة في غزة ولبنان".

وأشار ياسر الزعاترة إلى أن مشروع الضم يتسارع على الأرض، مستنكرا أن أشاوس "فتح"، وعرب التطبيع يروجون إلى أن بوسعهم منعه بالأدوات الدبلوماسية.

وأكد أن مصير الضفة معروف، بعد سنة أو سنتين، والمقاومة هي من يمنعه، وأي كلام آخر هو بيْع للوهم.

وكتب الكاتب عبدالعزيز الفضلي: “يا ليت نسمع صوت المطبلين للسلام.. الكنيست الصهيوني يقر ضم الضفة الغربية إلى كيانهم المأزوم، ما يعني إلغاء أحد بنود اتفاقية أوسلو للاستسلام! المصيبة أن العرب يتمسكون حرفيا بكل بنود الاتفاقية حتى لو نقضها الكيان الصهيوني.. فمتى يصحو قومنا؟!”

وعلق المغرد حمزة على مصادقة الكنيست على القراءة التمهيدية لقانون إحلال السيادة على الضفة، قائلا: "الضفة الغربية ضاعت خلاص ولا عزاء لخنازير حكام العرب".

وتعجب أحمد حيدر الناصر الغامدي، من تنديد غالبية الدول العربية وإعرابها عن قلقلها لمصادقة الكنيست الإسرائيلي على بسط سيادتها (ضم الضفة الغربية).

وأكد أن مصادقة الكنيست نتيجة عدم المبالاة والصمت على حرب الإبادة التي شنها الصهاينه لمدة عامين على غزة فيما كان عباس وزمرته يصفون المقاومة الفلسطينية 

بالإرهاب ويحملونها سبب تلك الحرب.

وخاطب الغامدي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالقول: "يا عباس؛ أرنا ردة فعلك لضم الضفة لـ(إسرائيل) بعيدا عن التنسيق الأمني المقدس!".

وتساءل إبراهيم عزاب: "هي فين قبائل الزمَّارات -في إشارة إلى الإمارات- التي قالت إن التطبيع مع الكيان الصهيوني للحد من الاستيطان"، قائلا: "ها هم قد أخذوا مدينة بحجم قبيلة الإمارات مساحة".

تنديد وهجوم

فيما وصف يوسف عياش "إسرائيل" بأنها احتلال يعيد اغتصاب كل البلد، يبدل الأسماء والتاريخ والجذور، يقيد من رفع راية بيضاء ويسحق من صمد، له المعابر والحدود، له بساتين الجدود، ويلاحق من اقترب ويراقب من ابتعد.

ولفت إلى أن الاحتلال لا يكتفي بسلب وطن، يريد أن لا يبقى على الأرض من الفلسطينين أحد، ويريد أن يقمع كل من تعاطف معهم وعلى جرائمه قد شهد.

وقال رعد السمك: إن قرارات الأمم المتحدة تطبق فقط على الدول العربية والدول الإلزامية للهيمنة الأميركية والغرب، فهذه إسرائيل تضع قرارات الأمم المتحدة تحت أقدامها.

واستنكر صالح أبو عزة، اجتياز القراءة التمهيدية لمشروعي القرار في الكنيست، بينما بعض العرب، يرون المشكلة في المقاومة بفلسطين ولبنان، لا في إسرائيل الاستعمارية التوسعية. 

واستنكرت راوية كرشة، أن ‏مشكلة أميركا وإدارة ترامب ليست في الرفض المعلن الآن، بل في أنهم يعدون الإعلان عن الضم رسميا هو المشكلة، بينما ما يحدث فعليا من توسع المستوطنات، ومهاجمة القرى الفلسطينية، وتهجير سكانها، لا يثير لديهم أي قلق.

‏وأشارت إلى أن الضم يجرى فعليا على الأرض، لكن لا أحد يتحدث عنه أو يدينه.

واستهجن نجاح محمد علي، قول وزير الخارجية الأميركي إن ضمّ الكيان الصهيوني الضفة الغربية يهدد صفقة ترامب للسلام، متسائلا: "أليست أميركا نفسها هي من دعمت هذا الكيان وسلّحه على مدار السنوات الماضية والآن تصفه بـ"التهديد"؟ يا لها من قمة النفاق!".