"تغيير جذري".. ماذا يعني إقالة الحوثيين حكومة ابن حبتور بمناطق سيطرتهم باليمن؟

يوسف العلي | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أثارت خطوة مليشيا الحوثي، إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور في صنعاء التي تفرض سيطرتها عليها من 9 سنوات، تساؤلات عدة عن الهدف من ورائها، خصوصا أنها جاءت مباشرة بعد حديث عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا عن عزمه إجراء "تغيير جذري" في مؤسسات الدولة.

حكومة ابن حبتور غير المعترف بها دوليا، التي أقالها ما يسمى بـ"مجلس الدفاع الوطني" التابع للحوثيين في 27 سبتمبر/ أيلول 2023، كانت قد تشكلت في نوفمبر 2016، باتفاق بين الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي، بقيادة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.

ويشمل الاتفاق آنذاك بين الحوثي والمؤتمر، تشكيل مجلس سياسي يتقاسم فيه الجانبان رئاسته، ويكون بمثابة الحاكم الفعلي للمناطق التي تقع تحت سيطرتهم منذ عام 2014، قبل أن ينقلب الحوثيون على علي صالح، في ديسمبر/ كانون الأول 2017، ويقتلونه بتهمه الخيانة.

"مرحلة ثالثة"

الشخصيات القريبة من الحوثيين، فسرت خطوة إقالة ابن حبتور، بأنها امتداد لما تطلق عليها "ثورة 21 سبتمبر عام 2014" (انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا)، وأنها تأتي في إطار "إدراك ضرورة بناء وإصلاح الدولة وتحسين أداء مؤسسات الدولة".

ونقل موقع قناة "العالم" الإيرانية في 29 سبتمبر، عن الإعلامي اليمني، حميد رزق، قوله إن "إقالة حكومة ابن حبتور، هي امتداد لثورة 21 سبتمبر 2014، إذ كانت على ثلاث مراحل، الأولى الهبة الشعبية، والثانية مواجهة العدوان، والثالثة تغيير أوضاع الحكومة في الداخل إلى ما يرضي الشعب".

وبيّن الإعلامي القريب من الحوثيين أن "إقالة الحكومة بهذا التوقيت جاء في إطار دخول الثورة في مرحلتها الثالثة بعد ما استطاع اليمن الخروج من مرحلة مواجهة العدوان، ليدخل مرحلة جديدة من المواجهة على المستوى الداخلي والخارجي، وهي ذات طابع سياسي تنموي اقتصادي خدمي".

وزعم رزق أن "الحكومة الجديدة ستكون حكومة كفاءات بعيدة عن سلبية المحاصصة وعلى أساس قاعدة الشراكة الوطنية، كما ستكون حكومة كفاءات مصغرة وسريعة الاستجابة والتناغم مع الأوضاع المحلية والداخلية بحيث تصبح تجسيدا لإرادة الشعب".

ولفت إلى أن "إقالة حكومة ابن حبتور هي بداية التغيير الجذري حيث سيليها التغيير الهيكلي في مؤسسات الدولة بشكل عام، وكذلك التركيز على الإصلاحات في منظومة القوانين والسياسيات وفق سلسة مراحل بحيث كل مرحلة تجني ثمارها وتنضج بهدوء للانتقال إلى مرحلة تالية".

من جهته، قال رئيس مجلس شورى سلطة الحوثيين في صنعاء، فضل الله رسام، إن عملية إقالة حكومة حبتور والبدء بمرحلة التغيير الجذري جاءت على مبدأ الكفاءة وليس فك الارتباط مع حزب المؤتمر الشعبي أو عزل جهة معينة أو إدخال جهة ثانية في الحكم.

ونقلت إذاعة "طهران" العربية عن رسام في 30 سبتمبر، قوله إن "عملية التغيير لا تستهدف أشخاصا وإنما تستهدف تغييرا شاملا سواء في الأنظمة أو في القوانين والسياسيات وكتابة الدستور اليمني".

وكان زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أعلن خلال كلمة متلفزة، في 27 سبتمبر، أن المرحلة الأولى من "التغيير الجذري" تتضمن إعادة تشكيل حكومة كفاءات، والعمل على تصحيح وضع القضاء ومعالجة الاختلالات ورفده بالكوادر المؤهلة ممن وصفهم بعلماء الشرع الإسلامي والجامعيين المتخصصين.

"سلام مبدئي"

وبخصوص دلالات خطوة الحوثيين والتغيير الجذري الذي يتحدثون عنه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي: "كان يمكن أن تكون هذه الخطوة اعتيادية، لو لا سياقها غير الطبيعي، فقد جاءت بعد موجة من الانتقادات التي وجهها رئيس المؤتمر الشعبي العام (صادق أبوراس) للحوثيين".

وأوضح التميمي لـ"الاستقلال" قائلا: "معلوم أن "المؤتمر (الشعبي) هو الذي يرأس حكومة الأمر الواقع في صنعاء، ويستحوذ على نصف الحقائب فيها، والإقالة جاءت بعد فترة وجيزة من إعلان قائد الحوثيين إجراء تغييرات إستراتيجية".

وفي 5 سبتمبر، اتهم رئيس حزب المؤتمر جناح صنعاء صادق أبوراس مليشيا الحوثي بالفساد في قضية رواتب الموظفين، بالقول: "للمواطنين الحق في أن يتكلموا عن مرتباتهم لأنها حق، ويجب أن نفكر بأن نضع للموظف شيكا في يده بقيمة مرتباته خلال السنوات الماضية، ومتى ما توفرت الموارد يتسلمها".

جرى ذلك خلال حفل نظمه الحزب بمناسبة مرور 41 عاما على تأسيسه، منها 33 عاما كان فيها على سدة الحكم بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي تنحى عن الحكم إثر انتفاضة شعبية عام 2011.

ورأى الكاتب اليمني أنه "من الواضح أن الحوثيين يعيدون صياغة الشراكة بما يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي تشهد حالة من السلام المبدئي الذي وفر للمليشيا الحوثية فرصة لإعادة فرض هيمنتها والتحلل من الشراكة التي انتجها انقلاب 2014".

وأشار التميمي إلى أن "التغييرات في ظل غياب ضغوط عسكرية على مليشيا الحوثي قد يشجعها على تجريف الإرث السياسي للعهد الجمهوري، وهو أمر سيضعها أمام تحدي انتفاضة شاملة من اليمنيين".

وفي هذه النقطة تحديدا، قال عضو بالمكتب السياسي، علي القحوم، في 30 سبتمبر، إن إقالة الحكومة، غير المعترف بها دوليا، برئاسة عبد العزيز بن حبتور وتشكيل حكومة "كفاءات"، "ضرورة وطنية ملحة ومطلب شعبي".

وأضاف القحوم في لقاء مع "وكالة أنباء العالم العربي" أن هذه الخطوة "تأتي في إطار إدراك ضرورة بناء وإصلاح الدولة وتحسين أداء مؤسسات الدولة، وهي خطوة أولى من التغييرات الجذرية المطلوبة في هذه المرحلة التي أعلنها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي".

وأضاف عضو المكتب السياسي للحوثيين أن هذه التغييرات تمثل المرحلة الأولى للتغيير الجذري بعموم البلاد وتتضمن الخطوات القادمة إصلاح بقية المؤسسات والقضاء بهدف تأسيس دولة جامعة لكل اليمنيين.

وأردف قائلا إن "الخطوات القادمة تستهدف استعادة اللحمة الوطنية وتحقيق المصالحة والسلام، فضلا عن تقديم التطمينات على المستوى المحلي والدولي مع دول الجوار خصوصا السعودية".

وكان وفد من مليشيا الحوثي،  قد وصل إلى الرياض في 14 سبتمبر/ أيلول 2023، بدعوة من السعودية، لمناقشة التوصل إلى "وقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول".

وبدورها، أعلنت الخارجية السعودية، في 20 سبتمبر، ترحيبها بـ"النتائج الإيجابية" للنقاشات مع وفد صنعاء لاستكمال جهود مسار السلام في اليمن.

كما أشادت الوزارة، في بيان نشرته على منصة "إكس" بمضامين لقاء وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان بن عبد العزيز، بوفد صنعاء.

وقالت الوزارة في البيان إنها "ترحب بالنتائج الإيجابية للنقاشات الجادة بشأن التوصل إلى خارطة لدعم مسار السلام باليمن التي عقدها فريق التواصل والتنسيق السعودية برئاسة سفير المملكة لدى اليمن محمد بن سعيد الجابر بمشاركة الأشقاء بسلطنة عمان مع وفد صنعاء برئاسة محمد عبد السلام في مدينة الرياض خلال الفترة من 14 إلى 18 سبتمبر 2023".

ولفت البيان إلى أن النقاشات جاءت "استكمالا للقاءات الفريق السعودي التي أجراها في فترة سابقة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني وفي صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل/ نيسان 2023، وتم التوصل فيها إلى العديد من الأفكار والخيارات لتطوير خارطة طريق تتفق عليها الأطراف اليمنية كافة".

"سيناريو جديد"

وفي قراءة مغايرة لما طرحه التميمي، قال الكاتب والباحث السياسي اليمني، صالح أبو عوذل إن "عبد العزيز بن حبتور، سيذهب إلى مسقط أو عمان، بذريعة إجراء فحوصات طبية، ومنها إلى الرياض، وسيتحوّل بعدها إلى بطل، ويخرج ليقول: حاولنا إصلاح المليشيات الحوثية، ولكننا فشلنا".

وأضاف أبو عوذل خلال تدوينة نشرها على منصة "إكس" (تويتر سابقا) في 27 سبتمبر، أنه "نتيجة لإقراره (ابن حبتور) بالفشل، سيتم تعيينه رئيسا لحكومة مجلس القيادة الرئاسي (المعترف به دوليا)".

ولفت إلى أن "سفير السعودية لدى اليمن (محمد بن سعيد الجابر) سيقوم بتعميم وسم #حبتور_رجل_المرحلة، وسيقول عادل موفجة (عضو المجلس العسكري في جنوب اليمن) إن الأخير رجل توافقي - جنوبي ومحسوب على الحوثيين - لأن يكون رئيسا لحكومة وحدة وطنية".

وتابع: هذه الحكومة، يشارك فيها الحوثيون بالنصف، وسيحاول (موفجة) إيهام الناس أن إقالة ابن حبتور "تمت بالتوافق بين الحوثيين والسعوديين".

وتوقع الكاتب اليمني أيضا، أن يعود ابن حبتور إلى سيئون (مدينة يمنية)، لإدراكه أن عودته إلى عدن التي خانها "مستحيلة"، وهناك سيطلق تصريحات نارية "الوحدة - الوحدة"، وسيخرج اليمنيون يحتفون به الرجل الوحدوي الذي لا يشق له غبار.

وتابع: "وفي غفلة من احتفال اليمنيين بتصريحات ابن حبتور، ستكون الأذرع الإيرانية قد أحكمت قبضتها على صافر (سفينة عائمة لتخزين وتفريغ النفط، ترسو في البحر الأحمر شمال مدينة الحديدة اليمنية) ومأرب، بذريعة هذه موارد الشعب اليمني".

وخلص أبو عوذل إلى أنه "سيخرج متحدث التحالف العربي (تركي بن صالح المالكي) يعلن أن بعض العناصر الحوثية تسللت للسيطرة على "صافر"، وسيطالب المجتمع الدولي بالضغط على المليشيات للانسحاب منها. مشاهد متخيلة ولكنها قريبة إلى فيلم أحمد عبيد بن دغر (رئيس الحكومة اليمنية السابق)".

وكان أحمد عبيد ابن دغر القيادي السابق في حزب المؤتمر الشعبي العام، قد تولى رئاسة الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا) للمدة من 4 أبريل/ نيسان 2016 إلى 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.

وتسيطر مليشيا الحوثيين منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية محافظات وسط وشمال اليمن والعاصمة صنعاء، فيما اتخذت الحكومة المعترف بها دوليا من مدينة عدن جنوب البلاد عاصمة مؤقتة لها، ثم تصاعدت الحرب عام 2015، عندما بدأت السعودية وعدد من حلفائها ضمن ما أطلق عليه "التحالف العربي" شنَّ ضربات جوية لمنع المليشيا من السيطرة الكاملة على البلاد.

وبعد 8 سنوات من الحرب، رعت الأمم المتحدة هدنة بين الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي، ومليشيا الحوثي لمدة ستة أشهر، انتهت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ليدخل اليمن بعدها في وضع يشبه الهدنة من دون إعلان رسمي عن ذلك.