كركوك تسقط ضحية "صفقات قذرة" بين بغداد وأربيل.. وتحذيرات من تداعيات التصعيد

الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

شهدت محافظة كركوك العراقية المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، حالة من التوتر الأمني إثر اتفاق سياسي بإعادة تسليم مبنى قيادة العمليات الأمنية في كركوك للحزب الديمقراطي الكردستاني، واستئناف نشاطه السياسي في المحافظة لأول مرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ورفضا للخطوة قطع محتجون من العرب والتركمان، الطريق الرابط بين أربيل – كركوك، لكن أكرادا قابلوا ذلك بتظاهرات مطالبة بفتح الطريق السريع، وأدّت إلى مواجهات بين الطرفين، واستخدم عناصر الأمن الرصاص الحي لتفريق التظاهرات.

وأسفرت المواجهات عن مقتل ثلاثة متظاهرين وإصابة 10 آخرين، في آخر حصيلة أعلنتها شرطة كركوك في 3 سبتمبر/ أيلول 2023.

ولمنع توسع الاحتجاجات، أمر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بفرض حظر تجول في المدينة، ورفعته السلطات بعد 24 ساعة من إقراره، وأجلت تسليم مقر أمني للحزب الديمقراطي الكردستاني.

وأصدر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، فجر 3 سبتمبر، بيانا شديد اللهجة حذر فيه من مغبة "استمرار التمييز في كركوك"، داعيا رئيس الوزراء إلى وضع حد لـ"المشاغبين" في كركوك.

وحمل ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على موقع إكس "تويتر سابقا" ومشاركتهم في وسم #كركوك، الحكومة العراقية وقواتها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في كركوك من توتر وتصعيد، واتهموا القوات الحكومية بالفشل في حماية المواطنين بالمدينة.

وهاجموا رئيس الحكومة وأدانوا محاولته إعادة كركوك إلى المربع الأول بعدما كانت تعيش هدوءا نسبيا منذ فترة، وعدوه "خطأ فظيعا" تحاول أن ترتكبه حكومته، متسائلين عن الهدف من إعادة كركوك إلى ما قبل أحداث 2017.

ورأى ناشطون أن "الحكومة الشيعية" وجيشها وحشدها يريدون صناعة فتنة بين العرب السنة والكُرد، فيما صب آخرون لعناتهم على أتباع البارزاني ومليشيات الإطار التنسيقي وكل من يحاول زعزعة السلم الأهلي وإشعال الفتنة. 

اتهامات للشيعة

وتفاعلا مع الأحداث، قال الصحفي سفيان السامرائي، إن "هناك حملات كبرى من الشيعة الصفوية لدق إسفين بين العرب السنة والكرد السنة".

وأشار إلى أن "نفس الأبواق والحسابات والقنوات التي كانت تشجع على إبادة وتهجير العرب السُنة من مدنهم بحجة داعش الإرهابي (تنظيم الدولة) التي أدخلتها إيران إلى العراق يحاولون الآن التودد للعرب السنة لتحريضهم على الكرد السُنة في كركوك".

وأضاف: "خسئتم يا عصابات العدوان الصفوي، مصيرنا واحد في كونفدرالية كبرى ستجمع الكرد والعرب السُنة في خارطة واحدة قريبا".

وأكد أحد المغردين، أن "جميع المتظاهرين في كركوك هم الحشد الشيعي والتُركمان الشيعة، هدفهم الوحيد هو خلق مشاكل بين العرب السُنّة الكُرد، وأن الشعب الكردي هو شعب سني وهو أخو الشعب العربي السُني"، قائلا: "لا تجعلوا الشيعة عبيد إيران ينجحون بإثارة أحقادهم المريضة الحقيرة". وكتب المغرد دانيا: "بدأت تتضح الأمور في كركوك حيث إن كل تغريدات (الولائيين) تركز على أن الشيعة هم من يدافع عن كركوك اليوم والسنّة لا يدافعون عنها وبما أن (التوجيه) الذي جاءهم هكذا اتجاهه، فإنه أصبح من المؤكد جدا أن أزمة كركوك هذه دُبِّرَت بأوامر إيرانية لخلط الأوراق وإفشال العمل الأميركي المزعوم".

وقال محمد الشيخ علي گباشي السوداني، إن "كركوك محافظة عراقية تجمعها كل القوميات والطوائف، كركوك ضحية لسياسة وصفقات قذرة من سياسيين وعصابات مسعود البارزاني وغيرهم حتى من الشيعة".

وأضاف: "أنتم لن تصلحوا أن تكونوا صناع قرار أو دولة بل عصابات بشكل دولة"، مؤكدا أن القوات الأمنية هي صاحبة القرار.

مسؤولية الدولة

وحمل ناشطون مسؤولية تفاقم الأوضاع واشتعالها في كركوك للحكومة والإطار، راصدين الأزمات التي مني بها العراق في أعقاب حكم الإطار والسوداني.

وقال الصحفي عمر الجنابي، إن "تحالف إدارة الدولة الحاكم، يتحمل مسؤولية كل ما يجرى في كركوك".

وتابع: "توافقات سياسية لتشكيل حكومة نفذها السوداني، ويبدو أن هذه الاتفاقيات غير معنية بها أطراف من الفصائل المسلحة، وهذا ما يجب على حكومة السوداني والتحالف الحاكم الإعلان عنه أمام الملأ، خصوصا أن الفصائل لها شبه ولاية على الحكومة".

من جانبه، قال علي الأنصاري إن "ما يحدث في كركوك سببه الإطار التنسيقي ومحمد شياع السوداني لأنهم وقعوا على ورقة الاتفاق السياسي التي تنص على تسليم المقرات للحزب الديمقراطي الكردستاني والتي تشكلت على إثره حكومة السوداني ولا داعي للاستهتار بأرواح الناس".

وأضاف أن "ما يحصل الآن هو دليل دامغ على أن الإطار غير جدير بالثقة ولا يحترم الاتفاقات السياسية ووثائق الشرف التي يوقع عليها، ومن غير الممكن أن تدير أحزاب الإطار دولة بحجم العراق لما فيه من تنوع ديني وعرقي وإن حكومتهم هي حكومة أزمات خالية من أي إنجاز يذكر أو تقدم ملموس في ملف الخدمات وباقي الملفات".

وأوضح علي الشمري، أن "سبب التظاهرات في كركوك هو اتفاق إدارة الدولة والذي قيد في محضر البرنامج الحكومي وحظي بدعم كل القيادات الإطارية"، قائلا إن "الغريب أن الإطار خاصة العصائب يقودون تظاهرات في كركوك لإيقاف هذا الاتفاق".

وأضاف أن ذلك يعود إلى "خوف العصائب من تقليص نفوذها الاقتصادي في كركوك، حيث يسيطرون بقوة السلاح على الأراضي وعلى البلديات، ولذلك هم اليوم من أشد الرافضين لهذا الاتفاق الذي وافقوا عليه أيضا قبل تشكيل حكومة (رئيس الوزراء السابق، مصطفى) الكاظمي".

وتساءل الشمري: "أين الاستقرار المزعوم، في كركوك مثلا أم على الحدود العراقية السورية أم في فرض المصالح الإيرانية؟"، مؤكدا أنهم "مجرد دمى تحركهم الدول وكذلك منافعهم الاقتصادية حتى لو تسبب ذلك في حرب أهلية".

وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، الشيخ صفاء البغدادي، إن "أطراف اختلاف إدارة الدولة تتقاتل فيما بينها على تقاسم محافظة كركوك". وعدد حسين حداد الخسائر الإستراتيجية التي مني بها العراق منذ تولي الإطار التنسيقي السلطة حتى اليوم، وهي "الأميركي هو المتحكم، الدولار معلگ، الكهرباء مفقودة، الدولة تحكمها المليشيات، والفساد أصبح علنيا، ربط موانئ إيران بالبحر المتوسط أنهى فائدة ميناء الفاو، كركوك في حرب أهلية". وكتب المغرد أبو الفضل: "خلال سنة من تولي حشد الإطار الحكم، ربط السككي -مشروع بين العراق وإيران- وتنازل عن 16 كم ثم التنازل عن كركوك ثم حدود العراقية السورية ثم بيع أم قصر ونهاية إنشاء ميناء الفاو، وصعود الدولار أكثر من 150 ألفا، وبيع وتقاسم المناصب بينهم وانهيار القيم الأخلاقية لدى مدوني ومرتزقة الإطار السفلة". ورأى أحد المغردين، أن "كل ما حدث في كركوك يتحمله الإطار التنسيقي ومن على شاكلتها من الأحزاب المتحالفة، وسبب كل ما حدث هو الورقة السياسية المبرمة مع بعض الأحزاب قبيل تشكيل هذه الحكومة".

إشعال الفتنة

واتهم ناشطون حكومة بغداد بافتعال واختلاق فتنة بين العرب والأكراد.

وكتب داود البصري: "في الوقت الذي يعيش فيه الشيعة في العراق طقوس موسم التكاثر تندلع في كركوك فتنة بين الأكراد والشيعة والتركمان ويفرض حظر التجول والتطورات مستمرة نحو اشتعال كامل للموقف وبين اللطم والحرب تتفاعل الفوضى العراقية!!".

وحذر أثير ديوان، من أن #كركوك فتنة لإكمال تمزيق المجتمع العراقي الى مجاميع متنافرة متقاتلة، عرب وكرد وتركمان ومسيح وصابئة. واتهم حلف الفضول، الدولة العراقية التي وصفها بالعميلة لإيران بافتعال فتنة بين السنة العرب والسنة الكرد في كركوك لإظهار أن السنة لا يصلحون للحكم للأميركان"، مؤكدا أن "الحكومة العراقية الطائفية والحشد الشعبي إلى زوال". وناشد حفيد المقدام، كل عربي غيور على بلده سواء داخل كركوك أم خارجها أن لا ينجر لمخططات الإطار الخبيثة التي تهدف إلى أن يصطدم العرب السنة مع الأكراد، وهم يتفرجون، لأن الإطارين يعدون الأكراد والعرب السنة أعداءهم، محذرا من الوقوع في الفخ.

وتساءل عمر الأسعد: "لماذا كركوك الآن، هل لأنها لم تدمر كباقي المحافظات فأثاروا فيها الفتنة، أم هي فتنة جديدة للتغطية على حدث أكبر وأعظم وجعل الناس يلهون بهذا؟، أم وهو الأصح إبقاء شعلة فتيل الصراعات والاقتتال الداخلي سواء كانت طائفية أم عنصرية على مبدأ فرق تسد".

وأكد رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية، أسامة النجيفي، أن "لا أحد يمكن أن يستفيد من الفتنة في كركوك غير أعدائها"، داعيا إلى "التهدئة والتفاهم وتغليب صوت العقل والبحث عن حلول سلمية تضمن لكركوك وأهلها الأمن والسلام المجتمعي". وقال الكاتب والباحث السياسي كفاح محمود، إن "في دير الزور وكركوك وسنجار وعفرين تستميت العنصرية والطائفية لإثبات وجودها المخزي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة أمام وعي وإدراك الكرد والعرب وغيرهم من المكونات التي أرادها هؤلاء الطارئون عبيدا تحت عروشهم المهترئة".

كركوك عراقية

وقال السياسي المستقل، أمير الدامي، إن "كركوك عراقية مثلما كردستان والبصرة، والعراق أكبر من أي قومية أو طائفة أو حزب أو عشيرة"، مضيفا أن "من سال دمه عراقي قبل أن يكون كرديا أو عربيا أو سنيا أو شيعيا أو تركمانيا أو أي طائفة أخرى".

وتحت عنوان "كركوك عراقية"، تساءل وحيد الطائي: "هل وجد البرزانيون في حكومة الإطار من الضعف والركة والخوار ما شجعهم على المطالبة بضم كركوك إلى إقليم السيد البرزاني ونزعها من حليف الإطار السيد الطالباني؟"

وتابع: "إن كان كذلك فإن الأحزاب والكتل الشيعية جميعها تتحمل بيع العراق بالتفصيخ وستلعنهم الأجيال وستترحم على المقبور".