تحقيق يكشف ارتكاب السعودية مجازر بحق إثيوبيين.. هل يغض الغرب الطرف؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

استبعد معهد دراسات إيطالي إجراء تحقيق شفاف حول ما كشفه تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن ارتكاب حرس الحدود السعودي مجازر ضد مهاجرين إثيوبيين عزل على الحدود مع اليمن.

واتهم تقرير للمنظمة الدولية غير الحكومية في 21 أغسطس/آب 2023، حرس الحدود السعودي بقتل مئات المهاجرين في جبال الحدود النائية مع اليمن بعيداً عن الأعين وفي إفلات تام من العقاب. 

وتضمن التقرير شهادات عشرات المهاجرين الذين أكدوا تعرضهم لهجمات أثناء محاولتهم دخول السعودية من اليمن. 

وباستخدام صور الأقمار الصناعية والشهادات وفحص جروح الناجين، حددت هيومن رايتس ووتش العديد من المقابر الجماعية وأعادت بناء مراحل المذبحة التي ارتكبت في العام ونصف العام الماضيين. 

وفي يونيو/حزيران، أصدر مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة تقديراته لعدد القتلى، مشيرا إلى أن ما لا يقل عن 795 شخصًا، "يُعتقد أن معظمهم من الإثيوبيين"، لقوا حتفهم على طول الحدود اليمنية في محافظة صعدة اليمنية. 

ويعيش حوالي 750 ألف مواطن إثيوبي ويعمل في السعودية ويهاجر الكثيرون لأسباب اقتصادية، إلا أن البعض اضطر إلى الفرار من إثيوبيا بسبب الانتهاكات الحقوقية والعنف المرتبط بالحرب الوحشية الدائرة في شمال البلاد.

اتهامات قديمة

أشار معهد الدراسات  السياسية الدولية الإيطالي إلى أن الحكومة السعودية اتُهمت سابقا بارتكاب ممارسات إجرامية ضد المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى على طول الحدود. 

ويذكر إدانة العديد من المنظمات الإنسانية  في الماضي عمليات القتل الجماعي، بناءً على شهادات جرى جمعها من ناجين. 

وفي العام 2022، تحدث مقررون خاصون للأمم المتحدة عن "نمط منهجي من عمليات القتل العشوائي واسعة النطاق عبر الحدود على يد قوات الأمن السعودية ضد المهاجرين، بما في ذلك اللاجئون وطالبو اللجوء وضحايا الاتجار بالبشر". 

ومع ذلك، لفت المعهد الإيطالي إلى أن التقرير الأخير لمنظمة هيومن رايتس الدولية هو الأول من نوعه الذي يقدم روايات شهود عيان مفصلة وصور الأقمار الصناعية لنقاط العبور التي يعتقد أن المجازر وقعت فيها، بالإضافة إلى مؤشرات على مواقع دفن مؤقتة.

يتضمن التقرير الذي يغطي الفترة من مارس/آذار 2022 إلى يونيو 2023، تفاصيل 28 حادثًا منفصلاً باستخدام أسلحة متفجرة و14 حادث إطلاق نار من مسافة قريبة. 

كما ينقل المعهد عن شبكة "بي بي سي" البريطانية ما أوردته من أدلة تشير إلى أن عمليات القتل على طول الحدود لا تزال مستمرة. 

إذ أظهرت لقطات بثتها الشبكة مهاجرين مصابين على الحدود في محافظة صعدة وصلو إلى المستشفى خلال الأيام الماضية.

بحسب المعهد الإيطالي، تحرج هذه القضية الرياض التي أعلنت إجراء تحقيق لكنها في الوقت نفسه ترفض اتهامات الأمم المتحدة بأن عمليات القتل "منهجية أو على نطاق واسع". 

وتقول "بي بي سي" إنها اتصلت بالحكومة السعودية للتعليق على هذه الاتهامات لكنها لم تتلق أي رد. 

من جانبه، قال مصدر حكومي سعودي لوكالة الأنباء الفرنسية إن هذه الاتهامات "لا أساس لها من الصحة ولا تستند إلى مصادر موثوقة". 

طريق مميت

ويمثل الفارون من الحرب في إثيوبيا 90 بالمئة من المهاجرين المتجهين إلى السعودية عبر ما يسمى "الطريق الشرقي".

وهو طريق خطير للغاية، يبدأ في القرن الإفريقي ويعبر خليج عدن ليمر باليمن ويصل إلى منطقة جازان السعودية. 

يشرح المعهد بأنه للوصول إلى المملكة، يخرج المهاجرون الإثيوبيون في رحلات خطيرة عن طريق البحر.

وأشار هنا إلى فقدان أكثر من 24 شخصًا خلال أغسطس 2023، بعد غرق سفينة قبالة سواحل جيبوتي. 

علاوة على ذلك، تستنكر منظمات حقوق الإنسان أن العديد من المهاجرين يتعرضون إلى الاحتجاز والاعتدءات على طول طريق الهجرة. 

في هذا الصدد، يشير التقرير إلى مركز احتجاز في منبه (إحدى مديريات محافظة صعدة) باليمن يجري فيه احتجاز المهاجرين قبل أن يرافقهم مهربون مسلحون إلى الحدود. 

وبحسب شهادة مهاجر أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة معه، يتكفل المتمردون الحوثيون بالأمن في منبه ويعملون جنباً إلى جنب مع المهربين.

حرج غير كبير

وأردف معهد الدراسات الإيطالي بأن المنظمات غير الحكومية تتهم الرياض بانتظام بالاستثمار في الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى لتحويل الانتباه عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والأزمة الإنسانية في اليمن التي يتورط فيها الجيش السعودي.

وبحسب المعهد، لا يمنع ذلك الشركاء الدوليين من التودد من المملكة. وذكر في هذا الصدد ما كشفت عنه صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية من دعوة مكتب رئيس الوزراء البريطاني، ولي العهد محمد بن سلمان لزيارة لندن في الخريف المقبل. 

الزيارة ستكون الأولى منذ مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي عام 2018، الذي تعتقد المخابرات الأميركية أنه اغتيل أثناء وجوده في القنصلية السعودية بإسطنبول بناءً على أوامر من ابن سلمان. 

كما يذكر المعهد تحول موقف الرئيس الأميركي جو بايدن بعد إعلانه خلال الحملة الانتخابية أنه يريد جعل المملكة "منبوذة" على المستوى الدولي.

إذ اضطر بايدن لاحقا إلى طلب دعم الرياض في مسائل تهم الاستقرار الطاقي والسياسات الإقليمية وحرب روسيا في أوكرانيا. 

ومع ذلك، يقول المعهد إن الاتهامات بقتل المهاجرين تثير أيضًا انتقادات واسعة النطاق من قبل الدول الشريكة.

ويشير إلى طلب وزارة الخارجية الأميركية من حكومة الرياض فتح تحقيق في المذبحة التي تعرض لها مواطنون إثيوبيون.

وذهب إلى القول إن تقرير هيومن رايتس ووتش يفتح جبهة دبلوماسية جديدة في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والدول الغربية. 

لكن من غير المرجح، أن يجري تسليط الضوء على هذه الحوادث الذي ذهب ضحيتها مهاجرون من إثيوبيا، على الرغم من التصريحات (الغربية) الصادرة في الوقت الحالي بشأن القضية.

ويشرح بأن الحدود السعودية اليمنية تعد منطقة رمادية بسبب العادات القبلية، فيما باتت إدارة الأمن مجزأة ومبهمة على نحو متزايد، وفق قوله.

بالإضافة إلى حرس الحدود السعودي الذي يوجد تحت إشراف وزارة الداخلية، ينشط هناك حرس قبلي متكامل ومقاولون يمنيون تحت القيادة السعودية وكذلك الحوثيون. 

كما شكك المعهد في (جدية) التحقيق المشترك الذي أعلنته الحكومتان السعودية والإثيوبية لاحقا، خصوصا "أن أديس أبابا تتلقى وتحتاج إلى مساعدات مالية واستثمارات من الرياض". 

وأكد أن التحقق من هذه التهم من مصلحة الدول الأوروبية في المقام الأول بما في ذلك إيطاليا، التي استأنفت أخيرا تصدير الأسلحة إلى الرياض على إثر رفع الحظر المفروض منذ يناير/كانون الثاني 2021.