قضية بيع الشهادات في جامعة طهران تعود إلى الواجهة من جديد.. ماذا حدث؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز الدراسات الإيرانية "إيرام" الضوء على أسباب فصل سيد محمد مرندي، مستشار فريق التفاوض النووي الإيراني، من منصب نائب رئيس جامعة طهران للعلاقات الدولية في بداية يوليو/تموز 2023. 

وذكرت عدة صحف أن مرندي أقيل بسبب خلافاته القديمة مع رئيس الجامعة محمد مقيمي، لكن هناك أسبابا أعمق على ما يبدو، وفق ما قال المركز (مقره أنقرة) في مقال للكاتب التركي "تورغاي شفق". 

إقالة مثيرة

ففي بيان موجز حول هذه القضية، ذكر مرندي أن إقالته جاءت بعدما جرى اتخاذ العديد من الخطوات التي لا تتوافق مع اللوائح، من قبيل بيع شهادات في حرم البرز بجامعة طهران لجذب الطلاب الأجانب، مبينا أن الجامعة فقدت مصداقيتها.

وخلال السنوات الماضية، تحدثت الكثير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية عن الفساد داخل قطاع التعليم العالي وبيع آلاف الشهادات وازدهار التجارة بها، مما دفع جامعات كثيرة حول العالم لإلغاء الاعتراف بها.

وأردف شفق: بعد أسبوع من إقالته، ذكرت وكالة أنباء فارس في تقرير صدر في 8 يوليو بعنوان "الاشتباه في بيع الشهادات في جامعة طهران وأسئلة لم تجر الإجابة عليها" أن مرندي كان شخصية رفعت المكانة الدولية للجامعة إلى القمة.

ولفتت إلى أنه لم يتم الرد بعد من قبل أي شخص في السلطة على تصريحاته وقت إقالته (التي اتهم المسؤولين فيها ببيع الشهادات الجامعية).  

وبهذا جاء أول رد على مزاعم مرندي من رئيس حرم البرز يحيى بوذري نجاد، الذي صرح بأنهم لن يرضخوا للشائعات.

وأكد نجاد، أنه جرى قبول الطلاب في حرم البرز وفقا للوائح جامعة طهران وأنه لم يتم تنفيذ أي عمل مخالف لقانون التعليم العالي. كما بين أن عمليات قبول الطلاب الأجانب أكثر صرامة.

 وشدد على أن إحدى أهم مهام الحرم الجامعي المستقل التابع لجامعة طهران هي جذب الطلاب الأجانب في إطار دبلوماسية العلوم من خلال الحفاظ على مستوى وجودة الجامعة.

وأضاف الكاتب: وفي أعقاب مزاعم مرندي، أدلى رئيس جامعة طهران مقيمي ببيان قال فيه إن أولئك الذين يطلقون ادعاءات يجب أن يثبتوها أو يواجهوا إدارة الجامعة والمجتمع الأكاديمي.

وفي إيران، يخضع حرم الجامعات الواقعة خارج المركز للوائح وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا. 

وبناء على ذلك، أكدت الوزارة بشكل خاص في الرسالة المرسلة إلى الجامعات حول الطلاب الأجانب وخاصة العراقيين، على أن فصولهم يجب أن تتم وجها لوجه (حضورية ليست عن بعد).

فقبل حوالي عامين، أصدرت وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيرانية تعميما حول دراسة الجامعات لتعزيز مكانة إيران في الجامعات العالمية وجذب الطلاب الأجانب لغرض دبلوماسية العلوم.

الطلاب الأجانب

واستدرك شفق: منحت وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإذن لـ107 جامعات لقبول الطلاب الأجانب. 

وبعد هذا التعميم، أجرت الجامعات دراسات عن البلدان التي يمكنها اجتذاب الطلاب منها، وبناء على ذلك بدأت أنشطة ترويجية للبلدان ذات الصلة. 

اختارت العديد من الجامعات العراق كجمهور مستهدف بسبب كونها إحدى الدول المجاورة لها وبسبب العلاقات الوثيقة بين البلدين، فكانت أعداد الطلاب العراقيين الذين توجّوا للدراسة في إيران كبيرة. 

وعلى إثر ذلك لَفَتَ التحاق عدد كبير من الطلبة العراقيين بالجامعات الإيرانية انتباه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية.

وأعلنت الأخيرة بدورها أن بعض الجامعات والمؤسسات التعليمية لن يكون لديها معادلات للشهادات ونشرت قائمة بالجامعات التي لن تقبل معادلتها. 

بعد مبادرات وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا والمفاوضات الطويلة، جرت إزالة بعض الجامعات بشكل مشروط من القائمة السوداء. 

ومع ذلك، تمت إضافة حرم جامعة طهران في البرز، الذي بَرَزَ إلى جدول الأعمال بفعل تصريحات مرندي، إلى القائمة السوداء مرة أخرى من قبل العراق على أساس استمراره في "بيع الشهادات" وتسببه في جدل كبير. 

حتى إن وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا كتبت إلى الجامعة ذات الصلة للتحقيق في الوضع، مشيرة إلى أنه يجب على الطلاب دخول البلاد بتأشيرة طالب، وطلبت فحصهم وإخطار الوزارة بما إذا كانوا يواصلون دراستهم.

ووفقا للوثائق التي نشرتها وكالة أنباء فارس، جرى الكشف عن أن العديد من الطلاب لم يحصلوا على تأشيرات، ولم يحضروا الفصول الدراسية، وتم عقد بعض الفصول عن بعد على الرغم من منعها. 

وفي رسالة مرندي بينما كان لا يزال يشغل منصب نائب رئيس الجامعة، إلى رئيس حرم البرز، أكد أنه يجب النظر والفحص في قضايا مثل ما إذا كان الطلاب قد حصلوا على تأشيرات طالب.

 وما إذا كانوا يقدمون التأشيرات إلى السلطات المختصة أثناء دخولهم إلى البلاد، وما إذا كانوا يعرفون الفارسية على مستوى كافٍ، فبعض الطلاب لم يدخلوا إيران لمدة سنةٍ أو أكثر.

ورد رئيس حرم جامعة طهران في البرز على هذه المزاعم ببيان مطول رفض فيه جميع الادعاءات والتي نشرتها وكالة أنباء فارس. وأشار إلى أن عملية توظيف الطلاب الأجانب برمتها كانت وفقا للقوانين واللوائح.

ادعاءات أم حقائق؟

وعلق الكاتب: ما يلفت الانتباه في المناقشات بين أعضاء جامعة طهران السابقين والجدد هو أن مستشار رئيس الجامعة اتهم مرندي بالانزعاج لأن الجامعة وقعت اتفاقية تعاون مع مليشيا الحشد الشعبي الشيعي.

وفي 9 يوليو، أعلن مسؤول في الحشد الشعبي، وهو مليشيا عراقية مسلحة تدعمها إيران، عن اتفاق مع جامعة طهران لإرسال عناصره إلى هذه الجامعة "للدراسة" هناك.

وقد أعلن حسين موسوي بخاتي، مساعد التعليم والتدريب في الحشد الشعبي، عن "الاتفاق والتعاون مع جامعة طهران" خلال زيارته إلى العاصمة الإيرانية.

وقال موسوي الذي شارك في اجتماع حضره رئيس جامعة طهران، إن "الدول الصديقة للعراق تقدمت بمقترحات لتقديم خدماتها التعليمية للحشد الشعبي".

وبين أن هذه المجموعة "تسعى إلى إقامة تعاون مع الجامعات الإيرانية وفي مقدمتها جامعة طهران".

وأضاف موسوي بخاتي أنه جرت محاولة للتوصل إلى اتفاق بين الحشد الشعبي وجامعة طهران بوساطة "وزير التعليم العالي العراقي، وكذلك مساعد وزير التعليم العالي، وهو من كبار مستشاري الحشد الشعبي".

وكشف عن إرسال قوات الحشد الشعبي سابقا إلى الجامعات الإيرانية كـ"طلاب".

ويقول الكاتب: "من الطبيعي توقيع اتفاقية بين المؤسسات الأكاديمية أو الوزارات ذات الصلة في البلدين، لكن ما هو غير طبيعي، الاتفاقية الموقعة مع جامعة ومجموعة ذات مجالات نشاط مختلفة تجلب أيضا قضايا مختلفة إلى الذهن. 

ففي السنوات الأخيرة، تنفذ إيران أنشطة في حوالي 60 دولة مع جامعة المصطفى الدولية، ومقرها مدينة قم، يقول الكاتب.

ووفقا للغرض من إنشائها، تعمل الجامعة في تصدير أجندتها الأيديولوجية، المسماة الثورة الإسلامية، وكذلك الثقافة الشيعية.

وتابع الكاتب: تماشيا مع القرار الذي اتخذته وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيرانية قبل عامين، بدأت العديد من الجامعات في إيران بالعمل من أجل التدويل.

وقد نفذت أنشطة قبول الطلاب في المجالات الموجهة نحو وسائل الإعلام مثل الصحافة والإعلام والوسائط الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والرسومات. 

وأضاف: تشير حقيقة أن الجامعات الإيرانية تعقد اتفاقات مع الجماعات الشيعية غير الأكاديمية وخاصة الموالية لإيران في البلدان الأجنبية إلى إمكانية أن تصبح الجامعات مراكز دعائية.

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: ينبغي الأخذ في الحسبان أن إحدى القضايا الرئيسة في عملية فصل مرندي كانت قبول الطلاب العراقيين في الجامعة بطريقة لا تتوافق مع الإجراءات واللوائح. 

وحقيقة أن جامعة طهران وقعت اتفاقا مع الحشد الشعبي، وهي ليست مؤسسة أكاديمية، مباشرة بعد مغادرة مرندي وأن مستشار رئيس الجامعة اتهم المسؤول المفصول بعدم الارتياح لهذا الاتفاق يدل على أن هناك أبعادا مختلفة في خلفية المناقشات.