ثابت العباسي.. تركماني يقود وزارة الدفاع ويترأس أكبر تحالف سياسي للسنة بالعراق

يوسف العلي | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

"رجل أعمال، شيخ قبيلة، زعيم سياسي"، كل هذه الألقاب يحملها ثابت العباسي، إضافة إلى منصبه الحالي وزيرا للدفاع في العراق ضمن حكومة محمد شياع السوداني، التي تشكلت في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وهو المنصب المخصص للمكون السني في البلاد.

ووفق العرف السائد في العراق منذ عام 2005، يذهب منصب وزير الدفاع إلى المكون السني، فيما يحصل الشيعة على وزارة الداخلية، وذلك عن طريق ترشيح القوى السياسية لهذه المكونات شخصيات تحظى بمقبولية باقي الأطراف والمكونات الاجتماعية في البلد.  

زعيم سياسي

في 18 يوليو/ تموز 2023، أعلنت أغلب القوى السنية في العاصمة العراقية بغداد، عن تشكيل كيان سياسي جديد باسم "تحالف الحسم الوطني"، استعدادا لخوض انتخابات مجالس المحافظات (المحلية) المزمع إجراؤها بعد خمسة أشهر من هذا التاريخ.

ويضم التحالف الجديد جميع القوى السنية في العاصمة باستثناء تحالف "السيادة" بقيادة خميس الخنجر، وحزب "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وتحالف "العزم" برئاسة مثنى السامرائي.

ووفق البيان الصادر عن التشكيل الجديد، فإنه "جرى اختيار ثابت العباسي رئيسا للتحالف بتصويت مسبق متفق عليه من أعضاء التحالف، وانتخاب أسامة النجيفي أمينا عاما له".

ويضم التحالف 4 قيادات سنية، هم أسامة النجيفي الرئيس السابق للبرلمان، ورئيس حزب "الحلّ" جمال الكربولي، ووزير المالية الأسبق رافع العيساوي، ووزير الدفاع الحالي ثابت العباسي، وأحزاب سنية وقادة سياسيون وزراء سابقون آخرون.

وقال النجيفي أثناء تلاوته بيان التأسيس إن "تحالف الحسم الوطني" يعود إلى الرغبة الجامعة لتحقيق طموحات المواطن العراقي"، داعيا المواطنين إلى "دعم جهود مكافحة الفساد وفوضى السلاح وكل قوة خارجة عن القانون مهما كانت صفتها".

ويأتي تشكيل هذا التحالف الجديد في مسعى من القوى السنية المناهضة لرئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، لتوحيد صفوفها في المحافظات العراقية، خاصة الأنبار التي تعد معقل الأخير الأساسي، قبل خوض انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.

العباسي ترأس قبل ذلك، حركة "حسم للإصلاح" في محافظة نينوى، وشارك في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وحقق فوزا بثلاثة مقاعد، ضمن تحالف "العزم"، بقيادة خميس الخنجر، قبل أن ينسحب الأخير منه، ويصبح مثنى السامرائي رئيسا له.

تركماني القومية

ولد ثابت محمد سعيد رضا خضر بشار العباسي في عام 1963 بقضاء تلعفر في محافظة نينوى (مركزها الموصل)، ويحمل بكالوريوس علوم عسكرية ويجيد التحديث بثلاث لغات (العربية، الإنجليزية، التركية).

وينتسب إلى عشيرة آل بشار هلاي بك العباسيين، وهي أكبر العشائر التركمانية السنية في بلدة تلعفر، فهو أحد شيوخها، ويلقب في مدينته بالشيخ ثابت العباسي، قبل دخوله العملية السياسية في عام 2018 وفوزه بمقعد برلماني.

وفي هذه النقطة يقول العباسي خلال مقابلة تلفزيونية في 18 مايو 2023، إنه "لا توجد عشيرة عباسية تركمانية، ونحن ندعي أننا عرب، لكنننا ولدنا ونشأنا وترعرعنا في مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية، وبحكم الاختلاط مع التركمان أصبحت تركمانيا".

بنو العباس هي سلالة عربية ينحدر نسلها من العباس بن عبد المطلب، أصبحت الأسرة الحاكمة للخلافة، حيث عرف خلفاء بني العباس بكونهم قادة للمسلمين لمدة خمسة قرون (من 750 حتى سقوط بغداد عام 1258).

وتُقسم الخلافة العباسية إلى ثلاث فترات رئيسة: العصر العباسي المبكر (750-861)، والعصر العباسي الأوسط (861-936) والعصر العباسي اللاحق (936-1258).

وتولى ثابت العباسي في الدورة البرلمانية لسنة 2018 إلى 2021 رئاسة لجنة النزاهة، بعدما حصل على غالبية أصوات أعضاء اللجنة، البالغ عددهم أربعةٍ وأربعين عضوا.

وبعد فوزه بعضوية البرلمان في انتخابات عام 2021، حاز العباسي على ثقة البرلمان العراقي في 27 أكتوبر 2022، وزيرا للدفاع في الحكومة الحالية التي يرأسها السوداني، وذلك بعد ترشيحه من تحالف "العزم" بقيادة مثنى السامرائي.

وبتولي العباسي الحاصل على البكالوريوس في العلوم العسكرية، أصبح لأول مرة في تاريخ العراق، وزير الدفاع من مكون التركمان، فهو ضابط سابق تقاعد من الجيش العراقي برتبة مقدم.

وتعرض للاعتقال عام 1998، أثناء حملة للحكومة آنذاك ضد أصحاب المطاحن، وهو كان أحدهم كون عائلته تمتلك عددا من المعامل، وأحيل إلى التقاعد برتبة رائد، إذ كان قد شغل منصب آمر فوج طوارئ في محافظة ديالى.

وقبل عام 2018، كان أحد قيادات جبهة إنقاذ تركمان العراق، ويتمتع بعلاقة وثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وطالما أجرى زيارات إلى أنقرة والتقى به مع باقي الشخصيات السياسية التركمانية.

رجل أعمال

بحكم عمله ورئاسته لشركة "المجموعة العربية المتحدة" تنقل ثابت العباسي للعيش في عدد من البلدان، ومنها دولة الإمارات، والتي يتمتع بعلاقة قوية مع شيوخها، إضافة إلى إقامته في الأردن وسوريا وتركيا.

وتخصص في مجال الصناعة، وشارك في إعادة تأهيل معامل حكومية في كل أنحاء العراق، عبر شركته "المجموعة العربية المتحدة"، حسبما ذكر موقعه الإلكتروني.

وكذلك يشير موقعه الإلكتروني إلى أن ثابت العباسي أسس منظمة "محمد سعيد بشار" الخيرية لدعم النازحين، لاسيما من القومية التركمانية، وعدد من المناطق التي تتواجد فيها القومية ذاتها بالعراق.

وبخصوص اتهامات بأنه يميل إلى تركيا على حساب العراق، قال العباسي خلال مقابلة تلفزيونية في 18 مايو 2023 إنه "لا يساوم على العراق أبدا، وربما أتمتع ببعض العلاقات مع الأتراك، ولكن لا يمكن أن أكون قريبا من الدولة التركية على حساب العراقية".

واشتهر العباسي بزياراته الميدانية المفاجئة، عبر سيارات مدنية وليست خاصة، والتي كان يفاجئ بها الضباط والجنود في مقراتهم بمختلف المحافظات، والتي اتخذ على أساسها قرارات عدة بإقالة مسؤولين عن وحدات عسكرية.

وعن زياراته هذه ونشرها على وسائل الإعلام، قال العباسي إن "التقارير كثيرة تصلنا عن التقصير في هذه الأماكن، لكن إذا لم نلمسها بنفسنا لن نستطيع تحقيق شيء للمقاتلين الذين يعدون رأس مال الجيش العراقي".

وأكد العباسي أنه وجه جميع القادة العسكريين بإجراء زيارات ميدانية للاطلاع بأنفسهم على أوضاع الجنود.

وأنه بدأت تصله مقاطع فيديو مباشرة على تطبيع "واتساب" لهذه الإجراءات التي يقوم بها الضباط بشكل يومي، والاهتمام بمشاكل الطعام والسكن وغيرها حتى يجري حلها.

كما طرح اسم ثابت العباسي لرئاسة البرلمان في عام 2022، عن تحالف العزم السني، منافسا محمد الحلبوسي، الذي أصبح بعدها رئيسا للبرلمان لولاية ثانية، وانسحب الأول من الترشح.

وفي وقتها قال النائب السابق مشعان الجبوري، خلال تصريح نقلته شبكة "رووداو" العراقية في 3 يناير 2023 إن "ثابت العباسي، لا تنطبق عليه شروط الترشيح لرئاسة البرلمان، على اعتبار أنه ليس عربيا سنيا، وإنما تركمانيا، والمنصب هو الأول للسنة العرب، حسب العرف السائد في البلد بعد عام 2003".