تهديدات أمنية.. تعرف على 13 نقطة خلافية على الحدود اللبنانية مع إسرائيل

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تواصل إسرائيل خطواتها الاستفزازية قرب الخط الحدودي بجنوب لبنان، في محاولة للتلاعب بالوضع القائم، واحتلال مزيد من الأراضي حتى لو كان ذلك بالأمتار.

ورغم أن ملف ترسيم الحدود البرية اللبنانية مع إسرائيل مؤجل، إلا أن طرحه على الطاولة عاد من جديد.

يأتي ذلك بعد نجاح الطرفين في توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية بوساطة ورعاية من الولايات المتحدة الأميركية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، عقب مفاوضات طويلة امتدت لسنوات.

13 نقطة خلافية

وكشف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبدالله بوحبيب، أن "طرح الترسيم البري جنوبا جدي"، معتبرا أنه "الحل لمختلف الإشكالات على الحدود الجنوبية، وهو لا يعني التطبيع".

وأشار بو حبيب خلال حديث تلفزيوني في 11 يوليو/تموز 2023 إلى وجود "13 نقطة خلافية على الحدود مع إسرائيل"، مبينا أن هناك "اتفاقا على 7 منها، أما 6 نقاط فتشكل مادة خلاف". 

وهذه النقاط هي عبارة عن بقع جغرافية، أهمهم نقطة B1 الساحلية في منطقة رأس الناقورة على الساحل، فيما بقية النقاط الـ12 تمتد على كامل الشريط الحدودي البري.

وبعض تلك النقاط هي عبارة عن بقع صغيرة والخلاف عليها لا يتعدى الأمتار المعدودة، وبقعا أخرى تصل إلى 2000 و3000 متر مربع، وهناك بقعة تصل مساحتها إلى 18 ألف متر مربع.

وتتوزع النقاط الـ13 على طول الحدود كالتالي، الأولى في رأس الناقورة، والمعروفة بالنقطة B1، ثلاث نقاط في بلدة علما الشعب، نقطة في كل من البلدات الحدودية التالية "البستان، مروحين، رميش، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، العديسة، كفركلا وصولا إلى الوزاني".

وتتفاوت مساحة هذه النقاط وأكبرها في بلدات رميش والعديسة والوزاني، فيما يرى لبنان أن لديه بالإجمال مساحة 485 ألفا و39 مترا مربعا مقتطعة من أراضيه.

ويطالب لبنان باستعادة الجزء الشمالي من بلدة الغجر ومناطق حدودية من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

ومنطقة مزارع شبعا تحتلها إسرائيل ويطالب لبنان بالسيادة عليها، بينما ترى الأمم المتحدة تلك المنطقة جزءا من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967.

أما كفرشوبا فتقع عند سفوح جبل الشيخ الغربية الجنوبية، وهي ضمن مثلث الحدود بين لبنان وسوريا وفلسطين، وقد انسحبت منها إسرائيل عام 2000.

وهي ذات موقع إستراتيجي مهم، حيث تقع بقضاء حاصبيا جنوب لبنان، وتتربع على إحدى الروابي الغربية المنحدرة من جبل الشيخ، لتطل من خلالها على سهل الحولة والجليل الأعلى في أرض فلسطين التاريخية، وعلى قمم جبل عامل جنوبا وغربا.

وتشكل كفرشوبا تهديدا أمنيا على المواقع العسكرية الإسرائيلية في تلال الرمثا والسماقة ورويسات العلم، حيث تتمتع بإطلالة حاكمة من الشمال والشرق.

مناطق إستراتيجية

في عام 2021 صنفت بلدة علما الشعب في قضاء صور على الخريطة السياحية كواحدة من أجمل 20 قرية لبنانية وتسكنها غالبية مسيحية.

أما بلدة مروحين فلا يسكن فيها سوى 10 بالمئة من سكانها، ومعظم من فيها هم من كبار السن، ومنذ أن غادرها الكثيرون لم يعودوا بعدما أسسوا حياة جديدة في الداخل اللبناني.

وبلدة الوزاني تتبع قضاء مرجعيون، وتعداد سكانها نحو 300 نسمة يمتهنون الزراعة وتربية المواشي، وتبعد عن العاصمة بيروت نحو 120 كيلومترا، وهي بلدة سياحية وذات مناظر طبيعية خلابة.

وفيها نهر الوزاني هو أنظف نهر في لبنان، كونه لا تقع على جوانبه بلدات ليتأثر بالنفايات والصرف الصحي، ويشكل النهر الحدود الجغرافية بين جنوب لبنان والجولان السوري المحتل وقد عمد بعض سكان المنطقة لإقامة منشآت سياحية فيها.

وتعد بلدة مارون الراس إحدى القرى اللبنانية التي تتبع لقضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، وتقع على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية الفلسطينية.

وتأتي أهميتها العسكرية من كونها تقع على تلال مرتفعة تطل على العديد من المناطق المهمة في الجنوب اللبناني وشمال فلسطين، وتبعد 120 كم عن العاصمة بيروت.

وأنهت إسرائيل أخيرا بناء سياج وجدار إسمنتي حول كامل بلدة الغجر التي تقع عند المثلث الحدودي ما بين سوريا ولبنان وإسرائيل، ما أدى إلى "فصل هذه القرية عن محيطها الطبيعي التاريخي داخل الأراضي اللبنانية".

ويطالب لبنان باستعادة الجزء الشمالي من بلدة الغجر، بينما الجزء الجنوبي يقع في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967.

واستنكرت وزارة الخارجية اللبنانية في 4 يوليو 2023 محاولة إسرائيل ضم القسم الشمالي من القرية "في خرق واضح لقرار مجلس الامن 1701"، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي وأنهى حرب تموز 2006.

وفي "حرب تموز 2006" بين حزب الله وإسرائيل، أعادت الأخيرة احتلال الجزء الشمالي من البلدة، ومنذ ذلك الحين يطالب لبنان باستعادته.

وبعدما احتلت إسرائيل الجولان عام 1967 وصلت إلى قرية الغجر ولم تحتلها بدعوى أن الأوراق الثبوتية تفيد بأنها لبنانية، وهكذا بقي الأهالي لفترة من الزمن خارج أي سلطة.

لكن عندما طالبوا الجانب اللبناني بفرض السيادة على قريتهم، أشارت السلطات إلى أن الغجر قرية سورية ولا يمكنهم الدخول إليها.

وبعد بضعة أسابيع دخل الجيش الإسرائيلي إلى قرية الغجر، التي تمددت إلى خارج الحدود بين الجولان ولبنان بعد احتلال جنوب لبنان عام 1978، لتنشأ قضية معقدة وتعد إحدى أبرز "القضايا الحدودية" العالقة بين لبنان وإسرائيل، إلى جانب منطقة مزارع شبعا.

وبذلك فرضت قوات الاحتلال سلطتها بشكل كامل على القسمين اللبناني والمحتل من البلدة وأخضعتها لإدارتها بالتوازي مع فتح القرية أمام السواح القادمين من داخل الكيان الإسرائيلي.

لكن مع ذلك فإن بت سيادة الدولة اللبنانية على مزارع شبعا وبلدة الغجر يتطلب إقرارا من سوريا بهذا الأمر، قبل إيداع الأمم المتحدة المستندات المطلوبة لدفع إسرائيل إلى الانسحاب من كل الأراضي اللبنانية.

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بنيامين بن إليعازر، خلال جولة قام بها على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في 15 أغسطس/ آب 2001 من أن إسرائيل "لن تسمح بتغيير الأمر الواقع في قطاع قرية الغجر".

وبحسب ما قال العميد المتقاعد في الجيش اللبناني، بسام ياسين، خلال تصريحات صحفية في 13 يوليو 2023، فإن "سكان بلدة الغجر على الجانب اللبناني، يرفضون الانضمام إلى لبنان".

وأضاف: "هنا يجب حل هذه القضية أيضا فالأرض لبنانية لا يمكن التخلي عنها لأن سكانها يرفضون الانضمام"، مشيرا إلى أن "الخيار قد يكون في ترحيلهم إلى حيث يريدون الانتماء".

حدود مثبتة

والحدود البرية اللبنانية معروفة ومثبتة ومرسمة أصلا وفقا لاتفاقيات دولية موقعة عامي 1923 (اتفاق ترسيم الحدود النهائي بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني المعروف باتفاق (بوليه– نيوكومب) و1949 (اتفاقية هدنة لبنانيةــ إسرائيلية صادقت عليها الأمم المتحدة).

وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، وضع خط وقف إطلاق النار، الذي رسمته الأمم المتحدة ويعرف بـ"الخط الأزرق" ليقوم مقام الحدود بين لبنان وإسرائيل، والذي يبلغ طوله 130 كيلومترا، وحيث تقع 13 نقطة متنازع عليها.

وحينها اعتمدت الأمم المتحدة على إحداثيات خاصة بها دون الارتكاز على الإحداثيات الرسمية الواضحة والصريحة للحدود البرية المحددة منذ عام 1923، و1949 والمسجلة لدى الأمم المتحدة.

وهناك مساحة متنازع عليها بعرض 50 مترا على طول الخط الأزرق، يطالب الطرفان كلاهما أي اللبناني والإسرائيلي بأن تكون لمصلحته، أو بجزئها الأكبر له.

وتضاف هذه المشكلة إلى إشكالية قضم إسرائيل مساحة كبيرة من الأراضي اللبنانية، ما دفع لبنان إلى تسجيل اعتراضه على 13 نقطة حدودية.

ولذلك تحاول إسرائيل في الوقت الراهن جعل الخط الأزرق المستخدم بانتظار ترسيم رسمي للحدود، خط حدود مع لبنان وهذا ما يرفضه الأخير.

والخط الأزرق يبدأ من النقطة B1، والتي تعد بدورها نقطة إشكالية، وهي تبعد ما يقارب الـ30 إلى 40 مترا عن نقطة رأس الناقورة، وتسعى إسرائيل لإزاحة ما يقارب الـ20 إلى 30 مترا في اتجاه الأراضي اللبنانية.

وأكثر النقاط أهمية بالنسبة إلى لبنان هي نقطة B1 كونها منطلق الحدود البحرية، ولهذه النقطة أهمية جغرافية وعسكرية بالنسبة للطرفين حيث تمثل مرتفعا أرضيا يشرف على مساحات واسعة من الجانبين، لا سيما من الجانب الإسرائيلي حيث تؤمن إشرافا نظريا واسعا يصل إلى مدينة حيفا، وهو ما يجعل إسرائيل تتمسك بها.

فيما يطالب لبنان بالسيادة عليها كجزء من أراضيه.

وفقا للدستور اللبناني فإنه "ممنوع التخلي عن أي مساحة أرض لبنانية، ويعد ذلك خيانة، ومخالفة للدستور".

ولا يزال لبنان يطالب بتحرير المناطق المتنازع عليها من الاحتلال الإسرائيلي بصفتها جزءا من أراضيه، وجميع هذه النقاط تقع على خط الانسحاب.

وطرحت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أخيرا مسألة ترسيم الحدود البرية اللبنانية مع إسرائيل من باب خفض التوتر والعمل على تحديد الخط الحدودي لا ترسيمه.

وانسحبت إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 بعد احتلال استمر 22 عاما، ولا يزال الطرفان رسميا في حالة حرب.

وفي العام 2006، شهد لبنان حربا دامية بين إسرائيل وحزب الله استمرت 33 يوما وقتل خلالها 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون و160 إسرائيليا معظمهم جنود.

وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله وعزز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان ودعا إلى احترام كامل لـ"الخط الأزرق" الذي يشكل خط وقف إطلاق النار.

يشار إلى أنه في مطلع عام 2018 بدأت إسرائيل ببناء جدار فاصل على طول الحدود اللبنانية بمحاذاة ما يسمى "الخط الازرق" وبنت في العام المذكور 11 كيلومترا من الجدار.

ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة الإجمالية للجدار 472 مليون دولار، على أن يبلغ ارتفاعه حوالي تسعة أمتار.

ومن ضمن الجدار شبكة من الأسلاك الفولاذية التي تغطي القسم الأعلى منه، على غرار الجدار الذي يفصل الضفة الغربية المحتلة عن إسرائيل، ويأمل الاحتلال أن يمتد الجدار في النهاية على مسافة 130 كيلومترا، أي على طول الحدود.