بعد 12 عاما من الإغلاق.. لماذا قررت كينيا والصومال إعادة فتح الحدود البرية؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أبرمت كينيا والصومال في 14 مايو/ أيار 2023 اتفاقا لإعادة فتح حدودهما البرية في ثلاث نقاط بحلول مطلع يوليو/ تموز 2023، بعدما أغلقت رسميا منذ 2011.

وجاء الإعلان إثر اجتماع في نيروبي ضم وفدين وزاريين من البلدين، وتناول مسائل التعاون على صعيد الأمن والتجارة وانتقال الأفراد.

وقال وزير الداخلية الكيني كيثور كينديكي، في مؤتمر صحفي مشترك إن معبر مانديرا - بولاهاوا الحدودي سيتم فتحه في الأيام الثلاثين المقبلة، يليه معبر ليبوي - هرهار خلال ستين يوما اعتبارا من اليوم، ثم معبر كيونغا - راس كامبوني مطلع يوليو.

وكان البلدان قد أعلنا في يوليو 2022 عن نيتهما إعادة فتح الحدود، لكن ذلك لم يترجم على الأرض في شكل ملموس.

ويبلغ طول الحدود بين كينيا والصومال 700 كيلومتر، وأغلقتها نيروبي رسميا في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 في محاولة لاحتواء الهجمات المسلحة ضد الأراضي الكينية، وخصوصاً عمليات خطف السياح والطواقم الإنسانية الأجنبية، من قبل حركة "الشباب" الصومالية.

ويأتي هذا الاتفاق بينما يواصل الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد "الشباب"، بدعم من مقاتلين قبليين وشركاء دوليين على رأسهم الولايات المتحدة، منذ إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود حربًا شاملة لمواجهة الحركة في أغسطس/ آب 2022.

وفي هذا الإطار، تجيب وكالة الأناضول التركية على 3 أسئلة مهمة حول ملف الحدود الكينية الصومالية.

لماذا تم إغلاق الحدود؟

لطالما مثلت الحدود بين كينيا والصومال الواقعتين شرقي إفريقيا إشكالية منذ سقوط حكومة مقديشو في عام 1991.

وتم إغلاق النقاط الحدودية بين كينيا والصومال في عام 2011 من قبل إدارة الرئيس الكيني السابق مواي كيباكي، في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة الشباب، بما في ذلك اختطاف السياح وعمال الإغاثة الأجانب.

وظلت حركة الشباب تنفذ هجمات ضد كينيا، التي تلعب دوراً نشطاً في عمليات حفظ السلام في الصومال بقيادة الاتحاد الإفريقي منذ عام 2011، وذلك لتجعل لها اسماً معروفاً في الأراضي الكينية.

ومنذ عام 2011، كانت كينيا هدفًا للعديد من الهجمات التي تبنتها حركة الشباب، بما في ذلك الهجوم على مركز تسوق "ويست غايت" في نيروبي في سبتمبر/ أيلول 2013، وجامعة "غاريسا" في أبريل/ نيسان 2015، ومجمع فندق "دوسيت" في يناير/ كانون الثاني 2019.

وأسفر هجوم حركة الشباب على جامعة غاريسا في كينيا عام 2015، عن مقتل 150 شخصًا وسجل على أنه الهجوم الأكثر دموية بالبلاد.

من ناحية أخرى، فقد أكثر من 300 من سكان القرى الكينية أرواحهم منذ عام 2013 بسبب الهجمات التي شنتها حركة الشباب، رداً على إطلاق النار القادم من الجنود الكينيين.

ولم تقتصر هجمات حركة الشباب على شمال كينيا فحسب، بل طالت أيضًا المنطقة الممتدة من لامو في شرق البلاد إلى قلب السياحة الكينية مومباسا.

ما آثار إغلاق الحدود؟

الصومال وكينيا شريكان تجاريان رئيسان في المنطقة، وكذلك شريكان إستراتيجيان ضد حركة الشباب. لذا فإن إغلاق الحدود له آثار متعددة الأبعاد من النواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والتجارية.

حيث أدّى إغلاق المعابر الحدودية إلى إضعاف الأنشطة الاقتصادية والتجارية للسكان الكينيين الذين يعيشون في القرى الحدودية وأثر سلباً على حياتهم الاجتماعية.

حيث لم يتمكن صيادو السمك والتجار من العبور بحرّية من كينيا إلى الصومال. ونتيجة لذلك، تعطلت تجارة صيد الأسماك في مناطق إيشاكاني ورأس كمبوني وساريرا.

وغالبية سكان لامو الكينيين، الذين كرروا مطالبهم بإعادة فتح الحدود، هم تجار يعملون في صيد الأسماك.

وأثَّر إغلاق الحدود سلباً على الحياة الاجتماعية للمجتمعات الحدودية. حيث اضطر سكان كيونغا وإيشاكاني ورأس كامبوني وساريرا في لامو، الذين تزوجوا من صوماليين من كيسمايو ومقديشو، إلى العيش منفصلين عن عائلاتهم أثناء إغلاق الحدود.

وتسبب هذا الوضع في الإضرار بالعلاقات الأسرية على المدى الطويل. 

كذلك، كان المركز الصحي الواقع في كيونجا هو المركز الوحيد الذي يمكن فيه علاج النساء الحوامل والأطفال من الصومال من رأس كمبوني والمناطق المجاورة.

وبذلك لم تتمكن العديد من النساء والأطفال من العبور إلى منطقة كيونغا والاستفادة من الخدمات الصحية مع إغلاق الحدود.

وقد أدى هذا التقييد الواقع بسبب المخاوف الأمنية إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة.

حيث ذكر وزير الأمن الداخلي الصومالي عبد الرزاق محمد عمر في تصريح له أن "معظمهم موجودون بالفعل في كينيا."، في إشارة إلى الإرهابيين المحتملين الذين تسللوا مع اللاجئين إلى الأراضي الكينية.

وبالنسبة لعمر، فإن القيود على الحدود غير مجدية وغير فعالة ضد هجمات حركة الشباب الإرهابية. 

إلى جانب ذلك، فإن المراكز الحدودية، التي أُغلقت في أعقاب الهجمات المتزايدة التي تشنها حركة الشباب على المنطقة الساحلية، تواصل السماح بالاتجار غير المشروع بالمخدرات والبشر.

ما آثار فتح الحدود؟

بالنظر إلى أن بعض الأفراد ذوي الأصول الصومالية لديهم ثقافة مشتركة بسبب كونهم مواطنين كينيين، فمن المتوقع أن يؤدي قرار فتح الحدود إلى تسريع العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية بين البلدين من خلال تطبيعها.

وهذا القرار، الذي يتماشى مع اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تهدف إلى تعزيز التجارة بين بلدان القارة، هو أيضًا خطوة مهمة نحو تطوير العلاقات التجارية والدبلوماسية بين البلدين.

وفي هذا الصدد، سيؤدي القرار أيضًا إلى زيادة تدفق الأشخاص ورؤوس الأموال بين كينيا والصومال وخلق فرص عمل للسكان المحليين.

وهذا القرار سيؤثر بعمق أيضا على الطريقة التي ينظر ويتفاعل بها البلدان مع بعضهما البعض، وسيوفر مكاسب مهمة في مكافحة الإرهاب وإرساء أمن الدولة.

كما ستؤدي إعادة فتح النقاط الحدودية إلى تحسين أمن الحدود ووقف تدفق المواد المهربة المستخدمة في تمويل الأنشطة الإرهابية. وقد تساعد في تبادل المعلومات الاستخباراتية من خلال تمكين الدوريات المشتركة في مكافحة الإرهاب.

وذلك بعد أن وصلت العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وكينيا في عام 2020 إلى نقطة الانهيار بسبب الصراع في منطقة المحيط الهندي حول الحدود البحرية بين البلدين.

ولهذا السبب، فإن فتح الحدود الكينية- الصومالية سيسهل من تطوير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المهيمنين في المنطقة، وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل.