فيلم "الحدود" يُعرض بين مصر والسودان.. قصص مأساوية يرويها نازحون لـ"الاستقلال"

في فيلم "الحدود" السوري الذي أنتج عام 1984 بطولة دريد لحام، والممثلة رغدة، عانى بطلا الفيلم من صعوبة المرور بين دولتين عربيتين لأنهما فقدا جوازي سفرهما، فاضطرا أن يسكنا على الحدود.
يسخر الفيلم من ادعاءات الوحدة العربية والتعاون العربي من خلال "لحام" الذي كان يسافر بين بلدتي "غربستان" و"شرقستان".
وتشاء الصدف أثناء مروره في المنطقة الواقعة بين البلدين أن تضيع أوراقه الثبوتية وجواز سفره، فلا يستطيع العودة إلى بلده المنشأ، ولا دخول البلد الآخر، فيتزوج ويعيش على حدود البلدين، كي لا يتعرض له جنود أي من الدولتين.
هذا الفيلم يكاد يتكرر على الحدود بين مصر والسودان بسبب تدفق اللاجئين على حدود الأولى بسبب الحرب، ومعاناة سودانيين، ترفض القاهرة دخولهم إلا بموجب جواز سفر فقدوه خلال هربهم من المعارك أو تأشيرات، خاصة عند معبر "أرقين".
وكذا وجود مئات المصريين العالقين في مطار وادي سيدنا بالعاصمة، قدرهم أحد أعضاء غرفة العمليات القنصلية في القاهرة لمتابعة المصريين في السودان بـ 600 شخص، رغم إعلان خارجية مصر إجلاء 5327 مصرياً حتى 27 أبريل/نيسان 2023.
ومنذ 15 أبريل 2023، اندلعت في عدد من ولايات السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين.
وعام 2013، تشكلت "الدعم السريع" لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المتمردة بإقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية وحفظ الأمن، قبل أن يصفها الجيش بأنها "متمردة" عقب اندلاع الاشتباكات.
مأساة الحدود
ومثلما اشتكى سودانيون من صعوبة عبر الحدود ودخول مصر كملجأ لهم، انتقد مصريون حالة تخبط كبيرة قبل نقلهم عبر طائرات عسكرية مصرية من مطار وادي سيدنا القريب من الخرطوم تحت إشراف الجيش السوداني.
المهم أن طوب الأرض في السودان قاموا بإجلاء رعاياهم ، دول أوربية وشرقية وعربية وافريقية ، حتى الصومال التي تعيش حربا أهلية ، وجنوب السودان التي لم تولد إلا أول أمس ، أجلوا رعاياهم ، فقط أجهزة السيسي ولجانهم الالكترونية ينشرون هذا الإجراء باعتباره بطولة خارقة تثبت قوة الدولة وعضلات…
— جمال سلطان (@GamalSultan1) April 27, 2023
سودانيون تحدثوا لـ"الاستقلال" عن مأساة العودة عبر الحدود واحتجاز كثيرين في ميناء أرقين البري بين البلدين لـ "أسباب أمنية" على غرار "فيلم الحدود".
إذ تسمح القاهرة بدخول الأطفال والسيدات والرجال فوق خمسين عاما، لكنها تفرض فيزا على الشباب بين سن 16 إلى 50 لدواع أمنية ما دفع بعضهم للتخييم على الحدود وعدم القدرة على العودة لمناطق الحرب أو دخول مصر بسهولة.
مع هذا أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، أن 14 ألف سودانيا و2000 أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية عبروا الحدود من السودان لمصر حتى 27 أبريل 2023. وترتبط السودان بحدود برية مع مصر يزيد طولها على 1200 كيلومتر.
سودانيون عبروا الحدود إلى مصر أكدوا أن معبر "أرقين" البري يشهد حالة فوضى غير عادية ومعاناة بسبب تدفق آلاف السودانيين الفارين من الاشتباكات، فضلا عن هروب مصريين أيضا من الأوضاع.
أكدوا أن جانبا من الازدحام تسببت فيه أنباء عن فتح مصر الحدود مع السودان دون تأشيرة أو تجديد تأشيرات السودانيين ستة أشهر عبر الحدود، وهو أمر غير صحيح، رغم نشر سودانيين عبر مواقع التواصل نموذجا لتأشيرة جرى تجديدها، لحالات خاصة.
"أبو عادل"، وهو اسم مستعار لنازح سوداني، أكد لـ "الاستقلال" أن آلاف السودانيين قطعوا مسافات تقدر بأكثر من ألف كيلو متر حتى يصلوا إلى معبر "أرقين" على الحدود مع مصر.
لكنهم لا يزالون يجلسون على الأرصفة، لأنه غير مسموح بعبورهم إلا بجوازات سفر صالحة وتأشيرات مصرية.
أكد أن المنفذ المصري لا يسمح بدخول أي سوداني ما بين سن 16 و49 عاما إلا بتأشيرة، "وهذا مؤكد من تجربتنا".
لهذا يُصدم كثير من السودانيين حين يصلون المعبر فلا يستطيعون العودة لبلدهم أو دخول مصر فيجلسون على الحدود مثل الفيلم الكوميدي الساخر، وفق قوله.
تحدث عن فوضى شديدة جدا وتكدس لا يطاق ونصح كل سوداني ألا يشد الرحال لحدود مصر إلا لو معه جواز سفر وتأشيرة، مؤكدا أن هناك مأساة للبعض الآخر تمثلت في ضياع جوازات سفرهم وأوراقهم خلال الهروب وبالتالي أصبحوا بلا هوية ما يزيد من صعوبة عبورهم لمصر.
#عاجل الأوضاع في معبر (أرقين) على الحدود السودانية المصرية سيئة للغاية .. تكدس في المعبر يفوق ال 120 بص لأكثر من يوم كامل في إنتظار العبور ، جل ركابها من الأطفال وكبار السن والنساء .. في ظل نقص حاد في مياة الشرب والأغذية في المعبر.#لا_للحرب_في_السودان pic.twitter.com/48309TsAxd
— Mohamed Abdalrhman (@Mohamed05085067) April 26, 2023
وقالت "حبوبه"، وهو اسم مستعار، إنها سافرت قرابة 40 ساعة حتى وصلت إلى الحدود مع مصر، لكنهم فوجئوا بإدخال القاهرة الأطفال تحت سن 16 عاما، والنساء فقط ومن هم فوق سن 50 عاما، وبقي الآخرون على الحدود لعدم حيازتهم تأشيرة. وهو ما أكده مغردون سودانيون من على الحدود.
وتحدث "أبو مؤيد" (اسم مستعار) عن مشكلة أخرى هي فقدان سودانيين جوازات سفرهم أو انتهاء صلاحيتها، وهو ما يمنعهم من دخول مصر.
قال إن عشرات الباصات تدخل يوميا إلى مناطق الحدود خاصة معبر أرقين، تحمل آلاف السودانيين والعرب والأجانب الفارين من الخرطوم ومدن أخرى، والأوضاع في غاية السوء لعدم توافر إمكانيات طبية ولا أغذية ولا رعاية.
أوضح أنه علم بعد أن مكث ثلاثة أيام على الحدود أنه يمكنه السفر إلى وادي حلفا (مدينة في أقصى شمال السودان) ليجدد جواز السفر المنتهي.
كما أنه يمكن الحصول على تأشيرة لمصر ولأبنائه من حلفا شرط وجود جواز سفر، متحدثا عن "عذاب" لمن لا تكتمل أوراقهم لعبور الحدود.
أضاف أنه علم أن أكثر من 100 أتوبيس تحمل سودانيين جرى إعادتهم من المعبر وتحويلهم إلى "حلفا" للحصول على تأشيرة تسمح لهم بالدخول لمصر.
قال إن ما يزيد مأساة السودانيين على الحدود أن شركات الباصات والنقل رفعت أسعار نقلهم إلى المناطق الحدودية لمبالغ خيالية، حيث بلغ سعر الفرد في الاتوبيس من الخرطوم لمعبر أرقين 300 إلى 400 ألف جنيه سوداني (500 دولار كحد أدنى).
إستغلال تام من أصحاب الباصات للأوضاع والمساومه على النفس البشريه ،تقاطع شارع الستين مع جوبا ، وصول سعر التذكرة إلى حلفا 270 الف جنيه ، أرقين 320 ألف جنيه.
— Almigdad_Fathi (@AlmigdadFathi5) April 25, 2023
اليوم 4/25 pic.twitter.com/K3yxtJxuvL
وبين أن أجرة بعض الباصات التي تعد بالسفر إلى أسوان تصل إجمالا إلى 25 ألف دولار بشرط ضمان أن يكون الركاب معهم جوازات وتأشيرات صالحة، وإن كانوا يضطرون معها للمبيت يومين في الصحراء لحين المرور.
وكان موقع "الشرق" السعودي زعم نقلا عن مستشار إعلامي في السفارة السودانية بالقاهرة 25 أبريل 2023 أن سلطات القاهرة أصدرت "تعليمات" بتيسير دخول السودانيين إلى الأراضي المصرية، عبر المنافذ البرية "دون تأشيرة" للجميع.
بحيث يتم التجاوز عن الحصول على تأشيرة دخول للأشخاص من سن 16 عاماً إلى 60 عاماً ومنحهم تأشيرة "دخول فوري" على المعابر، وتجديد جوازات الحدود السودانية وجوازات المسافرين منتهية الصلاحية، ومن لا يحملون أوراقاً ثبوتية 6 أشهر.
وأثيرت شائعات أن السفارة السودانية بالقاهرة أعلنت عن فتح مصر الحدود بلا تأشيرة للجميع لكنها نفت في بيان رسمي ذلك وقالت إنه خبر مفبرك.
وأكد مصدر سوداني بسفارة الخرطوم بالقاهرة لـ "الاستقلال" أن هذا غير صحيح، ما زاد التكدس على الحدود والمبيت في العراء.
قال إن ما حدث هو تقديم مسؤولين بالمعابر السودانية "طلبا" للسلطات المصرية والسودانية بتسهيل العبور وتجديد الجوازات المنتهية لمدة ستة أشهر، وأنه ليس قرارا لأنه لم توافق عليه مصر، رغم تقديمها تسهيلات لعبور البعض.
ودفع هذا القنصل العام للسفارة السودانية بأسوان عبد القادر عبد الله لمناشدة السودانيين الراغبين في الخروج من الخرطوم التوجه الى الولايات والمدن الآمنة داخل السودان بدلا عن التوجه لمصر "لحدوث تكدس كبير للمغادرين في معبري أرقين وأشكيت في الجانب السوداني بمدينة حلفا.
قال لوكالة الأنباء السودانية (سونا) 36 أبريل 2023، إن ما جرى تداوله في وسائل الإعلام بوجود تسهيلات في إجراءات التأشيرات والدخول لمصر والذي ساهم في سفر العديد من الأسر، لا أساس له من الصحة".
أضاف: "هم الان عالقون وتقطعت بهم السبل في ظل أزمة انعدام الخدمات في أرقين ووصول العشرات من الباصات".
أيضا أعلن مدير معبر أرقين "محمد عبد الله وداعة أن "الإجراءات القانونية المتبعة هي حصول العابرين السودانيين لمصر على تأشيرة دخول لأكبر من 16 عاما وأقل من 50 عاما للرجال، ومن هم أقل من 16 وأكبر من 50 عاما لا يحتاجون إلى الفيزا.
ونقل موقع "القاهرة 24" القريب من الجهات الأمنية المصرية 24 أبريل عن "مصادر دبلوماسية محلية" أن ضوابط دخول السودانيين عبر المنافذ الحدودية يكون عبر تواصلهم مع السفارة المصرية في الخرطوم، مع ضرورة توفر جواز السفر ثم الدخول عبر المنافذ الحدودية دون تأشيرة مسبقة".
لكن مراسل قناة "إكسترا نيوز" المصرية التابعة للمخابرات نقل في 26 أبريل 2023 عن "مصدر مسؤول" أنه "لن يتم إصدار أي تأشيرات دخول لحظية من المعابر المصرية لأي جنسية".
أضاف: "من لا يمتلك تأشيرة سليمة من القنصلية المصرية في السودان يعتمدها ضابط جوازات المعابر قبل دخوله للمراجعة الأمنية لن يدخل نهائيا".
وبسبب بقاء سودانيين على حدود مصر عدة أيام وسط التكدس والازدحام الخانق، توفيت ثلاث سيدات ورجال من كبار السن، وفق مصادر سودانية تحدثت من الحدود لـ "الاستقلال".
معبر أرقين في الجانب السوداني: وفاة الحاجة فوزية عزت الاشقر، وتبلغ من العمر ثمانين عاماً، بعد ثلاثة أيام من المعاناة والانتظار بسبب التكدس والازدحام في معبر ارقين الحدودي بين السودان ومصر
— أحمد القرشي إدريس (@ahmadhgurashi) April 27, 2023
مسافرون شكوا من غياب أدني الخدمات من مياه أو غذاء أو مركز طبي في المنطقة..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟… pic.twitter.com/omzXhGCium
دعوات لفتح الحدود
بالتزامن مع موجة نزوح كبيرة للسودانيين نحو دول الجوار هربا من الحرب، وتدفق أعداد منهم على الحدود المصرية، بدأ المصريون يرحبون بهم ويطالبون حكومتهم بتسهيل دخولهم "بلدهم الثاني".
#إلغاء_تأشيرة_دخول_السودانيين_لمصر
— عمو حسام (@3arabawy) April 23, 2023
بلدكم وأنتم أهلنا. أهلا بكم في أي وقت
لكن في المقابل، تحرك صحفيون ولجان إلكترونية تابعة للنظام المصري للتحذير من خطر فتح الحدود (المغلقة) لهجرة السودانيين لمصر، على "الأمن القومي"، وأبدى آخرون عدم الترحيب بالسودانيين بدعوى أنهم سيشكلون "عبئا" مثل السوريين.
الحمد لله السودان بتدمر نفسها ذاتيا والسودانيين بيوصلوا بالسلامة لوطنهم الجديد مصر .. حمد الله على سلامتكم انشالله تنبسطوا مع باقي اللاجئين في مصر التكية.
— ﮼رضوى﮼ (@RadooooRadoooo) April 22, 2023
الأمن القومي يااااا ريس .. #مصر_مش_تكية.. #ضد_توطين_وتجنيس_اللاجيين pic.twitter.com/mk9wnpV0jd
ووصلت الهستيريا لحد تحذير صحفيين مصريين بعضهم موالٍ للسلطة من فتح الحدود لكل السودانيين خشية أن يدخل "إرهابيون" أو آخرون من قوات حميدتي لمصر.
طالما اتفق الاخوان والنشطاء على تاييد دخول السودانيين لمصر بدون فيزا تاكد انه ليس لصالح مصر واكيد سيدخل وسطهم ارهابيين
— Iman Elnahas (@imanahas) April 23, 2023
وسيدعموا الاخوان بالداخل ������ pic.twitter.com/whOJJy3DBO
وقال الصحفي لؤي الخطيب القريب من الأجهزة الأمنية، إن الحدود ليست مفتوحة عشوائيا لدخول السودانيين وهناك "خطوط حمراء" و"متابعة دقيقة من كل أجهزة الدولة المصرية للسودانيين الذين يدخلون مصر".
قلق الناس من موجات النزوح على الحدود الجنوبية منطقي ومفهوم.. وهو مؤشر مهم لتطور الوعي بأبعاد الأمن القومي..
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) April 23, 2023
لكن، وعلشان الناس تطمن، الموضوع مش مفتوح عشوائي زي ما ممكن البعض يتصور، في خطوط حمراء غير مسموح تجاوزها، وفي متابعة دقيقة من كل أجهزة الدولة المعنية للضيوف اللي داخلين..…
وربطت لجان إلكترونية، في بوست مكرر، بين الدعوة لإدخال السودانيين بدون تأشيرة لمصر وبين رغبات مزعومة من جماعة الإخوان المسلمين لذلك وتبنيها الدعوة لأسباب بينها "دس إرهابيين بينهم أو أن يكون مخطط لعمل أزمة غذاء".
الإخوان في الداخل و الخارج و حلفائهم كلهم على نغمه واحده ، يطالبون بإلغاء تاشيرة دخول السودانيين مصر ، كدا فيه حاجه غلط ، ما هو مش معقول اللي بيدعوا على الشعب المصري ليل و نهار قلبهم على الشعب السوداني ، أخشى أن يدس إرهابيين بينهم أو أن يكون مخطط لعمل أزمة غذاء في مصر !! pic.twitter.com/60Nsq6Ahb4
— Mohamed ahmed ahmed (@Moh_abo_khaled) April 23, 2023
وقال سودانيون عبروا الحدود إن غالبية الذين جاءوا إلى مصر لديهم أسر أو أقارب هنا بحكم العلاقات التاريخية بين الشعبين، وأنهم من المستريحين ماديا، لأن النزوح يكلف أموالا كثيرا.
أوضحوا لـ "الاستقلال" أن قدوم آلاف السودانيين لمصر، مؤشر إنعاش مالي للبلاد، وليس العكس لأنهم سينفقون بكثافة على السكن والغذاء والعلاج من مالهم الخاص، ولن يكونوا عبئا على أحد، بل سيفيدون اقتصاد مصر.
وتقول "هيام" وهي مصرية متزوجة من سوداني يقيم في أوروبا، لـ "الاستقلال" إن بعض أصحاب الشقق السكنية المؤجرة بمصر استغلوا، على عكس المتصور، تدفق السودانيين ورفعوا أسعار تأجير المنازل ما شكل أزمة أخرى لهم لأنهم أنفقوا الكثير في الانتقال لمصر.
أوضحت أن كثيرا من المصريين والسودانيين الذين يعيشون في مصر فتحوا أبوابهم لأسر سودانية لتقيم لديهم بسبب ظروف الحرب وارتفاع أسعار السكن.
كما أن الكثير من المصريين العاديين قدموا المساعدة، واستضافوا بعض الأسر السودانية، فما نظم شبان مصريون في الجامعات حملات تبرع لصالح الوافدين السودانيين.
وأكد القائم بأعمال السفارة السودانية بالقاهرة المستشار خالد محمد علي، أن عدد السودانيين في مصر "قد يصل إلى 6 ملايين"، بخلاف 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، وقرابة 22 ألف طالب يدرسون في البلاد.
وبسبب المعاناة على الحدود، عاد الحديث عن سر عدم تطبيق مصر اتفاقية وقعتها مع الخرطوم عام 2004، هي "الحريات الأربع" التي تنص على التنقل والإقامة والعمل والتملك، لكنها لم تطبق كاملة من جانب مصر لأسباب أمنية.
وعقب اندلاع القتال في السودان، تفاعل الكثير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي ودعوا السلطات المصرية لفتح الحدود وتطبيق اتفاقية الحريات الأربع.
ودشن مصريون وسم "#مع_دخول_السودانيين_مصر_بدون_تأشيرة"، ودعوا للترحيب بالشعب السوداني على الأراضي المصرية، ما أثار تعليقات إيجابية من جانب المصريين بحق الشعب السوداني الشقيق.
ويخول الاتفاق الذي أقره برلمانا البلدين في ذلك الوقت، المواطنين المصريين والسودانيين أن يقيموا في البلد الآخر وأن يعملوا ويتملكوا العقارات ويقوموا بكل النشاطات المشروعة.
ظل السودان يطبق من جانبه الاتفاقية منذ عام 2004 ويسمح للمصري أن يدخل السودان دون أي تأشيرة ويعمل ويتملك، ثم قرر معاملة المصريين بالمثل منذ عام 2019.
لذا واجه تنفيذ اتفاقية "الحريات الأربع" بعض العثرات بين الدولتين، لأن مصر ترى أن حرية التملك والتنقل للفئات العمرية ما بين 18 إلى 49 عاما، تمثل تحديا أمنيا لها.
وفي المقابل لجأت الخرطوم للمعاملة بالمثل، وفقا لدراسة لـ "مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية" مطلع أبريل 2018.
وتشير دراسة لمركز "مالكولم كارنيغي" 27 يناير/كانون ثان 2021 إلى أن تطبيق مصر لاتفاقية الحريات الأربع (الحركة، والإقامة، والعمل، وحق التملك لمواطنيهما) كان "انتقائيا".
أكدت أنه يتعين على مصر والسودان تطبيق اتفاقية الحريات الأربع الموقعة عام 2004 بشكل كامل حتى وإن كان تدريجيا مما يسمح بحرية تنقّل أكبر للمواطنين عبر الحدود وإلا ستدفع البلدان ثمنا اقتصاديا باهظا.
وذلك "بسبب القيود المفروضة على العلاقات الحدودية وحركة السكان عبر الحدود، التي شجعت التجارة غير المشروعة وأثرت سلبا على المجتمعات المحلية في المناطق الحدودية".