حسين سلامي.. عسكري إيراني تولى الحرس الثوري فاكتفى بحروب إعلامية
.png)
يتفرد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، من بين القادة العسكريين الإيرانيين في إطلاق "تصريحات نارية"، تجافي الواقع وتبدو استعراضية وللاستهلاك الإعلامي فقط.
ولهذا فإن سلامي منذ أن كان برتبة عميد ويشغل منصب نائب قائد الحرس الثوري، أثار السخرية منه حينما قال إن "إيران قادرة على التخلص من أميركا خلال 12 دقيقة فقط"، وفق ما نقلت عنه قناة "الميادين" في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ومع تخبط النظام الإيراني في احتواء الاحتجاجات المشتعلة منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2022، حاول سلامي إرهاب المحتجين بقوله لهم في أكتوبر: "لا تخرجوا إلى الشوارع، اليوم هو الأخير للشغب".
وتعم الأراضي الإيرانية احتجاجات واسعة فجرها مقتل الشابة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما، بعد ثلاثة أيام من احتجازها داخل فرع طهران لـ"شرطة الأخلاق" في 13 سبتمبر 2022، بدعوى عدم احترام قواعد اللباس التي تفرض على النساء ارتداء الحجاب بإيران.
ووجدت طهران نفسها في مأزق كبير مع عدم قدرتها على إخماد الاحتجاجات كسابقاتها، رغم القمع المفرط وتدخل الحرس الثوري لوأدها، وسقوط العشرات من القتلى المدنيين.
وهو الأمر الذي دفع سلامي، للقول في 16 ديسمبر، إن "جميع الأعداء في العالم شاركوا في الفتنة ضد الشعب الإيراني".
وتابع سلامي: "إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية شاركوا في مواجهة الجمهورية الإسلامية"، حسبما نقلت وكالة تسنيم الإيرانية.
ويبلغ عدد عناصر الحرس الثوري 125 ألف جندي، وقد جرى تشكيله بعيد ما تسمى بـ"الثورة الإسلامية" عام 1979 وفق المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.
ويرتبط الحرس الثوري مباشرة بالمرشد الأعلى علي خامنئي، ويمتلك قوات مشاة وبحرية وجوية خاصة، ويمسك بأجزاء مهمة من الاقتصاد الإيراني، ويتحكم بالبنية التحتية والطاقة.
وتعمل قوات الحرس بموازاة الجيش النظامي الايراني ومهمتها "حماية الثورة الإسلامية وإنجازاتها"، إضافة إلى "حماية الحكم الإسلامي ونشر أهدافه في الخارج".
ومع إعطاء خامنئي الضوء الأخضر لفرقه الأمنية بقمع الاحتجاجات الأخيرة والتنكيل بالمحتجين، استدعى الحرس الثوري، الوحدة (840) السرية التابعة له.
النشأة والتكوين
ولد اللواء سلامي عام 1960 في مدينة كلبيكان غربي إيران، ودرس الهندسة الميكانيكية في جامعة العلم والصناعة عام 1978.
انضم إلى الحرس الثوري الإيراني في بداية حرب الإيرانية العراقية (1980 - 1988)، وشغل منصب قائد فرقة "كربلاء - 25" وفرقة "الإمام الحسين - 14".
وعقب انتهاء الحرب المذكورة، واصل سلامي دراسته الأكاديمية وتخرج بدرجة الماجستير في إدارة الدفاع الوطني العليا، وأصبح عضوا في هيئة تدريسها.
وخدم سلامي في عدة مناصب في الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك رئاسة جامعة القيادة والأركان في الحرس الثوري، وأصبح نائب العمليات في هيئة الأركان المشتركة للحرس الثوري، وقائد القوات الجوية فيه.
وأعلن خامنئي في 21 أبريل/نيسان 2019، تعيين اللواء سلامي قائدا جديدا للحرس الثوري الإيراني، خلفا للواء محمد علي جعفري الذي قاده منذ سبتمبر 2007. وسلامي كان نائبا لقائد الحرس لتسع سنوات.
وقال بيان التعيين الصادر عن خامنئي إنه بالنظر إلى "ضرورة التغيير في قيادة حرس الثورة الإسلامية، ونظرا إلى كفاءتكم وتجاربكم القيمة في الإدارة العامة وتصديكم للمسؤوليات المختلفة في الأجهزة الثورية والجهادية والشعبية لحرس الثورة الإسلامية، قررت منحك رتبة لواء وتعيينك قائدا عاما لحرس الثورة الإسلامية".
وبحسب خامنئي، فإن جعفري نفسه طلب هذا التغيير لرغبته "في الوجود بالحقل الثقافي ولعب دورا في الحرب الناعمة"، وقد جرى تعيينه "مسؤولا عن مقر "بقية الله" الثقافي والاجتماعي".
وجاءت خطوة تعيين سلامي البالغ من العمر 58 عاما، بعد أقل من أسبوعين على تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري "منظمة إرهابية أجنبية" وإضافته إلى اللائحة السوداء.
شخصية المواجهة
ويشتهر سلامي بمناهضته للولايات المتحدة، وقال في إحدى المرات إنه يرحب بالحرب معها.
حتى إنه في أحد تصريحات سلامي عام 2018، قال إن "السبيل الوحيد لمواجهة أعداء إيران هو المقاومة وليس الدبلوماسية".
ولم يكتف بذلك، بل دعا سلامي في فبراير/شباط 2019 القوات الإيرانية إلى "تطهير الكوكب من قذارة وجود أميركا وإسرائيل".
ولهذا عقب تعيينه، ادعت صحيفة جاهان، المرتبطة بالحرس الثوري، أن القادة في إيران يعتقدون أن تعيين سلامي من الممكن أن يرفع معنويات الحرس الثوري، وهو يمثل حقبة جديدة في "مواجهة أكثر وضوحا مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي 16 أكتوبر 2022، حذر قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي من "غزو ثقافي" أميركي لمدارس إيران، وفق تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني للحرس "سباه نيوز".
ومضى يقول: "يبدأ الأميركيون بخلع الحجاب ويعملون على أن تصبح علاقاتنا وأسلوب حياتنا كما الغربيين".
ولطالما حملت تصريحات سلامي وعيدا لإسرائيل ومنها حينما قال إن "تدميرها لم يعد حلما بل هدفا يمكن تحقيقه، لقد بلغنا مستوى القدرة على تدمير الكيان الصهيوني"، حسبما نقل عنه "سباه نيوز" في 30 سبتمبر 2019.
وسبق لسلامي أن نصح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في أكتوبر 2018 بـ "التدرب على السباحة في المتوسط لأنه قريبا لن يكون أمامك خيار سوى الهرب بحرا"، وفق ما نقلت وكالة فارس.
كما نقلت الوكالة عن سلامي قوله إنه باستطاعة حزب الله اللبناني وهو ذراع عسكري لطهران، تدمير إسرائيل، إذ إنهم "ليسوا بمستوى أن يشكلوا تهديدا لنا. الحزب كاف لتدميرهم".
مشرف الصناعة العسكرية
وفي خطوة مثيرة تتعلق بدائرة الاستخبارات للحرس الثوري الإيراني، أقدم سلامي في 23 يونيو/حزيران 2022، على تعيين محمد كاظمي رئيسا جديدا للدائرة عوضا عن حسين طائب الذي شغل هذا المنصب لأكثر من 12 عاما.
لكن سلامي الذي يثق في طائب عينه مستشارا خاصا له، في وقت قتل فيه عدد من عناصر الحرس الثوري في حوادث غامضة بإيران.
وكثيرا ما يظهر سلامي للإعلان عن إنجازات طهران في مجال التصنيع العسكري، ومنها حينما أعلن في 27 يونيو 2021، أن إيران تمتلك طائرات مسيرة يبلغ مداها سبعة آلاف كلم، تقلع وتهبط في المكان نفسه ومن دون طيار.
ووقتها بدا أن سلامي وجه كلامه للولايات المتحدة بأن إيران بات في حيازتها طائرات مسيرة قادرة على العمل ضمن دائرة يبلغ شعاعها 3500 كلم.
وزعم سلامي، خلال كلمة له في المنتدى الـ22 لقادة ومسؤولي بحرية الحرس الثوري في 18 أغسطس/آب 2022، أن "إيران لا شيء ينقصها عن العدو، إذ تمتلك صواريخ متطورة وسفنا بحرية ذات مستوى ثبات عال، ومعدات بحرية أساسية".
وجاء كلام سلامي هذا بعد تصريح ناري في 4 أغسطس 2022، بقوله إن لدى "حزب الله" اللبناني "أكثر من مئة ألف صاروخ جاهزة لفتح باب جهنم على إسرائيل".
ويلعب سلامي على وتر "الحروب الإعلامية"، فحينما كان نائبا للقائد العام للحرس الثوري الإيراني، قال إن لدى بلاده تقنية صاروخية لا توجد في الولايات المتحدة وروسيا.
ونقلت وكالة فارس عن سلامي قوله في 6 فبراير 2018: "إيران أغلقت جميع طرق الحرب العسكرية أمام العدو، وهي حاليا متفوقة في اختيار الأساليب العسكرية للتغلب على مصالح العدو الحيوية".
وساق أمثلة عن إنجازات بلاده التقنية، مبينا أن "شركة (مبنا) بتصنيعها المضخات الهوائية والتوربينات أصبحت من الشركات العالمية المرموقة في هذا المجال، حتى أنها تصنع محركات الطائرات وتعاقدت معها شركة لوفتهانزا" الألمانية.
دعم الأسد
وحول تدخل إيران في سوريا عام 2012 لإنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط إثر الثورة الشعبية، قال سلامي خلال لقاء على التلفزيون الإيراني: "إننا وجدنا الجيش السوري يحتاج إلى قوة سورية مكملة له ونقلنا التجربة الإيرانية في تشكيل قوات الباسيج (التعبئة الشعبية)".
ومضى يقول: "وعلى هذا الأساس دعمنا الجيش السوري من خلال تشكيلات الدفاع الوطني وتدريبها وتسليحها وإدماجها معه"، على حد قوله.
وتمتلك إيران حاليا نحو مئة ألف عنصر مقاتل لها في سوريا جرى تنظيمهم منذ تدخلها عسكريا لوأد الثورة التي تفجرت عام 2011، ولتحقيق حلم طهران بالوصول للبحر المتوسط عبر ترسيخ وجودها العسكري.
وتسببت تصريحات سلامي بسخرية كبيرة منه، لأنه يقول الكلام ولا يلقي له بالا، وكأنه يستخف بالشعب الإيراني.
ففي أبريل 2021، تعرض لحملة انتقادات واسعة من الإيرانيين عقب قوله، إنه في الولايات المتحدة الأميركية تصادر الشرطة بيوت الفقراء وتبيعها، لكن نحن العسكريين في إيران نبني البيوت بالمجان للفقراء، وفق تعبيره.
وقال مغردون، إن الحرس الثوري، يبني تلك البيوت لأتباعه ومرتزقته، في إشارة لتجنيد طهران عشرات آلاف المقاتلين من الهند وباكستان وأفغانستان.
وسبق أن عدّ سلامي عام 2014، أن ما يسمى الثورة الإسلامية في 1979 التي قادها "الخميني"، "تماثل بعثة الرسول" محمد صلى الله عليه وسلم.
وسلامي متهم بقيادة حملة القمع الدامية لاحتجاجات إيران عام 2019 على ارتفاع أسعار الوقود، والتي قتل فيها وفق محكمة في لندن 1515 شخصا.