"أسرار خفية".. لماذا استبدلت الإمارات قبة إسرائيل بمنظومة دفاع أميركية؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا تزال المعلومات التي تتحدث عن تعاون أمني بين الاحتلال الإسرائيلي ودولة الإمارات العربية المتحدة، تتوالى بشكل مستمر منذ أبريل/نيسان 2022، رغم التزام الأخيرة الصمت المطبق حيال ما يجرى، وعدم تفسيرها دوافع اتخاذ مثل هذه الخطوة في الوقت الحالي.

كانت الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تطبع العلاقات مع إسرائيل، بعد مصر والأردن، وجرى توقيع الاتفاق برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في سبتمبر/أيلول 2020، قبل أن تطبع البحرين والمغرب والسودان علاقاتها أيضا مع الاحتلال.

وفي أحدث معلومات عن هذا التعاون الأمني، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة يائير لابيد، نقلت إلى الإمارات بطاريات صواريخ إسرائيلية في لحظة حرجة، لتكون على ما يبدو ضمن محاولات إقامة منظومة دفاع إقليمية.

وأوضحت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن "الصور الجوية التي نشرت نهاية الأسبوع الماضي (نهاية أكتوبر)، كشفت أحد الأسرار الخفية في الشرق الأوسط، والتي تتعلق بنقل إسرائيل في هذه السنة إلى الإمارات بطاريات صواريخ (براك) من إنتاجها، التي نشرت قرب أبو ظبي".

وأشارت إلى أن "نشر هذه البطاريات يضاف لشراء منظومة صواريخ إسرائيلية أخرى من نوع (سبايدر)"، مدعية أن "المنظومات الإسرائيلية استهدفت المساعدة في الدفاع عن الإمارات من تهديد المسيرات الإيرانية، التي يُستخدم جزء منها من الحوثيين في اليمن".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "في أبريل 2022 جرى توثيق حركة استثنائية لطائرات نقل كبيرة بين الإمارات وقاعدة سلاح الجو الإسرائيلي (نفاتيم)"، التي تقع إلى الجنوب الشرقي لمدينة بئر السبع المحتلة على أطراف النقب جنوب فلسطين المحتلة".

وأوضحت: "يبدو أن إسرائيل نقلت مساعدة أمنية للإمارات في الوقت الذي كانت بحاجة إليها بشكل ملح ولم تحصل عليها من دول صديقة أخرى، من بينها الولايات المتحدة".

وزعمت الصحيفة العبرية أن نقل المنظومات الإسرائيلية ضد المسيرات، يعكس توطيد العلاقات بين الطرفين، استمرارا لـ"اتفاقات أبراهام" (التطبيع) التي جرى التوقيع عليها بمبادرة إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قبل سنتين تقريبا".

وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، "تحاول مواصلة العملية التي قام بها سلفه في تشكيل منظومة دفاع إقليمية ضد الصواريخ والمسيرات، لكن في هذه المرحلة؛ الحديث يدور فقط عن تدريبات أولية، وليس عن تعاون شامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية المعادية لإيران".

وأكدت "هآرتس"، أن "المساعدة الإيرانية لروسيا وتوفير المسيرات لحربها في أوكرانيا، زادت القلق من المسيرات والمروحيات الهجومية ووضعتها على جدول الأعمال العالمي، وهذا الأمر وجد التعبير في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن عقدت في نهاية الأسبوع (نهاية أكتوبر) في الهند".

ولفتت الصحيفة إلى أن "الجلسة ناقشت ثلاثة أخطار برزت في الساحة الدولية وهي؛ المسيرات والمروحيات، هجمات السايبر واستخدام العملة الرقمية (الكريبتو)".

ونقلت "هآرتس" عن دودي زكريا، مدير في الذراع التنفيذي في مجلس الأمن لـ"مكافحة الإرهاب" ورئيس قسم الأبحاث فيه، أنه في الجلسة التي عقدت في مومباي وبعد ذلك في دلهي، "بلور المجلس في النقاشات سياسة موحدة وخطة عمل شاملة لتقييد استخدام المسيرات للأهداف الإرهابية".

وأضاف: "المجلس سبق ورأى في 2016 المسيرات تهديدا رئيسا في النضال العالمي ضد الإرهاب، ويوجد هنا شيء جديد ومقلق، التجربة تعلمنا؛ أن كل صراع تقريبا يجلب معه أساليب عمل جديدة".

الاستعداد لإيران

وبخصوص الدافع الحقيقي وراء شراء أبوظبي للمنظومة الإسرائيلية رغم امتلاكها منظومتين أميركيتين، توقع الخبير العسكري المقيم بالإمارات، رياض قهوجي، خلال حديث لـ"بي بي سي" في 31 أكتوبر 2022، أنها قد تكون خطوة للتحصّن من صواريخ وطائرات إيران المسيرة.

وقال قوجي إنه "كان هناك إعلانات سابقة من صحف إسرائيلية عن موضوع صفقات محتملة بين الدولتين لتزويد الإمارات بمنظومة دفاع جوي، إنما حتى الآن لا يوجد هناك أي تأكيد من الجهات الإماراتية حول وجود هذه المنظومات على أراضيها".

وأوضح الخبير العسكري أن "الإمارات لديها برنامج لتطوير قدراتها الدفاعية خاصة ضد التهديدات الجوية مثل الصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة، وشاهدنا هجمات تبناها الحوثيون من هذا النوع على أبو ظبي، وبالتالي هذا يشير إلى وجود تهديد من هذا النوع للإمارات"

وتابع: "أيضا، يعلم الجميع أن إيران تطور قدراتها من صواريخ باليستية وصواريخ جوالة وطائرات مسيرة هجومية، وبالتالي هناك دائما حاجة لتعزيز منظومات الدفاع الجوي للإمارات".

ولفت إلى أن "الإمارات دولة ثرية وتمتلك العديد من المشاريع الحيوية، والتي تعد من وجهة نظر عسكرية أهدافا إستراتيجية حساسة مثل مصافي النفط ومحطات تحلية المياه ومحطات الطاقة الكهربائية".

وعن نظامي "باتريوت" و"ثاد" الأميركيين اللذين تستخدمها الإمارات، قال قهوجي إن "هذين النوعين من الصواريخ مخصصان للدفاع ضد الباليستي أو الطائرات بعيدة المدى، إنما ليسا بأسلحة مناسبة للتعامل مع الصواريخ الجوالة أو الطائرات المسيرة".

وبين الخبير العسكري أن "الصواريخ الجوالة والطائرات المسيّرة بحاجة إلى منظومات تستطيع الاعتراض من مسافات قريبة مثل 200 و300 متر، وهنا يأتي دور منظومات أخرى، وأن منظومة (باراك 8) التي تدعي صحف إسرائيلية أنها موجودة في الإمارات، هي من فئة الصواريخ التي جرى تطويرها للتعامل مع تهديدات مثل هذا النوع".

لكن المعارض السعودي المقيم في لندن، سعد الفقيه، ربط بين نشر منظومة الصواريخ الإسرائيلية في الإمارات وبين انتخابات الكنسيت (البرلمان التي جرت في الأول من نوفمبر 2022، وتوقع فيها فوز بنيامين نتنياهو، ولأن الأخير "توعد بضرب إيران، لذلك فإن أبوظبي مستعدة لهذا الأمر".

وأضاف الفقيه خلال مقطع فيديو نشره عبر حسابه على موقع "تويتر" في الأول من نوفمبر 2022 قائلا: "لو لم يكن هذا الاحتمال واردا لما حرصت الإمارات على أن تنشر الصواريخ الإسرائيلية، للأسف أصبح نشرها في البلدان العربية شيئا مقبولا، بعدما كنا نتنجس منه سابقا".

وجرى تصميم نظام باراك في البداية للدفاع عن زوارق الدوريات البحرية الإسرائيلية من صواريخ العدو بحر-بحر، وتطوير نموذج باراك 8 كجزء من تعاون إسرائيلي- هندي، ويأتي في نسخ بحرية وبرية.

ويوفر النظام الحماية للسفن البحرية وحقول الغاز وحماية للبنية التحتية الإستراتيجية البرية من صواريخ كروز المتطورة والصواريخ الباليستية والمقاتلات الحربية والطائرات المسيرة على مدى يصل إلى 150 كم، وفقا للصحيفة.

وباستثناء البحرية الإسرائيلية، فإن الدول الأخرى التي تنشر النظام هي الهند وأذربيجان، واستخدمتها الأخيرة لاعتراض الصواريخ الباليستية الروسية الصنع التي أطلقتها أرمينيا خلال جولة القتال الأخيرة بين البلدين عام 2020.

مكملة لـ"سبايدر"

لم تكن المعلومات التي كشفت عنها صحيفة "هآرتس"، هي الأولى من نوعها، فسبق أن ذكر موقع "بريكنك ديفنس" العسكري العبري في 19 أكتوبر 2020، نقلا عن مصادر دفاعية إسرائيلية قولها إن "الإمارات نشرت نظام الدفاع الجوي باراك 8".

بدوره، أفاد موقع "الدفاع العربي" في 18 أكتوبر 2020، أن "الإمارات تشغل بالفعل أنظمة الدفاع الجوي باراك 8، والتي نجحت في إسقاط صاروخ باليستي خلال هجوم مليشيا الحوثي في يناير/كانون الثاني 2022".

وأكد أن "قوات الدفاع الجوي الإماراتية يبدو أنها بدأت في سحب بطاريات هوك وأنها استبدلت بها بطاريات باراك 8 الإسرائيلية الصنع".

ونشر الموقع صورة لمكان منظومة الصواريخ الإسرائيلية في الإمارات، وعلق عليها بالقول: "تظهر أحد المواقع بقاذفتين (باراك 8) مع وحدة رادار (إلتا إل – 2084).

ولفت إلى أن "هناك أخبارا حول مشاركة منظومة الدفاع الجوي (باراك 8) في التصدي لهجوم يناير 2022 الذي نفذته مليشيا الحوثي على الإمارات، وهذا قبل ظهور مفاوضات الجانبين حول صفقة محتملة بخصوص المنظومة الإسرائيلية".

وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في 5 فبراير/شباط 2022، أن "الإمارات وإسرائيل تعملان على تسريع جهود التعاون الأمني والاستخباراتي فيما بينهما، بعد سلسلة الهجمات التي استهدفت الدولة الخليجية من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران".

ونقلت الصحيفة الأميركية عن أشخاص مطلعين على القضية القول إن البلدين يناقشان طرقا جديدة لحماية الإمارات من تلك الهجمات، "بما في ذلك بيع أنظمة دفاع جوي إسرائيلية متقدمة".

وأشارت إلى أن الإمارات "رحبت سرا بالعروض الإسرائيلية للمساعدة العسكرية في الوقت الذي تحاول فيه مواجهة سلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار، وراح ضحيتها ثلاثة أشخاص".

وفي أواخر فبراير 2022، دعت الإمارات، جيوش الدول الحليفة إلى العمل معا لبناء "درع" يحمي من خطر الطائرات المسيرة (الدرونز)، بعدما تعرضت الدولة الخليجية الثرية لهجمات الحوثيين في اليمن بصواريخ وطائرات بدون طيار مفخخة.

وفي تقريرها حول شراء الإمارات لنظام سبايدر الإسرائيلي المضاد للطائرات، كانت وكالة "رويترز" البريطانية قد كشفت في 22 سبتمبر/ أيلول 2022 أن الدولة الخليجية اشترت نظام دفاع جوي إسرائيلي آخر لم يذكر اسمه.

ونقلت "رويترز" عن مصادر (لم تسمها) أن إسرائيل وافقت على طلب إماراتي بتزويدها بصواريخ "سبايدر" الاعتراضية التي تنتجها شركة "رافائيل". وتقول الشركة إن الصواريخ يمكنها التصدي للطائرات المسيرة والمقاتلات الهجومية والهليكوبتر وغيرها.

ذكرت الوكالة نقلا عن "مصدرين مطلعين" أن إسرائيل وافقت على بيع منظومة "رافائيل" المتطورة للدفاع الجوي للإمارات في أول صفقة معروفة بين الجانبين منذ تطبيع العلاقات بينهما في 2020.

وأكدت "رويترز" حينها، نقلا عن "المصدرين" أن إسرائيل وافقت على طلب إماراتي في منتصف الصيف بتزويدها بصواريخ "سبايدر" الاعتراضية التي تنتجها شركة رافائيل، لكنهما امتنعا عن تقديم مزيد من التفاصيل بسبب الطبيعة الحساسة للصفقة.

لكن مصدرا ثالثا، قال للوكالة إن الإمارات حصلت على تكنولوجيا إسرائيلية تهدف إلى صد هجمات الطائرات المسيرة مثل تلك التي ضربت أبوظبي في وقت سابق من هذا العام (2022).

فيما امتنعت وزارة الجيش الإسرائيلية وشركة رافائيل المصنعة لصواريخ "سبايدر" عن التعليق. كما لم تعلق وزارة الخارجية الإماراتية على الأمر.

وتقول شركة "رافائيل" إن صواريخ سبايدر يمكنها الدفاع عن مساحات شاسعة من تهديدات تتراوح من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز إلى المقاتلات الهجومية وطائرات الهليكوبتر والقاذفات، ومنها التي تحلق على ارتفاعات منخفضة.

وقالت المصادر لـ"رويترز" إن "البلدين أبرما صفقة الصواريخ الاعتراضية في منتصف الصيف، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة وإسرائيل تدفعان الدول العربية لربط أنظمة دفاعها الجوي للتصدي بشكل أفضل لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية".

وأفادت في يوليو/تموز 2022 بأن "هذا الاقتراح قوبل بمقاومة من بعض الدول العربية التي لا ترتبط بعلاقات رسمية مع إسرائيل، رغم أن مسؤولا إسرائيليا قال إن الدول المشاركة تعمل على مزامنة أنظمتها من خلال اتصالات إلكترونية عن بعد".

وفي المقابل، صرح حينها أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات محمد بن زايد للصحفيين في يوليو 2022 بأن "الإمارات منفتحة على أي شيء يحميها من هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ طالما أنه ذو طبيعة دفاعية ولا يستهدف دولة ثالثة".