"مخدرات طوطو وشيخات الرقص".. هل تتعمد حكومة أخنوش إفساد المغاربة؟
.jpg)
ضجة كبيرة وانتقادات واسعة يشهدها الشارع ومنصات التواصل الاجتماعي في المغرب، جراء توجه الحكومة الجديدة نحو تشجيع "الانحطاط" الثقافي عبر مهرجانات وتصريحات مستفزة.
من علامات ذلك عقد مهرجان فني نظمته وزارة الثقافة نهاية سبتمبر/أيلول 2022، تحدث فيه مغن مشهور عن "تعاطيه" المخدرات خلال حفلاته، كما تلفظ بكلام فاحش على خشبة المسرح دون رقيب.
وشهدت منصات الاحتفال سلوكيات صادمة من بعض المشاركين فى أنشطة المهرجان، في حديث عن أن هذه التصرفات مقصودة، جراء حصولها أمام أنظار الوزارة و"الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري".
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أبدى وزير في حكومة عزيز أخنوش دعمه "الشيخات" (الراقصات الشعبيات)، وتدريس "فنهن" في المدارس، كونه من التراث والهوية.
ابتذال وإساءة
على مدار سبتمبر 2022 شهدت حفلات مهرجان "سهرات الرباط الكبرى" جدلا بسبب فنانين "خرجوا عن النص".
ومن أبرزهم، مغن يدعى "طوطو" حين تحدث في ندوة صحفية في 23 سبتمبر عن تفاخره بتعاطي المخدرات.
ووجه فريق حزب "التقدم والاشتراكية" سؤالا كتابيا في 25 سبتمبر إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، بشأن تنظيم وزارته لنشاط سمح بترويج فكرة "التعاطي للمخدرات".
وتساءل فريق الحزب بالبرلمان عن معايير انتقاء الوزارة للمواد والأشخاص الجديرين بتنشيط الفعاليات والاحتفالات والمهرجانات التي تنظمها، إضافة إلى التدابير التي يتعين عليها اتخاذها لإظهار التنوع والتميز الثقافي للبلاد، والابتعاد عن كل أشكال الابتذال والإساءة إلى صورة الفن والثقافة والإبداع".
وعد "استضافة الوزارة للمغني طوطو ضمن الحفلات ذات الصلة، وتصريحه على الملأ في ندوة صحفية تحت إشرافها، بتناوله المخدرات، مباركة ورعاية لهذا النوع من السلوك الذي من شأنه التأثير سلبا على الناشئة".
وقال الفريق النيابي إن ذلك يجري "في الوقت الذي من المفترض عليها أن تساهم من موقعها في الارتقاء بالذوق الجمالي المشترك للمغاربة، من خلال دعم وإبراز ما تزخر به الساحة الثقافية المغربية من مثقفين ومبدعين ومفكرين وفنانين".
وأكد أنه "كان منتظرا من الوزارة أن تجعل من هذه المناسبة البارزة فرصة للإسهام في إظهار الوجه التحديثي الحقيقي للبلاد، ثقافيا وقيميا وإبداعيا وحضاريا، وفي الحد من تأثيرات الرداءة التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي".
بدوره، وجه النائب البرلماني عن حزب "الحركة الشعبية"، محمد أوزين، سؤالا لوزير الشباب والثقافة والتواصل، بنسعيد، حول ما تضمنه مهرجان "الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية" من فقرات موسيقية "خادشة للقيم والحياء العام".
وأوضح أوزين أنه "كما هو معلوم، يعد الفن تعبيرا راقيا، إلا أن ما حصل مؤخرا في مهرجان الرباط بصفتها عاصمة الثقافة الإفريقية يعاكس الانطباع العام حول الفن وما يحمله من رسائل سامية".
وأشار إلى أن "إحدى السهرات المنظمة في هذا الإطار شكلت مستوى غير مسبوق من الابتذال والإسفاف، إذ تفوه بعض المغنين في الحفل الذي نظمته وزارة الشباب والثقافة والتواصل بفضاء السويسي بالرباط، بعبارات غير أخلاقية وخادشة للشعور العام للمغاربة، لا سيما الشباب واليافعين الذين حضروا".
والمثير، يضيف النائب البرلماني، أن "هذا التصرف النشاز في حفل عمومي عرف انتشارا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن هذا السلوك المبتذل لم يقف عند الحركات الجنسية والكلمات النابية، بل هناك دعاية للحشيش من طرف أحد المغنين في الندوة الصحفية التي نظمت قبل الحفل".
فيما قال موقع "كيفاش" المحلي إن "اللقطات تظهر حجم الاستهتار بالناشئة وإشاعة ثقافة المجون بينها من طرف الجهة المنظمة لما سمي مهرجانا، وهي وزارة الشباب والثقافة والتواصل، التي يرأسها الوزير بنسعيد".
وأضاف في تقرير نشره في 27 سبتمبر أن "الوزير الذي افتخر بكون المهرجانات حطمت الرقم القياسي للحضور، أخفى حقيقة مهمة، وهي لقطات "البورنو الكلامي" التي جسدها المغني الشهير فنيا بـ(الغراندي طوطو)؛ بل تجاوز الأمر إلى سب الجمهور بكلمات نابية وترديد كلام ساقط ومخل بالحياء".
ولفت إلى أن "الأمر لم يتوقف عند المدعو طوطو، الذي قد يقول قائل هو مغني راب، وهذا النمط هو موسيقى شارع أصلا وكلماتها كلمات من شارع، بل تعداه إلى تجسيد مغن آخر يدعى أحمد شوقي، وكذا المغني العالمي الشاب خالد، لحركات جنسية مرفوقة بكلمات نابية أثارت دهشة الحاضرين".
صفاقة بلا حياء
كاتب الدولة السابق المكلف بالتكوين المهني، محمد الغراس، انتقد بشدة وزارة الشباب والثقافة والتواصل على خلفية سلوكات الفنانين الذين أحيوا سهرات في إطار احتفالات "الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية".
وفي تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك"، قال الغراس: "قلة الأدب والاحترام والكفاءة، وقلة الوطنية، وقلة كل شيء، هي شعار هذه المرحلة التي تعيشها بلادنا".
واستطرد: "الحالة أمامنا هي لشخص أعطي له مبلغ محترم لكي يمسح باحترام المغاربة الأرض، و(مغن) آخر حصل على مال سخي لكي يضع راية وطننا العزيز فوق عضوه الذكري".
وتابع الغراس: "ففي أقل من دقيقتين نطق مغني الراب بأكثر من عشر كلمات نابية، والعجيب أن هذا الفيديو لم يصور بهاتف لأحد الحاضرين مثلا، بل جرى تصويره بشكل احترافي ومن طرف الجهة المنظمة".
وشدد على أن "هذا ليس بتطبيع مع السفالة والدناءة، بل التشجيع والتحفيز على الانحطاط بكل تجلياته".
المهرجان لوحده لم يثر ضجة في المغرب، بل وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عبد اللطيف ميراوي، حين أبدى خلال لقاء مع إذاعة محلية في 22 سبتمبر 2022 افتخاره بـ"الشيخات" (الراقصات الشعبيات)، وطالب عقب ذلك بتدريس ما سماه بـ"التراث" للتلاميذ والطلبة في المدارس والمعاهد والجامعات.
وأثارت تصريحات الوزير موجة استهجان كبيرة، وطالبه عدد من المعلقين بالاهتمام "بما يخدم هوية وتراث المغاربة حقيقة لا بما يثير غرائزهم الجنسية".
عضو حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، حسن حمورو، انتقد في مقال نشره عبر موقع الحزب المعارض في 26 سبتمبر تصريحات الوزير.
وقال حمورو: "هكذا بكل صفاقة وبلا حياء، يتحدث وزير في حكومة المملكة المغربية الشريفة ذات الجذور والعراقة".
وأضاف "من أين تسلط هذا الوزير، وأمثاله كثر، على المغاربة؟ ألم يجد في التراث والهوية المغربية سوى الشيخات؟".
وأردف: "هوية المغرب في صلبها الإسلام وقيمه ومبادئه، صقلها ورسخها رجال أشداء شيمتهم الاعتزاز بدينهم، والذود عن حياض الوطن بالغالي والنفيس، وتمثل قيم الحشمة والوقار والعدل والإنصاف".
وتابع حمورو: "يا للعار! هل هذا وزير نستأمنه على نخب المستقبل؟ يريد لهم أن يتعلموا وينشغلوا بتراث الشيخات، لكي يتفرغ هو للتمكين لفرنسا وغيرها ببلادنا، ويتفرغ للصفقات وما يجنى منها.. يا للوقاحة".
وأمام هذه الخروقات الأخلاقية ظلت "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" بالمغرب (حكومية) صامتة دون ردة فعل أو توجيه إنذار أو عقوبات، خاصة أن هذه الأمور تدخل ضمن نطاق عملها.
وتعنى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بمراقبة مدى احترام محطات التلفزة والإذاعات للتعددية، فضلا عن فرض عقوبات في حالة عدم احترام بعض وسائل الإعلام هذه لقانونها المنظم.