التوتر يشتعل بين إيران وأذربيجان من جديد.. ما مكاسب إسرائيل؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رصد موقع "أوراسيا ريفيو" الأميركي، إشارات على تصعيد جديد بين باكو وطهران، بعد أن دعت مصادر شبه رسمية في أذربيجان علنا إلى تحرير الأقلية الأذرية الكبيرة الموجودة داخل حدود إيران.

إذ نشر موقع كاليبر (Caliber) المقرب من الحكومة الأذرية مقالا في 26 أغسطس/آب 2022، حمل عنوان: "لقد حان الوقت. يجب أن تنفصل أذربيجان الجنوبية عن إيران".  

ويُطلق مصطلح "أذربيجان الجنوبية" على المقاطعات التي تقطنها الأقلية التركية الأذرية في إيران.

بداية التوتر

وفي اليوم التالي، نشر موقع حقين (Haqqin)، المرتبط بالأجهزة الأمنية الأذرية مقالا بعنوان: "جنوب أذربيجان يناضل من أجل الاستقلال!".

وجاء في المقال أن "حكومة أذربيجان تملك قوة تعبئة كافية للدفاع عن حقوق مواطنيها، وأن لديها الموارد الكافية لدعم الموجة الجديدة لحركة التحرر الوطني".

وتعد الأقلية التركية الأذرية في إيران الكتلة الأكبر بعد الأكثرية الفارسية الإيرانية، ويقدر عددها بنحو 23 مليون نسمة.

وأشار التقرير إلى أن علاقات باكو بطهران متوترة منذ الحرب بين أذربيجان وأرمينيا عام 2020 والتي انتهت باستعادة باكو أراضيها المحتلة في إقليم "قرة باغ".

فرغم إعلان إيران مرارا دعمها لأذربيجان في استعادة أراضيها التي فقدتها خلال حربها مع أرمينيا في التسعينيات، فإنها تبدو قلقة حاليا بشأن الخطوات المحتملة لباكو التي أصبحت الآن أكثر جرأة.

ويرى الموقع أن التصعيد الأخير مرتبط بتصريحات صدرت عن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في يوليو/تموز 2022، أعرب فيها عن قلقه بشأن نية باكو بناء خط نقل جديد، يربط منطقة ناختشيفان الأذربيجانية لأول مرة بالبر الرئيس لأذربيجان. 

وهو طريق تسميه باكو "ممر زنغزور"، ويمتد على طول الحدود بين أرمينيا وإيران، وله عواقب محتملة على العلاقات التجارية بين الدولتين.

وحاليا، تجري أذربيجان وأرمينيا مفاوضات حول تفاصيل هذا الطريق، لكن السؤال الأهم هو: مَن سيتحكم في حركة العبور في هذا الممر؟ 

ويشير التقرير إلى أن أذربيجان كثيرا ما روجت للممر بعبارات تركية من قبيل: "سيسمح بوصول أكثر سلاسة من البر الرئيس لأذربيجان إلى تركيا، المتاخمة لناختشفان"، الأمر الذي يثير قلق إيران. 

كما هددت أذربيجان بأنها إذا لم تحصل على ما تريده من أرمينيا، فقد تستولي على الأراضي بالقوة.

خط أحمر لإيران

وفي المقابل، يصرح المسؤولون الإيرانيون أنهم لا يعارضون إنشاء الممر الجديد في حد ذاته.

وصرح سفير إيران في باكو، عباس موسوي، في 28 أغسطس/آب 2022، أن بلاده لا تعارض إنشاء ممر زنغزور، لأنها قضية تخص كل من أرمينيا وأذربيجان. 

وأضاف: "مبدأ بلدنا هو أنه لا يصح لدولة ما أن تؤثر على المصالح الوطنية لدولة أخرى بما في ذلك جيرانها".

لكن طهران –حسب التقرير- قالت مرارا وتكرارا إن تغيير الحدود في القوقاز هو "خط أحمر" بالنسبة لها. 

وفي اجتماع 19 يوليو/ تموز 2022، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في طهران، أكد خامنئي على هذا الأمر مجددا.

وقال خامنئي: "بالطبع، إذا كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فإن الجمهورية الإسلامية ستعارض ذلك لأن هذه الحدود طريق اتصال عمره آلاف السنين".

كما عبرت إيران عن دعمها لوحدة أراضي أرمينيا بطرق أخرى، إذ أعلنت أنها ستفتتح قنصلية في مدينة كابان الأرمينية الجنوبية وعينت قنصلا في أغسطس/آب 2022، وهو ما كان "إشارة واضحة" لباكو، حسبما صرح المحلل، سالار سيفالديني، لصحيفة "دنيا الاقتصاد" الإيرانية.

كما أفاد التقرير أيضا في هذا السياق أن هناك ارتفاعا في الآونة الأخيرة للمقالات المناهضة لأذربيجان في الصحافة الإيرانية. 

حتى إن صحيفة إيرانية أعادت إحياء قصة أوردتها إحدى الجرائد الصفراء في إيطاليا قبل 12 عاما، تدعي أن زوجة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، كانت على علاقة مع رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو. 

تسريبات صوتية

وفي 24 أغسطس 2022، نشرت صحيفة يني شفق، المقربة من الحكومة التركية، اقتباسات مِن ما قالت إنه تسجيل صوتي للدبلوماسي الإيراني الكبير، الذي شارك في مفاوضات الاتفاق النووي، أبو الفضل زوهتافند، وهو يدلي بعدة تعليقات عدت مهينة واستفزازية حول أذربيجان.

إذا قال: "يجب ضم إقليم ناختشيفان بالكامل لإيران، هو أحد أعمدتنا. والأرمن حلفاء لنا، لطالما كان الأمر كذلك عبر التاريخ، أما أذربيجان فلا مكان لها. هؤلاء الأذربيجانيون هم في الحقيقة أذريون إيرانيون".

وأضاف المسؤول الإيراني السابق أنه "يجب ضم أذربيجان إلى إيران من جديد، وإذا لم تُضَم فستكون خلية سرطانية تصيب رأس طهران".

ويشير التقرير إلى أن التوتر اندلع بالفعل بين إيران وأذربيجان في عدة مناسبات منذ عام 2020. ففي مايو/أيار 2022، دخل علييف في مشادة علنية مع محلل إيراني اتهم باكو بدعم الانفصاليين الأذريين في طهران.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، أوقفت الشرطة الأذرية سائقَين إيرانيين بتهمة عبور الحدود بشكل غير شرعي، الأمر الذي ردت عليه طهران بإجراء مناورات عسكرية على حدود أذربيجان.

ويعلق موقع "أوراسيا ريفيو" أنه في كلتا الحالتين، بدا أن باكو كانت تعمل بهدوء على تأجيج النزعة الانفصالية، لكن النداءات الأخيرة -المطالبة بتحرير الأقلية الأذرية التي تقطن إيران- هي الخطوة الأكثر صراحة حتى الآن.

فقد اختتم موقع كاليبر (Caliber) الأذري مقاله بهذه العبارات الصريحة: "ربما ينظر إلينا مواطنونا في جنوب أذربيجان في كثير من الأحيان بعين حالمة، وهم يرون التطور المستمر لأذربيجان المستقلة".

وأضاف: "وبذلك، يمكنهم أن يأخذونا مثالا لما يناضلون من أجله. إخوتنا الجنوبيون، نعلم أن بإمكانكم القيام بذلك (نيل الاستقلال). لقد حان الوقت!".

دور إسرائيلي

وأشار التقرير إلى دور دولة الاحتلال الإسرائيلي في هذا الخلاف، كما هو الحال دائما في العلاقات الإيرانية-الأذربيجانية.

فقد نشر سفير دولة الاحتلال الإسرائيلي في باكو، جورج ديك، صورة له على تويتر، في يونيو/حزيران 2022 وهو يقرأ كتابا بعنوان "حكايات تبريز الغامضة".

وتبريز هي عاصمة إقليم أذربيجان الشرقية شمال إيران، وتقطنها أغلبية أذرية.

وأثارت الصورة ردود فعل غاضبة من قبل الإيرانيين، ورأوا أنها تحريض إسرائيلي للأقلية الأذرية التركية على الانفصال عن إيران.

وحينها، هدد السفير الإيراني في أذربيجان، عباس موسوي، نظيره الإسرائيلي، بقوله: "سوف أدفنك". إذ قال: "حبيبتنا تبريز معروفة بأرض الأوائل في تاريخ إيران المشرف". 

وأردف: "على ما يبدو، سيدفن شعب تبريز المتحمس أول صهيوني شرير. لا تتخطى خطوطنا الحمراء أبدا".

وتبع ذلك، مقابلة مطولة لـ"موسوي" مع صحيفة "طهران تايمز"، صوّر فيها العلاقات الأذربيجانية الإيرانية على أنها دافئة، وأن النقطة المؤلمة الوحيدة هي محاولات إسرائيل لدق إسفين بينهما.

وكانت مجلة بريكنج ديفنس (Breaking Defense) قد نشرت مقالا مطولا في 31 أغسطس 2022، شرحت فيه بالتفصيل التعاون العسكري الإسرائيلي-الأذربيجاني، واحتمالية استغلاله ضد إيران.

ومن الملاحظ أن إحدى المنصات الإعلامية التي تديرها الحكومة الأذرية أعادت نشر هذا المقال.

وجاء في المقال أنه "من الواضح أن العلاقات الدفاعية القوية مع أذربيجان تقدم لإسرائيل بعض الفوائد المحتملة، بما في ذلك نشر أجهزة استشعار على الأراضي الأذرية، أو استخدام حدودها الممتدة مع إيران لتمكين الوحدات الإسرائيلية الخاصة من الولوج إلى الأراضي الإيرانية".

 وأضافت المجلة المختصة بشؤون الدفاع أنه "يمكن لأذربيجان أيضا، من الناحية النظرية، أن تعرض مجالها الجوي للطائرات الإسرائيلية لدخول الأراضي الإيرانية إذا لزم الأمر".