رغم الخلافات التاريخية.. لهذه الأسباب تتجه الكويت وإيران إلى تحسين العلاقات
.png)
سلط موقع فارسي الضوء على ما أسماها "المرحلة الدبلوماسية" في العلاقات بين إيران والكويت، والتاريخ المشترك بينهما وأبرز أسباب الخلاف.
وقال موقع "راهبرد معاصر" إن تحسن العلاقات بين البلدين مرتبط بالتطورات الإيجابية بين إيران والسعودية ورفض الكويت التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وملفات أخرى.
وبين أن "طهران أدانت سابقا حملة حزب البعث (الغزو العراقي) على الكويت، ودعم سيادة أسرة الصباح على بلاده الغنية بالبترول".
جذور الخلاف
وعلى الرغم من ذلك، فإن اشتداد التوترات في فترة الصحوة الإسلامية، والخلاف على حقول الغاز المشتركة، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض تسببت في توتر العلاقات بين إيران والكويت.
وجاء ذلك رغم أن إيران كانت من أوائل الدول التي اعترفت رسميا بالكويت في بداية الستينيات، وافتتحت هناك أول سفارة لها عام 1962، وفق الموقع.
وفي السنوات الأخيرة ساءت العلاقات بين البلدين لأسباب عدة. عام 2015 أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن القبض على عدد من الأفراد بتهمة التحالف مع حزب الله اللبناني والتجسس لصالح لإيران.
وعام 2016 أعلن عن حكم بالإعدام لإيراني وكويتي هاربين ضمن القضية التي عرفت باسم "خلية العبدلي"، وسجن باقي الأفراد.
واتخذت التوترات أبعادا دبلوماسية في يونيو/حزيران 2017، وتسببت في قلة أعداد الدبلوماسيين والأنشطة الدبلوماسية للبلاد في طهران.
وبناء على إعلان وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، قررت البلاد وقف فعاليات اللجان المشتركة بين البلدين.
وأغلقت مكتبها العسكري في طهران، وكذلك أوقفت الارتباط الثقافي، ومن ثم قل عدد الدبلوماسيين من 14 إلى 9، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية.
وذكر الموقع الإيراني أن من أهم المواضيع الباعثة على الخلاف بين البلدين حقل الدرة للغاز الذي اكتشف عام 1967، وأعطى للبلدين حق الاستخراج منه.
وأعلنت السعودية، في 13 أبريل/نيسان 2022، الاتفاق مع الكويت بموجب مذكرة تفاهم موقعة في الدولة الأخيرة يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 2019، على الإسراع في تطوير واستغلال حقل الدرة البحري للغاز.
جاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية السعودية، بعد توجيه عدة دعوات خلال السنوات الماضية إلى طهران بشأن ترسيم المنطقة مع إيران، دون رد من طرف الأخيرة.
وذكرت الوزارة أنه بتاريخ 21 مارس/ آذار 2022، اتفقت وزارتا الطاقة السعودية والنفط الكويتية، في محضر الاجتماع الموقع بينهما، على العمل لاستغلال الحقل الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة.
وأكدت كل من السعودية والكويت حقهما باستغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة، وعلى استمرار العمل لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه بموجب المحضر الموقع بينهما بتاريخ 21 مارس 2022.
ووفق البيان، سبق أن وجهت كل من السعودية والكويت دعوات إلى إيران، للتفاوض بخصوص تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة، ولم تلبِ طهران تلك الدعوات.
وجددت كل من السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد، دعوتهما إيران إلى عقد هذه المفاوضات.
وتسبب هذا الأمر في توتر بالعلاقات. وفي مارس، طالبت إيران بما وصفته "حقها الاستثماري" في حقل الدرة للغاز الواقع في مياه الخليج العربي بين السعودية والكويت، وذلك بعد أيام من توقيع وثيقة بين البلدين الخليجيين لتطويره.
واكتشف حقل الغاز المذكور في مياه الخليج عام 1967، ويعد موضع خلاف طويل بين الكويت وإيران منذ مدة طويلة، ويطلق على جزء الحقل الواقع في الكويت "الدرة"، والجزء الواقع في الجانب الإيراني "آرش".
وفي هذا الوقت أرسلت طهران رسائل قاطعة إلى الرياض والكويت، وحذرت بشأن استخراج الغاز من هذا الحقل بدون وجود إيران والاتفاق معها.
تحسن ملحوظ
وفي خضم هذه الخلافات، لوحظ تحسن في الآونة الأخيرة بالعلاقات بين إيران والكويت من ناحية التمثيل الدبلوماسي.
ورأى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الكويت محمد إيراني أن عودة التمثيل الدبلوماسي لدرجة سفير، من خلال تسمية السفير الكويتي لدى إيران بدر عبدالله المنيخ "أمراً طبيعيا لقوة العلاقات الثنائية بين بلدينا، خصوصا في المجال السياسي".
وكشف في 25 يوليو/تموز 2022، عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى الكويت قريبا، وفق ما نشرته وكالة أنباء فارس شبه الرسمية.
وقال محمد إيراني في تصريح لصحيفة "الراي" الكويتية "قدّمت الكويت سفيرها ونحن أبدينا موافقتنا (على اسمه). السفير الكويتي الجديد سيصل إلى طهران في الأيام القليلة المقبلة للتشاور في شأن العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة".
وأوضح أن "العلاقات بين وزيري خارجية البلدين متواصلة وطيبة، إضافة للروابط التاريخية بين شعبي بلدينا"، متوقعا تطور العلاقات نحو الأفضل.
وأكد أن "وجود سفير كويتي في إيران يعد فرصة ممتازة لتطوير العلاقات الثنائية في المجالات كافة، بشكل أسرع، بما يخدم مصلحة البلدين... هذه فاتحة خير إن شاء الله".
كما توقع زيارة بعض المسؤولين الكويتيين لطهران قريبا، بعد زيارة معاون رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية رئيس منظمة حماية البيئة علي سلاجقة.
وأشار إلى استعداد إيران لتقديم الخبرات ونتائج الأبحاث في مجال العواصف الترابية والغبار للدول المجاورة، لا سيما الكويت، وتوقيع مذكرة تفاهم في هذا المجال.
وأردف: "إذا تقدمت المباحثات بين طهران والرياض (التي تتوسط فيها بغداد وعقدت جلسات عدة بشأنها) بخطوات جيدة، ودخلت إلى مرحلة دبلوماسية، يجب حينها انتظار تطوير علاقات إيران مع الكويت، وربما حتى البحرين".
ويعتقد الموقع أن "اقتراب الدول العربية في المنطقة من طهران، يساهم في تحييد مساعي الرئيس الأميركي جو بايدن لضرب أمنها بإقحام الكيان الصهيوني فيها".
ولفت إلى أن ذلك من شأنه تغييب شبح الحرب في منطقة الخليج العربي؛ والذي لم يولد نتيجة لتهديد حقيقي بل من قلب سياسات البيت الأبيض الانقسامية لبيع أسلحتها، وأنظمتها الدفاعية إلى العواصم العربية، وفق قوله.
وبين أن أهل الكويت بخلاف سائر شعوب دول الخليج فإن موقفهم سلبي تجاه تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، واتفاقية أبراهام، "ويمكن أن يساعد هذا الأمر في اقترابها أكثر من ذي قبل لقلب محور المقاومة"، وفق تقديره.
وخلال الأزمة الخليجية عام 2017، أدت الكويت دور الوساطة وسعت لإعادة التقارب بين دول مجلس التعاون، ومن هنا فبإمكان هذه الدولة تشكيل حلقة اتصال بين الكتل في المنطقة والتركيز على تأمين مصالحها القومية.
وفي هذه الأثناء تستطيع إيران والكويت أن تتحرك نحو زيادة التبادل الثقافي والعلاقات الاقتصادية، وذلك لأنها تتمتع بعلاقات تاريخية جيدة، بالإضافة إلى وجود كثافة شيعية جديرة بالاهتمام، وفق قوله.
واختتم الموقع مقالته بأنه: بعد تطبيع العلاقات مع طهران، أصبح بإمكان الكويت أن تنشط في دور الوساطة وجسر التواصل بين إيران والسعودية، وتساعد في حل سوء التفاهم بين البلدين.
ولفت إلى أن السياسة الخارجية نحو دول الجوار محور الحكومة الإيرانية الحالية التي تركز بشكل كبير على تحسين العلاقات مع الدول العربية.
وهذا الأمر "سيساعد على عزل الكيان الصهيوني في المجال السياسي لغرب آسيا؛ بالإضافة إلى تحسين العلاقات الاقتصادية والأمنية الإيرانية مع دول المنطقة"، وفق تقديره.