لماذا نشرت المملكة المتحدة خبراء عسكريين في البوسنة والهرسك؟

تحدثت صحيفة إيطالية عن عوامل ومؤشرات تنذر بعودة التوتر إلى البلقان من بوابة التوترات العرقية في البوسنة وكذلك التجاذبات بين أطراف وكيانات أخرى في المنطقة غير مستبعدة لسيناريو الحرب.
وقالت صحيفة "لا نووفا بوصولا كوتيديانا" إن سكان البوسنة لا يزالون يبذلون جهودا لبناء بلدهم الذي يعيشون فيه بسلام إلا أن مؤشرات عدم استقرار قوية تأتي من كل من كيان جمهورية صرب البوسنة وكذلك كرواتيا.
ظلال الماضي
وبينت أن ظلال الماضي المظلم عادت إلى البوسنة حيث يواصل القادة القوميون تأجيج العداوات العرقية.
وأشارت إلى مرور 27 عاما منذ التوقيع على اتفاقيات دايتون، عندما توسطت الولايات المتحدة في اتفاقية السلام التي أنهت الحرب بين البوسنة والهرسك وصربيا وكرواتيا.
وهي اتفاقية سلام وقعها في عام 1995 قادة أطراف النزاع المذكورة وأنهت ثلاث سنوات من الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة.
كما نص الاتفاق على تقسيم البوسنة إلى دولتين، فيدرالية البوسنة والهرسك وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة.
ولفتت الصحيفة إلى أن البوسنة والهرسك دولة كاملة ولا يمكن فصل أي كيان عنها حتى لو كان يتمتع بالحكم الذاتي إلا من خلال عملية قانونية منظمة.
ووصفت قرار المملكة المتحدة في 30 يونيو/حزيران نشر مجموعة من الخبراء العسكريين في البوسنة بالمفاجئ.
وأفادت بأن القرار جاء بناء على طلب حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويفترض ارتباط الخبراء بالمخابرات العسكرية البريطانية لمواجهة النفوذ الروسي في البلاد وتجنب ''صراعات محتملة جديدة".
وذكرت أن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل كان قد وجه رسالة من سيراييفو في مارس/آذار 2022 "إلى كل أولئك الذين يفكرون في زعزعة استقرار أوروبا ودول البلقان الغربية".
وقال: "رسالتي واضحة: عملية ألثيا، قوة الاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك، هنا لمنع ذلك".
وأردف بوريل أمام وحدات من الجنود في قاعدة بوتمير: "عززنا قدرتنا على الاستجابة بسرعة في حال حدوث أزمة. وسنواصل ردع الجهات التي تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد".
وبحسب الصحيفة الإيطالية، أصبحت البوسنة والهرسك ذات أهمية خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وعلقت بالقول إن "التوترات التي تحدق بالبوسنة تأتي من عدة أماكن وخاصة من كرواتيا، وهي دولة في الاتحاد الأوروبي، وبالتأكيد ليست من روسيا".
وذكرت أنه في 12 يونيو، التقى قادة البوسنة والهرسك مع مسؤولي المجلس الأوروبي، في بروكسل، بهدف بناء "دولة أوروبية سلمية ومستقرة وذات سيادة".
وجرى الاتفاق على عدة نقاط تهدف إلى "تطوير المؤسسات الديمقراطية على جميع المستويات، وإقامة الانتخابات الحرة واحترام سيادة القانون، فضلا عن الالتزام بالمبادئ وقيم الاتحاد الأوروبي".
يأتي ذلك على ضوء الانتخابات العامة المقبلة في البوسنة والهرسك المقرر تنظيمها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تشير الصحيفة.
بعد أيام قليلة من الاتفاق، أوضح زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديك بأنه لم يتخل عن مشروع انفصال الصرب عن البوسنة والهرسك.
وطلب لقاء مع زعماء تركيا وكرواتيا وصربيا وبقية أعضاء المجلس الرئاسي للبوسنة.
إشارات سيئة
ولفتت الصحيفة إلى أنه في مناخ وصفته بشديد الحرارة، يرسل الناتو قوات بريطانية، زاعمة أن ذلك يشكل "إشارة سيئة للغاية، لكنها، للأسف ليست الأخبار المقلقة الوحيدة".
وتشير في هذا السياق إلى إجتماع ثنائي انعقد بين 20 و21 يونيو بين ألبانيا وكوسوفو. ووقع الطرفان حوالي 20 اتفاقية تجارية تؤكد نية "اندماج '' قادم بين البلدين.
لكن أعلن رئيس الوزراء الألباني الاشتراكي إيدي راما عن إجراءات قوية لإسقاط الاتهامات الدولية بشأن جرائم الحرب، بما في ذلك الاتجار بالأعضاء البشرية، التي ارتكبها قادة كوسوفو خلال الحرب مع صربيا، والتي أدانتها بالفعل المحكمة الدولية.
من ناحية أخرى، فشلت القمة الأوروبية لدول غرب البلقان في 23 يونيو فشلا ذريعا، بحسب تعبير الصحيفة الإيطالية.
وتشرح ذلك بأن البوسنة لم تحصل على وضع المرشح، بينما لم يشرع بعد في مفاوضات انضمام مقدونيا الشمالية وألبانيا.
في حين لم يعف مواطنو كوسوفو من تأشيرات الدخول إلى منطقة شنغن، فيما لم تحرز صربيا أي تقدم في متابعة ملف الانضمام المقدم منذ عام 2009.
وبحسب الصحيفة، تشعر جميع هذه الدول بالإحباط الشديد بسبب عدم إحراز تقدم في مسار الانضمام إلى الكتلة الأوروبية وكذلك بسبب "إضاعة الوقت".
تعلن فرنسا، في اللحظات الأخيرة من رئاستها للمجلس الأوروبي، أنها توصلت إلى حل وسط بين البلغار ومقدونيا الشمالية لحيازة الأخيرة صفة مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وترى الصحيفة أن ذلك في حال "النجاح لن يحمل نتائج كبيرة تذكر لأن بلغاريا ستخوض انتخابات مبكرة الخريف المقبل".
والحكومة التي يتزعمها الليبرالي كيريل بيتكوف قد حجبت عنها الثقة، كما تفكك ائتلافه الحكومي في غضون أشهر قليلة، بينما يعيش الشارع انقساما شديدا وتنتشر المشاعر المؤيدة لروسيا بشدة.
اتهمت الصحيفة الإيطالية أوروبا بأنها غير مهتمة تماما بالصراعات المحتملة التي على وشك أن تندلع في البلقان وغير مبالية بجدية التصريحات المثيرة للقلق التي صرح بها الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش.
انتقد الأخير بحدة زعماء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحذر من أن المفاوضات بوساطة أوروبية لإصلاح العلاقات مع كوسوفو معرضة للانهيار، ما قد يؤدي لاشتعال التوترات من جديد في منطقة غرب البلقان.
كما شجب لأول مرة محاولة بريشتينا (عاصمة كوسوفو) التحضير لهجوم عسكري في منطقة ذات الأغلبية الصربية بالبلاد.
واتهم كذلك في الأول من يوليو/تموز، ألمانيا والمملكة المتحدة بدعم مباشر للصراع بين كوسوفو وصربيا الذي قد ينفجر بدءا من سبتمبر/أيلول، وفق ما أفادت به الصحيفة.
في الختام، حذرت الصحيفة من أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تمتد إلى أبواب إيطاليا الغائبة بطريقة غير مبررة عما يحدث من تطورات في البوسنة والبلقان عامة.