صادق الشيرازي.. مرجع شيعي عراقي ينتقد خامنئي وينشر التطرف

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

دعوات المرجعية الشيرازية الشيعية إلى هدم تمثال مؤسس مدينة بغداد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، أعادت إلى الواجهة في العراق الحديث عن المرجع شديد التعصب صادق الشيرازي.

واستنفرت دعوات المرجعية الشيرازية الأجهزة الأمنية العراقية، حيث انتشرت قوة من قوات حفظ النظام أمام تمثال أبي جعفر المنصور في 27 مايو/ أيار 2022، وشكلت حاجزا حال دون الوصول إليه.

وهذه الدعوة هي الثانية على التوالي للجماعة الشيعية المتطرفة بعدما حرضت على هدم التمثال نفسه في يونيو/ حزيران 2021.

ويتهم عموم الشيعة الخليفة أبي جعفر المنصور، بأنه "قتل الإمام جعفر الصادق حفيد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في 25 شوال عام 148 هجرية".

ويتصاعد تحريض المرجع صادق الشيرازي وأولاده ومشاهير تابعيه على هدم تمثال باني عاصمة الخلافة العباسية، مع اقتراب ذكرى وفاة الصادق في كل عام.

وإلى جانب مواقفها الطائفية شديدة العدائية تجاه أهل السنة، ترفض المرجعية الشيرازية التي لها أتباع في إيران والعراق والكويت وعدد آخر من البلدان ذات الوجود الشيعي، نظام ولاية الفقيه بشدة وتنتقد حكم المرشد الإيراني علي خامنئي.

واتسع نفوذ المرجعية الشيرازية بعد الثورة الإيرانية عام 1979، حيث دعم المرجع محمد الشيرازي، الخميني، قبل أن يتصاعد الخلاف بين الشيرازي والنظام الإيراني لاحقا.

إيراني الأصل

صادق الشيرازي (76 عاما) إيراني الأصل ولد في كربلاء بالعراق عام 1942، وهو ثالث أبناء المرجع الشيعي مهدي بن حبيب الله الشيرازي، ويعد حاليا هو مرجع الأسرة الأكبر، حيث أصبح مرجعا للجماعة الشيرازية بعد وفاة شقيقه الأكبر محمد الشيرازي سنة 2001.

لصادق الشيرازي ثلاثة من الأشقاء محمد الشيرازي وحسن الحسيني الشيرازي، ومجتبى الشيرازي. ومن مشاهير هذه العائلة أيضا: محمد حسن الشيرازي الذي قاد ثورة التبغ في إيران عام 1890، ومحمد تقي الشيرازي، أحد المشاركين في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني بالعراق عام 1920.

وجرى تسفير صادق الشيرازي إلى إيران في سبعينيات القرن العشرين، حتى استقر في مدينة قم الدينية، وله قناة فضائية باسم قناة "المرجعية" الفضائية.

يضاف لذلك حوالي 18 قناة فضائية و3 محطات إذاعية تروج لأفكاره، لا تخضع له مباشرة، ولكنها تنتمي لذات التيار العقائدي.

وتلقى العلوم الدينية الشيعية على يد كبار العلماء والمراجع في الحوزات العلمية في النجف وقم، حيث بلغ درجة "آية الله العظمى" وهي أعلى درجة علمية يصل إليها رجل الدين الشيعي.

ويقدم صادق الشيرازي دروسا في الفقه منذ أكثر من عشرين عاما، حيث كان يقيم في دولة الكويت، لكنه اليوم يستقر في مدينة قم الإيرانية ويدرس الفقه والأصول ويحضره الكثير من أتباعه من رجال دين ممن ينتمون إلى المدرسة الشيرازية.

وللشيرازي أربعة أولاد، هم: علي وحسين وأحمد وجعفر، ويعد حسين، المولود عام 1970، من أبرز أبنائه، إذ اعتقلته السلطات الأمنية الإيرانية أكثر من مرة، كان آخرها في عام 2018، حيث تعود الأسباب إلى محاضرة تحدث فيها عن "الظالمين وحكمهم الجائر في بلاد الإسلام"، حسبما نقلت مواقع إيرانية.

معارض للنظام

ورغم أن المرجع الشيرازي مقيم في إيران، وكان والده قد دعم عام 1979 صعود "روح الله الخميني" إلى السلطة، وإعلان نفسه مرشدا للثورة في إيران التي أطاحت بحكم الشاه، لكن يعد صادق الشيرازي حاليا من ألد الأعداء لنظام ولاية الفقيه في إيران.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017 يصف "حسين"، نجل المرجع "صادق الشيرازي"، الخميني بالفرعون في حديثه عن سمات النظام الفرعوني، ضاربا المثل بممارسات نظام ولاية الفقيه، ومشيرا إلى "استخدامها في خداع الناس وإخماد أصوات المعارضين وتكميم أفواه كبار العلماء المخالفين لها".

وينتقد الأمر بقوله: "مبدأ أنا ربكم الأعلى وهذه طريقتكم المثلى يتجلى في ولاية الفقيه، هذه البلاد الآن قائمة على هذا المفهوم بقضها وقضيضها"، وبذلك يعبر "حسين" عن رأي والده صادق الشيرازي بنظام ولاية الفقيه.

وفي عام 2013، اعتقلت محكمة رجال الدين في إيران، "حسين"، دون ذكر أي أسباب، ما أثار غضب الشيرازيين لدرجة أنهم هددوا بتنظيم مظاهرات مسلحة أمام مقر السفارة الإيرانية في بغداد، والقنصليتين الإيرانيتين في النجف وكربلاء، وهددوا بحرقها في حال تم إيذاؤه أو لم يتم الإفراج عنه خلال 24 ساعة.

وهددوا بحرب مفتوحة واستهداف المصالح الإيرانية في بقاع شتى، وبالفعل أفرجت السلطات الإيرانية عنه بُعيد تهديد الشيرازيين.

وأعلن صادق الشيرازي أن سلطات النظام أصدرت حكما بالسجن 120 عاما ضد نجله حسين الشيرازي، الذي جرى اعتقاله، عندما كان برفقته في مدينة قم وسط إيران.

وأبدى الشيرازي خلال درسه لعدد من طلاب العلوم الدينية في قم، بتاريخ 10 مارس/ آذار 2018، امتعاضه من طريقة اعتقال نجله والتهم التي وجهت إليه. 

وتساءل: "لقد اعتقلوا ابني بسبب قضية سياسية، وحكموا عليه بالسجن لمدة 120 سنة، ولدي لم يكن سارقا أو قاتلا، فهو انتقد فقط سياسة الحكومة". وأضاف: "ماذا يعني هذا الحكم، في دولة إسلامية؟"

مرجع متطرف

يعد الشيرازي أحد أكبر المراجع الشيعية تطرفا، إذ إن رجال الدين التابعين له، منهم مجتبى الشيرازي وياسر الحبيب، مثالا فاقعا في سب صحابة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) جهارا، كونه لا يؤمن بالتقية في إظهار هذه العقائد بل يروج لها وأتباعه عبر فضائياتهم التي أغلقت إيران العشرات منها عام 2014.

وتهاجم جماعة صادق الشيرازي كل من يدعو إلى التقارب مع السنة، ويستقطبون الأصوات الشيعية المتطرفة ولهم ماكينة إعلامية ضخمة تحتل حيزا كبيرا في الإعلام الشيعي الحماسي ولهم أنشط الفضائيات في إيران والأكثر انتشارا في العالم الشيعي.

وبدأ الشيرازيون أخيرا في صراعات إعلامية مباشرة مع حزب الله وإيران منذ أربع سنوات، الأمر الذي يعده أنصار ولاية الفقيه خيانة للتشيع الذي تقوده إيران بالمنطقة.

ويرى بعض رجال الدين مثل المرجع كمال الحيدري أن بعض القوى العالمية تستغل الشيرازيين وخطابهم المتشدد لإشعال الحرب الشيعية السنية بالمنطقة.

ومنذ حادثة اقتحام سفارة إيران في لندن- عقب اعتقال حسين الشيرازي عام 2018- بدأت وسائل إعلام إيرانية خاصة تلك القريبة من الحرس الثوري بهجوم عنيف ضد التيار الشيرازي ووصفته بـ "التشيع البريطاني".

وكتب صادق الشيرازي عددا من الكتب المختلفة في الفقه والأصول والتاريخ والثقافة الإسلامية الشيعية العامة ومن كتبه: "بيان الفقه، شرح العروة الوثقى، حاشية العروة الوثقى، بيان الأصول، شرح اللمعة، وتوضيح شرائع الإسلام".

ومن كتبه أيضا: "شرح تبصرة المتعلمين، شرح السيوطي، شرح الصمدية، شرح العوامل، القياس في الشريعة الإسلامية، صلاة الجماعة ومنزلتها في الإسلام، والموجز في المنطق".

وللشيرازي العديد من المؤلفات العقائدية، منها: "المهدي سلام الله عليه في القرآن، المهدي سلام الله عليه في السنة، أهل البيت سلام الله عليهم في القرآن، الشيعة في القرآن، حقائق عن الشيعة، علي سلام الله عليه في القرآن، فاطمة الزهراء سلام الله عليها في القرآن".

ومن المؤلفات الفكرية للشيرازي: "الربا المشكلة الاقتصادية القائمة، تمهيدات في الاقتصاد الإسلامي، السياسة من واقع الإسلام، الخمر كوليرا المجتمع، مساوئ السفور، قصص توجيهية، العقوبات في الإسلام، الإصلاح الزراعي في الإسلام، والطريق إلى بنك إسلامي".

ولديه أيضا، العديد من المؤلفات في الأحكام منها: "الصوم، مناسك الحج، المسائل الإسلامية، منتخب المسائل"، ومن المؤلفات التاريخية: "مالك الأشتر النخعي، الشهيد الأول، الشهيد الثاني، الوالد".