"يصنع إنسانا محتاجا".. هكذا يرى ناشطون الحد الأدنى للأجور في سلطنة عمان

مسقط - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

طالب ناشطون عمانيون على تويتر، حكومة بلادهم برفع الحد الأدنى للأجور البالغ قيمته 325 ريالا (نحو 845 دولارا) مقابل 24 ساعة عمل في الأسبوع أو 9 ساعات عمل في اليوم، وفق ما أقره مجلس الشورى العماني عام 2013.

وكان وكيل وزارة العمل بعمل النقابات العمالية، نصر بن عامر الحوسني، قد أعلن خلال احتفالية "يوم العمال العالمي" مطلع مايو/أيار 2022، وجود لجنة للحوار المجتمعي لمراجعة الحد الأدنى للأجور.

وأوضح أن اللجنة تتكون من ثلاثة أطراف مشتركة، وهي الحكومة واتحاد العمال وغرفة تجارة وصناعة عمان، مشيرا إلى أنه سيتم دراسة موضوع الحد الأدنى للأجور من خلال لجنة فنية مشكلة من هذه اللجنة في الاجتماعات القادمة والوصول إلى توافق بين جميع الأطراف.

وفي 9 مايو/أيار 2022، أكد الحوسني، أنه تم مراجعة الحد الأدنى للأجور في الاجتماع الأول من قبل اللجنة وسيتم دراسته في الاجتماع الثاني، موضحا أن من أهم المعطيات عند مراجعة الأمور المتعلقة بالأجور هي التضخم.

الناشطون على تويتر، تحدثوا عبر تغريداتهم على وسم #الحد_الأدنى_للأجور، عن ضرورة طرح الحكومة خلال قيامها بحوار مجتمعي لدراسة الأجور، استبيانا للجمهور حول الراتب الذي يمكن أن يوفر حياة كريمة واستقرارا للموظف.

وأكدوا أن قرار الأجور 2013 "جائر وظالم" بحق المواطن، لافتين إلى أن الأزمات التي خلفها طالت الموظفين الحاليين والسابقين، والباحثين الذين أصبحوا على أبواب التوظيف، وتسببت في تسريح العمالة الذين سيرجعون بعقود جديدة بـ325 ريال (نحو 845 دولارا) وضياع سنوات خبرتهم.

واستنكر ناشطون تجاهل الحكومة العمانية لارتفاع نسب التضخم الذي بلغت معدلاته بنهاية مارس/آذار 2022 (حوالي 3.6 بالمئة)، والإبقاء على الأجور منذ تسع سنوات كما هي دون رفعها بما يتماشى مع الظروف الاقتصادية، وحملوها مسؤولية معاناة الشعب واتهموها بعدم الرغبة في تغيير القرار.

وطالبوا وزارتي المالية والعمل، بإيجاد حلول جذرية لرفع مستوى الحد الأدنى الأجور، حيث يدفع ذلك بعجلة العمل إلى مزيد من الحيوية على صعيد الموظف والمؤسسة على حد سواء، كما سيكون محركا للتنمية في السلطنة، مستنكرين فشل مجلس الشورى في حل الأزمة.

الأجور المطلوبة

وأكد ناشطون أن متوسط الحد الأدنى للأجور لا يتماشى مع ارتفاع الأسعار والضريبة المضافة وباقي الاستقطاعات المفروضة عليه، مشيرين إلى أن المواطن يعيش في فقر وديون وحياة غير مستقرة، مطالبين برفع الأجور ليتراوح الحد الأدنى ما بين 700 إلى 1200 ريال (1880 إلى 3100 دولار).

عضو اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، محمد سليمان الهنائي المخرومي، رأى أن 800 ريال (نحو 1050 دولارا) هو المبلغ الذي سيجعل العوائل مستقرة وتستطيع أن تعيش حياة كريمة، لأن "حجم الإنفاق الشهري في الأساسيات (الكهرباء، الماء، الوقود) أصبح يفوق رواتب البعض حاليا!".

وأكد أن ارتفاع قيمة الراتب ستنعش السوق وستزيد القوة الشرائية وستحرك دورة المال في السوق المحلية.

 وأوضح ماجد البريكي، أن "325 ريالا لا تساوي شيئا في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية الأساسية التي تدركها الحكومة جيدا"، متسائلا: "كيف يمكنني تقسيم 325 ريالا على الكهرباء والماء والمعيشة ناهيك عن باقي أمور الحياة".

وطالب الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور.

وأكد الكاتب الصحفي، علي بن سالم الراشدي، أنه "إذا كان الهدف من التوظيف هو الاستقرار وفتح بيت للموظف فإن راتب 325 ريالا لن يحقق ذلك أبدا حتى يلج الجمل في سم الخياط".

وتابع: "أما إذا كان الهدف هو استقرار وأمان فإن رفع الحد الأدنى أصبح ضرورة بحيث لا يقل أدنى راتب على 700 ريال للجامعي و500 ريال للثانوية".

محاسبة المسؤولين

وصب ناشطون غضبهم على الحكومة والمستشارين والمسؤولين عن إصدار القرار إبان إعلانه في 2013، واتهموهم بالفشل الإداري وعدم الشعور بحاجة المواطن، والبعد عن الشعب والعيش في رفاهية مطلقة، مطالبين بمحاسبتهم على ما تسببوا فيه من معاناة للشعب.

أحمد المعمري تساءل: "لماذا لا يتم محاسبة هؤلاء المسؤولين الذين يصدرون قرارات وهم في كراسيهم، لأنه لو كان المسؤول له زيارات وطلعات ميدانية لما وضع الحد الأدنى للأجور براتب 325 ريالا، لكن أنتم لا تعرفون معنى الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار لأن كل شيء يصلكم إلى منازلكم".

وقال الباحث الاجتماعي، يوسف الزدجالي، إن "الحد الأدنى للأجور لا يعني أن تصنع إنسانا محتاجا غير قادر على تغطية فواتير الحياة الأساسية"، مضيفا: "هذا ليس الحد الأدنى للأجور.. هذا هو الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة". وطالب المغرد المعلولي، أحد المسؤولين المعنيين بتفنيد توزيع راتب 325 ريالا لشاب أو شابة، أو إنسان أو إنسانة؛ ساخرا بالقول: "ربما أنا لا أفهم احتياج (الإنسان) المأكل والمشرب والصحة والهاتف والإيجار، ورعاية الأهل، وبناء منزل وشراء أرض وسيارة والزواج وتكوين أسرة؟". وكتبت فاطمة عبدالله: "عندما يعجز المسؤول عن اتخاذ أي قرار يخص المواطن ومعيشته، هنا نقول له قف عن كل قرار قد يؤذي شعبا بأكمله، فعندما يصعب تغيير ما تم وضعه سابقا لا بد أن تكون لكم نظرة أخرى تعادل ذاك الحد من الأجور بعدد أيام العمل، لذا أنا أرى أن راتب 325 هي أجر عمل 3 أيام في الأسبوع فقط".

فشل الشورى

واستنكر ناشطون فشل أعضاء مجلس الشورى في إلغاء قرار الحد الأدنى للأجور وتعديله وفق ميزانيات وأرقام عادلة تضمن للمواطن العماني حياة كريمة، مشيرين إلى أن جميع الأعضاء ضد القرار لكنهم بلا صلاحية تمكنهم من التغيير أو مساءلة من أصدره.

وكتب أمين سر الجمعية العمانية للأشخاص ذوي الإعاقة، حمدان العدوي: "مع احترامي لكل أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، إن لم يتم تعديل الحد الأدنى للأجور ولم تستمع الحكومة إليهم فمن الأفضل لهم ولنا تعليق عمل المجلس أو الاستقالة الجماعية، فلا يعقل أن تكون لهم الامتيازات والرواتب العالية وغالبية المواطنين على حافة الفقر".

ودعا أبو حمد، مجلس الشورى "ليكون له موقف، لأن تحديد الراتب 325 ريالا أصبح مقلقا لدى الجميع"، مطالبا السلطان هيثم بن طارق، بأن يلغي الحد الأدنى. وقال محمد الهمروشدي، إن "الحد الأدنى للأجور من أهم المواضيع المفروض ألا يسكت عليها من جانب مجلس الشورى.."، متسائلا: "كيف تم الموافقة عليه حين إصداره؟".

استغلال القرار

وأكد ناشطون أن "جهات العمل استغلت قرار الحد الأدنى للأجور بطريقة سلبية أضرت بالعامل وجعلت نسبة كبيرة من العمالة تنضم لقائمة المسرحين من وظائفهم لأن الشركات تستبدلهم بعمالة جديدة بذات الحد الأدنى للأجور"، متهمين الحكومة بــ"عدم الرغبة في الحل".

وقال راشد البلوشي، إن "أكبر خطأ اتخذته الحكومة في حق المواطنين هو قرار تخفيض الأجور، وكانت النتائج كارثية من استغلال الشركات هذا القرار لصالحها، حتى أصبح أغلب الموظفين في القطاع الخاص بعد هذا القرار مسرحا أو مهددا بالتسريح".

وأكد الخبير المالي والإداري، خالد بن سليمان السليماني، أن "الحد الأدنى للأجور إذا كان مرتفعا سيؤدي إلى ارتفاع دخل أصحاب الدخل المنخفض والحد من عدد الفقراء الكادحين إلى جانب ردم الفجوة بين الغني والفقير، ولكن الحكومة غير راغبة في رفعه لأسباب واهية، منها ارتفاع التضخم وخوفا على تضرر الشركات بسبب ارتفاع الراتب". وحثت مواطنة تدعى "أم ريان"، الحكومة على تحمل مسؤولية تبعات تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور، والسرعة التي اتخذ فيها دون مراعاة تبعاته من مشاكل اجتماعية واقتصادية، وما ترتب عليه من ظلم كبير للعامل والأسرة وفقدان الثقة في الحكومة التي اختل ميزانها.