أختام أمنية وتدريبات وعتاد.. تعاون البحرين وإسرائيل يقرب المواجهة مع إيران

أحمد يحيى | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

العلاقات المتقدمة الأمنية والاستخباراتية بين البحرين وإسرائيل، باتت تفرض نفسها على الساحة الخليجية، مع تحول العاصمة البحرينية المنامة إلى مركز رئيس للنفوذ الاستخباراتي والأمني الإسرائيلي بالشرق الأوسط. 

فمع استضافة المنامة مراسم توقيع البيان المشترك لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البحرين وإسرائيل في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، حصلت إسرائيل على موطئ قدم حساس في منطقة الخليج على مقربة من إيران. 

وأشار هذا التطور إلى انقلاب إستراتيجي في العقيدة السياسية للأنظمة الخليجية، التي كانت تعتبر إسرائيل عدوها الأكبر، والخطر الداهم المهدد لها، لكن مع انزلاق البحرين والإمارات إلى فخ التطبيع، تبدلت الأوضاع، ووصلت إلى حد تعاون استخباراتي وثيق على جميع الجوانب.  

الأختام الأمنية 

وكشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في الشؤون الاستخباراتية، في 21 مارس/ آذار 2022، عن تعاون جديد بين تل أبيب والمنامة، بإتمام صفقة للأختام الأمنية.

والأختام الأمنية هي وسيلة لها استخدامات متعددة، بداية من فحص الوثائق فحصا جنائيا تحليليا، وصولا إلى الكشف عن المجرمين، وتأمين الأكواد الأمنية بالغة الحساسية، مع تطبيقها في العمليات والأبحاث الاستخباراتية الدقيقة. 

وبحسب المجلة يخطط الطرفان الإسرائيلي والبحريني لإجراء تدريبات مشتركة أيضا في إطار صفقة دفاعية، وقعها رئيس الأركان البحريني ذياب بن صقر النعيمي مع نظيره الإسرائيلي أفيف كوخافي خلال زيارته إلى المنامة في 9 مارس 2022. 

وأضافت المجلة أن البحرين ستشتري عتادا إسرائيليا متقدما بما في ذلك رادارات وأجهزة استشعار بحرية وصور أقمار صناعية.

وشرحت أن ذلك يأتي في إطار استكمال الاتفاق الأمني والاستخباراتي بين الطرفين، بعدما أدى أخيرا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس وزرائه نفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس، زيارات إلى المنامة في فبراير/ شباط 2022. 

اتفاقية عسكرية 

وخلال زيارته إلى المنامة، وقع وزير الدفاع الإسرائيلي اتفاقية دفاعية مع البحرين شملت التعاون في مجالات الاستخبارات وشراء المعدات والتدريب. 

وهي خطوة غير مسبوقة لإسرائيل مع دولة خليجية منذ تطبيع العلاقات، ورأى غانتس أن مذكرة التفاهم ترتقي بعلاقة البلدين إلى "آفاق جديدة" على حد وصفه. 

وفي 5 فبراير/ شباط 2022، ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه "بحسب تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي، فإن توقيع مذكرة التفاهم الأمنية بين الجانبين سيسمح بإضفاء صبغة رسمية على إجراءات التعاون الإستخباراتي ولقاءات ضباط كبار، وهي إجراءات كانت سرية في الماضي".

وأضافت: "أن أبعاد التعاون الأمني بين الجانبين سيؤدي إلى تبادل معلومات إستخباراتية وحراسة الملاحة في البحر الأحمر والخليج، والتحذير من تهديدات، مع إقامة تدريبات عسكرية مشتركة". 

 كما أكد وزير دفاع دولة الاحتلال "نحن على استعداد للمساعدة والمشاركة في الأنشطة العملياتية المشتركة، من أجل ضمان الاستقرار وحتى يتمكن أصدقاؤنا من الاستمرار في الوجود والازدهار بشكل آمن، وسنكون أيضا محميين بشكل أفضل من التهديدات المختلفة التي تواجهنا".

الموساد حاضر

الصدمة في التطورات القوية بين تل أبيب والمنامة، لم تقف فقط عند الاتفاقيات، وإعلان التعاون، بل بلغت الاعتراف الفج بأنشطة جهاز الإستخبارات الإسرائيلي "موساد" القائمة في البحرين.

إذ صرح نائب وزير الخارجية البحريني عبدالله الخليفة، في 21 فبراير 2022، على هامش جلسة مؤتمر ميونيخ للأمن، والتي حضرها غانتس، بأن "جهاز الموساد موجود بشكل رسمي وعلني في البحرين". 

وأضاف أن "هناك تعاونا إستخباراتيا بين البحرين وإسرائيل، والموساد موجود في البحرين وحاضر في المنطقة".

وشدد المسؤول البحريني على أن "وسائل الإعلام الرسمية في المنامة أعلنت أكثر من مرة عن استقبال مسؤولين من الموساد في البحرين، واعتبر أن التعاون الأمني والإستخباراتي هو جزء من الشراكة القائمة مع إسرائيل، وأكد أن ذلك سيستمر.

يذكر أنه في 27 يناير/ كانون الثاني 2022، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين"  تقريرا عن التعاون الوثيق بين أجهزة المخابرات البحرينية وجهاز الإستخبارات الداخلية الإسرائيلي "شاباك"، تحت عنوان "البحرين تعيد تنظيم أجهزة المخابرات للعمل بشكل أوثق مع إسرائيل".

وبحسب ما ذكرته المجلة في التقرير أن المنامة تعمل على تعزيز القدرات التكنولوجية لأجهزة إستخباراتها وتقوية تعاونها مع إسرائيل، فيما يتعامل مكتبها الأمني الإستراتيجي الآن بشكل مباشر مع المخابرات الإسرائيلية.

إعادة تنظيم 

ومن أبرز ما تناولته "إنتيليجنس أونلاين" في تقريرها حينذاك، أن الجهاز البحريني يستقبل فريقا من المدربين الإسرائيليين المتخصصين لتدريب ضباط المخابرات البحرينية.

وأضافت أن إسرائيل عملت على تزويد البحرين بصور الأقمار الصناعية، كما تدفع إلى حصولها على أنظمة مضادة للطائرات المسيرة وطائرات تكتيكية إسرائيلية.

وأوضحت أن كل هذه المشتريات معدات وتقنيات قادرة على إحداث نقلة نوعية في الجهاز الإستخباراتي البحريني، وجعله مؤهلا لتعاون أوثق وأكثر فاعلية مع دولة الاحتلال. 

وكان وزيرا داخلية البحرين وإسرائيل رشاد بن عبد الله آل خليفة وعومر بارليف، قد اجتمعا في 14 يناير 2022 على خلفية توصيات من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، لتكثيف التعاون الأمني بين الجانبين. 

بعدها شرع النظام البحريني في إعادة هيكلة جهاز الأمن في البلاد الذي يمر في خضم إصلاح تكنولوجي كبير، يقوم على إعادة التنظيم حتى يتمكن من التعاون عن كثب مع إسرائيل.

فإلى جانب جهاز المخابرات الوطني، الذي حل محل جهاز الأمن القومي، وجهاز الأمن العام، التابع لوزارة الداخلية، تم تكليف جهاز الأمن الإستراتيجي، الذي تم إنشاؤه في يوليو/ تموز 2020، بتعزيز التعاون مع إسرائيل. 

ويعتبر هذا الجهاز، برئاسة أحمد بن عبد العزيز آل خليفة، الكيان الوحيد الذي لديه تفويض رسمي للتعامل مباشرة مع جهازي الموساد، برئاسة ديفيد برنيع، والشاباك برئاسة رونين بار.

قاعدة إسرائيلية 

وتناولت صحيفة "إسرائيل ديفينس" العبرية في 4 فبراير 2022، إستراتيجية التعاون الشامل بين البحرين وإسرائيل، وأهداف التنسيقات الفريدة بينها، وذكرت أن الهدف الأساسي لزيارة غانتس إلى البحرين يتمثل في تخصيص ميناء بالمملكة للبحرية الإسرائيلية لمواجهة إيران.

وأشارت الصحيفة المختصة في الجوانب العسكرية أن الزيارة أكبر من مجرد تنسيق التدريبات مع الولايات المتحدة التي يقع مركز قيادة أسطولها الخامس في البحرين.

وقالت: "يرجح بقوة أن تل أبيب تعمل بوساطة الولايات المتحدة وموافقة البحرين، على نشر قوات عسكرية بحرية لها في منطقة الخليج". 

ولفتت إلى أن الجيش الإسرائيلي تبنى منذ عهد أول رئيس وزراء، ديفيد بن غوريون، مفهوم "نقل المعركة مع العدو إلى أراضيه"، موضحا: "مثلما قدم الإيرانيون إلى سوريا تريد إسرائيل الوصول إلى طهران عن طريق البحرين وحلفائها الجدد بالخليج".

ونقلت الصحيفة عن يوئيل غوزانسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن البحرين كان ينظر إليها أنها أبطأ في تقارب العلاقات مع إسرائيل من الإمارات.

واستدرك، لكن سماحها بإلحاق ضباط إسرائيليين على أراضيها "خطوة مهمة"، مشيرا إلى أن البحرين يمكن أن توصف بأنها قاعدة إسرائيلية مهمة في الخليج.