في حرب أوكرانيا.. كيف تحاول الآلة الدعائية الروسية قلب الحقائق وتضليل العالم؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيطالية الضوء على ممارسة موسكو التضليل الإعلامي منذ بدء غزو أوكرانيا من خلال نشر وسائل الإعلام التابعة لها أخبارا كاذبة فيما تضطر نظيرتها المستقلة إلى الإغلاق.

وقالت "إيل بوست" إن "روسيا بنت في السنوات الأخيرة آلة دعاية معقدة ومتشعبة شكلتها من وسائل إعلام تخضع لسيطرتها وكذلك من مدونات وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي إلى جانب تمويلات رصدتها لأحزاب غربية أكثر شعبوية و تطرفا". 

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن "هذا الجهد الإعلامي أصبح أكثر وضوحا منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022 لتكثف مساعيها لنشر روايتها الخاصة عن التاريخ من خلال أخبار مشوهة إن لم تكن عارية عن الصحة تماما".

آلة دعائية

ولاحظت بأن "آلة الدعاية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقدت فعاليتها نسبيا في الغرب بعد العدوان على أوكرانيا، في المقابل تلقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إشادات واسعة ومتعاطفة لتواصله المباشر والكاريزما غير المنتظرة التي ظهر عليها"، وفق تعبيرها. 

على الرغم من ذلك، استمرت روسيا في محاولة فرض روايتها الخاصة لا سيما داخل حدودها مكررة ذلك في عدة مناسبات كان آخرها في أعقاب قصف مستشفى الأطفال في ماريوبول شرق أوكرانيا، إحدى أكثر المدن تضررا واضطرابا.

وكانت بلدية المدينة قد أفادت على حسابها بموقع تيلغرام في 10 مارس/آذار بمقتل ثلاثة أشخاص من بينهم فتاة صغيرة في القصف الذي استهدف المنشأة الصحية قبلها بيوم.

بينما تحدثت الحصيلة السابقة التي نشرتها السلطات في اليوم الذي وقع فيه الهجوم عن إصابة 17 شخصا بجروح.

زعمت روسيا أن المستشفى كان فارغا وكان بمثابة قاعدة للقوميين الأوكرانيين، لكن الشهادات والصور التي بثتها وكالات الأنباء الدولية ومنشورات فيسبوك أظهرت أنه كان يعمل بكامل طاقته قبل الهجوم الروسي.

فيما اتهمت بعض السفارات الروسية ماريانا بودجورسكايا، المدونة الأوكرانية الحامل التي ظهرت في الصور التي أعقبت الهجوم مباشرة بأنها "ممثلة مستأجرة لتنفيذ عرض مسرحي بهدف تصوير المستشفى على أنه كان نشطا قبل الهجوم دون تقديم أدلة". 

وتضيف الصحيفة بأن "بودجورسكايا اتهمت أيضا بلعب دور امرأة أخرى جرى تصويرها على نقالة رغم أن الأمر تعلق بامرأتين مختلفتين بشكل واضح".

في نفس سياق التضليل، أظهر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الصحافة الروسية نشرت في السابق العديد من التقارير الكاذبة الأخرى خاصة فيما يتعلق بالمعارك في ماريوبول. 

وكانت ثلاث اتفاقيات لوقف إطلاق النار جرى الاتفاق عليها بين روسيا وأوكرانيا قد تعرضت للانتهاك بشكل متكرر في المدينة خلال مارس،  كما تعرضت "الممرات الإنسانية" والعديد من المباني المدنية إلى عمليات قصف.

وبررت وكالة الأنباء الروسية "تاس" الهجمات بمقال زعمت فيه أن النازيين الجدد الأوكرانيين هم أول من انتهك وقف إطلاق النار، واستخدموا المدنيين "كدروع بشرية" بعد أن ردت روسيا. 

وذكرت "إيل بوست" أن الوكالة الروسية كانت قد أوردت في تبريرها للانفجارات التي حدثت في المباني السكنية أن "النازيين الجدد" وضعوا أسلحة ثقيلة في الشقق وأجبروا السكان على البقاء في المنازل دون تقديم أدلة أو الاستشهاد بمصادر أخرى غير الروسية الرسمية.

"معلومات كاذبة"

وقبل ذلك، أصدرت الحكومة الروسية سلسلة من المعلومات الكاذبة حول الهجوم على محطة الطاقة النووية "زابوريزهزيا" في صباح 4 مارس، وفق قول الصحيفة الإيطالية. 

وزعم بيان حكومي أوردته تاس أن المحطة كانت تحت السيطرة الروسية قبيل الهجوم، وبالتالي يقف وراء القصف والحرائق اللاحقة التي لحقت بالمنشأة النووية المخربون الأوكرانيون و"النازيون الجدد". 

علقت الصحيفة الإيطالية بالقول "إذا كان كل هذا صحيحا، كان من المحتمل أن تسارع روسيا إلى قطع التيار الكهربائي على نطاق واسع في منطقة محطة الطاقة الأكبر في أوروبا لكن هذا لم يحدث".

أضافت بأن نفس النهج تكرر بعد قصف عنيف في خاركيف، أول مدينة يغزوها الجيش الروسي ومسرح أولى العمليات العسكرية التي تأكد فيها قصف القوات الروسية للمباني المدنية بشكل عشوائي ومتعمد. 

 لكن وسائل الإعلام الحكومية الروسية زعمت أن التفجيرات وقعت في البداية في منطقة يسيطر عليها الجيش الأوكراني.

 نشر الموقع الإخباري Readovka تدوينة على موقع التواصل تليغرام يتهم فيها أوكرانيا بإطلاق صاروخين على مدنها من الشمال الغربي "حيث لا توجد منصات إطلاق صواريخ روسية".

أردفت "إيل بوست" بأن حملة التضليل الإعلامي وصلت أيضا إلى الأمم المتحدة وذلك بعد أن عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بطلب من روسيا في 11 مارس لبحث ما تدعيه وزارة الدفاع الروسية بأن أوكرانيا تطور أسلحة كيماوية بالتعاون مع الولايات المتحدة. 

وردت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة  ليندا توماس غرينفيلد على المزاعم بالقول إن "القصد من وراء هذه الأكاذيب واضح ومقلق للغاية، فروسيا يمكن أن تستخدم عوامل كيميائية أو بيولوجية في الاغتيالات كجزء من حادثة مدبرة أو كاذبة، أو لدعم العمليات العسكرية التكتيكية". 

كما أكد تقرير تحليلي صادر عن شبكة  "بي بي سي" البريطانية أن جميع المعلومات التي نشرتها روسيا بشأن هذه المسألة غير صحيحة أو لا أساس لها أو يستحيل التحقق منها.

أوضحت الصحيفة أن النشر المستمر لمثل هذه الأخبار لا يجد أي عقبة أمامه في روسيا حيث يجري تجريم النشاط الصحفي بينما تجد وسائل الإعلام المستقلة القليلة نفسها مجبرة على عدم الخوض في الحرب في أوكرانيا لتجنب التبعات.

واعتبارا من 14 مارس، جرى فرض قيود للوصول إلى موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" في روسيا وذلك بعد أن حظرت موقعي "تويتر" و"فيسبوك".

وبذلك، أصبح من المستحيل على الشعب الروسي الوصول إلى معلومات بديلة عن تلك الخاصة بوسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطات، تستنكر إيل بوست.

في الختام، لفتت الصحيفة الإيطالية إلى القول إن تكتيك بوتين المتمثل في محاولة فرض رقابة على المعلومات قدر الإمكان وفي نفس الوقت خلق ارتباك من خلال وسائل الإعلام الموالية لنظامه لا يعد جديدا.