اتفاقيات "مينسك 2".. هل تشكل الأساس لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية عن اتفاقيات مينسك 2، التي جرى التوقيع عليها قبل سبع سنوات ومدى ارتباطها بالتوتر الحالي بين روسيا وأوكرانيا. 

ولا تزال العواصم الغربية تراقب عن كثب التطورات الميدانية على الحدود الروسية-الأوكرانية، في الوقت الذي لم يتأكد لدى قادتها ما إذا كانت روسيا سحبت فعلا قواتها العسكرية وتراجعت عن اجتياح أوكرانيا أم لا، وهو توتر تصاعد خلال شهر فبراير/شباط.

وأخيرا، وجهت الدول الغربية اتهامات إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال "شنت هجوما" على أوكرانيا.

مينسك 2

وتعتبر فرنسا وألمانيا اتفاقيات مينسك 2 بمثابة السبيل الوحيد لتسوية نزاع إقليم دونباس الأوكراني الحدودي، لكن كييف لديها الكثير من الهواجس. 

وتوصلت الأطراف المتحاربة شرقي أوكرانيا في فبراير/ شباط 2015، في مينسك عاصمة بيلاروسيا، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يقضي بسحب الأسلحة الثقيلة والقوات الأجنبية، إضافة إلى سيطرة أوكرانيا على كامل حدودها مع روسيا بحلول نهاية 2015، وهو ما لم يتحقق بعد.

وقالت الصحيفة إن الأزمة في أوكرانيا تعود إلى نقطة الصفر. وبسبب الأزمة الأوكرانية الحالية، أصبحت هذه الوثيقة مرة أخرى مرجعا للروس والأوكرانيين وأيضا لألمانيا وفرنسا، القوى التي تجلس على الطاولة فيما يسمى بصيغة نورماندي، إلى جانب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ومن بين الموقعين آنذاك، لم يبق في السلطة سوى الزعيم الروسي فلاديمير بوتين. وإلى جانبه في عام 2015، كانت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، والرئيسان السابقان الأوكراني بيترو بوروشينكو، والفرنسي فرانسوا هولاند. 

وأضافت الصحيفة أن إعادة العمل بهذه الاتفاقيات التي حاولت إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا في عام 2014 (تاريخ احتلال موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية)، أصبح ضرورة ملحة. 

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الصراع خلف 14000 ضحية وأجبر مئات الآلاف على الفرار من ديارهم. 

في الأثناء، يحمل كل من الأوكرانيين والروس بعضهم البعض مسؤولية عدم الامتثال لهذه الاتفاقيات.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موسكو خلال فبراير/شباط 2022: "إن حل المسألة الأوكرانية يمكن أن يكون سياسيا فقط، ويكمن فقط، في اتفاقيات مينسك. إنها السبيل الوحيد الذي سيسمح بتحقيق سلام دائم".

ونوهت الصحيفة بأن قرار مجلس الدوما منتصف فبراير 2022، حث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الاعتراف باستقلال جمهوريتي لوغانسك دونيتسك من شأنه أن يدفن اتفاقيات مينسك 2. 

وكان الانفصاليون المدعومون من روسيا أعلنوا من جانب واحد استقلال مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا ربيع 2014.

وتقع منطقتا دونيتسك ولوغانسك في حوض دونباس الشرقية التي مزقتها النزاعات والمحتلة جزئيا من قبل الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014.

وفي لقائه مع بوتين، شدد المستشار الألماني، أولاف شولتز، ولفت انتباه الزعيم الروسي إلى عدم اتخاذ هذه الخطوة. 

وأشار إلى أن "هذه الخطوة ستكون كارثية وستجعل اتفاقيات مينسك حبرا على ورق وغير مجدية بالنفع".

عموما، إذا اعترف الكرملين باستقلال هذه المقاطعات الأوكرانية، فيمكنه التدخل لحماية المواطنين الروس. 

ويجدر التذكير هنا بأن الكرملين وزع نحو 700 ألف جواز سفر في إقليم دونباس.

وذكرت الصحيفة أن بوتين يدين "الإبادة الجماعية" التي عانى منها الشعب الروسي في دونيتسك ولوغانسك. لكن من ناحية أخرى، يؤكد الأوكرانيون أن الروس ينتهكون باستمرار وقف إطلاق النار. 

في الآن ذاته، ينكر الأوكرانيون ادعاءات موسكو ويستنكرون معاناة الأوكرانيين على الحدود من حالة الحرب غير المعلنة.

وأوضحت الصحيفة أن الاختلاف الأساسي يكمن في أن الأوكرانيين يعتبرون روسيا دولة معتدية تدعم المتمردين الموالين لها، وهي تفعل ذلك سياسيا واقتصاديا. 

ومن المثير للانتباه هنا أنه جرى التوقيع على هذه الاتفاقيات من قبل بوتين، لكنها لم تذكر روسيا. 

من جهتها، تؤكد موسكو أن هناك حربا أهلية في دونباس وأنه جرى الاتفاق على إقامة حوار مع دونيتسك ولوغانسك.

وفي خضم هذا التوتر، يطالب الأوكرانيون الروس بوقف عدوانهم، بينما تطالب موسكو ببدء العملية السياسية. بهذا الشكل، لم يسفر هذا المد والجزر على أي نتيجة تذكر. 

الأهمية والمشكلة

أشارت الصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار الفوري الذي فرضته الاتفاقيات في دونباس أدى إلى الحد من الاشتباكات المسلحة، لكن بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أبلغت عن انتهاكات بشكل يومي.

وأوردت الصحيفة إلى أن الاتفاق نصّ أيضا على سحب الأسلحة الثقيلة، وإطلاق سراح سجناء هذه الصراعات، وانسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأوكرانية.

فضلا عن نزع سلاح الجماعات غير الشرعية، ورفع القيود عن المناطق المتمردة في أوكرانيا، وتعزيز لامركزية المناطق، والسيطرة الأوكرانية على الحدود مع روسيا.

وبينت الصحيفة أن كييف تلوم موسكو على محاولتها أن تصبح وسيطا في الوقت الذي تعتبر فيه طرفا في النزاع.  

في الآن ذاته، تصر أوكرانيا على أن التسلسل الزمني الذي يجب اتباعه جانب أساسي لدخول الوضع الخاص حيز التنفيذ والدعوة لإجراء انتخابات محلية.

بالنسبة لأوكرانيا، بادئ ذي بدء، يجب سحب القوات الروسية وسيتعين على أوكرانيا استعادة السيطرة على الحدود. 

تصر موسكو على عكس ذلك: سيجرى نقل السيطرة على الحدود إلى أوكرانيا بعد الموافقة على الإصلاح الدستوري الذي من شأنه أن يضمن اللامركزية في البلاد.  

وأضافت الصحيفة أن جهود ماكرون وشولز هذا العام أدت إلى عقد جولتين من المفاوضات في هذا السياق. 

في باريس، اتفق الطرفان على إعلان مشترك: كان هناك التزام بوقف إطلاق النار.  بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك إرادة للسير نحو تقارب في تفسير الاتفاقات.

بعد أسبوعين، توقفت المفاوضات في برلين لأن روسيا أصرت على أن تتحدث أوكرانيا مباشرة مع الانفصاليين الموالين لموسكو. 

في الواقع، تشك كييف في العملية السياسية لأنها تعتبر أنها ستعطي موسكو، بشكل مؤكد، قوة ونفوذا في السياسة الأوكرانية من خلال الانفصاليين الموالين لروسيا.

من هذا المنطلق، يمكن فهم أهمية ورقة الاستقلال التي تلعبها موسكو الآن. إنها طريقة للضغط من أجل تطبيق اتفاقيات مينسك بطريقتها الخاصة، حسب تحليل كييف. 

ويعني ذلك أن موسكو ستعزز عملية الضم التي سعت إليها خلال العدوان عام 2014، وفق الصحيفة.

وفي مقابلة مع صحيفة الدياريو الإسبانية، قالت خبيرة مركز برشلونة للشؤون الدولية كارمن كلودين، إن "هذه الاتفاقيات تستجيب للمصالح الروسية أكثر من الأوكرانية". 

وتواصل: "إن اتفاقات مينسك مشلولة تماما وأعتقد أنها لم تعد صالحة. علينا أن نتذكر أنها وقعها الرئيس الأوكراني آنذاك، بوروشنكو، لأنه في ذلك الوقت كانت هناك جبهة حرب مفتوحة في دونباس وكان الناس يموتون كل يوم".

وأوردت صحيفة الدياريو أنه على الرغم من وجود انتهاكات يومية لوقف إطلاق النار، فإن اتفاقيات مينسك قللت من العنف، لكن العناصر السياسية، مثل اللامركزية والحكم الذاتي لمناطق المتمردين، هي الأصعب وغير قابلة للتطبيق. 

لهذا السبب، تتهم كل من روسيا وأوكرانيا بعضهما البعض بعرقلة تنفيذ الاتفاقية. 

من جهة، تندد موسكو بأن كييف لم تفِ بالتزامات الحكم الذاتي تلك تجاه لوغانسك ودونيتسك، وتقول أوكرانيا إن روسيا تدعم مليشيات الانفصال بالقوات والأسلحة.