أوروبا تطلق "البوابة العالمية" لمنافسة طريق الحرير الصيني.. لمن الغلبة؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز أنقرة لدراسة السياسات والأزمات عن مشروع منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية التي أعلن عنها الرئيس شي جين بينغ عام 2013، والتي تقوم على أنقاض طريق الحرير الذي كانت بكين تعتزم إنشاءه في القرن التاسع عشر.

وقال المركز في مقال للكاتب "غوكتوغ تشاليشكان": "حققت الصين أرباحا بمليارات الدولارات في استثمارات البنية التحتية بمختلف المجالات بالعديد من البلدان، كما أبرمت اتفاقيات مع الدول لتنفيذ المشروع وبدأت في منح القروض".

وأضاف: بما أن المبادرة هدفت إلى ربط العديد من المناطق ببعضها البعض من آسيا إلى أوروبا ومن أميركا إلى إفريقيا، فقد وجدت ترحيبا كبيرا من قبل العديد من الجهات ذات المصلحة في الأمر.

 أما بكين فقد حصلت على العديد من الامتيازات السياسية والاقتصادية مقابل استثماراتها في الدول المعنية. 

إضافة إلى ذلك، تجاوزت استثمارات الصين خلال سبع سنوات بدءا من عام 2013 وحتى 2020، الـ 300 مليار يورو التي يخطط الاتحاد الأوروبي استثمارها خلال السبع سنوات القادمة في إطار مشروع "البوابة العالمية". 

ولا يزال هذا الكم غير كاف لتغطية تكاليف مبادرة الحزام والطريق، خاصة وأنه لا تزال هناك العديد من الاستثمارات التي يتعين على الصين تنفيذها في إطار المبادرة، بحسب الكاتب.

محاولة مستترة

وتابع تشاليشكان: في ظل كل هذا، جاء الاتحاد الأوروبي (مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021) بمشروع منافس بالنظر إلى حجم استثماراته وأهدافه.

ويمكن القول إن المشروع الذي أطلقت عليه أوروبا اسم "البوابة العالمية" ليس مجرد بديل لمبادرة الحزام والطريق، بل هو مشروع يهدف للتفوق عليها أيضا.

وأردف: وما يؤكد ذلك، تجنب الاتحاد الأوروبي الوقوع في سلبيات مبادرة الحزام والطريق. 

فقد وصفت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي "أورسولا فون دير لاين"، المشروع خلال مؤتمر صحفي للإعلان عنها، بكلمات مثل: "الحكم الرشيد" و"الشفافية" و"الامتثال لقيم الديمقراطية" و"بنية تحتية مستدامة" و"نهج قائم على القيم"، في إشارة إلى كل ما تفتقده مبادرة الحزام والطريق.

وبينما تضمن المشروع برامج تشجع على الرقمنة ومكافحة تغير المناخ، أكدت الوثيقة التي قدمتها مفوضية الاتحاد الأوروبي حول المشروع على مبادئ مهمة مثل المساواة والفائدة التي يمكن للسكان المحليين جنيها من المشاريع، وفقا للكاتب التركي.

وأعقب: وضع مشروع البوابة العالمية برنامجا استثماريا بقيمة 300 مليار يورو حتى عام 2027، وفق ما أعلنه الاتحاد الأوروبي. 

أما تمويله فسيتم من خلال برامج الاتحاد وبنك الاستثمار الأوروبي والأصول المنقولة من ميزانية كتلة بروكسل والدول الأعضاء. 

وواصل: "تهدف المبادرة إلى تعزيز الاستثمار في البنية التحتية عالية الجودة والتي ستربط السلع والأشخاص والخدمات في جميع أنحاء العالم، وكذلك المؤسسات والاستثمارات والبنوك والشركات وتسعى لتقديم رؤية للتعاون الإيجابي في القرن الـ 21 من خلال ربط أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة القطب الشمالي ببعضها".

من أهم المشاريع التي يخطط لها مشروع البوابة العالمية، إنتاج الهيدروجين في إفريقيا، وبناء الأردن وإسرائيل جسرا جديدا في الضفة الغربية المحتلة، وتمديد كابلات ألياف ضوئية في البحر الأسود لتوفير خدمة إنترنت عالية السرعة. 

ويتوقع أن تنفذ هذه المشاريع شركات أوروبية، يقول الكاتب.

تحديات كبيرة

وهنا يبرز السؤال الأهم: هل يمكن أن يكون مشروع البوابة العالمية بديلا عن مبادرة الحزام والطريق؟ 

قبل كل شيء يجب أن نذكر بأن مشروع البوابة العالمية يهدف إلى تطوير بنية تحتية مستدامة وصديقة للبيئة بمعايير وجودة عالية في نفس الوقت، الأمر الذي يعني أن المشروع سيكون ذا تكاليف باهظة، يقول الكاتب.

خاصة وأن البنية التحتية ضعيفة للغاية في البلدان النامية. لذلك، ستحتاج البوابة العالمية إلى تخصيص المزيد من الميزانية لمشاريع البنية التحتية.

 إذ نجحت مبادرة الحزام والطريق في إبرام اتفاقيات مهمة مع العديد من البلدان، بما فيها إفريقيا، لما تفتحه من باب أمام دول المنطقة لتنفيذ أمور لم تكن لتستطيع تنفيذها بمفردها.

وطرحت دول مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة مشروع "إعادة بناء عالم أفضل" (B3W) كمشروع بديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية. 

لكن ما سيحدد ما إذا كانت هذه المشاريع قادرة ومؤهلة على أن تكون بديلا عن مبادرة الحزام والطريق، قدرتها على بناء بنى تحتية عالية الجودة بأسعار منخفضة بمعايير عالية، يؤكد الكاتب.

خاصة وأن الصين بدأت بالفعل أعمال البنى التحتية باستثمارات بلغت مليارات الدولار في العديد من الدول منها آسيا وإفريقيا. 

وعلى الناحية الأخرى قد لا يرغب الاتحاد الأوروبي في الاستثمار في الاقتصادات النامية دون أن يحقق مكاسب، الأمر الذي سيثير الشكوك حول مستقبل المشروع ومدى استمراريته.

ويوضح سبب ذلك بالقول: الواقع أن سبب انخفاض مستوى الاستثمارات الغربية في الدول النامية يعود إلى انخفاض الأرباح. 

لذلك يبدو أنه من الصعب جدا على مشروع البوابة العالمية أن يكون بديلا عن مبادرة الحزام والطريق، بما أن موقفه واستمراريته يعتمد على الربح والمكاسب، الأمر الذي سيؤثر على الإستراتيجيات المتبعة.

إضافة إلى ذلك، تتلقى الشركات الصينية إعانات من بكين مقابل عملها في البلدان والمناطق التي تنفذ فيها المشاريع ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق، خاصة في إفريقيا وآسيا. 

وبما أنها لا تولي بالغ الاهتمام لمعايير الاتحاد الأوروبي، فإنها تنجز أعمال البنى التحتية بأسعار معقولة، ما يجعل من غير السهل على مشاريع مثل البوابة العالمية أن تحل بديلا عن مبادرة الحزام والطريق، بحسب ما يراه الكاتب التركي.

وختم تشاليشكان بالقول: "ليس من السهل أبدا أن ينجح مشروع البوابة العالمية الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي ضد مبادرة الحزام والطريق في ظل المخاوف النابعة من عدم تحقيق أرباح، وعدم التوفيق بين الاستثمار في البلدان النامية وتنفيذ مشاريع فيها بمعايير عالية".

هذا إلى جانب السبق الذي حققته الصين في مبادرتها بما أنها انطلقت عام 2013، وفق تقديره.