بإعلان ترشحها لانتخابات فرنسا.. هل تكتب فاليري بيكريس نهاية ماكرون؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة الباييس الإسبانية الضوء على صعود نجم مرشحة الجمهوريين بالانتخابات الفرنسية، فاليري بيكريس، في استطلاعات الرأي بشكل جعلها تهديدا حقيقيا على إيمانويل ماكرون الذي كان الأوفر حظا في الرئاسيات المزمع إجراؤها ربيع 2022.

واعتبرت الصحيفة أن إعلان ترشح بيكريس (54 عاما) في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2021 قلب موازين اللعبة الانتخابية في فرنسا.

وأضافت أنه في الوقت الراهن، لا تثير مارين لوبان، المرشحة اليمينية المتطرفة ولا منافسها المثير للجدل المتطرف، إيريك زمور، مخاوف ماكرون. فبالنسبة للأخير، بيكريس هي من يهدده في الانتخابات.

براغماتية وجريئة

وتنتمي بيكريس، وفق الصحيفة، إلى اليمين الاجتماعي المعتدل المرتبط بالرئيس الراحل جاك شيراك (تولى الرئاسة بين 1995 و2007)، وتعرف نفسها على أنها "ثلثا أنجيلا ميركل وثلث مارغريت تاتشر".

أي البراغماتية والمصداقية للمستشارة الألمانية (2005-2021)، مع بضع قطرات من الجرأة الإصلاحية لرئيسة الوزراء البريطانية (1979 -1990) التي روجت في الثمانينيات إلى ثورة التحرر مع الرئيس الأميركي رونالد ريغان.

وأوضحت أن بيكريس؛ سياسية ذات خبرة ومتمرسة، شغلت منصب وزيرة عدة مرات. وهي حاليا الزعيمة المنتخبة لمنطقة إيل-دو-فرانس التي تضم باريس، وتتحدث الروسية واليابانية. ومثل ماكرون، تلقت تعليمها في المدرسة الوطنية للإدارة، معقل القادة الفرنسيين.

وأوردت أن الجمهوريين (الديغوليين) اختاروا منذ أسبوعين بيكريس مرشحة للانتخابات. ومنذ ذلك الحين أثبتت نفسها في استطلاعات الرأي، وأصبحت المنافس الوحيد القادر على التغلب على ماكرون.

ونقلت الباييس عن الصحفية ماريون فان رينترجم، مؤلفة سيرة ذاتية وفيلم وثائقي عن ميركل وكتاب مقابلات مع بيكريس نشر في 2019، قولها: "إنها لا تشبه ميركل، رغم أنه من الواضح أنها تشترك معها في حقيقة أنها امرأة".

وأضافت: "لديهما أيضا قواسم مشتركة بين الهدوء وروح الفريق. ومثل ميركل، عرفت بيكريس كيف تقاتل من أجل تحدي القيم المعادية للمرأة، وهنا تكمن قوتها".

معركة الانتخابات

وأشارت الصحيفة إلى أنه في النظام الانتخابي الفرنسي، تجرى الانتخابات على جولتين. في المرة الأولى، التي ستكون في 10 أبريل/نيسان 2022، يحضر جميع المرشحين، ويتأهل الاثنان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات إلى الدور الثاني، الذي سيكون في 24 من الشهر ذاته.

وتشير عديد من استطلاعات الرأي إلى أن بيكريس ستتفوق على لوبان وزمور في الجولة الأولى، وستبقى قريبة من ماكرون أو حتى تهزمه في الجولة الثانية.

وأظهر استطلاع أجراه معهد إيلاب المحلي، في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 2021 أن بيكريس ستحصل على 52 بالمئة من الأصوات وسيحصل ماكرون على 48 بالمئة في الجولة الثانية.

ونقلت البايس عن آلان مينك، كاتب مقالات ومدير أعمال ومستشار للرؤساء أن "الأمر بسيط بالنسبة إلى بيكريس، أصعب شيء كان الانتخابات في حزبها".

وأجريت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري على جولتين. وفازت بيكريس في الجولة الثانية بسهولة على إريك سيوتي، ممثل جناح الحزب الذي يغازل اليمين المتطرف.

وتابع مينك تحليله: "تتمثل الصعوبة الثانية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فعلى الرغم من ضعف الجمهوريين والانقسامات الداخلية بين الجناح المعتدل لبيكيرس والجناح المؤيد للتقارب مع اليمين المتطرف، إلا أنه يتعين عليهم جمع أصوات كافية ليحتلوا المركز الثاني".

وأوردت الصحيفة أن مينك يعتبر أنه "إذا نجحت بيكريس في اجتياز الجولة الأولى، فإن الجولة الثانية ستكون خطوة شكلية". ويواصل: "أنا متأكد من أنه في هذه الحالة، سيتم انتخابها لأنها ستستفيد من المشاعر العميقة المناهضة لماكرون في البلاد".

ونوهت الباييس بأن تحليل مينك مهم لأنه شخص قريب جدا من ماكرون لسنوات، ويؤكد أن إعادة انتخابه لن تكون سهلة.

ورطة ماكرون

وأفادت الصحيفة الإسبانية بأن ماكرون يتمتع بقاعدة قوية لكنها محدودة، حوالي ربع الناخبين. لكن يلاحظ مينك أنه في كثير من أنحاء البلاد يثير الرئيس الحالي مشاعر الكراهية تجاهه ويمثل صورة الغطرسة والنخبوية.

وأضافت أن بيكريس تمثل مشكلة أخرى لماكرون الوسطي، فهما أيديولوجيا قريبان، هي أكثر تحفظا إلى حد ما، وماكرون أكثر ليبرالية. وكان من الممكن أن تكون بيكريس بسهولة وزيرة أو رئيسة وزراء ماكرون.

وفي هذا السياق يقول مينك: "بيكريس هي ماكرون: لديها نفس تكوين ماكرون، ونفس النوع من الذكاء".

وبينت الصحيفة أن جولة ثانية ضد بيكريس ستجعل ماكرون يعول على حجة أساسية لطالما لجأ إليها هذه السنوات، ألا وهي منع اليمين المتطرف والشعبوية القومية من الوصول إلى السلطة في فرنسا. وقد ساعدته هذه الحجة على هزيمة لوبان في عام 2017 بنسبة 64 بالمئة ودعم واسع من اليسار.

لكن إذا لم يكن منافس ماكرون لوبان أو زمور، بل مرشحا معتدلا لا يعرض النظام للخطر وينتمي إلى نفس عالم ماكرون، فإن حجته ستنهار. عموما، تظل الرسالة مثيرة، لكنها معقدة بعد خمس سنوات من وجود ماكرون في السلطة.

وبحسب مينك، فإنه "في الجولة الثانية لن يتبقى لدى ماكرون الكثير من الحجج. وتحديدا حجة واحدة، ألا وهي: أنا المرشح الذي يضمن أمنك، وتعرف من أكون". لكن "إنها حجة لن تنفع بنفس القدر أمام شخص مثل بيكريس؛ المرأة التي ترأست أكبر منطقة فرنسية منذ ست سنوات".

وذكرت الصحيفة أن بيكريس لم تربح شيئا في الوقت الراهن. يحتمل أن تستفيد من استطلاعات الرأي عبر تأثيرها الجديد بعد ترشيحها، لكن عندما تبدأ الحملة، قد تفقد زخمها، وعليها أن تتوازن للحفاظ على تماسك حزبها، حيث يدفعها الجناح المتشدد، بإغراء من زمور، بعيدا عن الوسط.

وأوضحت أن التوجه اليميني المفرط لحزبها كان بالتحديد السبب وراء رغبة بيكريس تركه في عام 2019، رغم أنها عادت قبل بضعة أشهر للمشاركة في الانتخابات التمهيدية. لكن في الواقع، لم يتغير الحزب كثيرا.

فبيكريس تبحث عن النقطة الوسطية. وقالت في خطاب مؤخرا: "يجب ألا نسمح بترك مستقبل فرنسا في أيدي الجمود أو التطرف". وتقصد بالجمود ماكرون، وبالتطرف لوبان وزمور.

وأضافت: "فهم الفرنسيون اللعبة: إما ماكرون أو نحن".