فظائع يرويها ناجون.. هكذا يستدرج تجار البشر بنغاليين للعبودية في ليبيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت قناة "بي بي سي" البريطانية أن العشرات من البنغلاديشيين كانوا ضحية شبكات اتجار بالبشر تنشط بين بنغلاديش وليبيا.

ويروي مهاجر شاب من بنغلاديش في مدينة باليرمو الإيطالية التجربة المروعة التي مر بها في ليبيا. 

في ديسمبر/كانون الأول 2019، عندما كان يبلغ من العمر 19 عاما، قرر علي- الذي جرى تغيير اسمه لحماية هويته- بمباركة والديه الشروع في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن عمل.

وجرى تحفيزه بعد أن التقى بما يعرف بـ "الدلال" أو وكيل سفريات. 

تجارة بالبشر

وفي الواقع، الدلالون هم تجار بشر يديرون عمليات معقدة على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب البنغلاديشي من خلال وعود بالعمل وتحقيق ثروة.

وشرح مواطن بنغلاديشي آخر يعيش الآن في صقلية كيف تمكن من المغادرة في عام 2016 عن عمر يناهز 15 عامًا بفضل دلال.

وقال "أرادت عائلتي أن أهاجر لكن كقاصر لم أتمكن من ذلك، وقرروا الدفع لدلال للحصول على جواز سفر مزور". وأضاف أن هذه الوثيقة تشير إلى أن عمره 21 عاما.

وشجعه الدلال الذي أقام صداقة مع علي باستمرار على المغادرة إلى ليبيا، حتى إنه كان يدعوه لتناول العشاء في منزله.

وكان الشاب يعمل في متجر لمستحضرات التجميل في إحدى ضواحي العاصمة البنغلاديشية، دكا، لمدة عامين، محاولًا إعالة أسرته في قرية على ضفاف نهر بادما خارج المدينة. 

ويستفيد الدلال من آمال الشباب مثل علي الذين يحاولون الهروب من الفقر وانسداد الأفق في بنغلاديش بسبب انعدام الفرص.

لكن قلة ممن غادروا إلى ليبيا يعرفون أن هذا  البلد يشهد صراعا أهليا وحشيا، وأن واقع أولئك الذين يتم الاتجار بهم هناك هو البؤس والاستغلال والعبودية.

ويعترف علي: "لم يكن لدي أي فكرة عن ليبيا". وانتهى الأمر بدلال بمقابلة والديه، وأخبرهما أن ابنهما يمكن أن يكسب 500 دولار (380 جنيها إسترلينيا) شهريا من العمل في المصانع الليبية.

وقال والدا علي إنهما لا يملكان المال لدفع تكاليف رحلته، ولكن بعد معرفة الأصول التي يمتلكونها، ثلاث بقرات كبيرة ثمينة، شجعهم الدلال على بيع حيوان واحد لتمويل رحلة ابنهم.

واستغرق علي أسبوعا للوصول إلى ليبيا، مغادرا بالحافلة من دكا إلى مدينة كلكتا الهندية ثم في رحلات مختلفة تمر عبر مومباي ودبي والقاهرة.

عندما هبط في مطار بنغازي، قال إنه وجد مدينة "فوضوية" بلا أمن أو شرطة. 

وجرى نقله على الفور من قبل المتعاملين المحليين مع دلال إلى سجن حيث أخذوا المال الذي كان بحوزته، ثم احتجزوه للحصول على فدية. 

واضطر والداه إلى بيع البقرتين الأخريين لجمع المال لتحريره. وكان سجنه عبارة عن غرفة صغيرة يتقاسمها مع 15 بنغلاديشيا آخرين. 

ولا يتم إطعام أولئك غير القادرين على دفع أموال الفدية وتجرى معاملتهم بخشونة. 

ويذكر علي: "ضربوا شخصا أمامي يسيل دمه من أعلى الفخذ، لم يساعدوه أو ينقلوه إلى المستشفى".

وفي السنوات الأخيرة، ازداد الوضع الأمني ​​سوءا في ليبيا بالنسبة للبنغلاديشيين المحتجزين لدى المُتجِرين. 

وفي مايو/أيار 2020، قتل 30 مهاجرا، 26 منهم من بنغلاديش، في مستودع في مزدة قرب العاصمة طرابلس. وقال أحد الناجين إن أسرهم لم تتمكن من دفع الفدية.

مخاوف وتهديدات

عندما أطلق سراح علي في نهاية المطاف، انتهى به الأمر للعمل لدى المُتجِرين في مصنع لتعبئة المياه لمدة ثلاثة أشهر في بنغازي قبل أن يتوجه إلى طرابلس للعمل في مصنع بلاط.

ومثل العديد من المواطنين البنغاليين البالغ الذين يُقدر عددهم حاليًا في ليبيا بـ 20 ألفا، فقد عومل معاملة سيئة ولم يحصل على أجره وظل يعيش في ظروف لا تطاق. 

ويتذكر معاناته قائلا "إذا توقفنا عن العمل نتعرض للضرب والركل" وكان المراهق يعيش مع صاحب عامل البلاط تحت القفل والمفتاح.

وأوضح "أخذنا المالك إلى العمل وبعد ذلك عندما انتهينا نقلنا إلى المنزل. كان هناك حارسان يراقباننا. لم نحصل على أجر، ولم يكن هناك ما يكفي من الطعام، لذا أردنا الهروب". 

وأضاف "حاول أحدنا، لكنه سقط من الطابق الثاني وكسرت ساقه".

وبعد عدة محاولات هروب فاشلة، ساعد ليبي علي في العثور على ملجأ في أحد المساجد. 

وشعر أن خياره الوحيد هو الاتصال بالمُتجِرين مرة أخرى، هذه المرة لعبور البحر الأبيض المتوسط ​​إلى إيطاليا.

 

ووفر والداه المال مرة أخرى، ويقدر أن الرحلة بأكملها من بنغلاديش إلى إيطاليا كلفت عائلته حوالي 4000 دولار، مما تركهم في ديون طويلة الأجل. 

وتبين أن العبور في يوليو/تموز 2020 كان محنة مروعة أخرى له و لـ79 مهاجرا آخرين كانوا على متن الزورق.

وقال علي عن هذه المغامرة "لمدة يومين كاملين، رأينا البحر فقط، لا أرض. ثم رأينا أسماك قرش، وفي تلك اللحظة قال البعض إنها ستأتي لأكلنا. لقد اعتقدت حينها: لقد انتهينا!". 

لكن ولحسن الحظ جرى إنقاذهم في النهاية ونقلهم إلى جزيرة لامبيدوزا قبل نقلهم إلى صقلية.

ويعيش الآلاف من البنغاليين في صقلية ويعمل الكثير منهم كبائعين أو يديرون متاجر. 

علي الآن يعيش في مخيم كبير للمهاجرين في ضواحي باليرمو، عاصمة صقلية، مع مهاجرين شباب آخرين من أماكن مثل نيجيريا وغامبيا والسنغال.

وقال إنه في ليبيا لم يكن هناك اتصال بين البنغاليين وجنسيات أخرى، فالسجون التي يديرها المهربون منظمة على أسس عرقية. 

ويمتلك علي وثائق مؤقتة تسمح له بالعمل في إيطاليا، إلا أن طلب الحماية الإنسانية الذي قدمه رُفض.

لكنه يتكيف مع المزيج الثقافي الجديد لباليرمو ويعمل الآن في مطعم سوشي جنبا إلى جنب مع المهاجرين الأفارقة.

ومثل الوافدين الجدد الآخرين الذين يتمتعون بقوة تفاوضية قليلة، يتقاضى راتبه أقل بكثير مما يقبله الصقلي، ويكسب حوالي 870 دولارا في الشهر ويعمل ستة أيام طويلة في الأسبوع. لكنه تمكن من إرسال 570 دولارًا من ذلك المبلغ إلى الوطن.