سيناريو مصر واليمن.. هل ينفذ "الحشد الشعبي" انقلابا عسكريا بالعراق؟
.jpg)
تتزايد المخاوف من تحضيرات "الحشد الشعبي" في العراق، لانقلاب عسكري على الدولة، بعد محاصرة عناصر "الحشد" للمنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، على خلفية اعتقال أحد قادته البارزين، وحديث أوساط مقربة من المليشيات المقربة من إيران بتفعيل سيناريو مصر واليمن والسودان.
وفي 26 مايو/ أيار 2021، اعتقلت قوة أمنية خاصة، قائد الحشد الشعبي في الأنبار، قاسم مصلح، وفق مذكرة قضائية بتهمة "الإرهاب" تخص سلسلة اغتيالات طالت ناشطين بارزين في محافظة كربلاء التي ينتمي إليها مصلح، في واقعة لم تحدث سابقا في العراق.
سيناريو الانقلاب
على خلفية عملية الاعتقال، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع صوتي منسوب لأحد قيادات الحشد الشعبي (لم تكشف هويته) يطالب فيه بضرورة تنفيذ انقلاب عسكري على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والسيطرة على المنطقة الخضراء، وجعل المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع كما حصل في مصر والسودان.
وفي السياق، نشر الكاتب المقرب من الحشد الشعبي، أحمد عبد السادة، تغريدة على "تويتر" جاء فيها: "قلت سابقا بأن الحل الأمثل لتأديب سلطة التآمر والعمالة في العراق هو باستنساخ تجربة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن حين طردوا (الرئيس الحالي) عبد ربه منصور هادي وقتلوا (الرئيس السابق) علي عبدالله صالح".
وتابع عبد السادة عبر تغريدته في 26 مايو/ أيار 2021، أن "قادة هذه السلطة لم يتعلموا من تجارب العملاء السابقين لأميركا وآل سعود حين تم تركهم وحدهم بمواجهة مصيرهم المظلم المحتم".
وفي مقابلة تلفزيونية أجراها عبد السادة مع قناة "الاتجاه" المملوكة لحزب الله العراقي، حذر الكاظمي من تكرار عملية الاعتقال لأنه سيواجه القتل أو الهروب، وذلك لـ"استعداد الحشد الشعبي تكرار سيناريو الحوثيين في العراق".
#الحشد_وداعش_أرهاب_واحد #الحشد_منظمة_ارهابية
— ����ℎ���������� ������ AL-IRAQI�������� (@Mohali_Aliraqi) May 31, 2021
يهدد بعملية انقلاب عسكري على الحكومة العراقية
إذا تم الاعتداء على الحشد الارهابي مرةً أخرى من قبل السلطة فسيتم عملية انقلاب كما حدث في تجربة الحوثيين الارهابيين في اليمن.#العراق #السعودية #لبنان #الكويت #الامارات #الأردن #كورونا pic.twitter.com/7XfZCGESxX
وكانت حسابات على صلة بالمليشيات قد أطلقت حملة على "تويتر" تحت وسم "#ليلة_إسقاط_الكاظمي".
كما طالب زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، بتسليم مصلح إلى مديرية أمن الحشد الشعبي.
وقال الخزعلي عبر تغريدة في 26 مايو/أيار 2021، إن "اعتقال قيادي مهم في الحشد الشعبي بعملية خارج السياقات القانونية والعسكرية وبهذه الطريقة لا تعدو كونها عملية خلط أوراق، ومحاولة خبيثة لإرباك الوضع الأمني وإيجاد الفوضى للدفع باتجاه إلغاء الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ وتعطيل الدستور".
ويواصل موالون للحشد الشعبي الحديث عن استعدادات لإقامة استعراض عسكري كبير ببغداد في 14 يونيو/حزيران 2021، بمناسبة الذكرى السابعة لفتوى المرجع الأعلى في العراق علي السيستاني لما يسمى بـ"الجهاد الكفائي" والذي كان سببا في تأسيس "الحشد الشعبي".
الاستعراض الذي يصفه مناصرو الحشد الشعبي بأنه "أضخم الاستعراضات العسكرية المميزة بالعراق، سيتضمن الاستعراض عدد 24 فعالية مختلفة. فيما سيبلغ عدد المشاركين 70 لواء بواقع 15 ألف مقاتل".
وأشاروا إلى أن الاستعراض سيتضمن إشراك أسلحة جديدة تدخل الخدمة لأول مرة منها مدرعات "LT-79" محلية الصنع، ومدرعات طوفان المضادة للعبوات ودبابات "T-72" روسية بتطوير إيراني حديث يشمل دروعا تفاعلية نوع "kontakt-1" وكاميرات حرارية "IR" وتجهيزات أخرى.
وتعليقا على ذلك، كتب عنصر الحشد الشعبي حسين السعيدي على حسابه بموقع "تويتر" في 31 مايو/أيار 2021: "احتمال كبير هناك انقلاب عسكري لأن الحشد مشغول بالتدريب للاستعراض العسكري وليس هناك قوات كافية لإحباط الانقلاب.. هذا رأيي".
احتمال كبير هناك انقلاب عسكري لأن الحشد مشغول بالتدريب للاستعراض العسكري وليس هناك قوات كافية لاحباط الانقلاب
— حسن السعيدي (@hassn80894968) May 31, 2021
هذا رايي
قطع الطريق
وفي محاولة فسرها مراقبون على أنها خطوة استباقية لقطع الطريق على أي محاولة للانقلاب، أعاد مكتب السيستاني في 4 يونيو/حزيران 2021، نشر جزء من بيان إنشاء "الحشد"، دعا فيه إلى عدم استخدامه لـ"تحقيق مآرب سياسية تؤدي في النهاية إلى أن يحل بهذا العنوان المقدس ما حل بغيره من العناوين المحترمة نتيجة للأخطاء التي ارتكبها من ادعوها".
عقب موقف السيستاني مباشرة، أصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بيانا مطولا قال فيه: إنه لا يحق لـ"المجاهدين" أن ينصبوا أنفسهم حكاما وجلادين وقضاة وشرطة وإن كانت الحكومة ضعيفة.
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي باسل حسين، عبر تغريدة على "تويتر" في 29 مايو/ أيار 2021: "يبدو أن هناك انقلابا شيعيا على المليشيات الولائية لا سيما بعد تطويقها المنطقة الخضراء عقب اعتقال مصلح ومؤشراتها نشر الصدر للتغريدة الأخيرة التي تضمنت انتقادا كبيرا لهذه المليشيات".
يبدو أن هناك إنقلاب شيعي على المليشيات الولائية لاسيما بعد تطويقها الخضراء بعد إعتقال قاسم مصلح ومؤشراتها نشر الصدر للتغريدة الأخيرة التي تضمنت انتقاد كبيرا لهذه المليشيات ، في حبن أعادت العتبة العباسية خطبة المرجعية التي حذر فيها من استغلال فتوى الجهاد الكفائي لتشكيل مليشيات. pic.twitter.com/T5GcGxpv82
— Basil Hussein | باسل حسين (@Drbasil14) May 28, 2021
في غضون ذلك، نفى وزير الدفاع عناد، إطلاق سراح مصلح، محذرا خلال مقابلة مصورة في 29 مايو/ أيار 2021، من تكرار الاستعراض المسلح للحشد والمليشيات المسلحة، الأمر الذي قد يؤدي إلى "قتال داخل المنظومة الأمنية".
ولفت الوزير إلى أن "عجلات فصائل الحشد الشعبي التي تحمل أسلحة أحادية لن تخيف الدولة والجيش"، مؤكدا أن القدرات العسكرية للدولة والجيش "تؤهله لمحاربة دول".
الكاتب والمحلل السياسي مهند الجنابي، رأى خلال مقابلة تلفزيونية في 29 مايو/ أيار 2021 أن تصريحات وزير الدفاع بشأن تكرار المشهد الاستعراضي لفصائل الحشد الشعبي "مهمة"، وأثبت من خلاله "قدرة" المؤسسة العسكرية أن تكون "على قدر المسؤولية وموضع ثقة الشعب".
كما عد الجنابي، تكرار "خروقات" هذه الجماعات "المتمردة" بأفعالها هي بمثابة "انقلاب واضح" على نظام الحكم وسيادة الدولة والشعب.
وشدد على أن "الجيوش في كل دول العالم تعتبر الركيزة الأساسية للأمن القومي، ولا يمكن استهدافها بالشكل الذي نراه في العراق، والذي تسعى له فصائل مسلحة ولائية منذ 2003، بهدف إضعاف هيبة الدولة".
الجنابي وصف تصريح الوزير عناد، بـ"المهم بعد أن نفذ صبر العراقيين من تطاولات هذه الجماعات المسلحة وتطاولها على سيادة الدولة".
ولفت إلى أن "الحكومة والمؤسسات العسكرية وقادة الجيش بدأت تستشعر خطورة الأمر، وعدم مجاملة هذه الجماعات الانقلابية المتمردة، التي تكرر خروجها من الأوامر العسكرية، إلا أن المؤسسة العسكرية أثبتت اليوم ومن خلال تصريحات وزير الدفاع أنها على قدر المسؤولية، وإعادة ثقة الشعب بها".
تجربة مختلفة
وبخصوص قوة "الحشد الشعبي" لاستنساخ التجربة اليمنية، قال الباحث في الشؤون الإستراتيجية أحمد الشريفي، خلال تصريحات صحفية في 30 مايو/أيار 2021، إن "ما جرى من محاولة للسيطرة على المنطقة الخضراء من قبل فصائل تابعة للحشد يمثل محاولة انقلاب على القرار السياسي ونقطة شروع لانقلاب كامل".
ولفت الشريفي إلى أن السيناريو اليمني الذي يجري الحديث عنه "لا يمكن تحقيقه للاختلافات الكلية بين الوضع العراقي واليمني، فضلا عن كون العراق ما يزال تحت الحماية الدولية".
من جانبه، رأى رئيس "المجموعة المستقلة للبحوث والدراسات" بالعراق، منقذ داغر، أن التغييرات في قيادة الأجهزة الأمنية "ظهرت ثمارها خلال الحدث الأخير، وهو الأمر الذي قوض مهمة الحشد الشعبي، في اقتحام المنطقة الخضراء وإرضاخ الحكومة من جديد".
وأضاف: "فوجئ الحشد بالقدرة العسكرية للكاظمي، خصوصا الاعتماد على القوات الخاصة التابعة للجيش بدلا من جهاز مكافحة الإرهاب"، معتبرا أن تصريحات وزير الدفاع "تؤكد أن الجهود التي بذلت لتطوير قدرات الجيش بدأت تؤتي أكلها".
وأعرب داغر عن اعتقاده بأن الكاظمي "سيكون أكثر قدرة على إثبات قوته في المرحلة المقبلة، وعدم إطلاق سراح المعتقل، مما يعني أنه استعاد زمام المبادرة"، مبينا أن تلك المعطيات تعني وجود "جولات أخرى في الفترة القليلة المقبلة".
وعلى نحو مماثل، قال الإعلامي والمحلل السياسي مهدي جاسم، خلال تصريحات صحفية في 30 مايو/ أيار 2021 إن "حكومة الكاظمي مدعومة داخليا من الوطنيين، وكذلك من الدول الإقليمية، لأن استقرار العراق من استقرار المنطقة، وتثبت تجارب المرحلة الماضية أنه عندما ابتعد العمق العربي عن العراق فقد كانت التداعيات كثيرة".
ولفت جاسم إلى أن "المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن علموا خطورة تحركات المليشيات التي تتبع عقائديا إلى إيران، وبالتالي فإن خطورة المرحلة أشعرت المجتمع الدولي بضرورة الوقوف إلى جانب حكومة الكاظمي".
وأوردت تقارير صحفية في 30 مايو/ أيار 2021 أن "كل القطاعات العسكرية بما فيها الطيران العسكري تلقت أوامر بالاستعداد للمواجهة"، مشيرة إلى أن "هذه الأجواء وصلت إلى الحشد الشعبي وأدت إلى انسحابه".
المصادر
- الحشد الشعبي يقيم استعراضا عسكريا ضخما الاسبوع القادم
- كيف قرأ محللون موقف السيستاني من أزمة "الحشد" والكاظمي؟
- انعطافة في نسق الاعتقالات في العراق تنذر بإجراءات تطاول قادة بارزين
- مهنّد الجنابي لزاكروس: خروقات الفصائل الولائية انقلاب واضح على نظام الحكم وسيادة الدولة
- الحشد الشعبي يحاصر المنطقة الخضراء ومنزل الكاظمي ببغداد