"العداوة لا تدوم".. موقع إيراني: هذه إستراتيجية أنقرة الجديدة مع الرياض

سلط موقع إيراني الضوء على التغيرات التي تشهدها السياسة الخارجية في المنطقة بشكل عام، وبين السعودية وتركيا بشكل خاص.
وتحدث موقع "إيران الدبلوماسي" في مقال للخبير في شؤون شبه الجزيرة العربية مصطفى مطهري، عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجو بايدن ورئاسته للولايات المتحدة التي أحدثت العديد من التغيرات السياسية في المنطقة، وكيف أصبحت أنقرة تستطيع أن تحافظ على مصالحها.
سياسة جديدة
وقال مطهري، إن "تركيا أحدثت منذ أيام عدة بعض التغييرات الخاصة بأدائها في المنطقة؛ تلك التغييرات جديرة بالرصد وقابلة للتحليل من قبل الإعلام عن طريق مؤشرات التحول، والتناوب في ساحة النفوذ، والمزيد من المناوشات في التعاملات والعلاقات بين الدول وأحداث المنطقة".
وأضاف: "في الواقع تسعى تركيا في ساحة التناوب المذكور في مجال السياسة الخارجية إلى تغيير الخطاب الخاص بها وكذلك أدائها؛ بالإضافة إلى حفظ مصالحها والإنجازات التي حققتها في البضع سنوات الأخيرة بالأداء الهجومي، ومن ثم تحاول تهيئة الفرص المقبلة من أجل الوصول إلى أهدافها".
وتابع: "من هذا المنطلق بدلا من إحداث التوتر في قالب السياسة الخارجية الهجومية، اتجهت نحو البعد عن التوتر في التعامل مع السياسة الخارجية".
واعتبر مطهري أن "الحركات الدبلوماسية وتقوية النظرة الدبلوماسية في جهاز السياسة الخارجية التركية ما هو إلا نتيجة للأحداث الأخيرة في المنطقة".
تلك الأحداث التي تشكلت في إطار سلوك وأداء الدول الأخرى في المنطقة فيما يتعلق بالمجالات الدبلوماسية الراهنة، بالشكل الذي يمكن للسلوك الهادئ النشط والحركي المتبع من قبل تركيا أن يصاحب مؤشر تقييد أو حتى إنهاء للاختلافات والنزاعات مع دول المنطقة، فربما يمكنه أن يقضي على التوتر مع دول الجوار والمنطقة، بناء على إستراتيجية محددة.
ومثالا على ذلك، سفر وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو إلى السعودية بدون ضجة لأول مرة بعد حادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وتقديم سفير تركيا الجديد في الإمارات، والمفاوضات مع مصر بعيدا عن تسليط الضوء من قبل وسائل الإعلام، وكذلك من الناحية الدبلوماسية، وفقا لما ذكره الكاتب.
كيف تأخذ قراراتها؟
وأوضح مطهري أن "عملية التناوب والتغيير في الآداب وطرق الخطاب في مجال السياسة التركية الخارجية تتأثر بعناصر ثلاثية في المستويات الداخلية، وفي المنطقة، ودوليا، بأداء ثابت متوازن متعلق بالمنطقة، وأحوالها، بالشكل الذي تعد فيه محاولات أنقرة المستمرة من أجل إبعاد الخلافات مع الرياض أولوية تنفيذية سلوكية في الميدان الدبلوماسي".
وأضاف أن "كلا من التطوير الذي تسعى إليه تركيا وكذلك استمرار التوتر مع الرياض يعتبر متغيرا ملحوظا في مجال السياسة الخارجية التركية بحسب المعطيات الحالية في المنطقة، وتأثيرها على تأمين مصالح أنقرة وحزب العدالة والتنمية في مستقبل الخطأ الإستراتيجي".
ومن هذا المنطلق، تأخذ تركيا قراراتها وفق المعطيات المبنية على تأمين المصالح أي -الاستفادة-، وشرح الأهداف ومطابقتها في عملية التكيف وتزامن النص وسياقه في السياسة الخارجية، فمن الممكن أن تهيء هذه القرارات الفرصة أمام إنجازات أخرى بالنسبة لأنقرة من خلال علاقاتها مع الدول المتحالفة مع السعودية، وفقا للكاتب.
وأردف الكاتب: "في الواقع يعتبر الأداء الخطابي-السلوكي لأنقرة تجاه الرياض بمثابة أولوية حياتية لها في مجال الأنشطة الدبلوماسية مع مؤشر حل وفصل التوتر والتعاملات المترتبة عليها، وعلى أساس الملاحظات المبنية على السياسة الخارجية والنماذج النهائية في هذا المجال الثلاثي الأضلاع قابلة التحديد".
وبناء على الأداء المذكور المتبع من قبل تركيا مع أخذ الصمت الإعلامي في الاعتبار، وعدم التعامل معه "يعد تكتيكا داخل إستراتيجية التناوب والتغيير".
واختتم الكاتب مقاله قائلا: "هذا النوع من الأداء التركي يبين عدم استمرار عداوة أو صداقة في المجال السياسي، ويؤكد على تغير كل شيء وكذلك قابليته للتغيير؛ وبالتالي فإن خاصية النسبية بالنسبة للمقاييس السياسية لها وزن كبير على الإطلاق، وهذا الموضوع الذي أدركته أنقرة، ومن ثم تسعى إلى تغييره ليعد ضمن أدائها في المنطقة".