سبوتنيك: إثارة بايدن قضية الأرمن لن تغير شيئا في علاقات تركيا

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة سبوتنيك الروسية، عن انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن لنظيره التركي رجب طيب أردوغان فيما يتعلق ببعض الأمور مثل علاقته بروسيا وبرنامجها الدفاعي.

وتطرقت النسخة الفارسية من الوكالة إلى الحديث عن "الإبادات الجماعية للأرمن، والاعتراف بها رسميا من قبل عدد من الدول". وتحدثت في مقال عن آراء الولايات المتحدة الأميركية المتمثلة تجاه القرارات والتصرفات التي تقدم عليها تركيا.

قضية الأرمن

ونقلت سبوتنيك عن مركز مارينغي في موسكو: ليست القضية في الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن من قبل أميركا.

فالأتراك من الآن فصاعدا لن يركزوا بدقة على تصريحات الزعيم الأميركي في تاريخ كل 24 أبريل/نيسان، حيث اعترف جو بايدن رسميا بمقتل الأرمن في الإمبراطورية العثمانية عام 1915 باعتبارها إبادة جماعية. 

بلا شك أعربت أنقرة عن استيائها، ويتعجب الجميع الآن من كيفية رد أردوغان.

ذكرت الوكالة أن الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن حقيقة منذ فترات طويلة. وقبل ذلك، صوب كلا مجلسي الكونغرس التابع للولايات المتحدة على القرارات المناسبة، حيث العديد من الدول الأوروبية اعترفت رسميا بحوادث عام 1915 باعتبارها إبادة جماعية.

 لكن ماذا يجب أن يقال؟ روسيا أحد شركاء تركيا الرئيسيين في المنطقة، وظهر ذلك بتحديد رسمي عام 1995 لكن لا يؤثر هذا الأمر على المشاركة الإستراتيجية للدولتين.

ومن اللافت للنظر هنا أن بايدن قبل أن يعلن قراره، تحدث مع أردوغان في مكالمة هاتفية، وكأنه أرد إرسال رسالة بأنه غير راض عن الإجراءات التركية.

لم يذكر موضوع الإبادة الجماعية على الإطلاق خلال البيان الصحفي لرئاسة الجمهورية التركية عقب هذه المحادثة.

وعلى أي حال، فإن المسؤولين الأتراك كانوا مستعدين من أجل مثل هذا السيل من الحوادث. 

رد فعل أنقرة تقريبا لم يختلف مع سابقه على القرارات المشابهة السابقة. ذكرت وزارة الخارجية التركية أن أداء بايدن لا يتطابق مع روح المشاركة، وهذا خطأ. وتم تكرار هذه الصيغة القياسية مرات عديدة. 

وتابعت الوكالة قائلة: الحقيقة أن الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية لم يكن المشكلة الأولى في العلاقات بين تركيا وأميركا.

أزمات متعددة

 هناك أسباب أخرى عملية أكثر، فعلى سبيل المثال مسألة سوريا، مشكلة الأكراد، والتحالف العسكري والفني بين تركيا وروسيا. 

بسبب الاختلاف في وجهات النظر فيما يتعلق بهذه الأمور، بدأت واشنطن في وضع أنقرة تحت الضغط في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

 أخرجت الولايات المتحدة تركيا من الخطة الحربية إف-35 بسبب شرائها منظومة إس-400 الروسية، ووضعت ضرائب إضافية للواردات التركية، كما وضعت بعضا من السياسيين والشركات التركية تحت العقوبات. 

يدعم الأميركان أكراد سوريا، وكانوا يتجاهلون موضوع فتح الله كولن المتهم في تركيا بتنفيذ محاولة انقلاب 2016 في تركيا.

وأردفت الوكالة: على هذا الحال، فإن ضغط واشنطن على تركيا ليس له أثر بشكل عام.

إذ إن إخراج تركيا من مشروع إف -35 بمثابة امتناع عن بيع أنظمة باتريوت المضادة للطائرات لهم والامتناع عن اشتراك أنقرة في التكنولوجيا الأميركية من أجل التطور في الصناعة الدفاعية التركية لا يعد جانبا حرجا بالنسبة لهم. 

فطائراتهم بدون طيار أوضحت تأثيرها في حروب قره باغ وليبيا، كما أن دول أخرى مثل أوكرانيا تهتم بها. يتم استخدام الأسلحة التركية الأكثر دقة في النجاح ضد الأكراد، ويريدون أن يبيعوها في الخارج.

بالإضافة إلى ذلك، تركيا على وشك أن تصبح حليفا منخفض القيمة بالنسبة للولايات المتحدة. أنقرة على أعتاب التحالف مع روسيا بشكل فعال، ولا تستعجل في الرجوع إلى واشنطن من أجل المساعدة في سوريا.

التصريحات الحالية لبايدن ليست نوعا من نقط التحول المهمة في تاريخ علاقات الولايات المتحدة وتركيا. 

ولقد أوضحت الولايات المتحدة من قبل أن الاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية لن يؤثر على التحالف العسكري مع تركيا، وأعربت عن أملها في تقوية العلاقات مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لا تغيير

وبشكل محتمل، لن يؤثر هذا البيان على العلاقات بين روسيا وتركيا كثيرا. 

فخلال السنوات الأخيرة تحولت العلاقات بينهما إلى بنية معقدة حيث صار تغيير أي أمر فيها ليس بالشيء اليسير. 

ومن ناحية، هناك العديد من المشاكل والخلافات الكبيرة بين الدولتين. ومن ناحية أخرى، أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يفهمان بعضهما بشكل جيد، وقاما باستثمارات كبيرة بشكل شخصي لخلق تعاون بينهما. 

وخلال هذه الظروف، حتى أي إشارة طويلة من واشنطن لن تجبر أنقرة على تغيير طريقها، ولا يوجد هروب إلى حضن موسكو لتحذير الأميركان، بحسب ما أوردته الوكالة.

وترى أن الاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية من قبل واشنطن سيهيئ الفرصة أكثر للتأثير على علاقة روسيا بأرمينيا. 

فمن وجهة نظر الأرمن، مسألة الإبادة الجماعية أمر مقدس. وأوضح بايدن للأرمن أن الولايات المتحدة على أتم الاستعداد للدفاع عن أصلهم. 

بالتزامن مع الحملة الانتخابية الحالية في أرمينيا، يمكن أن يساعد هذا الأمر على توطيد وجود واشنطن هناك، على الرغم من الأخذ في الاعتبار أن يريفان مرتبطة بموسكو سواء من الناحية الاقتصادية، أو الأمنية، وهذا الأمر ليس بسيطا.

واعتبر البعض أن رد أردوغان تجاه الاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية ضعيف للغاية، كونه مشغول جدا في الوقت الراهن، حيث يتحكم في أكبر الأحزاب السياسية، ويحافظ على الوحدة، وفق الوكالة.

وتقول: "لا ينتقي أردوغان كلماته بعناية أثناء المؤتمرات الدولية، حيث كان يأمر عمالقة التجارة الأميركية مثل جوجل، تويتر، أبل بكيفية التجارة في بلده، وكان يعطيهم التقارير".

ورغم ذلك، تضيف أن "جاذبية السوق في حالة نمو حيث أن 80 مليون عميل محتمل من الممكن أن يمنح تركيا هذه الإمكانية".

واختتمت الوكالة مقالتها: "اعتاد زعيم تركيا على الانتقادات الأميركية حتى الانتقادات الحادة أمام العوام. والاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية في أرمينيا لن يدفع أنقرة للاستقلال (الانفصال عن شركائها) بشكل كبير".