متهمة باختراق الخصوصية.. هل تسير هواتف شاومي على خطى هواوي؟

12

طباعة

مشاركة

وصفت شركة هواوي الصينية، أداءها في عام 2019 بكلمة "قوي"، إذ شحنت 240 مليون هاتف وحافظت على مكانتها في المركز الثاني (بعد سامسونغ)، لكن الشركة أرادت أن تقترب أكثر من علامة 300 مليون مستخدم.

خلال 2020، حاولت هوواي زيادة حصتها السوقية، وتضييق الخناق على سامسونغ، لكنها في الوقت ذاته حذرت من أن عام 2020 سيكون صعبا، متوقعة انخفاض مبيعات الهواتف الذكية.

في نفس اليوم الذي أعلنت فيه هواوي نتائجها لعام 2019 (31 مارس/آذار 2020)، أعلنت منافستها المحلية شاومي نتائجها أيضا على الصعيد المحلي، ورغم أن شاومي تعتبر صغيرة جدا مقارنة بهواوي، لكن مبيعاتها الخارجية تتزايد بوتيرة أسرع من انكماش حصة هواوي.

في يوم إعلان النتائج، تفاخرت شاومي بأنها "حققت أعلى نمو سنوي في شحنات الهواتف الذكية بين الشركات الخمس الكبرى"، وشهدت شاومي نموا في إيراداتها من الأسواق الخارجية بنسبة 30% خلال العام، وصلت إلى 40% في الربع الأخير.

بنهاية عام 2019، شكلت صادرات شاومي ما يقرب من 47% من مبيعات الشركة، الرقم الذي تجاوز الآن 50% بكل تأكيد، وبينما استغرقت هواوي نحو عقد كامل من أجل غزو السوق الأوروبي، شهدت شاومي نموا 15% في الربع الرابع، وارتفعت مبيعاتها في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا بنسبة 65% و69% و206%، على الترتيب.

وفي تحقيق أجرته مجلة "فوربس" الأميركية، في أبريل/ نيسان 2020، كشفت المجلة أن الشركة الصينية تجمع بيانات التصفح من المستخدمين الذين يستخدمون هواتفها والمتصفحات المدمجة، ما جعلها أمام تهم باختراق الخصوصية، وهو المسار نفسه الذي واجهته هواوي من قبل.

"آبل الصين"

خطفت شركة "شاومي" للهواتف الذكية، الأسرع نموا في الصين، الأضواء من آبل عند إطلاق آيفون 6 في دول آسيا وأميركا اللاتينية.

كثيرا ما يطلق على "شاومي" لقب "آبل الصين"، وفق مجلة "ذا وورلد ويكلي" الأميركية، التي اعتبرت "التسمية منطقية، إذ تبيع شاومي هواتف ذكية وأجهزة لوحية، الكثير منها يشبه آبل، من حيث التصميم والعرض التسويقي".

الملياردير الصيني لي جون، هو الرئيس التنفيذي والمؤسس والوجه العام لشركة شاومي التي تأسست في 2010، يبلغ من العمر 44 عاما، ويظهر في بعض الأحيان بسترات سوداء وجينز أزرق لإعلانات منتجاته، وهو مظهر يذكر بالراحل جوبز أو تيم كوك، بحسب المجلة الأسبوعية الأميركية.

أضاف التقرير أن المؤسس مغرم أيضا بالشعارات البليغة، إذا كان لدى آبل عبارة "فكر بشكل مختلف"، أما شاومي فروجت لنفسها بعبارة "توقع المزيد".

تقرير صدر عن مجلة فوربس، أثار مخاوف من أن شركة تصنيع الهواتف الصينية تجمع بيانات خاصة على مواقع الويب التي يزورها المستخدمون بالإضافة إلى معلومات دقيقة حول التطبيقات المستخدمة والملفات المفتوحة على الأجهزة.

دافعت "شاومي" عن نفسها ضد الاتهامات بأنها تجمع بيانات خاصة من الأشخاص الذين يستخدمون هواتفها وتطبيقات مستعرض الويب، ونفت الاتهامات التي وجهت لها، قائلة: إنها تجمع إحصائيات الاستخدام حول الاستجابة والأداء لأجهزتها.

قالت الشركة أيضا: إنها تقوم بمزامنة سجل تصفح الإنترنت إذا كان لدى الأشخاص الميزة قيد التشغيل في إعداداتهم. ونفت أي مخالفات وقالت: إن "فوربس" أساءت فهم مبادئ وسياسة خصوصية البيانات الخاصة بها. 

وقالت الشركة: "في شاومي تعتبر خصوصية وأمن مستخدمينا أولوية قصوى. نحن نتبع بصرامة قوانين ولوائح حماية خصوصية المستخدم في جميع أنحاء العالم ونتوافق معها تماما".

تثبيت التهمة

استعانت مجلة "فوربس" بالعديد من الباحثين الأمنيين الذين قالوا: إن الشركة تجمع سجل الويب بالإضافة إلى بيانات الهاتف، مثل الأرقام وتحديثات أندرويد. 

يسمح الجمع بين البيانات وأرقام التعريف لشركة "شاومي" بربط جميع البيانات التي تجمعها بالأفراد، وهو ما قاله خبير الأمن السيبراني، ​​جابي سيرليج لـ"فوربس"، إنها أكثر الجوانب إثارة للقلق في النتائج التي توصل إليها.

أخبر سيرليج المجلة أنه عند استخدام متصفح شاومي الافتراضي على Redmi Note 8 الخاص بها، فإنه "يسجل جميع المواقع التي زارها، بما في ذلك استفسارات محرك البحث، وكل عنصر يتم عرضه في ميزة موجز الأخبار لبرنامج شاومي".

قال سيرليج: إن هذا التتبع يبدو أنه يحدث حتى عند التصفح في وضع التصفح المتخفي. وبحسب ما ورد على فوربس، يسجل الهاتف أيضا أشياء مثل المجلدات التي تم فتحها وأكثر التطبيقات التي يفتحها المستخدم. 

أفاد الخبير الأمني للمجلة أنه يتم إرسال البيانات إلى خوادم في الصين وروسيا وسنغافورة، والتي استأجرتها شركة شاومي.

تجمع المتصفحات الأخرى أيضا -مثل Chrome (من صنع Google) وFirefox (من إنتاج Mozilla)- معلومات حول المواقع التي زارها المستخدم. لكنهم في الوقت نفسه يقدمون معلومات مفصلة حول كيفية حماية البيانات. 

وتقول جوجل: إن "كروم يجمع بيانات عشوائية مجهولة حول الاستخدام غير المرتبط ببيانات المستخدم".

وفي عام 2017، أطلقت Mozilla برنامجا لجمع بيانات الاستخدام من مستخدمي Firefox، محميا بعملية تسمى الخصوصية التفاضلية التي تجعل من الصعب للغاية معرفة ما إذا تم تضمين بيانات فرد معين.

تحوم حول الهواتف التي تشغل أنظمة تشغيل Apple iOS أو أندرويد مخاوف من اختراق الخصوصية، وغالبا ما يتعين على الباحثين التعمق في الأجهزة لمعرفة أنواع بيانات الموقع واستخدام التطبيقات التي تجمعها تطبيقات الجهات الخارجية وترسلها إلى المعلنين. 

لكن هذا يختلف عن صانع الهاتف نفسه الذي يجمع بيانات المستخدم، والتي تقول شركة آبل إنها تحاول الحد منها قدر الإمكان من خلال معالجة بيانات المستخدم على الهاتف وتركها هناك، وفق موقع "سي نت" الأميركي المتخصص في التكنولوجيا.

وتعالج جوجل أيضا البيانات الموجودة على الهاتف عندما يكون ذلك ممكنا، بحسب الموقع، وقد "طورت كلتا الشركتين طرق خصوصية تفاضلية لتحليل مجموعات البيانات الإجمالية".

بالإضافة إلى ذلك طورت جوجل برامج التعلم الموحدة، والتي تسمح لبرامج الكمبيوتر بتحليل البيانات باستخدام التعلم الآلي على أجهزة المستخدمين.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت تستخدم الخصوصية التفاضلية أو غيرها من وسائل الحماية لبيانات المستخدم، قالت شاومي: إنها استخدمت التكنولوجيا بطريقة محدودة لمختبري أجهزتها في الصين. 

وقالت الشركة في بيانها: "لدينا خطط لتوسيع التكنولوجيا بشكل أكبر لتشمل منتجاتنا ومستخدمينا على مستوى العالم، وسنواصل تحسين وتنفيذ إجراءات خصوصية أكثر صرامة لضمان أمن الإنترنت لمستخدمينا".

أبواب خلفية

كل ذلك يعود إلى العلاقات المزعومة مع الحكومة الصينية. يقول مارتن ثورلي، الباحث في معهد السياسة الصينية بجامعة نوتنغهام البريطانية، الذي ربط بين الخروقات التي سجلت في حق هذه الشركات وبين الحكومة الصينية، قائلا: "هواوي مثل أي شركة كبرى في الصين، تعتمد أساسا على الحزب الشيوعي الحاكم".

أوضح ثورلي في تصريح لموقع "وايرد" البريطاني أن "الحزب الشيوعي ليس الحكومة فقط، بل إنه القضاء والصحافة والشرطة"، في إشارة إلى أنه يسيطر على كل القطاعات في البلاد.

قال الخبير: إن الحزب يمكن أن يضغط على الشركات لتثبيت أبواب خلفية في منتجاتها تسمح للصين بالتجسس على الشبكة على نطاق عالمي. 

استجوب القادة السياسيون مؤسس هواوي، الذي كان مهندسا في الجيش الصيني وانضم إلى الحزب الشيوعي الحاكم في عام 1978. وقد أثيرت مخاوف مماثلة سابقا حول شركة الأمن الروسية كاسبيرسكي، وعلاقاتها بأجهزة الاستخبارات في البلاد.

يقول تيم ستيفنز، المحاضر في الأمن العالمي والأمن السيبراني في كينجز كوليدج لندن: "السؤال هو ما إذا كانت هذه العلاقات تؤثر على الطريقة التي تبني بها هواوي منتجاتها".

وأفاد أن القلق في الغرب من أن تكون هذه الشركات قد بنت بعض نقاط الضعف في المنتجات التي تبيعها، والتي يمكن أن يستغلها الجيش والمخابرات الصينية لاحقا.