صحيفة إسبانية: مصر في عهد السيسي.. "سفينة" تتجه نحو القاع

12

طباعة

مشاركة

يتدهور الوضع في مصر بشكل سريع بالتزامن مع توتر ناتج عن احتجاجات انطلقت لعدة أيام في 20 سبتمبر/أيلول 2020 في العديد من أنحاء البلاد، في وقت يزداد الاقتصاد سوءا كل يوم، فيما أصبح التأثير السياسي للبلاد رمزيا لا غير. 

في هذا السياق العصيب، لجأ رئيس النظام عبد الفتاح السيسي إلى زيادة القمع ورفع قيمة الضرائب؛ وهما عاملان يؤججان الاحتجاجات ويقودان البلاد إلى وجهة مجهولة.

وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية: إن حالة الغضب الشعبي التي تعكسها الاحتجاجات الأخيرة، ليست إلا نتيجة للوضع السياسي والاقتصادي الذي عانى منه المصريون بعد سبع سنوات من الانقلاب الذي قاده السيسي.

خلال هذه الفترة الطويلة، قدمت السلطات وعودا للمصريين بتحقيق الازدهار في البلاد، في اتفاق ضمني مقابل التنازل عن حرياتهم؛ لكنهم لم يظفروا بهذا ولا ذاك.

قضية مركزية

وأشارت الصحيفة إلى أن مطالبة المصريين بتغيير النظام وإرساء الديمقراطية تعد قضية مركزية أمام احتمال أن يعيد صندوق الاقتراع الإخوان المسلمين إلى السلطة كما حدث بالفعل بعد ثورة 2011 ضد حسني مبارك. 

في هذه الحالة، ستفرض ديمقراطية التصويت، وهي ليست ديمقراطية دائما، لأنه (من الصعب) قبول نتيجة لا ترضي الغرب ولا القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، أي إسرائيل، ولا حلفاءها السعوديين والإماراتيين.

وأوردت الصحيفة أن حالة مصر مثيرة للاهتمام لأن الإسلاميين لم يردوا بالعنف على انقلاب 2013 الذي أطاح بهم من السلطة، على عكس ما توقعه الكثيرون. 

في هذا السياق، عاشت مصر تجربة حكومة إسلامية تنبذ العنف، وهو أمر لا يمكن قوله بطبيعة الحال عن سوريا، حيث ستؤدي التجربة الإسلامية بلا شك إلى نتائج عكسية وعنيفة بشكل رهيب. وقد برهنت على ذلك الحرب الأهلية الرهيبة التي روج لها الغرب والدول المعادية للإسلاميين في المنطقة.

وأفادت الصحيفة بأنه بعد أكثر من سبع سنوات في المنصب، أصبح من الواضح أن السيسي ليس الرئيس المثالي لقيادة مصر، لكنه لن يتنازل عن السلطة. 

في الآن ذاته، إذا تدهور الوضع المزعزع، من الوارد أن يحدث انقلاب آخر في مصر، قد يكون أفضل أو أسوأ، لكن ذلك لن يغير عناصر المعادلة.

ونوهت بوبليكو بأن تطبيع العلاقات الإماراتي الإسرائيلي يمثل انتكاسة كبيرة للاقتصاد المصري.  

دور متراجع

ويفسر ذلك أولا، بأن مصر ستتوقف قريبا عن كونها الشريك التجاري العربي الأول لإسرائيل، وثانيا، لأن طرق النقل البديلة ستُفتح بالتأكيد وستخلف عواقب وخيمة على قناة السويس التي وسعها السيسي للتو بمشروع فرعوني كلفه مليارات الدولارات.

وأضافت الصحيفة أنه من حيث الثقل السياسي، فإن الدور الذي لعبته مصر لعقود من الزمن كوسيط رئيسي بين إسرائيل والعالم العربي سيتلاشى.

 لكن، من الواضح أن إسرائيل لن تترك السيسي يغرق لأنه الحاجز الذي يمنع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة في مصر.



في الواقع، قبل بضعة أشهر، كشفت القناة 12 في التلفزيون العبري أن السيسي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدثان عبر الهاتف بشكل أسبوعي وأحيانا يوميا حول قضايا مختلفة.  

وفي وقت سابق، أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن انقلاب السيسي تم بالتنسيق مع إسرائيل وحظي بمباركة هذا البلد.

ونقلت الصحيفة أن المحلل محمد عصمت يتوقع أن يتدهور الوضع أكثر. وفي تحليل له على موقع الشروق نيوز، كتب أن "نظام الأمن القومي العربي بكامل أبعاده العسكرية والسياسية والاقتصادية (بعد اتفاقيات السلام الأخيرة مع إسرائيل)، سيشهد حالة من التفكك.

تأثيرات سلبية

من ناحية أخرى، سيتم تجميد  خطابات العالم العربي حول الحرية والوحدة والتنمية المستقلة وتصبح في طي النسيان".  

وأوردت الصحيفة أن عصمت، وهو بالتأكيد على حق، يعتقد أنه سيتم تهميش وإضعاف جامعة الدول العربية والمؤسسات العربية الأخرى لصالح إسرائيل، التي أصبحت عمليا القوة الوحيدة في المنطقة، مما يسمح لنتنياهو بوضع سياسات إقليمية.  

وبالفعل، في السنوات الأخيرة، تحقق هذا الهدف عندما أصبحت دول مثل الإمارات أو السعودية بيادق يستخدمها نتنياهو هنا وهناك حسب اهتماماته.  

وأشارت الصحيفة إلى أن مصر أصبحت مؤخرا تتلقى مساعدات اقتصادية أقل من السابق، من السعودية والإمارات. ويعود ذلك لسببين: من ناحية أولى، يواجه السعوديون مشاكل بسبب تراجع أسواق النفط، ومن ناحية أخرى، تنفق الإمارات أموالها على جبهات أخرى حيث تتورط بشدة.

وبطبيعة الحال، فإن هذا الوضع له تأثير سلبي داخل مصر؛ حيث يتسبب في الفقر ويؤجج الاحتجاجات ويزيد من القمع ضد من يجرؤ على انتقاد السيسي. 

وعلى الرغم من أن هذه الأحداث تضعف السيسي، إلا أنه لا يمكن التكهن بما إذا كانت ستطيح به من السلطة على المدى المتوسط. 

وعلى أية حال، فإن تراجع المداخيل سيجبر السيسي على خفض الدعم وزيادة الضرائب، وهو ما سيترجم إلى مزيد من الاضطرابات في بلاد الفراعنة.

وإلى جانب الفقر المستشري والمنتشر بشكل خاص في المناطق الريفية، لا بد من الإشارة إلى أن السيسي قد رفع في أسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والنقل إلى درجة يصعب تحملها على كثير من المصريين.