"إنسايد أوفر": التعاون النووي الصيني السعودي يفزع واشنطن

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "إنسايد أوفر" تقريرا تناول فيه فزع واشنطن من التعاون بين الرياض وبكين في المراحل الأولى من برنامج السعودية النووي، مؤكدا أن أغراض غير السلمية للإمارات والسعودية وراء إنشاء محطات طاقة نووية، خاصة فيما يتعلق بالمواجهة مع إيران، والمخاوف من برنامجها النووي.

وقال الموقع في نسخته الإيطالية: "في الشرق الأوسط، وخاصة بمنطقة الخليج، لا تمتلك إيران وحدها برنامجا نوويا نشطا. لكن في السنوات القليلة الماضية، اتخذت دولتان أخريان خطوات لتشييد محطات للطاقة النووية، حيث أصبحت الإمارات أول دولة عربية تقوم بتنشيط محطة طاقة من هذا النوع، وتسابق  السعودية الزمن نحو إشعال أولى نيرانها النووية".

وهكذا، بالإضافة إلى إسرائيل، ستكون هناك قريبا ثلاث دول في المنطقة قادرة على الاستفادة من الطاقة التي تنتجها ذرة اليورانيوم، خاصة من منتجها الثانوي الخاص جدا، البلوتونيوم، والذي يمكن استخدامه، بعد بعض عمليات التصنيع، مثل متفجر في القنابل النووية.

علاقة وثيقة

ولفت الموقع إلى أنه قبل التركيز على البرنامج النووي السعودي وعلاقاته الوثيقة بالصين، قد يكون من المثير للاهتمام إلقاء نظرة سريعة على ما قامت به دولة الإمارات. وكانت الرغبة الشديدة في التحرر من الاعتماد على النفط وراء إطلاق برنامج  الإمارات النووي، وقد عملت على تطويره كوريا الجنوبية التي بنت المفاعلات الأربعة التي ستزود ربع احتياجات البلاد من الكهرباء.

وأفاد "إنسايد أوفر" بأن بناء محطة الطاقة النووية، على الرغم من تأكيد أبوظبي على أغراضها المدنية، ولدت حيرة وقلقا بين المحللين والدبلوماسية الدولية. خاصة وأن تشييدها، لاسيما وأن الخليج العربي في حالة غليان بسبب الأوضاع في اليمن، يمثل تهديدا للأمن والبيئة.

وتابع: "فضلا على أن  وقوف الإمارات إلى جانب السعودية في مواجهة إيران وحليفتها الإقليمية الوحيدة، قطر، سيجعل من محطة للطاقة النووية هدفا جذابا لهجوم مثل الذي تم شنه على منشآت "أرامكو" السعودية منذ عام تقريبا". 

ويرى الموقع أن التطمينات نفسها للاستخدام السلمي الخالص غير مؤكدة إلى حد ما، وقد لا تقنع طهران التي تكثف من النشاط البحثي لبناء أول رأس حربي نووي، مما يُنتج حلقة مفرغة من شأنها أن تشمل أيضا إسرائيل، القوة الذرية الوحيدة المعروفة في المنطقة، والتي لن يكون أمامها خيار سوى القضاء على الخطر الذي تشكله إيران التي تمتلك أسلحة نووية.

ولإثبات أن نواياها سلمية، تذكر أبوظبي أن البرنامج وُلد بالاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع الولايات المتحدة، التي وقعت معها اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية في عام 2009. مما يسمح لها بتلقي المواد الانشطارية والمساعدة الفنية، باستثناء تخصيب اليورانيوم وأنشطة تطوير القنابل المحتملة الأخرى. ومن الجانب الإيراني، هناك اعتقاد بأن هذه التطمينات غير صادقة، بحسب الموقع.

وذكر الموقع أنه "بينما دعمت واشنطن الإمارات في برنامجها النووي، فإنها من ناحية أخرى، قلقة بشأن البرنامج السعودي، الذي لا يزال عمليا في مراحل مبكرة، لأنه وثيق الصلة بالصين".

مخاوف أميركية

وبحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن أجهزة المخابرات الأميركية أصدرت في الأسابيع الماضية تحليلا للجهود التي تبذلها الرياض، بالتعاون مع بكين، للحصول على القدرة الصناعية لإنتاج الوقود النووي. وأثار التحليل خطر احتمال أن يكون هذا التعاون يهدف إلى تحويل اليورانيوم الخام إلى شكل يمكن تخصيبه لاحقا لاستخدامه في الأغراض العسكرية، أي القنابل النووية. 

وتجدر الإشارة أن اليورانيوم المستخدم في محطة للطاقة النووية، غير ملائم للحصول على تفجير نووي إذا لم يتم تخصيبه بأدوات خاصة، ما يسمى بأجهزة الطرد المركزي.

وفي تقرير الموقع، حدد المحللون أيضا منشأة مكتملة حديثا بالقرب من منطقة إنتاج الألواح الشمسية بالقرب من العاصمة السعودية، والتي يُشتبه في أنها واحدة من عدة مواقع نووية غير معلنة. وقد صرح  مسؤولون أميركيون بأن الجهود السعودية لا تزال في مرحلة مبكرة، وبالتالي حتى إذا قررت الرياض المضي قدما في برنامج نووي عسكري، فإن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن يكون لديها القدرة على إنتاج رأس نووي واحد.

وأشار "إنسايد أوفر" إلى أن السعودية لم تخف أبدا أنها تريد امتلاك برنامج نووي خاص بها يكون مضادا للبرنامج الإيراني، وكان التوجه النهائي نحو هذا القرار على وجه التحديد بمناسبة توقيع الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وهو الاتفاق الذي وضع حدود برنامج طهران النووي عام 2015. وكان ولي العهد السعدودي محمد بن سلمان، قد أكد في عام 2018 أن السعودية ستسعى لتطوير أو الحصول على أسلحة نووية إذا واصلت إيران برنامجها النووي.

ودفع نفس التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة، بدعم قوي من أوروبا وإدارة أوباما، الرياض نحو بكين، بعد أن شعر الأمراء بطريقة ما بـ"خيانة" واشنطن، وبالتالي فتحوا الأبواب أمام الصينيين، الذين وفروا التكنولوجيا لتكرير خام اليورانيوم الخام وتحويله إلى ما يسمى بالكعكة الصفراء. وهو تركيز يتم تحويله بعد ذلك إلى غاز في شكل سداسي فلوريد اليورانيوم  الذي سيستخدم بعد ذلك في أجهزة الطرد المركزي للتخصيب. وتعد تلك الخطوة الأولى في استخدام المعدن لأغراض مدنية أو عسكرية.

يُذكر أن السعودية والصين أعلنتا علنا عن سلسلة من المشاريع النووية المشتركة، بما في ذلك مشروع لاستخراج اليورانيوم من مياه البحر، بهدف معلن وهو مساعدة أكبر منتج للنفط في العالم على تطوير برنامج للطاقة النووية أو أن تصبح دولة مصدرة لليورانيوم.  وتمثل الرياض منتجا محتملا لليورانيوم من مصادر غير تقليدية، ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوجد في الواقع حوالي 283400 طن من المعادن المحتوية على اليورانيوم في رواسب الجلاميد والخبراء وقريه وجبل السيد وأم وعال، لم تدخل بعد مرحلة الاستغلال.

حرج كبير

وهكذا وجدت واشنطن نفسها في حرج كبير، فمن ناحية تدين بشدة البرنامج النووي الإيراني، لدرجة أنها مزقت من جانب واحد خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن الممكن أن يكون هذا القرار قد اتخذ على وجه التحديد لمحاولة إبعاد الرياض عن بكين واستعادة تأييدها، ومن ناحية أخرى تجد نفسها مترددة جدا في اتخاذ نفس الموقف الشديد تجاه السعودية.

وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" أيضا تصريحات وزارة الخارجية حول هذه المسألة، والتي تفيد في فهم ماهية موقف الدبلوماسية الأميركية. وتحذر واشنطن في مذكرة بشكل منهجي جميع شركائنا من مخاطر الانخراط في الأنشطة النووية المدنية لجمهورية الصين الشعبية بما في ذلك مخاطر التلاعب الإستراتيجي والإكراه، فضلا عن سرقة التكنولوجيا. "نحن نشجع بقوة جميع الشركاء على العمل فقط مع الموردين الموثوق بهم الذين لديهم معايير قوية لعدم انتشار الأسلحة النووية ".

ويتابع البيان ليشير إلى "أننا نعارض انتشار تقنيات التخصيب وإعادة المعالجة ( اليورانيوم)" وأن الولايات المتحدة "ستولي أهمية كبيرة" لاستمرار التزام السعوديين بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. لذلك فإن السعودية مدعوة لإبرام اتفاقية مع الولايات المتحدة "مع ضمانات قوية ضد الانتشار تسمح للصناعات النووية السعودية والأميركية بالتعاون".

وخلص الموقع إلى أن البيت الأبيض يبدو بصدد البحث عن مقاربة سلسة لكبح القوة الناعمة الصينية في السعودية. وأظهرت هذه الأخيرة في تاريخها الحديث أيضا أنها تريد التطلع إلى تلك الدول التي لها خصومة مباشرة للولايات المتحدة، مثل روسيا، للحصول على قدرة ردع تجاه عدوها اللدود إيران، من خلال الحصول على الأسلحة.

لذلك لن تكون مهمة وزارة الخارجية الأميركية سهلة، على الرغم من تقارب ترامب مع المواقف المؤيدة للسعودية، لأنه من غير المرجح أن تتخلى الرياض عن المسار الذي اتخذته مع بكين، على ضوء ما تنجزه في القطاعات الأخرى.