لوفيجارو: لهذه الأسباب تحدى قيس سعيد الأحزاب في تونس

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الضوء على الأسباب التي دفعت الرئيس التونسي قيس سعيد لتعيين هشام المشيشي رئيسا للحكومة، وهو الأمر الذي قالت إنه أثار مفاجأة من خلال تحدي الأحزاب السياسية.

وعن شخصية رئيس الوزراء الجديد، أضافت الصحيفة: "هذا الشخص شغل منصب وزير الداخلية منذ نهاية فبراير/ شباط، وأمامه الآن شهر واحد لتشكيل الحكومة وكسب ثقة البرلمان، بينما تعيش السلطة التشريعية أزمة حادة".

ونوهت بأن هشام المشيشي، البالغ من العمر 46 عاما، سيحل خليفة لإلياس الفخفاخ، الذي استقال بعد اتهامات وجهت له في ملف تضارب مصالح يوم 15 يونيو/حزيران، من قبل حزب النهضة، وهو حزب الأغلبية في البرلمان.

وتحقق لجنة برلمانية في شبهات تضارب مصالح، متهم فيها الفخفاخ، لعدم تخليه عن حصص يمتلكها في شركة متخصصة في تدوير النفايات تمكنت من الفوز بمناقصات حكومية.

وبدأ الموضوع يحظى باهتمام واسع لدى الرأي العام في تونس منذ أن صرح النائب التنفيذي السابق لشركة تابعة لمجموعة توتال الفرنسية للطاقة، منتصف يونيو/حزيران أن الفخفاخ يملك أسهما في هذه الشركة وأنه بصدد التخلي عن حصصه فيها.

وأشارت "لوفيجارو" إلى أنه بالنسبة لقرطاج، مقر القصر الرئاسي، رئيس الحكومة الجديد  يمتلك نقاطا إيجابية كثيرة تجعل منه الشخص المناسب في المكان المناسب، مبينة أنه يتمتع بالنزاهة حيث كان جزءا من اللجنة الوطنية للتحقيق في الفساد والاختلاس عام 2011.

القانون والنزاهة

كما أنه مستقل عن الأحزاب السياسية، وعمل كمدير مكتب في أربع وزارات مختلفة، وبالتالي يعرف كواليس الحكم في تونس، وسيشرع في العمل مباشرة دون تضييع للوقت.

ويقول  أحد مسؤولي القصر الرئاسي للصحيفة: إن المشيشي أيضا رجل قانون ومحام يجعل من أولوياته سيادة القانون والنزاهة، وهذا ما يقربه من الرئيس التونسي، إضافة إلى تعيينه لفترة وجيزة مستشارا مسؤولا عن الشؤون القانونية لقيس سعيد في فبراير/ شباط 2020.

من جهته علق مصطفى بن أحمد، عضو "تحيا تونس"، حزب يوسف الشاهد الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة من أغسطس/ آب 2016 وحتى فبراير/ شباط 2020 على تعيين المشيشي.

قال ابن أحمد: "لقد بذل جهودا كبيرة في وزارة الداخلية من خلال إدارة التوترات الاجتماعية بشكل جيد (مع ذلك وقعت اشتباكات عنيفة في يونيو/ حزيران في جنوب تونس بين الشرطة ومتظاهرين يطلبون بالحصول على عمل).

وبحسب "لوفيجارو"، إذا كان هذا الاختيار من قبل الرئيس، الذي تم الإعلان عنه في 25 يوليو/ تموز، يوم العيد للجمهورية التونسية والذكرى الأولى لوفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، له ما يبرره، فإنه يفاجئ الكثيرين أيضا، فهو لا يستجيب لأي من الاقتراحات التي قدمتها الأطراف التي اضطر قيس سعيد للتشاور معها.

ويرى أسامة خليفي، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب قلب تونس، القوة الثالثة في البرلمان أن "نهج الرئيس خارج القواعد التي وضعها بنفسه. إنه أمر غريب، لكن نحترم قراره".

ولعدم وجود مجموعة برلمانية أو تشكيل سياسي وراءه، انتقد قيس سعيد مرارا وتكرارا السلطة التشريعية والجماعات السياسية خلال حملته الانتخابية. 

الأحزاب والبرلمان

فيما أكد مصطفى بن أحمد، أن "الرئيس عين رئيس وزراء غير حزبي لتحييد الأحزاب السياسية".

وتابع: "أتيحت للأحزاب السياسية الفرصة لتعيين حكومة تشبههم وتجمعهم، من خلال حكومة الحبيب الجملي (التي رفضها البرلمان في يناير/ كانون ثاني). وأتيحت لهم فرصة ثانية مع مرشح اقترحته الأحزاب، حيث كانت حكومة الفخفاخ الذي أجبروه على الاستقالة. كان قيس سعيد يريد بالتأكيد تجنب هذه العواقب".

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه إذا فشل هشام المشيشي في تشكيل الحكومة ونيل الثقة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حل البرلمان، لكن المحللين ما زالوا حذرين، ويرون أن حزبي النهضة وقلب تونس، غير مستعدين للمخاطرة بحل مجلس نواب الشعب.

ونقلت عن شكري بحرية، مدير الدائرة السياسية بمركز جسور للأبحاث: "من الواضح أن قيس سعيد يتحدى الأحزاب والبرلمان".

ولفت إلى أنه "أمام الحزبين الأكثر ثقلا، النهضة وقلب تونس، خياران: التوحد لرفض اختيار الرئيس، لكن بالنسبة لهذا الأمر سيكون من الصعب الحصول على الأغلبية لأن القليل من النواب سيكونون على استعداد للمخاطرة بحل البرلمان".

أما الخيار الثاني فيكمن في تركهما الحكومة تمر وانتظار غرقها في المناخ الاقتصادي والاجتماعي الصعب قبل  تقديم مذكرة سحب الثقة منها، وبما أن البلاد تتوقع حدوث ركود نهاية العام بنسبة 6.5٪ في أعقاب وباء الفيروس التاجي، فإن استقرارها السياسي غير مؤكد. 

وتقول "لوفيجارو": إن البرلمان الذي نتج عن الانتخابات التي شهدتها البلاد في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 مليء بالانقسامات، حتى أن رئيسه، زعيم حزب النهضة، راشد الغنوشي، هو أيضا يواجه خطر العزل من منصبه. 

كما ذكرت أن النهضة لا تملك القوة البرلمانية الكافية، حيث لها 54 مقعدا من أصل 217، وبالتالي فإن التحالفات ضرورية لكنها أثبتت هشاشتها: الائتلاف الذي دعم رئيس الوزراء المنتهية ولايته، إلياس الفخفاخ، بقي لمدة 5 أشهر فقط.

وخلصت "لوفيجارو" إلى أنه من خلال تعيين هشام المشيشي، أعرب قيس سعيد أيضا عن قلقه من بطء وتيرة عملية تشكيل حكومة مستقرة، وبالنسبة لمستأجر قرطاج، يبدو أن حل البرلمان بات أقرب للواقع.