كورونا ينهش أجساد المعتقلين.. هكذا جلبت الإمارات الفيروس لسجونها

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 2 يونيو/حزيران 2020، نددت منظمة العفو الدولية بتردي أوضاع السجون الإماراتية وتدهور صحة المعتقلين خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا عالميا.

المنظمة الدولية كتبت تغريدة على حسابها بتويتر قالت فيها: "يبدو أن أوضاع السجناء في الإمارات من سيئ إلى أسوأ مع انقطاع الزيارات العائلية وعرقلة الاتصالات في ظل تفشي وباء كورونا".

وحذرت المنظمة الدولية من مخاوف متنامية حول صحة المعتقلين وكتبت: "مخاوف متنامية حول صحة كل من أحمد منصور، عبدالرحمن شومان، أحمد صبح، و عبد الله الشامسي، وخصوصا مع ورود معلومات من عوائل الأخيرين عن إصابتهما بكوفيد 19".

تحذير مبكر

 كانت منظمة حقوق الإنسان قد حذرت في تقرير لها في 19 مارس/آذار 2020، من أن السجون الإماراتية بيئة خصبة لانتشار فيروس كوفيد 19، بسبب ظروف الاحتجاز غير الصحية، واكتظاظ الزنازين، وعدم كفاية المرافق الصحية، والحرمان من الرعاية الطبية.

في سجن الوثبة بأبوظبي، صدرت تحذيرات مبكرة من إصابة اثنين من المعتقلين بفيروس كورونا، قبل أكثر من شهرين، غير أن السلطات الإماراتية قابلت تلك التحذيرات بتجاهل، غير عابئة بحياة المعتقلين.

فريق "نحن نسجل" الحقوقي، وجه نداء بوصول فيروس كورونا إلى سجن الوثبة الذي يبلغ عدد نزلائه 4 آلاف سجين، وتسجيل أول حالة إصابة في 23 أبريل/نيسان 2020، لنزيل في العنبر 4B رجال، المخصص لقضايا الجنح.

وأضاف الفريق أن العنبر يضم 140 شخصا موزعين على 24 غرفة احتجاز، ويتقاسمون 8 حمامات فقط، بمعدل حمام لكل 17 نزيلا.

كان النتيجة بعد ذلك هي إصابة نحو 32 معتقلا، في هذا السجن سيئ السمعة، الذي يتلقى نزلاؤه أسوأ أنواع المعاملة، على ذمة تهم تتعلق بالرأي، من بينها تغريدات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

حسب مصطفى عزب المدير الإقليمي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، في لقاء مع قناة الجزيرة، فإن "إجمالي الإصابات في السجون الإماراتية المبلغ عنها في تسريبات وصلت لنحو 131 إصابة، من بينها نحو 30 إصابة في سجن الوثبة في أبوظبي".

يضيف عزب بأن "السلطات الإماراتية عرضت المعتقلين المصابين للإهمال الطبي، ولم تقم بنقلهم للمستشفى لتلقي الرعاية الصحية، وتزداد حالتهم سوءا يوما بعد آخر".

تكتم وإخفاء

السلطات الإماراتية تكتمت على خبر إصابة معتقلين بكورونا في سجن الوثبة، ولم تخطر أهالي المعتقلين بإصابة ذويهم بالفيروس، وأخفت عنهم حقيقة الوضع الصحي لذويهم.

الخبر كشفت عنه منظمات حقوقية وناشطون، حيث أفاد مركز الإمارات لحقوق الإنسان، بإصابة أكثر من 30 معتقلا بفيروس كورونا في سجن الوثبة بأبوظبي.

وأفاد المركز أن المعتقلين يواجهون ظروف اعتقال سيئة، في غرف مكتظة بالمعتقلين و تفتقر لأدنى معايير السلامة والوقاية من الفيروسات والعدوى، وحجرات مغلقة تماما من التهوية وضوء الشمس.

وطالب المركز بإطلاق سراح المعتقلين، خاصة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، الذين مضى على بعضهم في السجن أكثر من 3 سنوات.

مبادرة زائفة

كانت منظمة العفو الدولية قد كتبت في موقعها الإلكتروني، أنه ينبغي على الإمارات الإفراج عن أحمد منصور، وهو ناشط حقوقي فاز بجائزة مارتن إنالز للمدافعين عن حقوق الإنسان في عام 2015، و تم اعتقاله في منزله بعجمان في 20 مارس/آذار 2017.

في مايو/أيار 2018، حكم على منصور بالسجن 10 سنوات بتهمة "الإساءة إلى هيبة ومكانة الدولة ورموزها عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو: "استمرار سجن أحمد منصور، الذي تجاوز الثلاث سنوات في الحبس الانفرادي، ما هو إلا مؤشر  لزيف مبادرة الإمارات لتعزيز دورها كـ"حاضنة التسامح!".

ومن بين المعتقلين المصابين بفيروس كورونا المواطن العماني عبد الله الشامسي، الذي اعتقلته السلطات الإماراتية قبل أكثر من عامين، وعمره 19 عاما، وحكمت عليه بالسجن المؤبد، بتهمة التخابر مع قطر.

والدة الشامسي، وجهت نداء للسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان للتدخل والإفراج عن ابنها، خصوصا أنه يعاني من مرض السرطان، ما يجعل مناعته أضعف في القدرة على مقاومة الفيروس وآثاره، غير أن توتر العلاقات بين عمان والإمارات، أسهمت، فيما يبدو، بعدم نجاح تلك المناشدة حتى الآن.

المواطن الأردني بهاء مطر، هو الآخر أصيب بفيروس كورونا، في سجن الوثبة، بعد أن حكم عليه بالسجن 10 سنوات، وغرامة مليون درهم، بتهمة نشر فيديو مسيء لدولة عربية.

نقل العدوى

تسريب صوتي، لم يتم الكشف عن هوية صاحبه، كشف أن سلطات السجن تتعمد تعريض المعتقلين السياسيين لخطر الإصابة بفيروس كورونا، وذلك بنقل المعتقلين إلى عنابر أخرى، يرجح أن فيها إصابات لكورونا.

التسريب الذي نشرته المنظمة العربية لحقوق الإنسان (مقرها في بريطانيا) يقول: "منذ بداية ظهور كورونا في الإمارات قام مدير الأمن في السجن، الرائد إبراهيم الحمادي، بنقلنا وخلطنا مع عنابر أخرى 4 مرات مع أن خلطنا مع عنابر أخرى كان ممنوعا في السابق لهم.

يضيف التسريب: "في تاريخ 21 مايو/أيار 2020، تم خلطنا مع عنبر آخر نزلاؤه مصابون بالحمّى، بأمر من شرطي اسمه محمد زين المعروف بالنّامي، بحجة الفحص وتم فحص 34 نزيلا في هذا التاريخ والنتيجة أتت سلبية لهم. 

يتابع التسريب: "لكنهم أحضروا الفيروس معهم للعنبر، وبعد حضورهم بدأت تظهر الأعراض على السجناء، وفي تاريخ 28 مايو/أيار 2020 تم فحص باقي العنبر، 43 نزيلا، وأتت نتائج 31 منهم إيجابية (75 في المئة منهم) أي أنهم مصابون بفيروس كورونا ولا يوجد لدينا علاج أو رعاية طبية كافية".

إهمال طبي

تتعمد السلطات الإماراتية حرمان أهالي المعتقلين من زيارة ذويهم، أو حتى إجراء الاتصال بهم، وذلك للتعتيم على حقيقة الوضع الصحي الذي يعيشه المعتقلون، ولتجنب الضغط الدولي بضرورة الإفراج عنهم، أو حتى منحهم الرعاية الطبية اللازمة.

يذكر أن المواطنة الإماراتية علياء عبد النور توفيت في 4 مايو/أيار 2019، في سجن الوثبة، جراء الإهمال الطبي المتعمد من قبل السلطات.

وكان حقوقيون وناشطون قد اتهموا السلطات الإماراتية بالإهمال في علاجها، بعد رفض إطلاق سراحها لتلقي العلاج، بعد إصابتها بسرطان الثدي، وطالبوا أبوظبي- التي أطلقت على 2019 (عام التسامح)- بالإفراج عن علياء فورا، نظرا لتردي حالتها الصحية بشكل لافت، غير أن السلطات رفضت كل تلك المناشدات بإطلاق سراحها أو حتى بالسماح لها بتلقي العلاج.

ومع تفشي فيروس كورونا داخل المعتقلات الإماراتية، يتهدد الفيروس مئات المعتقلين والمعتقلات، ويضاعف من حجم ذلك التهديد الإهمال الطبي المتعمد الذي يواجهه المعتقلون.

كل التعليمات التي يوصي بها الأطباء والمتخصصون لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، لا تشمل المعتقلين، فهم لا يتمكنون من التباعد الجسدي في معتقلات ضيقة تفتقر للتهوية، ولا يتمكنون من اتباع تعليمات الوقاية لأن إرادتهم مسلوبة كما هي حريتهم أيضا.

المؤكد أن إصابة معتقل واحد فقط بالفيروس، يعني على الأغلب، إصابة بقية المساجين، المعتقلين في نفس العنبر.