أمينة العبدولي.. صرخة معتقلة تفضح الانتهاكات في سجون الإمارات

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

الأحد 5 أبريل/ نيسان 2020، ظهر تسريب صوتي جديد، كشفت خلاله المعتقلة الإماراتية أمينة العبدولي، أنها دخلت في إضراب عن الطعام منذ 23 فبراير/شباط 2020، احتجاجا على سوء المعاملة، وفتح قضية جديدة ضدها وضد المعتقلات الأخريات في سجون الإمارات، بسبب التسجيلات التي سربتها العام الماضي، وناشدت خلالها منظمات حقوق الإنسان التدخل لوقف الانتهاكات بحقها.

العبدولي قالت في التسريب الذي نشره حساب "نحن نسجل" على تويتر: "معكم المعتقلة أمينة محمد أحمد سعيد العبدولي، دخلت في إضراب عن الطعام من 23 فبراير 2020 ، احتجاجا على سوء المعاملة، وفتح قضية جديدة ضدنا، بسبب التسريبات التي ناشدنا فيها منظمات حقوق الإنسان التدخل لوقف الانتهاكات". 

وأوضحت العبدولي، أنه تم معاقبتها والمعتقلة مريم البلوشي، بإدخالهما إلى سجن انفرادي حتى 12 مارس/آذار 2020، قائلة : "تم معاقبتي والمعتقلة مريم سليمان (البلوشي) بإدخالنا إلى (سجن) انفرادي حتى تاريخ 12-3-2020" مضيفة: "أبلغت أسرتي بالإضراب، طبعا فوجؤوا، لأنهم تواصلوا مع إدارة السجن (أيام سجني الانفرادي) وأبلغوهم أني بخير، وأن الاتصال قطع لأسباب أخرى".

اعتراف تحت التعذيب

وتروي أمينة، في رسالتها المسربة من السجن، أنها أبلغت أسرتها بالإضراب، كاشفة عن تعرضها للتعذيب وسوء المعاملة، وأنها اضطرت للإضراب، وسط إهمال تام لحالتها الصحية، وقالت: "دخلت الآن الشهر الثاني من الإضراب وسط إهمال تام لحالتي الصحية، حتى أنهم لم يرسلوني للعيادة ولو لمرة واحدة".

وختمت العبدولي رسالتها بالقول: "آثار الإضراب واضحة علي، مثل فقدان الكثير من الوزن والإرهاق ونحوه. أوجه نداء استغاثة لمنظمة العفو الدولية وجميع منظمات حقوق الإنسان بالتدخل والإفراج عنا ولم شملي بأولادي الخمسة خاصة بعد الجائحة العالمية كورونا".

حملة تضامن

وتزامنا مع تسريب العبدولي، انطلقت حملة تضامن واسعة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلات في سجون الإمارات السرية،  أبرزهن أمينة العبدولي ومريم البلوشي، اللتان تعيشان حالة صحية متردية، إثر معاناتهما من عدة أمراض من بينها تليف في الكبد، ومشاكل في وظائف الكلى.

في نوفمبر/ 2016، قضت المحكمة بسجن أمينة العبدولي 5 سنوات، وغرامة مالية 500 ألف درهم (136 ألف دولار)، ومصادرة أجهزتها المضبوطة.

ووفقا للوائح الاتهام، فإن الحكم على أمينة العبدولي يأتي استنادا لتوجيه تهمة "إنشاء وإدارة حسابين إلكترونيين، بغرض الترويج لتنظيم إرهابي".

العبدولي كتبت تغريدات رثت فيها والدها الذي استشهد في سوريا في 2013،  عقب انضمامه لشباب الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، إلا أن الإمارات تعتبر شباب الثورة السورية الذين طالبوا بإسقاط نظام الأسد، من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي تصنفه "إرهابيا".

وأفادت العبدولي في تسريب سابق أنها "تعتقل في سجن يفتقر إلى أدنى شروط الآدمية، حيث تكتظ الغرف بالسجينات، ويتم احتجاز 20 سجينة في غرفة لا تتسع إلا لثمان سجينات فقط، كما أن السجن يفتقر للتهوية، فضلا عن سوء التكييف، الذي عادة ما يكون معطلا، في جو شديد الحرارة، فضلا عن انقطاع المياه لساعات طويلة".

السلطات الإماراتية تحتجز أيضا موزة العبدولي (22 عاما) الشقيقة الصغرى لأمينة، على خلفية تغريدات كتبتها في رثاء والدها، وحسب منظمة العفو الدولية فإن "موزة العبدولي تعتقل وتحاكم في دولة الإمارات بسبب رسائل قصيرة كتبتها على تويتر، اتهمت فيها بالإساءة إلى دولة الإمارات وقيادتها".

رسالة مسربة

المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان (ICJHR)، ومقره في جنيف، حصل أيضا على تسجيل مسرب، كان هو الثاني، للمعتقلة أمينة العبدولي، تتحدث فيه عن تعرضها للتعذيب في سجن الوثبة.

وتروي العبدولي أن التعذيب الذي تعرضت له تسبب بإصابة عينها اليسرى، واعوجاج فكها الأسفل، وأنها طلبت عرضها على طبيب، غير أن الطبيبة التي فحصتها تجاهلت شكواها وقالت إنها في حالة جيدة.

وأضافت المعتقلة أن حراسا نيباليين، بالإضافة إلى سجانات من عدة جنسيات أخذنها بطريقة مهينة وعنيفة للاستجواب، بينما كانت مكبلة بالأصفاد، الأمر الذي ضاعف من تدهور حالتها، بالتزامن مع التعذيب الذي كانت تتعرض له.

وأضافت العبدولي أنه، إلى جنب التعذيب الجسدي الذي تتعرض له، فإنها تتعرض إلى التعذيب النفسي، من خلال الضغط عليها بأطفالها وأنهم سيعانون إذا لم تعترف.

عقب ذلك التسجيل، طالب المركز الدولي للعدالة، أبوظبي، بالإفراج الفوري عن العبدولي، وإجراء تحقيق فوري وجاد من قبل هيئة مستقلة للتحقق من التعذيب وسوء المعاملة الذي تعرضت له.

مريم البلوشي

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اقتحمت الأجهزة الأمنية في الإمارات، منزل البلوشي (40 عاما)، دون مذكرة تفتيش أو أمر قضائي، واقتادتها معصوبة العينين ومقيدة اليدين والقدمين، أمام أبنائها الخمسة، وأخفتها في سجن الوثبة، سيء السمعة، بأبوظبي، قبل أن تفصح عن مكان احتجازها في وقت لاحق.

بسبب تبرعها بمبلغ مالي لصالح عائلة سورية، وجهت المحكمة تهمة "دعم الإرهاب" للبلوشي، وحكم عليها بالسجن 5 سنوات، بناء على اعترافات تقول البلوشي إنها انتزعت منها بالقوة وتحت التعذيب.

منتصف مارس/آذار 2020، وجهت الأمم المتحدة انتقادات للإمارات، على خلفية تعذيب البلوشي، وانتهاكات أخرى بحق معتقلات الرأي في سجون الإمارات.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقريره السنوي بالتعاون مع آليات الأمم المتحدة عن قلقه إزاء تعرض المعتقلات لأعمال انتقامية وترهيب في السجن بعد مراسلة الخبراء في فبراير/شباط 2019.

كما وجه خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان انتقادا للإمارات في 17 مارس/آذار 2020 حول ظروف السجن السيئة لمريم البلوشي، المحتجزة في سجن الوثبة.

وقال الخبيران بالأمم المتحدة داينيوس بوراس، المقرر الخاص المعني بالحق في الصحة، ونيلز ميلزر، المقرر الخاص المعني بالتعذيب: "دولة الإمارات العربية المتحدة تتحمل مسؤولية حماية حقوق الأفراد المحرومين من حريتهم من خلال ضمان احترام ظروف الاحتجاز لكرامتهم وسلامتهم العقلية".

وكشف المقرران الأمميان عن تعرض البلوشي لـ"عمليات انتقامية بعد المراسلات الرسمية التي أرسلت إلى السلطات الإماراتية، لطلب معلومات حول الوضع الصحي البدني والعقلي الحالي للنساء المعتقلات، والاستفسار عن سبب عدم الإفراج عنها لأسباب صحية، بناء على حالتها الطبية الحرجة".

وأشار المقرران الأمميان إلى فشل الإمارات في حماية حق السجناء في الحياة والكرامة الإنسانية، وأن محاولة مريم البلوشي الانتحار ليس إلا دليلا على ألمها ومعاناتها اليومية بالسجن.

وأصدر كل من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة والمقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية نداء عاجلا بعد أن حاولت البلوشي الانتحار بسجن الوثبة.

مصير علياء

تأتي تلك الحملات في ظل مخاوف من أن تلقى المعتقلات في سجن الوثبة مصير المعتقلة الإماراتية السابقة علياء عبدالنور، التي توفيت في سجون الإمارات، في 4 مايو/آيار 2019.

في 29 يوليو/تموز 2015، اقتحمت وحدة أمنية مدججة بالسلاح والكلاب البوليسية منزل المواطنة علياء عبدالنور، في إمارة عجمان، واعتقلتها بعد ضربها وركلها وتكبيلها ومنعها من ارتداء حجابها.

وبعد أشهر من السجن والتعذيب والإخفاء القسري، قضت المحكمة بالسجن 10 سنوات لعلياء، بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، وخلال فترة اعتقالها تعرضت لكل أنواع التعذيب، حسب المركز البريطاني لحقوق الإنسان، وكذلك الإخفاء القسري، ما تسبب بتدهور حالتها الصحية على نحو حاد.

حقوقيون ونشطاء اتهموا السلطات الإماراتية بالإهمال في علاجها، بعد رفض إطلاق سراحها لتلقي العلاج، رغم المناشدات، وطالبوا أبوظبي- التي أطلقت على 2019 (عام التسامح)- بالإفراج عن علياء فورا، نظرا لتردي حالتها الصحية بشكل لافت.

وأثناء اعتقالها أصيبت عبدالنور بسرطان الثدي، وضاعف التعذيب النفسي والجسدي من تدهور حالتها الصحية، إلى أن توفيت في نهاية المطاف.