"ما قبل الانفجار".. لوفيجارو: إسرائيل تخشى انتفاضة فلسطينية جديدة

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: إن الإسرائيليين يخشون انتفاضة فلسطينية جديدة، بعد إعلان رئيس السلطة محمود عباس، إلغاء كل الاتفاقات بين الجانبين، وذلك ردا على مساعي الاحتلال ضم أراض في الضفة الغربية.

وتعتزم حكومة الوحدة الإسرائيلية المشكلة حديثا المضي قدما في التحرك من جانب واحد لضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية وغور الأردن بحلول أوائل يوليو/تموز.

ويبدو أن الخطة الإسرائيلية الحالية تشمل الكتل الاستيطانية الكبيرة ومعظم المستوطنات الـ 140 الموجودة في الضفة الغربية وشرق القدس، حيث يقيم حوالي 600 ألف يهودي بالإضافة إلى فلسطينيين. 

وأضافت الصحيفة في تقرير لها عن مدينة الخليل، المتخوفة من هذه المخططات الإسرائيلية في فترة ما بعد وباء كورونا: أنه "عقب تخفيف الإجراءات التي اتخذت بسبب الفيروس في البلدة القديمة، يتنقل شرطيان فلسطينيان غير مسلحين يرتديان ملابس مدنية في عربة كهربائية بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية وقبر البطاركة" التسمية اليهودية للحرم الإبراهيمي. 

وأوضحت أن الجو كان يبدو هادئا بهذه المنطقة الحساسة، التي غالبا ما تندلع فيها اشتباكات بين الشباب الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعيش حوالي 800 يهودي، معظمهم بسبب قناعة أيديولوجية، تحت حماية عسكرية عالية، خلف الجدران والأسلاك الشائكة في مستوطنات موجودة على مرتفعات هذه المدينة.

وأكدت أن مهمة الشرطيين الفلسطينيين تبدو نمطية، فوجودهم بهذه الأماكن يعد نصف مفاجأة، حيث أنه رسميا، تراجعت قوات الأمن الفلسطينية إلى عدد من مناطق الضفة الغربية، حيث تتولى السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة، لكن ليس هذا هو الحال في مدينة الخليل القديمة.

فوفقا لبروتوكول وقع عام 1997 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تنقسم الخليل - أكبر مدينة في الضفة الغربية - إلى قطاعين: الأول الغربي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية (ويطلق عليه منطقة H1) ويشكل 80٪ من أراضي المدينة، حيث يعيش 120 ألف فلسطيني.

أما القطاع الشرقي (H2) فهو تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي- على الورق مع إمكانية تسيير الدوريات المشتركة – ويشمل المنطقة التاريخية والحرم الإبراهيمي والمستوطنات الإسرائيلية، ويبلغ عدد سكانه حوالي 40.000 فلسطيني و5000 إسرائيلي.

إجراء تدريجي

ونوهت "لوفيجارو" إلى أنه قبل أسبوعين، أعلن محمود عباس إلغاء جميع الاتفاقات مع إسرائيل؛ احتجاجا على مخططات ضم مساحات كاملة من الضفة الغربية التي تحتلها "تل أبيب" منذ عام 1967. 

وفي مواجهة هذا التهديد وكرد على المشروع، الذي من المتوقع أن يقدمه نتنياهو إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في أوائل يوليو/ تموز، على الرغم من عدم اليقين الذي لا يزال قائما بشأنه، يبدو أن عباس اختار الرد التدريجي من خلال تقليل التفاعل مع إسرائيل، تقول الصحيفة الفرنسية.

وأشارت إلى أنه في البلدة القديمة، لم يشهد التجار أي تغيير كبير منذ إعادة فتح المتاجر المغلقة لأكثر من شهرين بسبب الفيروس التاجي.

ويقول جمال أبو محمد، بائع نسيج: إن "الشرطة الفلسطينية تتجول بأجهزة اتصال لاسلكية، إضافة إلى دوريات إسرائيلية عديدة دائما، خاصة في أيام السبت عندما تأتي مجموعات من المستوطنين لزيارة منطقتنا". 

لكن الأزمة الاقتصادية جراء كوفيد -19، تقلقه أكثر من مخططات الضم، موضحا: "لم أحصل على أي شيكل (العملة الإسرائيلية) منذ ثلاثة أشهر. تمكنت أسرتي من الحصول على الطعام والشراب بفضل راتب أحد أبنائي الذي استمر في عمله والحمد لله".

ويتابع: "لا أرى أي علامة على عودة الحياة لطبيعتها، فليس لدي زبائن، وإذا استمر هذا الوضع فسأغلق متجري وسيستقر الإسرائيليون تدريجيا هنا". وأكد أنه "قد تحدث ثورة أو انتفاضة جديدة لأن الناس ضاقوا ذرعا ولم يعد باستطاعتهم تحمل المزيد".

وتقول "لوفيجارو": إن سيناريو الانفجار الاجتماعي في جزء من الضفة الغربية يؤخذ من قبل السلطات الإسرائيلية والجيش ومسؤولي الأمن على محمل الجد. فبحسب تقرير للبنك الدولي، يمكن أن يتضاعف عدد الأسر الفلسطينية الفقيرة مع انهيار الميزانية العامة. 

ولذلك، سمحت الدولة العبرية مؤخرا لثلثي الفلسطينيين العاملين في الأراضي الإسرائيلية بالعودة إلى وظائفهم، وهو إجراء يهدف إلى إنعاش الاقتصاد المحلي وإعطاء دفعة أكسجين مالية من أجل نزع فتيل التوترات جزئيا.

أوسلو والانتفاضة

من جانبها حذرت الأمم المتحدة من "العواقب الوخيمة" لخطة ضم الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وقالت: "إذا استمر الاتجاه الحالي، فسوف تتلاشى إنجازات الحكومة الفلسطينية على مدى السنوات الـ 25 الماضية، وسيزداد الوضع الأمني ​​سوءا، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى سياسات أكثر راديكالية على كلا الجانبين". 

ومن مكتبه على مرتفعات الخليل، نقلت "لوفيجارو" عن نائب محافظ المدينة خالد دودين القول: "من المؤكد أنه في حالة حدوث انتفاضة من قبل الشعب الفلسطيني، فإن السلطة الفلسطينية لن تمنعها".

وأضاف: "الآفاق قاتمة ومن الصعب التكهن بما سيحدث إذا ضمت إسرائيل أراضينا. لا الشعب الفلسطيني أو السلطة في وضع يسمح لهما بالتصدي لهذا المخطط، والأمل الوحيد هو التعبئة الدولية".

ويشير المسؤول الفلسطيني إلى أن السلطة علقت التعاون مع إسرائيل بشكل فعال، وكذلك أوقفت تبادل المعلومات الأمنية". في المقابل حذرت السلطة الفلسطينية من التوغلات الإسرائيلية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وبحسب "لوفيجارو"، فإن استمرار تعليق هذا التعاون، يمكن أن يضع قوات الأمن الإسرائيلية في وضع صعب حيث يتم إحباط العديد من العمليات بفضل هذا التعاون.

ويؤكد دودين أن التعاون أفاد الإسرائيليين بشكل رئيسي، لكنهم لم يحترموا في الوقت نفسه الفصول الأخرى من اتفاقيات أوسلو.

ويتابع: "ياسر عرفات مقاتل ومحمود عباس سياسي، لقد انخرطنا في اتفاقيات أوسلو ومن ثم في احترامها، لكن هذه الاتفاقات أصبحت اليوم غير مفعلة".

ومع إعادة فتح الحدائق، كان وسط المدينة فرصة لتنظيم مظاهرات سياسية، تقول الصحيفة، حيث تجمعت مجموعة من الناشطين في حديقة دوار ابن رشد.

وحمل صبحي البابا، وهو سجين فلسطيني محرر، لافتة ضد الضم، قائلا: "إن أزمة الفيروس التاجي تسببت في كارثة حقيقية"، مضيفا: "لقد أضعف كورونا السلطة الفلسطينية. نحن نذهب مباشرة نحو انتفاضة ثالثة".