ينافس "المشتركة".. حزب جديد يقتحم الساحة السياسية بالداخل الفلسطيني

12

طباعة

مشاركة

بعد حالة الإحباط العامة في الشارع العربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ظهرت دعوات تصحيحية للعمل السياسي، بما في ذلك نقد لاذع لـِ"القائمة المشتركة" ومكوناتها، وإحدى أهم صور هذا الخلاف جاء خلال مفاوضات الأحزاب الأربعة المكونة للقائمة المشتركة.

فقد شكَّلت فرصة إعادة انتخابات الكنيست الإسرائيلي فرصة ذهبية لإعادة تركيب القائمة، وهذا ما تمَّ بالفعل، لكن بعد مفاوضات طويلة وتأخير متكرر، حتى أنَّ الإعلان الأول لإعادة تشكيلها، في يوليو/ تموز الماضي، شهد غياب "حزب التجمع"، بحضور كل من "الجبهة" و"الحركة الإسلامية" و"الحركة العربية للتغيير".

حزب جديد

ومن ضمن الذين انتقدوا "القائمة المشتركة"، كان السياسي أسعد غانم الذي أعلن تأسيس حزب سياسي جديد، أطلق عليه "حزب الوحدة الشعبية"، بهدف المشاركة في انتخابات الكنيست الـ22 المزمع عقدها في سبتمبر/أيلول الجاري.

وتأتي هذه الانتخابات في سياق إعادة للانتخابات الماضية التي جرت في أبريل/نيسان من هذا العام، حيث فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة بعد تفويض رئيس الدولة رؤوفين ريفلين له.

أدَّت الخلافات في الأوساط اليهودية السياسية حينها إلى إفشال تشكيل الحكومة، فقد حصل نزاع شديد بين المعسكر الديني والعلماني حول موضوع تجنيد الحريديم في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي انتخابات الكنيست الـ21، تفكَّكت "القائمة المشتركة" والتي كانت تضمُّ الأحزاب العربية في إسرائيل، ونتج عن ذلك قائمتين، الأولى تضمُّ كلاً من حزب الجبهة والحركة العربية للتغيير، والقائمة الثانية كانت تضمُّ القائمة العربية الموحدة (وهي قائمة سياسية عن الحركة الإسلامية الشق الجنوبي)، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي.

وخلال مقابلة تلفزيونية للقيادي في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" مراد حداد، انتقد القيادي التجمعي العمل السياسي و"القائمة المشتركة" وصرّح بإمكانية استمرار "المشتركة" بعد الانتخابات.

أدَّى هذا الركود، والخلافات العميقة التي أحدثتها خلافات أحزاب القائمة المشتركة، بحسب أسعد غانم، إلى تشكيل حزب جديد لـ"يبعث الروح" من جديد في العمل السياسي في الداخل الفلسطيني. حزب الوحدة الشعبية، والذي أعلن عن تأسيسه في مؤتمر صحفي بمدينة شفاعمرو، في الشمال الفلسطيني في 20 يوليو/ تموز الماضي.

أسباب تأسيس الحزب

وعن الأسباب التي دفعت إلى تأسيس حزب جديد، قال أسعد غانم خلال مؤتمر الإعلان عن الحزب: "إننا بصدد تحوَّلٍ تاريخي وجذري في العمل السياسي في الداخل الفلسطيني، ويأتي الحزب لمنح القرار إلى الشعب بعد سنوات من احتكار القرار في غرف مغلقة، وأنَّه آن الأوان إلى إعادة الإرادة الفلسطينية بعد أن كانت مُغيَّبة في الضفة والقطاع والشتات والداخل مُنذ الانتفاضة الأولى".

وأضاف: "الحزب يأتي بعد حالة التشرذم التي تسود في الحالة السياسية الفلسطينية، وهدف الحزب كما يظهر من اسمه إعادة الوحدة الشعب الفلسطيني". وأردف: "نحن لسنا يسار ولا يمين"، نحن من الشعب الذي يشترك في هموم وقضايا إذا حُلّت سوف يعود ذلك على الجميع، وليس على فئة محددة فقط. هذا هو الاعتبار المركزي في "حركة فتح"، وانبعاث "الحركة الوطنية" ونريد إعادة الاعتبار إلى هذه الفكرة.

لفت غانم إلى أنَّ النية لتأسيس الحزب عُقدت قبل إعلان إعادة الانتخابات، لكن فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة عجّل في ظهور الحزب.

وأشار إلى أسباب تأسيس الحزب: أولاً، أنَّ شعبنا يمر في حالة مصيرية، وأنَّ صفقة القرن تشمل الفلسطينيين في الـ48، وهنالك تفكير جِدِّيٍ في سحب المواطنة عن الفلسطينيين في منطقة المثلث. ثانياً، صعود اليمين الفاشي في إسرائيل، وهو كما وصفه هو أكثر يمين فاشي في العالم، بالإضافة إلى تآمر ذوي القُربى من الدول العربية. ثالثاً، بسبب تفتُّت وحدتنا الوطنية، في الضفة وغزة وحتى في الداخل الفلسطيني (مناطق الـ 48)، وهذا نتاج "أوسلو" وتداعياته علينا في الداخل.

ما الذي يميّزه؟

وفي معرِض إجابته على سؤال: ما الذي يُمَيِّزُ الحزب الجديد؟ أجاب غانم قائلاً: "سيستفيد الحزب من تجارب الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية كلها، ويأخذ ما هو مفيد ويترك ما لا ينفع".

وأضاف: بعكس الكثير من الأحزاب، يرى حزب الوحدة الشعبية أنَّ حلَّ القضية الفلسطينية يجب أن يشمل ترميم آثار النكبة التي جرت للشعب الفلسطيني في عام 1948، وليس في آثار الاحتلال في عام 1967، كما تقول غالبية الأحزاب. فالمشكلة الأساسية هي في النكبة وليس فيما بعدها.

وبحسب قول غانم، فإنَّ الحزب يرى أنَّه يجب على الفلسطينيين في الداخل المشاركة في انتخاب منظمة التحرير الفلسطينية، مع الحفاظ على التمايز والخصوصية بين واقع الفلسطينيين في الضفة والداخل.

وأرجع ذلك إلى أنَّ الهدف منه هو تنظيم المجتمع العربي في الداخل، لن يشارك الحزب في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل إلى من خلال انتخاب مباشر لها.

ويسعى الحزب إلى تأسيس صندوق وطني للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، وسيُخصِّص الحزب ربع دخله من الكنيست للصندوق (في حال نجح واجتاز نسبة الحسم).

وأكَّد غانم أنَّ الحزب يُصِرُّ على استقلالية القرار، فرغم أنَّ هذا الشيء قد يبدو غربياً، لكنه في ظل واقعنا وتداخل أيادي كثيرة في اتخاذ القرار يجب التأكيد على هذا المبدأ.

الواقع والآمال

وتُشير تقارير إلى أنَّ الحزب الجديد يفتقد إلى قاعدة شعبية عريضة، وهذا أكبر التحديات التي تواجهه قبيل الانتخابات التي ستجري بتاريخ 17 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وعليه وحتى ذلك اليوم سيعمل الحزب بكل ما أوتي من قوة إلى حشد دعم شعبي من أجل اجتياز نسبة الحسم، وتبدو المهمة صعبة جداً في ظل افتقاد الحزب لقاعدة جماهيرية وإلى شخصيات بارزة، بالإضافة إلى إعادة تشكيل "القائمة المشتركة".