ملييت: على تركيا مراجعة علاقتها مع الصين عاجلا

12

طباعة

مشاركة

ليست الصين دولة عادية، بل هي من ضمن الدول الرائدة ولعلها تكون زعيمة العالم في المستقبل القريب. لكن سياسة رد الفعل والتصريحات الحادة المستخدمة من المسؤولين الأتراك، لا يمكن أن تحل أي مشكلة وعلى وجه الخصوص الأقلية المسلمة "الإيغور".

وكانت قد انطلقت الأربعاء 15 مايو/أيار في العاصمة الصينية بكين أعمال مؤتمر حوار الحضارات الآسيويّة في نسخته الأولى تحت عنوان "التعلّم المتبادل بين حضارات آسيا ـ مجتمع المصير المشترك" بمشاركة 2000 شخصية من ممثلين حكوميين رفيعي المستوى من 47 دولة آسيويّة وصديقة، إلى جانب خبراء وممثلين من مجالات إنسانية مختلفة، سعيا لتنشيط التنوّع الثقافي للحضارات الآسيويّة وتعزيز القواسم المشتركة وتوثيق الصداقة بين الشعوب. واعتبر الكاتب التركي مليح عاشق، في مقال له على صحيفة "ميلييت" التركية، أن على أنقرة مراجعة علاقاتها مع الصين في أسرع وقت.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد دعا إلى عقد مؤتمر لحوار الحضارات الآسيويّة خلال أعمال الاجتماع السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي 2015 الذي احتضنته جزيرة هاينان جنوبي البلاد، وقال: "إن مؤتمر الحوار سيقدم منصّة لدعم التفاعلات بين الشباب والمنظمات والمجتمعات المحلية ووسائل الإعلام، وسيشكّل شبكة للتعاون الفكري تسهم بتحقيق مزيد من التنمية والتعاون في هذه المنطقة الحيوية".

ويتمثّل الهدف الأساسي بحسب الموقع الرسمي للمؤتمر حوار الحضارات الآسيوية، الذي يعقد وسط مرور المنطقة والعالم بمتغيرات وتطورات على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية، من أجل تعزيز تحالف حضارات المنطقة والتعلّم من بعضها البعض وزيادة أوجه التعاون في مختلف المجالات بما يساهم في خلق مجتمع آسيوي مشترك المصير.

وقال الكاتب إن صورة الرئيس اليوناني بروكوبس بافلوبولوس، الذي حضر الاجتماع وأجرى محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، التي نشرها موقع راديو الصين أثارت اهتمامه بشكل كبير. واستغرب عاشق من أن الرئيس الصيني لم يوجه الدعوة لتركيا لحضور المؤتمر، باستثناء وزير الثقافة التركي السابق أرتوجرول جوناي، نظرا لصداقته الثقافية في الماضي مع الصين.

وأفاد المقال أن المسؤول التركي السابق تابع الاجتماعات والفعاليات في بكين لمدة أسبوع، وخلال حوار معه، قال: إن "العلاقات التركية الصينية تشهد فتورًا وذلك جراء موقف الدولة التركية من سياسة الصين تجاه أقلية الإيغور، إذ تندد دائمًا أنقرة بهذه السياسة، وعليه لم يكن هناك دعوة رسمية من الصين إلى أنقرة".

ماذا يحدث بين البلدين؟

تحت هذا السؤال قال الكاتب، إنه نتيجة المعاملة السيئة التي تعامل بها السلطات الصينية الإيغور تلقي أنقرة اللوم على بكين. ومن المعروف أن الصراع الصيني الأمريكي كبير، ووصل إلى مرحلة لا رجعة عنه على الأقل في الوقت الراهن؛ وعليه تقوم وكالة المخابرات الأمريكية بنشر صور كثيرة منها غير صحيح لفضح السياسة الصينية وخلخلة الجبهة الداخلية لها. ودائمًا الصين ما تعترض على مثل هذه السياسة، وهنا تكرر ذات الأمر مع تركيا، إذ تتهم بكين أنقرة بأنها تبالغ في مسألة الأقلية المسلمة.

آخر هذه الصور ما نشرته وسائل إعلام الدولة التركية حول مقتل الفنان عبد الرحمن هييت جراء التعذيب على يد السلطات الصينية، ونشر الخبر في المواقع الرسمية. في المقابل نشرت الصين فيديو أن هييت حي يرزق، وعلى الرغم من ذلك لم يتم حذف الخبر من مواقع الدولة، وكان من الطبيعي في هذه الحالة أن يكون هناك رد فعل صيني، بحسب "ميلييت".

وقبل أسبوعين، أفاد المقال، أن الخارجية التركية أصدرت بيانا أدانت فيه انتهاكات بكين بحق مسلمي الإيغور وما تمارسه من أعمال تجاههم خاصة الاعتقالات التعسفية وزجهم في مراكز الاحتجاز. وتعاملت الصين بجدية كبيرة مع البيان التركي فنشرت شريط فيديو للفنان الإيغوري عبد الرحيم هيت يثبت أنه ما زال حيا ولم يتعرض لأذى، في رد على البيان الذي قال إن هيت توفي في سجون الصين.

وعرضت وسائل إعلام حكومية في الصين مقطع فيديو للموسيقي المسلم الشهير، عبد الرحيم هييت، وذلك للرد على تقارير حول وفاته بمركز اعتقال. وجاء الفيديو بتاريخ 10 فبراير/شباط، يظهر فيه هييت وهو يقول إنه بصحة جيدة. وكانت تركيا، بحسب الكاتب، قد طالبت الصين بإغلاق معسكرات اعتقال بعد انتشار تقارير عن موت هييت. ويعتقد أن حوالي مليون من مسلمي الأيغور محتجزون في معسكرات اعتقال. وصرحت وزارة الخارجية التركية أن الإيغور المعتقلين يتعرضون للتعذيب في معسكرات الاعتقال.

وأفادت الصحيفة التركية بأن بعض الإيغور شككوا في صحة الفيديو المذكور، وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، هامي أكسوي، إلى أن التقارير حول موت هييت تؤكد ردود الفعل التركية على خروقات حقوق الإنسان في شينجيانغ. وأشارت هذه التقارير، بحسب المقال، إلى أن اعتقال هييت جاء بسبب أغنية عزفها تحت عنوان "الآباء"، تتحدث كلماتها عن تضحيات الأجيال السابقة، وورد في كلماتها تعبير "شهداء الحرب" فاعتبرت السلطات الصينية ذلك خطابا "إرهابيا".

لمصلحة تركيا الإيغور

وشدد الكاتب، على أنّ الصين ليست دولة عادية بل هي زعيم العالم في المستقبل، منحت وتمنح الدول قروضًا لإنشاء مشروعها العالمي "حزام واحد.. طريق واحد"، وتقوم بالاستثمار في كل مكان. واستشهد على كلامه بمثال الاستثمارات في اليونان، التي جعلت ميناء بيرايوس هو القاعدة التجارية للبحر الأبيض المتوسط ومن ناحية جغرافية، تركيا هي البلد الأنسب للاستثمارات الصينية.

وذكر المقال أن "حزام واحد - طريق واحد" هي مبادرة طموحة أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، تهدف لتطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا. ويشير "الحزام الواحد" إلى مكان يعرف تاريخيا بطريق الحرير القديم، وهو عبارة عن شبكة طرق تجارية تمر عبر جنوب آسيا لتربط الصين بدول جنوب وشرق آسيا والشرق الأوسط وصولا إلى تركيا.

فيما يشير "الطريق الواحد" إلى الطريق البحري المستلهم من رحلة بحرية قام بها الأدميرال "زينغ هه"، الذي أبحر بأسطول من السفن إلى إفريقيا في القرن الخامس عشر، ويعد رمزا لأصالة القوة البحرية الصينية. وتحاول بكين من خلال هذه المبادرة توثيق الروابط التجارية والاقتصادية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، وتتضمن المبادرة تشييد شبكات من السكك الحديدية وأنابيب نفط وغاز وخطوط طاقة كهربائية وإنترنت وبنى تحتية بحرية، ما يعزز اتصال الصين بالقارة الأوروبية والإفريقية.

طريق الحرير، الذي كان ولا يزال يمر عبر روسيا، من الطبيعي أن يمر عبر الأناضول، ومع ذلك، بسبب المشاكل الثنائية، تم استبعاد تركيا من مشروع "حزام واحد.. طريق واحد". وهنا تسائل الكاتب في آخر مقاله: "هل ساهم رد الفعل التركي الحالي وسياستها الحادة في حل مشكلة الإيغور؟" قبل أن يستطرد "بالطبع لا".

ورأى الكاتب أن إصلاح العلاقات مع الصين سيعود بالنفع على تركيا والإيغور أيضا، إذ لم يجن الإيغور ولا الأتراك فائدة من هذه الحدة، يضيف الكاتب قبل أن يعود ليشدد على أن الصين بلد مهم جدا لمستقبل تركيا وقد حان الوقت لإدراك ذلك.