عراقيون يتذكرون جرائم قاسم سليماني بحق بلدهم في سنوية مقتله.. هذه أبرزها

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

يحاول حلفاء إيران في العراق، إعطاء صورة مشرقة عن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي توجه إليه اتهامات بالوقوف وراء مقتل مئات الآلاف من العراقيين منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، وحتى مقتله بطائرة مسيّرة أميركية عام 2020.

ولقي سليماني مصرعه قرب مطار بغداد الدولي في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، بغارة أميركية استهدفت المركبة التي كانت تقله مع نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، جمال آل إبراهيم، المعروف إعلاميا بـ"أبو مهدي المهندس".

ومع مرور ذكرى مقتل سليماني والمهندس في 3 يناير من كل عام، تعمد عدد من المحافظات العراقية، ولاسيما ذات الغالبية الشيعية في وسط وجنوب البلاد، إلى تعطيل الدوام الرسمي، وإقامة مهرجانات تتحدث عن مواقف من يطلقون عليهم "قادة النصر" على تنظيم الدولة.

قاتل المتظاهرين

آخر الجرائم التي اتهم بارتكابها سليماني بالعراق، كانت إجهاض "احتجاجات تشرين" الشعبية الأكبر في البلاد، والتي اندلعت في أكتوبر 2019، احتجاجا على فساد الطبقة السياسية الحاكمة منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، وطالبوا بمحاسبة الفاسدين والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات.

وسقط خلال هذه الاحتجاجات نحو 800 عراقي قتلوا بنيران القوات الأمنية والمليشيات الموالية لإيران، وأسفرت بعدها عن استقالة حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.

في ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، كتب الناشط العراقي، ستيفن نبيل، تدوينة على منصة "إكس"، قائلا: قاسم سليماني وصل بغداد في اليوم الثاني من بدء تظاهرات تشرين ودخل على اجتماع أمني بصورة غير معلنة وجلس وقاد الاجتماع وقال للكل بالحرف الواحد: "نحن سنتعامل مع الوضع لأن لدينا خبرة في هذا المجال".

وأضاف: "سليماني كان الموجه الأكبر للعنف والقمع ضد الشباب العراقي المتظاهر، وأن مقطع فيديو من ثوانٍ نشره الإعلام الموالي لإيران في خطأ فادح بعد مقتل الأخير يظهر سليماني وهو يقود اجتماعا أمنيا للفصائل أمامه لقطات مباشرة من كاميرات أمنية من ساحات الاحتجاج".

ومع اندلاع احتجاجات تشرين، حمّل عضو البرلمان العراقي أحمد الجبوري، سليماني، مسؤولية اصدار أوامر بقتل المتظاهرين، حسبما نقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية في 19 أكتوبر 2019.

ونقلت عن الجبوري، قوله: لأن المندوب الإيراني في العراق سليماني قال إن "المتظاهرين خونة وبعثية ومتآمرون"، قامت بعض السلطة الحاكمة في العراق بقمع وقتل المتظاهرين السلميين من فقراء العراق ومثقفيه بطريقة وحشية وحدثت مجازر مؤلمة.

وعقب 3 يناير 2020، عبر متظاهرون عراقيون بطرق عدة عن ارتياحهم لمقتل سليماني.

وذكرت وكالة "فرانس برس" في حينها أن "عشرات العراقيين تجمعوا صباح الجمعة (3 يناير 2019) في ساحة التحرير وسط بغداد، وهم يغنون ويرقصون بعد شيوع خبر مقتل سليماني".

ونقلت الوكالة الفرنسية عن أحد المتظاهرين العراقيين، قوله: "يا قاسم سليماني، هذا نصر رباني"، و"حوبة دماء الشهداء".

وتداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو يظهر متظاهرين يغنون ويرفعون علما عراقيا كبيرا فرحا في منطقة ساحة التحرير فجر يوم 3 يناير 2020، فور تأكيد مقتل سليماني.

وقال مصور الفيديو إن "هؤلاء خرجوا للتعبير عن ارتياحهم لمن تورط في دماء رفاقهم المحتجين. وهذه حوبة الشهداء ودماء العراقيين كلهم".

صانع تنظيم الدولة

ومن الاتهامات التي تطال سليماني، وقوفه وراء صناعة تنظيم الدولة بعد تهريب السجناء المنتمين إلى تنظيم القاعدة في العراق، وذلك في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يعد من أقرب المقربين إلى قائد فيلق القدس الإيراني السابق.

فبحسب تصريحات أدلى بها وزير العدل العراقي السابق حسن الشمري، فإنه لم تكن مصادفة هروب نحو 600 سجين من بينهم قادة بارزون في تنظيم القاعدة، من سجني "التاجي" و"أبي غريب" في يونيو/حزيران 2013 بالعاصمة العراقية بغداد.

وأوضح الشمري- الذي كان وزيرا للعدل عام  2013، وينتمي إلى حزب الفضيلة الشيعي- خلال مقابلة تلفزيونية بثت في 2014، إن هجوم عناصر القاعدة على السجنين بعملية أطلق عليها التنظيم "هدم الأسوار"، كانت مدبرة ومتورطا فيها رؤوس كبار في الدولة العراقية.

وأردف: "رؤوس كبيرة في الدولة سهّلت هرب سجناء تنظيم القاعدة من سجني أبي غريب والتاجي في بغداد"، مقدرا أن ذلك يهدف "لتقوية النظام السوري من خلال تقوية التنظيم، وتخويف الولايات المتحدة من أي ضربة عسكرية ضد نظام بشار الأسد، وتأكيدا أن البديل له هو ذلك التنظيم".

وأكد أن "جهاز المخابرات العراقي أرسل في الشهر السابع من عام 2013، كتابا سريا للغاية معنونا إلى مكتب القائد العام التابع للمالكي ووزارات الداخلية والدفاع والعدل يشير إلى وجود نية للإرهاب باستهداف سجني التاجي وأبي غريب بعجلات مفخخة وتحرير النزلاء التابعين للإرهاب فيهما".

وأشار الوزير السابق إلى أن "الغريب في الأمر لم يجر أحدا أي فعل على سبيل الاحتياط، بل حدث العكس تماما، إذ انسحبت وحدات أمنية بالكامل كانت مكلفة بحماية السجون، وبعد أسبوع واحد حدث الهجوم بالطريقة ذاتها التي حذرت منها المخابرات".

وعن هذه الحادثة يقول السياسي العراقي والنائب السابق بالبرلمان، مشعان الجبوري، خلال مقطع فيديو نشر على "يوتيوب" في 19 أبريل 2021، إن "قاسم سليماني كان يعيّن كل الوظائف في الدولة العراقية، وهو من أصدر قرارا بإخراج المساجين وتهريبهم".

وأضاف الجبوري أن "قاسم سليماني هو مسؤول عن تدمير المدن العراقية، وهو من أصدر قرارا بذبح المغيبين (السنة) وكانت المليشيات تقتلهم بعد يومين أو ثلاثة أيام، وذلك بعد تعذيبهم وحرمانهم من الطعام".

ويتهم سياسيون سنة المليشيات الموالية لإيران باختطاف وتغييب نحو 12 ألف شخص من المكوّن، في أعوام 2014 و2015 و2016، وذلك خلال المعارك التي خاضها العراق ضد تنظيم الدولة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى، ومناطق شمال محافظة بابل.

مفجّر الطائفية

ومن أبرز الاتهامات التي وجهت إلى سليماني، دعم تنظيم القاعدة في العراق خلال المرحلة التي أعقبت الاحتلال الأميركي للبلاد في 2003، والتفجيرات التي كانت تستهدف المدن ذات الوجود السني والشيعي على حد سواء، لا سيما تفجير المرقدين العسكريين في سامراء عام 2006.

وفي 3 مارس 2023، كشف طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي الأسبق، تفاصيل رحلته لإيران والشخصيات التي التقى بها هناك، واعترافات قاسم سليماني له بتمويل إيران ودعمها لتنظيم القاعدة.

وقال الهاشمي، خلال مقابلة تلفزيونية إنه التقى خلال زيارته إلى إيران عام 2007 المسؤولين الإيرانيين ومنهم سليماني، ووجه إليهم سؤالا عن أسباب دعم العنف وتنظيم القاعدة في العراق.

وأضاف: "قالوا تتهمنا بهذا الاتهام، قلت لهم المعلومات التي لديّ أن قادة القاعدة موجودون عندكم، ما هذا العبث بسفك الدماء؟ فرفضوا عن الإجابة على ذلك لذلك قررت مغادرة إيران في الحال".

وتابع: "وعندما كنت على وشك الخروج والتوجه إلى المطار، أمسكني قاسم سليماني من يدي، وقال لي نعم نحن ندعم القاعدة وندربها ونجهزها ونمولها".

ولفت الهاشمي أنهم أكدوا لي أن "الغرض إحداث إرباك بالمشهد العراقي، فنحن ندعم القاعدة من خلال سوريا أيضا، قالوا نستمر في هذا الأمر حتى ينسحب الأميركيون، لا بد أن نفشل هذا المشروع".

في 22 فبراير/شباط 2006، نسب إلى تنظيم القاعدة تفجير مرقدي علي الهادي والحسن العسكري في سامراء (حفيدي الخليفة علي بن أبن أبي طالب)، ما تسبب بإشعال فتنة طائفية في العراق أحرقت وهُدمت فيها مئات المساجد، وقتل نحو 100 ألف شخص على الهوية.

السلطات العراقية، اتهمت وقتها تنظيم القاعدة بتفجير "العسكريين" في سامراء، كاشفة أنها اعتقلت أحد منفذي الاعتداء وهو تونسي يدعى يسري فاخر محمد علي الترويكي الملقب بـ"أبو قدامة" وينتمي للجهة ذاتها، حسبما ورد على لسان مستشار الأمن الوطني آنذاك موفق الربيعي.

وفي عام 2013، كشف قائد القوات الأميركية السابق في العراق، الجنرال جورج كيسي أن فيلق القدس الإيراني بقيادة سليماني وقتها، هو من كان وراء تفجير المرقدين العسكريين في سامراء، مؤكدا أن التحقيقات الخاصة بالحادث أثبتت تورط القاعدة به.

وفي 7 أغسطس/آب 2017، وجه القيادي البارز في التيار الصدري العراقي والبرلماني السابق، عواد العوادي، اتهامات لإيران بالوقوف وراء جملة من "العمليات الإرهابية" في العراق من بينها تفجير المراقد في مدينة سامراء عام 2006.

وقال العوادي في حينها خلال مقابلة مع قناة محلية عراقية، إن "هناك تقارير تقول إن الذي حدث في سامراء عام 2006 نفذته مجاميع إرهابية جاءت من إيران، إضافة إلى أن الأخيرة متهمة بإدخال إرهابيين إلى العراق".