عملية في 8 ولايات.. كيف وجهت تركيا ضربة جديدة لجهاز الموساد الإسرائيلي؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

خلال عملية نُفذت في 8 ولايات، أوقفت السلطات التركية 33 شخصًا للاشتباه بتنفيذهم أنشطة "تجسس دولية" لصالح جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية "الموساد".

وجاءت التوقيفات ضمن عملية أمنية، في إطار تحقيقات أطلقها مكتب الإرهاب والجرائم المنظمة في النيابة العامة بإسطنبول ضد 46 مشتبهًا بهم، وفق ما أعلنت الداخلية التركية في الثاني من يناير/كانون الثاني 2024.

وكشفت التحقيقات أن جهاز "الموساد" كان يهدف إلى تنفيذ أنشطة مثل المراقبة والتتبع والاعتداء والاختطاف ضد مواطنين أجانب مقيمين في تركيا لأسباب إنسانية. ولا تزال قوات الأمن تواصل البحث عن 13 شخصا آخرين مشتبه بهم.

جرى خلال العملية مصادرة 143.830 يورو و23.680 دولار ومبالغ نقدية من دول مختلفة، بالإضافة إلى سلاح واحد غير مرخص والعديد من المواد الرقمية.

وكشفت تحقيقات جهاز الاستخبارات التركية أن الموساد جند أفرادا لاستخدامهم في أعمال ضد الفلسطينيين وعائلاتهم في تركيا.

وجاء الكشف عن هذه العملية بالتزامن مع شن الاحتلال عدوانا إسرائيليا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي ظل تهديده باغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس في الخارج.

وكشفت تركيا عن العملية في نفس اليوم الذي اغتالت فيه إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس و6 آخرين، في الضاحية الجنوبية "معقل" حزب الله بالعاصمة اللبنانية بيروت.

وكعادتها، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن عملية الاغتيال هذه باعتبار أنها جرت في دولة أخرى.

لكن، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في ديسمبر/كانون الأول 2023 إنه أصدر تعليماته الى "الموساد" باغتيال قادة "حماس" أينما كانوا، ردا على عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر.

آلية العمل

وتبين أن المخابرات الإسرائيلية وصلت إلى أشخاص مناسبين للعمل لديها من خلال إعلانات الوظائف على وسائل التواصل الاجتماعي أو مجموعات الدردشة الخالية من التوضيحات أو التفاصيل.

ومُنح الأشخاص الذين تقدموا لهذه الإعلانات وظائف مختلفة لإعدادهم للتجسس. وتبين أن الجهة الإسرائيلية، التي واصلت عمليتها عبر تطبيقي تلغرام وواتساب، لم تتواصل مع مصادرها إلا كتابيا.

ووفق وسائل إعلام تركية، كان الموساد يضع خطة عمل لهدفه الرئيسي من خلال جعل هذه العناصر تعمل بشكل مجزأ (بالقطعة)، أي بمهام قصيرة ومحددة.

من خلال هؤلاء العملاء، تنفذ المخابرات الإسرائيلية أعمال عملياتية مثل جمع المعلومات والبحث وتصوير الأهداف والتتبع ووضع أجهزة GPS على المركبات المستهدفة والاعتداء والسرقة والتهديد والابتزاز.

وهذا بالإضافة إلى إنشاء وإدارة المواقع الإلكترونية وتنفيذ أنشطة تضليلية مثل تصميم صحف إخبارية ونشر أخبار كاذبة.

وكُشف عن تنفيذ المخابرات الإسرائيلية أيضا أنشطة إلكترونية ضد أفراد أجانب في تركيا من خلال جمع عناوين IP الخاصة بالأهداف، واكتشاف الكاميرات الموجودة في المناطق المستهدفة واختراقها.

وبصرف النظر عن العملاء التكتيكيين، كان الموساد يجتمع مع أشخاص -اعتبرتهم المخابرات الإسرائيلية مؤهلين كفاية في العمليات السابقة- خارج البلاد، حتى لا يكونوا هدفا للمخابرات التركية ولضمان أمنهم.

وأجرت المخابرات الإسرائيلية اتصالات أولية مع هؤلاء الأفراد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع التوظيف، باستخدام الأساليب المناسبة لاحتياجاتهم واهتماماتهم.

الدعم والتدريب

ولمنع الشخص المعني من الشعور بالخيانة، ومنحه بالراحة والاسترخاء النفسي، كانت هذه الأساليب مدعومة بمبالغ كبيرة من المال.

وكان ضباط المخابرات الذين يتمتعون بخصائص جسدية تتناسب مع صورة البلد الذي عُقدت فيه الاجتماعات في الخارج، يجرون اتصالات مع الأفراد المعنيين.

وأثناء سفرهم إلى الخارج، استُضيف الموظفون في فنادق مريحة ودُعوا إلى مطاعم فاخرة وأُعجبوا بإدراجهم في برامج السفر الخاصة، كما خضعوا لاختبارات كشف الكذب.

وكان الموساد يدفع المال يدويا لموظفيه الذين يلتقي بهم خارج البلاد، بحسب المصادر التركية.

وإذا كانت المبالغ كبيرة بما يكفي لإحداث مشاكل في الجمارك، فتُسلم لهم في حقائب مصممة خصيصا ذات أجزاء مخفية.

وقد ثبت أن هذه الحقائب تتمتع بميزات لن تسبب أي مشاكل أثناء فحص أجهزة الأشعة السينية وتفتيش الكلاب المدربة.

وأفاد جهاز الاستخبارات التركية بأن الأفراد تلقوا تدريبا على الاتصالات السرية، كما سُلموا أنظمة خاصة بها خلال اجتماعاتهم خارج البلاد.

كذلك وُفر لهم التدريب على التتبع والمراقبة والتوثيق بالصور وإعداد التقارير والتدريب الأمني ​​للموظفين من قبل فريق خاص جاء من إسرائيل.

وبالإضافة إلى المهام التي أسندها جهاز المخابرات الإسرائيلي إلى طاقمه التكتيكي، كان يُطلب منهم تجهيز مهام أخرى في عمليات محتملة.

وذلك مثل تهريب الأشخاص والبضائع من حدود إيران والعراق إلى تركيا والعثور على قراصنة الكمبيوتر وتوفير منزل آمن وغيرها.

رسائل جديدة

ويملك الموساد تاريخا حافلا في تصفية من يعدهم "خصوم الدولة"، وخاصة قادة المقاومة الفلسطينية. ويتبع الجهاز لمسؤولية رئيس الوزراء الإسرائيلي مباشرة ولا ينفذ أي عمليات اغتيال دون الحصول على مصادقة منه.

ويعمل الموساد خارج إسرائيل، فيما يعمل جهاز استخباراتي آخر، في الداخل (بالإضافة للضفة الغربية وغزة)، ويحمل اسم "الشاباك" الذي يتولى مسؤولية عمليات الاغتيال داخل الأراضي الفلسطينية.

وغالبا، لا تعلن إسرائيل بشكل صريح مسؤوليتها عن معظم عمليات الاغتيال التي طالت قادة فلسطينيين وعربا، بالإضافة إلى اتهام طهران لها بالضلوع في عمليات اغتيال علماء إيرانيين.

ومن الممكن القول إن الصراع الاستخباراتي طويل الأمد بين تركيا وإسرائيل بعث برسائل جديدة.

إذ صرحت تركيا بوقوفها إلى جانب فلسطين بعد عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس في 7 أكتوبر، وأنها لن تسمح بأن تصبح أراضيها منطقة تصفية حساب.

وانتصر جهاز المخابرات التركية مرة أخرى في المعركة ضد الموساد، لتتوتر العلاقات الأمنية مجددا بين الجانبين بعد تحسن في الماضي.

وبينما رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق على الأحداث الأخيرة، كتبت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الناطقة باللغة الإنجليزية على موقعها الإلكتروني أن "خلفية الاعتقالات كانت دعاية المخابرات الإسرائيلية المتعلقة بشرعنة عملية الاغتيالات ضد أعضاء حماس الذين لجأوا إلى تركيا".

وفي ديسمبر 2023، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "وكالات المخابرات الإسرائيلية شاركت في عمليات لقتل قادة حماس في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في تركيا".

وردا على ذلك، حذرت أنقرة من "عواقب وخيمة" إذا حاولت إسرائيل قتل عناصر حماس على الأراضي التركية.

حدثت هذه المشادات المتبادلة في ديسمبر 2023، بعد تسريب مقطع فيديو لرئيس جهاز الشاباك رونين بار قال فيه إن تل أبيب عازمة على قتل قادة حماس أينما كانوا في العالم.

الكلمات المفتاحية