آخرها "المكسيكي".. وقائع السخرية والإهانة التي رافقت السيسي منذ الانقلاب

زلة لسان الرئيس الأميركي جو بايدن بوصفه رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بـ"الرئيس المكسيكي"، أثارت سخرية عالمية واسعة.
ورغم أن الأنظار توجهت إلى بايدن وطبيعة صحته العقلية وقدراته الذهنية، لكن السيسي بطل الواقعة نال النصيب الأكبر من السخرية، خاصة بين المصريين والشعوب العربية.
ويرجع ذلك إلى أن "المكسيكي" لها سابقة في إطار سخرية الشعب المصري من السيسي، وأنها من الألقاب التي أطلقت عليه على سبيل التندر "عبد الفتاح المكسيكي".
وتعود قصتها إلى مقطع مصور للقاء ميداني مع شاب مصري في 22 أبريل/ نيسان 2022، كان يوجه فيه رسالة لرئيس النظام بسبب الأسعار والغلاء.
لكن الشاب تلعثم وبدلا من أن يقول عبد الفتاح السيسي قال "عبد الفتاح المكسيكي"، وهو ما لاقى موجة من التفاعل الواسع والسخرية آنذاك.
الثلاجة الخالية
ولم يدر بخلد بايدن في 9 فبراير/ شباط 2024، وهو يلتبس عليه الأمر ويتلعثم أيضا، أنه سيتوافق مع الشاب في تعزير إلصاق لقب "المكسيكي" بـ"السيسي"، وسيزيد من وقائع السخرية منه.
ولطالما تحول رئيس النظام المصري إلى مادة واسعة للسخرية، خاصة مع وقائع إهانته عالميا، أو كلما أحدث خطأ بروتوكوليا فج في منتديات ومؤتمرات ومحافل دولية منذ انقلابه على الشرعية في 3 يوليو/ تموز 2013.
بايدن:
تحدثت مع رئيس المكسيك السيسي بشأن أحداث غزة. pic.twitter.com/XvTrAKO9t5— الأحداث الأمريكية���� (@NewsNow4USA) February 9, 2024
وتعد "واقعة" الثلاجة من أبرز الوقائع التي أثار فيها السيسي جدلا، وتسببت في سخرية واسعة منه، وصلت إلى حد إهانته في محفل دبلوماسي إقليمي رفيع.
وبدأت الواقعة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب، وقتها قال السيسي تعليقا على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر، إن "ثلاجته" كانت خالية تماما إلا من المياه لمدة 10 سنوات دون أن يتذمر أو يشتكي.
حينها دشن مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي هاشتاغ عبر منصة "تويتر" سابقا و"إكس" حاليا، تحت عنوان "ثلاجة السيسي" تهكموا فيه على ما صرح به.
وما لبث أن أصبح الهاشتاغ في وقت قصير في صدارة قائمة الموضوعات الأكثر تداولا في مصر والعالم العربي.
وكان الأمر سيبدو طبيعيا وعابرا حتى تمت السخرية من السيسي على يد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي (آنذاك) الوزير السعودي إياد مدني.
ففي 28 ديسمبر وبعد يومين من كلمة السيسي كان مدني على موعد مع الرئيس التونسي (الراحل) الباجي قايد السبسي، لإلقاء الكلمة الافتتاحية لحفل مؤتمر وزراء التربية للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".
وقتها أخطأ مدني في اسم الرئيس التونسي ليقول بدلا من السبسي السيسي، ولكنه سرعان ما تدارك الخطأ قائلا: "آسف. هذا خطأ فاحش، أنا متأكد أن ثلاجتكم فيها أكثر من الماء فخامة الرئيس"، في إشارة استهزاء بتصريح "ثلاجة" السيسي.
واقعة "الحذاء"
ومن المواقف التي لا تنسى في السقطات البروتوكولية للسيسي، وكانت دالة على إهانته والتقليل منه، ما واجهه أمام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وقتها كانت الأمور متأزمة بشكل كبير بين القاهرة وأديس أبابا بسبب مشكلة سد النهضة، الذي يهدد أمن مصر المائي.
وزاد من التوتر تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي في 22 أكتوبر 2019، عندما قال: "إذا كانت هناك ضرورة للحرب فنستطيع حشد الملايين، وإذا كان البعض يستطيع إطلاق صاروخ، فالآخرون قد يستخدمون القنابل، لكن هذا ليس في مصلحتنا جميعا".
تصريحات آبي أحمد عدها البعض تلويحا بالحرب ضد مصر، لكن الصدمة الحقيقية جاءت في التعامل المصري مع التهديد الإثيوبي.
فما حدث أنه في 25 أكتوبر 2019 (بعد 3 أيام من التصريحات)، بمدينة سوتشي الروسية على هامش القمة الروسية الإفريقية، وقتها التقى السيسي مع آبي أحمد، في لقاء شهد واقعة مثيرة بسبب طريقة جلوس آبي أحمد والتي عدت مهينة للسيسي.
وأثارت الصورة المتداولة جدلا على مواقع التواصل، خاصة بعدما ظهر فيها رئيس وزراء إثيوبيا وهو يضع "قدما على قدم" بينما يجلس السيسي معتدلا.
وهو ما فسره البعض بأنه دليل على ضعف موقف مصر في مفاوضات سد النهضة بسبب وثيقة "إعلان المبادئ" التي وقعها السيسي في مايو/ آيار 2015، وبموجبها أنجزت أديس أبابا شوطا واسعا في بناء السد الذي يهدد حصة مصر التاريخية في مياه النيل.
وتمت مقارنة الواقعة بما فعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما وضع الرئيس الأميركي (حينها) باراك أوباما قدما على قدم في وجهه، ليرد أردوغان بسرعة بديهة ويفعل نفس الحركة ويضع قدمه قبالة وجه الرئيس الأميركي.
سلام وقبلة
ولا يزال مشهد وقوف السيسي بانتظار مصافحة أوباما حاضرة في الأذهان كدلالة على إهانة رئيس النظام المصري.
وقتها كانت الحادثة على هامش اجتماع "مجموعة العشرين" التي عقدت في مدينة "هانغتشو" الصينية في 5 سبتمبر/ أيلول 2016، وشارك فيها السيسي ممثلا عن مصر.
وفي خضم القمة تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر السيسي منتظرا مصافحة الرئيس الأميركي دون أن يلتفت له الأخير.
وكان أوباما يتحدث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ووقف السيسي منتظرا، وتقدم لمصافحة أوباما، الذي صافحة سريعا وانصرف عنه، ليبدو الموقف محرجا ومهينا في آن واحد.
وتعد طريقة إلقاء الزعماء السياسيين التحية وتصرفاتهم خلال الاجتماعات من المشاهد التي تلتقطها عدسات الكاميرات ويتم تداولها بسرعة وتوجه عادة انتقادات إلى الزعيم السياسي الذي يبالغ أو يتجاوز أو يأتي بفعل غريب أثناء تلك اللقاءات.
وكانت واقعة السلام بين السيسي والعاهل السعودي (الراحل) عبد الله بن عبد العزيز، من أكثر الوقائع المثيرة للجدل، خاصة أن بها أكثر من مشهد عد مخالفا للأعراف الدبلوماسية، وفيه حط من قدر مصر ورئيسها.
ففي عام 2015 كان عبدالله عائدا من المغرب وفي طريقه إلى المملكة، توقف في مطار القاهرة للقاء السيسي، وبدلا من النزول، صعد إليه رئيس النظام المصري.
وربما وضعت العلة أن الملك كان مريضا، لكن التفاصيل الأخرى هي التي تسببت في الجدل، أولها أن السيسي قام بتقبيل رأس الملك.
ثانيا أن العاهل السعودي أجلس السيسي في طائرته على مقعد أقل وأكثر انخفاضا من مقعده، فبدا السيسي وكأنه موظف عند الملك أو من حاشيته.
لتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي، وعدت الواقعة مهينة لمقام مصر، وتمت السخرية فيها من السيسي بشكل واسع، وقد تمت مقارنة صورة السيسي وهو يقبل رأس الملك، بصور قادة مصر الآخرين وهم يستقبلون ملوك السعودية.
فوضعت صورة الملك المصري فاروق الأول مع صورة مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود، ووضعت صورة الرئيس جمال عبد الناصر وهو يستقبل فيصل بن عبد العزيز.
منفذ للمعارضة
ورأى الصحفي المصري، حسن عامر، أن "وقائع السخرية والنيل من السيسي إنما هي إطار طبيعي كنوع من معارضة الحكام لا سيما في المنطقة العربية التي تتفرد بأنظمة أحادية ديكتاتورية وبتضييقات شديدة على حرية الصحافة والإعلام، ما يجعل السخرية منفذا للتعبير عن الرأي، وفك الكبت لمواجهة الحكام".
وقال عامر لـ"الاستقلال" إن "السيسي مادة خصبة للسخرية أكثر من أي رئيس مصري سابق، لعدد من الأمور أهمها أنه يفتقد كاريزما الزعامة وإطلالة الزعيم، وكذلك يفتقد كاريزما القيادة والخطابة، حتى إن حسني مبارك كان يمتلك مجموعة من المستشارين يرسمون له تحركاته وأحاديثه فكان متوازنا إلى حد كبير، وهو ما لم يمتلكه السيسي أبدا".
واستدرك: "لكن كما نقول بالعامية لـ(سخرية القدر) فإن هناك عوامل مساعدة أسهمت في توريط السيسي بهذا الكم من الوقائع، أولها (السوشيال ميديا) التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا رصدتها وخلدتها بالصوت والصورة".
الأمر الآخر، وفق عامر، أن السيسي غير ملتزم بروتوكوليا، فيحاول دائما أن يكسر القاعدة مثلما طلب من رئيس وزراء إثيوبيا أن (يقسم)، ومثلما صعد سلم الطائرة ليقبل رأس العاهل السعودي آنذاك عبدالله بن عبد العزيز،
أو في اليابان عندما ذهب لمصافحة رئيس البرلمان فلم يمد الأخير يده لأن ذلك مخالف للمراسم ما تسبب له في موقف حرج، وهي "كلها وقائع لم يرتكبها أي رئيس طبيعي فضلا أن يكون رئيس دولة بحجم مصر".
واستطرد عامر: "من المؤسف أن يتحول رئيس مصر إلى مادة للسخرية على هذا النحو، فحتى وإن رأينا أن واقعة بايدن بوصفه (الرئيس المكسيكي) لا دخل له فيها، لكنها تأتي ضمن إطار متكامل تم فيه تقزيم حجم مصر على نحو غير مسبوق، سياسيا ورمزيا واقتصاديا".
وتابع: "السيسي رسم لزعيم مصر صورة لم نكن نسمع عنها إلا عند الزعماء المجانين كمعمر القذافي (ليبيا)، وكيم جونغ أون (كوريا الشمالية) وديكتاتور زائير موبوتو سيكو".