الغاز الطبيعي والطاقة النووية.. مفتاح عودة العلاقات التركية المصرية

a month ago

12

طباعة

مشاركة

سياسة تركيا الخارجية في النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب والطبقات تجذب الانتباه على الصعيد العالمي. 

ونشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا للكاتب، فاروق أونالان، ذكر فيه أن "زيارة عبدالفتاح السيسي إلى تركيا في 4 سبتمبر/ أيلول 2024 كانت بداية لمرحلة جديدة بين البلدين، وقد أثار هذا التقارب ردود فعل واسعة على المستويين الإقليمي والدولي". 

وأشار الكاتب التركي إلى أنه “مع اقتراب الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية عام 2025 حدد المجلس الأعلى للتعاون الإستراتيجي بين أنقرة والقاهرة الخطوط العريضة للمجالات التي يخطط البلدان للتعاون فيها من خلال بيان مشترك من 36 بندا”.

إسرائيل واليونان

وقال أونالان إن "أهم قضية في العلاقات التركية المصرية هي موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط". 

ولم تضم القاهرة تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسط (مصر، إسرائيل، إدارة قبرص اليونانية، فلسطين، اليونان، لبنان، وإيطاليا) التي كانت رائدة في تأسيسه. 

ومع ذلك، جعلت أنقرة المنتدى غير فعال من خلال توقيع اتفاقية مناطق الصلاحية البحرية مع حكومة ليبيا.

وأشار أونالان إلى أن "إدارة القاهرة تدرك أن الاتفاق مع أنقرة بشأن نقل الغاز في شرق البحر المتوسط سيكون أكثر ربحية، لكنها تحاول الحفاظ على تعاونها مع أثينا وإدارة قبرص اليونانية للحفاظ على علاقاتها مع الغرب". 

وجاءت أولى ردود الفعل من إسرائيل واليونان، حيث أعرب الجانب الإسرائيلي عن قلقه من أن العملية لن تكون في صالحهم، لأنها ستخلق توازن قوى كبيرا في المنطقة لصالح تركيا. 

أما اليونان، فإن قلقها الرئيس هو احتمال رفع مصر تحفظها على اتفاقية مناطق الصلاحية البحرية بين تركيا وليبيا. 

ومثل هذا الاحتمال يثير قلق أثينا بشكل كبير، حيث يمكن أن يؤدي إلى توقيع اتفاقية جديدة بين تركيا ومصر.

وعلق أونالان بأنه "يسود اعتقاد في الصحافة اليونانية بأن احتمال وجود اتفاقية اقتصادية حصرية بين تركيا ومصر، والتي من الممكن أن تستبعد اليونان كما حدث في اتفاقية تركيا وليبيا، ستكون كارثية بالنسبة لليونان".

وتؤكد وسائل الإعلام اليونانية أن بعض بنود الاتفاقية الموقعة بين تركيا ومصر "يجب أن تثير قلق اليونان بشدة". 

وأشار البروفيسور يوانيس مازيس، الرئيس السابق لكلية الدراسات التركية والدراسات الآسيوية الحديثة بجامعة أثينا الوطنية وكابوديستريان، إلى أن "اجتماع رجب طيب أردوغان-السيسي يجب أن يثير إنذارا في أثينا وشبه إدارة أثينا بحصان أعرج".

من جانبه، انتقد الصحفي اليوناني باريس كارفونوبولوس حكومة أثينا قائلا: "تركيا تلعب في الميدان ونحن لسنا حتى على المنصة". 

فيما قال أونالان: “ليس سرا أن هناك قلقا في إدارة قبرص اليونانية أيضا، فأول مؤشر على ذلك كان اتصال وزير الخارجية القبرصي اليوناني كونستانتينوس كومبوس بنظيره المصري فور زيارة السيسي”. 

ورغم أن إدارة قبرص اليونانية متفائلة بأن موقف نظام مصر بشأن اتفاقيات المنطقة الاقتصادية الحصرية لن يتغير، إلا أن حالة القلق واضحة.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية مصر واليونان وإدارة قبرص اليونانية في قمة ثلاثية بنيويورك في 24 سبتمبر/ أيلول 2024 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

اتفاق تكنولوجي

وقال أونالان: "بينما تتقدم تركيا بخطوات ثابتة لتصبح دولة مركزية في مجال الطاقة بفضل موقعها الإستراتيجي، تهدف أيضا إلى توسيع تأثيرها العسكري والدبلوماسي في المنطقة". 

وفي هذا السياق، يمكن عدّ تصريحات الرئيس أردوغان بأن "تركيا ترغب في تعزيز التعاون مع مصر في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة النووية كمفتاح للفترة المقبلة". 

ووقعت تركيا اتفاقيات لتوريد الغاز الطبيعي المسال مع بعض الدول والشركات الدولية، وتجري محادثات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من مصر أيضا. 

ومع توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع القاهرة، يخطط البلدان لتطوير مشاريع مشتركة في مجالات البنية التحتية الكهربائية والتجارة والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والهيدروجين والطاقة النووية.

وذكر الكاتب التركي أنه "من الواضح أن هناك تطورات مهمة في مجال الصناعات الدفاعية بين مصر وتركيا". 

ففي تصريح أدلى به وزير الخارجية هاكان فيدان قبل بضعة أشهر، أكد أن هناك اتفاقا مع مصر بشأن تزويدها بالطائرات بدون طيار والتكنولوجيات الأخرى. 

وبعد فترة وجيزة من هذا التصريح، قام رئيس الأركان العامة أسامة عسكر بزيارة رسمية إلى تركيا. 

وخلال هذه الزيارة، زار مركز التكنولوجيا الوطنية "أوزدمير بيرقدار" ومنشآت الطيران والفضاء التركية.

وتابع أونالان: “كانت الجرائم الإسرائيلية في غزة أحد الأسباب الرئيسة التي سرعت من التقارب بين القاهرة وأنقرة”.

وتم التوقيع على اتفاقية أنقرة لتكثيف الجهود من أجل وقف دائم لإطلاق النار وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة كاملة الأراضي وذات سيادة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما تم التأكيد على أهمية الجهود لتحقيق الوحدة بين الفلسطينيين ودعم كل ما يؤدي لهذه الوحدة. 

واستطرد أونالان “بعد وقف إطلاق النار الدائم، يمكن أن تتصدر أنقرة والقاهرة والدوحة جهود إعادة إعمار غزة”.

قرارات مهمة 

وأشار الكاتب إلى أن “الاتصالات الدبلوماسية بين مصر وتركيا بدأت عام 2021 على مستوى منخفض، لكنها تسارعت بسبب التطورات الإقليمية”. 

وأوضح أن “موارد الطاقة شرق البحر المتوسط، والوضع السياسي في ليبيا، ,العلاقات مع دول الخليج، وأزمة السد مع إثيوبيا، والوضع الهش في السودان وأخيرا الجرائم الإسرائيلية في غزة كانت من بين الأسباب الرئيسة التي دفعت تركيا ومصر إلى العودة إلى طاولة الحوار”. 

ولفت أونالان إلى أنه “في النهاية، سعت الدولتان إلى التكيف مع توازن القوى المتغير في المنطقة وتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال تعزيز التقارب الدبلوماسي إلى أعلى مستوى”.

ورأى أن “انضمام مصر وإثيوبيا رسميا إلى مجموعة بريكس بدءا من 1 يناير/ كانون الثاني 2024 وإظهار تركيا نية مماثلة له دلالة كبيرة، كما أنه من المحتمل أن تَصدُرَ قرارات مهمة في قمة بريكس التي ستعقد في أكتوبر/ تشرين الأول 2024".

وفي البيان المشترك للمجلس الأعلى للتعاون الإستراتيجي بين تركيا ومصر “تم التأكيد على أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في القرن الإفريقي، بالإضافة إلى تعزيز علاقات حسن الجوار والصداقة والاحترام المتبادل لسلامة الأراضي والسيادة لكل دولة”.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد كتب رسالة إلى الرئيس أردوغان يطلب فيها دعم تركيا في النزاع بين إثيوبيا والصومال. 

وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية هاكان فيدان محادثات مع نظرائه الإثيوبيين والصوماليين، واستضافهما بأنقرة في محاولة لتحقيق التوافق. 

وقال بذلك يمكن لأنقرة أن تلعب دور الوسيط بين القاهرة وأديس أبابا في الأزمة التي بدأت بعد بناء إثيوبيا لسد النهضة الكبير على نهر النيل. 

وشدد على أن "التحركات العسكرية المكثفة نحو الحدود الصومالية لديها القدرة على فتح باب أزمة جديدة في أي لحظة".