عبر "زنغزور".. هل تنجح تركيا في ربط أراضيها بأذربيجان رغم معارضة أرمينيا؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في بداية عام 2024، بدأت تركيا الحديث مرة أخرى عن إنشاء ممر "زنغزور"، ولأول مرة منذ فترة طويلة، حددت موقفها بشأن إنشاء الممر الذي ينبغي أن يربط البلاد بأذربيجان.

ووفقا لوزير النقل التركي، عبد القادر أورال أوغلو، من المفترض أن ينتهي المسار بأكمله في غضون خمس سنوات.

ولكن أرمينيا ترى أن إنشاء هذا المرر "تهديد لسيادة البلاد وحماية أراضيها".

إشارات إيجابية

ونقلت صحيفة "إزفستيا" الروسية، عن وزير النقل التركي تفاصيل المشروع، والذي أوضح أن "الجزء الأذري من الطريق جاهز تقريبا، ويُبنى الطريق السريع والسكك الحديدية بالتوازي في جيب ناخيتشيفان".

ومن الجانب التركي، أكد أورال أوغلو أن "هذا الجزء من المشروع يُنفذ بنشاط".

كما أعلن أنه "من المخطط -على وجه الخصوص- إعادة بناء الطريق السريع المؤدي إلى ناخيتشيفان في المستقبل القريب". 

وأشار وزير النقل إلى أن "خط السكة الحديد سيبدأ إنشاؤه أيضا عام 2024، حيث تمت بالفعل إجراءات المناقصة". 

وبشكل عام، شدد أورال أوغلو على أن "العملية برمتها لإنشاء هذا الممر ستستغرق خمس سنوات"، مؤكدا أن "الأعمال ستنتهي بالكامل عام 2028".

ومن ناحية أخرى، نوه أورال أوغلو إلى أن "جزءا من الطريق يجب أن يمر عبر أراضي أرمينيا".

وبحسب الوزير، بعد أن قُيم المشروع سابقا بشكل سلبي في يريفان، بدأ رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، بإرسال "إشارات إيجابية" في الآونة الأخيرة.

وصرح باشينيان أنهم "بحاجة أيضا إلى تنفيذ التخطيط والمناقصات حتى يعد الممر مكتملا بالكامل".

وبهذا الشأن، لفتت الصحيفة إلى ما أشار إليه الوزير التركي بأنه "في عام 2023، نُوقش إنشاء الممر عبر أراضي إيران -وليس أرمينيا- على نطاق واسع".

وبحسب أورال أوغلو، ترحب أنقرة بكلا الطريقين، حيث أوضح أنهم "سينفذون مشروع ممر زنغزور"، وأنهم "غير معترضين على أن تصبح إيران أيضا جزءا من هذا المشروع".

وبشأن تفاصيل المشروع، نقلت الصحيفة الروسية عن وكالة "الأناضول" للأنباء التركية الرسمية أن "المنطقة القريبة من خط السكة الحديد في أذربيجان طُهرت بالكامل من الألغام، كما أن الخط نفسه المتجه إلى أرمينيا جاهز بنسبة 45 بالمئة، ومن المقرر الانتهاء من البناء بحلول نهاية عام 2024".

مشروع الممر

وأشارت الصحيفة إلى بعض التفصيلات عن ممر "زنغزور".

وأوضحت أنه "طريق سيُمد عبر أراضي منطقة سونيك في أرمينيا من أجل ربط الجزء الرئيس من أذربيجان بمعقل ناخيتشيفان". 

وتابعت: "ولأنها متاخمة لتركيا، في حال استكمال بناء الممر، ستحصل باكو على اتصال بري مباشر مع حليفتها".

من جانبها، بحسب الصحيفة، "سيكون لدى أنقرة تواصل أسهل ليس فقط مع أذربيجان، ولكن أيضا مع الدول الناطقة بالتركية في آسيا الوسطى".

وبالعودة إلى الوراء قليلا، ذكرت الصحيفة الروسية أن الحديث عن إنشاء هذا الممر بدأ بعد حرب إقليم قره باغ الثانية عام 2020. 

وأوضحت أنه "خلال الحرب، استعادت أذربيجان المناطق المتاخمة مباشرة لمنطقة سيونيك"، بالإضافة إلى أن "باكو تمكنت من تثبيت مصالحها على المستوى الدبلوماسي". 

وبحسب البيان الثلاثي الموقع في أعقاب الحرب، ذُكر أن "جميع اتصالات النقل ستُفتح في المنطقة"، كما تعهدت يريفان بـ"ضمان أمن الاتصالات بين أذربيجان وناخيتشيفان".

وبعد انتهاء الحرب، قالت الصحيفة إن "أذربيجان بدأت في بناء البنية التحتية للنقل على أراضيها، وشددت على أن ممر زنغزور يجب أن يتمتع بوضع خاص". 

ولذلك، أعرب مساعد الرئيس الأذربيجاني، حكمت حاجييف، عن رأيه بأنه يعول على "المرور الأسهل".

ووفقا له، فإن هذا يعني أنه "لا ينبغي أن تكون هناك رسوم جمركية وفحوصات حدودية". 

ولذلك، في أرمينيا، أثار هذا النهج "مقاومة شرسة"، كما ذكرت الصحيفة.

وانتشر في يريفان الحديث حول "التهديد لسيادة البلاد ووحدة أراضيها"، واعتقدت أرمينيا أنه "في حال إنشاء هذا الممر، قد تجد البلاد نفسها معزولة عن الحدود مع إيران".

وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة الروسية إلى أن رئيس وزراء أرمينيا، باشينيان، أكد أنه يدعم الافتتاح الكامل لاتصالات النقل على قدم المساواة، لكنه يعارض "منطق الممر".

ولكن بحلول نهاية عام 2023، انخفضت درجة التوتر، حيث أدلى الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، بعدة تصريحات تصالحية.

وعد فيها -كما نقلت الصحيفة- بـ"العودة إلى زنغزور منطقة سيونيك ليس بالدبابات، بل بالسيارات".

وبالإضافة إلى ذلك، وافقت باكو على تطوير خطوط النقل مع إيران.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في احتفال مهيب، أطلق ممثلو البلدين مشروع بناء جسر بري ونقطة تفتيش للجمارك والحدود.

ولفتت "إزفستيا" إلى بناء الطرق عبر إيران سيكلف أكثر من بنائها عبر أراضي أرمينيا.

ولذلك، بدأ المسؤولون في باكو وأنقرة يتحدثون عن حقيقة أن "ممر زنغزور لم تعد هناك حاجة إليه بالفعل". 

وعقب أنباء التقارب بين أذربيجان وإيران، أشارت الصحيفة إلى المشروع الذي قدمته القيادة الأرمينية، المسمى بـ"مفترق طرق العالم". 

وكجزء من هذه المبادرة، من المخطط فتح جميع الطرق ونقاط التفتيش الحدودية في جنوب القوقاز.

وبحسب الصحيفة، أوضح باشينيان الفكرة الرئيسة للمشروع قائلا إن "جميع الدول تستخدم البنية التحتية لبعضها بعضا على أساس المساواة والمعاملة بالمثل". 

وهنا، ترى الصحيفة أنه ربما عد أورال أوغلو هذه التصريحات بمثابة "إشارات إيجابية" من يريفان.

ورغم ذلك، اشتكى باشينيان نفسه من أن اقتراحه "قوبل بفتور" في باكو وأنقرة.

قول الخبراء

وبشأن موقف أرمينيا من هذا المشروع، أفاد عالم السياسة الأرمني، ألكسندر إسكندريان، بأن "يريفان تشعر بالتهديد على سلامة أراضيها وتسعى للدفاع عن سيادة البلاد".

وقال إسكندريان: "من الواضح أن أرمينيا تؤيد فتح الحدود مع أذربيجان وتركيا، لكنها تعارض بشكل قاطع إنشاء أي نوع من الممرات الخاصة، وحتى اللحظة وصلت هذه القضية إلى طريق مسدود". 

وأشار إلى أنه "بعد مرور بعض الوقت، ربما ستدرك باكو وأنقرة الواقع، وتستمعان إلى مقترحات أرمينيا".

من ناحية أخرى، يعتقد خبير السياسة الأذربيجاني، فرهاد محمدوف، أنه "لا يوجد أي آفاق لحل القضية".

فبحسب ما تنقله الصحيفة الروسية، أوضح الخبير أن "الجمود الحالي سيستمر حتى عام 2025، حيث ينتهي الإعلان الثلاثي". 

ونوهت الصحيفة أنه "بحلول هذا الوقت، ستكون الأجزاء الأخيرة من الطريق على الأراضي الأذربيجانية والتركية قد انتهت".

ومن المتوقع أنه بعد عام 2025، سيقوم الحوار مع يريفان على مبادئ مختلفة.

وذكرت الصحيفة الروسية أن "الاهتمام بإنشاء ممر زنغزور آخذ في الانخفاض بالفعل"، وفقا لعالم السياسة الروسي، ستانيسلاف تاراسوف.

ويرى الخبير السياسي أن "بناء الاتصالات قد بدأ على الأراضي الإيرانية، مما أضاع الفرصة أمام فريق باشينيان".

ويعتقد تاراسوف أن "مشاركة أذربيجان، إلى جانب إيران وروسيا، في إنشاء الممر بين الشمال والجنوب سيجعلها قادرة على حل مسألة الطريق البري إلى تركيا، وهو ما سيزيد من الأهمية اللوجستية للبلاد".