بكاميرا هاتف.. "إلباييس": هكذا أبدع فلسطينيون في توثيق جرائم إسرائيل

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم هدم منازلهم أمام أعينهم وحرق حقولهم رغما عنهم وطردهم عنوة من أراضيهم، لم يجد شباب قرى جنوب الخليل بالضفة الغربية المحتلة وسيلة لمقاومة جرائم إسرائيل بحقهم إلا بتوثيقها عبر كاميرات الهاتف الجوال. 

تقرير لصحيفة إسبانية سلط الضوء على عمل مجموعات من الشباب الفلسطيني في جنوب الخليل على توثيق عمليات هدم الجيش الإسرائيلي وهجمات المستوطنين الإسرائيليين على منازل الفلسطينيين.

صحيفة "إلباييس" اعتبرت ما يقوم به شباب فلسطين نوعا "جديدا من المقاومة السلمية" التي تعرض جرائم السطو الإسرائيلية على حقوق الشعب الفلسطيني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت: إن "التلال القاحلة جنوب الخليل بالضفة الغربية، شهدت تكوين مجموعة من الشباب شبكة دفاع ذاتي سلمية في مواجهة عمليات هدم المنازل شبه اليومية وهجمات المستوطنين اليهود وسط حماية الجيش".

دون وسطاء

اليومية الإسبانية الصادرة من مدريد، نقلت عن الشاب الفلسطيني باسل عدرة، قوله أمام المراسلين الأجانب 11 أغسطس/ آب 2021: "للمرة الأولى، سنروي قصتنا الخاصة بنا، دون وسطاء".

"وأمام الصورة الأيقونية لشاب يرتدي الكوفية، يستخدم جيل جديد من النشطاء الهواتف الذكية لتوثيق الأحداث التي تنتهك حقوق شعبهم"، وفق وصف "إلباييس"، للشاب الفلسطيني، الذي درس القانون، ويتخذ من الصحافة مهنة له.

عدرة، تحدث مع المراسلين من قريته، التواني، وسط السراب الفلسطيني للمنطقة (ج) التي تشكل 60 بالمئة من الضفة الغربية التي تركت تحت الإدارة الحصرية لإسرائيل في اتفاقيات أوسلو.

الصحيفة نقلت عن أحد تقارير الجمعية التي تجمع شباب المقاومة السلمية، أنه "منذ عام 2003، لا يستطيع الفلسطينيون استخدام الطريق الذي يربطهم، إذ قام المستوطنون بتسييج الأراضي الفلسطينية المجاورة لاستغلالها".

عدرة قال: "من هنا، جنوب الخليل، يمكن رؤية الاحتلال بكل قساوته"، ولخص مسار المقاومة الشعبية السلمية التي اختاروها كإستراتيجية ضد الاحتلال.

وأضاف: "نريد أن يصبح العالم واعيا بوضعنا، وأن تعمل التتبعات الدولية على الضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي". 

وشرح الناشط الوضع بأنه "مختلف عن رام الله أو الخليل، نحن هنا تحت السيطرة المباشرة للجيش، ونعمل على نشر المعلومات بمواقع التواصل الاجتماعي". 

وفي سؤال الصحيفة عن الطريقة التي يتصرف بها مجموعة الشباب السلميين عندما يكون هناك هجوم للمستوطنين يحميهم الجنود، أجاب عدرة: "لا يمكننا الاعتماد على قوات الأمن التي تقف إلى جانبهم".

وأوضح: "لكننا لا نواجههم عندما يحرقون حقولنا أو يحجرون منازلنا، نحن نعمل على تسجيل مقاطع الفيديو، ونلتقط الصور، كما نوثق الحقائق كشكل من أشكال المقاومة، نحن لا نقف صامتين".

جرائم موثقة

"إلباييس" نقلت أحد التقارير التي أعدها الناشط الفلسطيني، والتي وصلت إلى الصحافة العبرية ووسائل الإعلام الدولية في القدس وتل أبيب. 

التقرير أكد أنه "في الثانية بعد ظهر 14 مايو/ أيار 2021، اقتحم عشرات المستوطنين برفقة جنود إسرائيليين تلال الريحية الواقعة جنوب الخليل، وحرقوا الحقول والأشجار وألحقوا أضرارا بالممتلكات".

"أثناء محاولته إخماد الحريق في أرضه، أصيب إسماعيل طوباسي، 27 عاما، برصاصة شوهت وجهه، ورغم الأدلة المقدمة من صور ومقاطع فيديو، لم تفتح شرطة الاحتلال تحقيقا"، وفق التقرير. 

الصحيفة لفتت إلى شهادة جندي إسرائيلي، جمعتها ضمن شهادات أخرى منظمة "كسر جدار الصمت"، نقل فيها الجندي تجربته العسكرية عام 2014 بمحافظة نابلس شمال الضفة الغربية.

جاء بهذه الشهادات أن "المستوطنين ظلوا يراسلونا، وأحيانا بمعلومات كاذبة، وقال أحدهم في رسالة قصيرة: إن مجموعة من الفلسطينيين تضرب يهوديا في بركة سباحة".

الجندي أضاف: "عندما وصلنا رأينا فتى فلسطينيا يريد الاستحمام بينما منعه المستوطنون". وأكد أنهم كجنود، "وقفنا تلقائيا إلى جانب اليهودي، رأيناه كمواطن له حقوق، كما لم يكن طرد المستوطنين أبدا خيارنا".

أسلاك شائكة

اليومية الإسبانية رصدت أن قرية أم الخير البدوية القاحلة المكونة من أكواخ صفيح بتلال جنوب الخليل، تواجه منازل القرميد الأحمر وعلى جانبيها الأشجار بمستوطنة الكرمل والتي لا يفصلهما سوى أسلاك شائكة.

وأكدت أن "الرعاة الفلسطينيين اشتروا أراضيهم تلك في عام 1948، بعد أن طردتهم إسرائيل من المناطق المنشأة حديثا من أراضيهم". 

وأوضحت أنه "من ناحية أخرى، أسس المستوطنون اليهود الموشاف، المزرعة التعاونية، عام 1982 على أراض صودرت من البدو".

"والآن، بالكاد يوجد في قرية أم الخير 100 من السكان الذين لا يستطيعون حتى بناء حظيرة، تحت وطأة الهدم من قبل القوات الإسرائيلية"، وفق وصف "إلباييس".

وأشارت إلى قيام "مكتب الشؤون المدنية للجيش الإسرائيلي بشكل روتيني برفض منحهم تراخيص البناء لأسباب أمنية". 

الصحيفة أضافت أنه "على أبواب قرية أم الخير تقع منطقة مسافر يطا، التي هجر منها أكثر من 1000 ساكن قسرا عام 1999 للسماح ببناء ساحة مناورات عسكرية".

البدو يعيشون منذ ذلك الحين في مأزق قانوني، وسط عمليات هدم مستمرة لمبانيهم، التي أقيم العديد منها بفضل التعاون الدولي.

في هذا السياق، علقت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية بأن "إعلان القطاع كمنطقة إطلاق نار أو مجمع عسكري هو ذريعة شائعة لطرد السكان الفلسطينيين من جزء من الضفة الغربية".

وأضافت، أن "الخطوة التالية هي التنازل فيما بعد عن جزء من الأرض لمنظمات المستوطنين لبناء المستوطنات".

قتل لا ينتهي

أثناء التصعيد العسكري في قطاع غزة بين 10 و21 مايو/ أيار 2021، سجل سقوط 27 قتيلا في الضفة الغربية خلال مواجهات ضد العملية العسكرية الإسرائيلية، وكان هناك 13 حالة وفاة أخرى، من بينهم أطفال.

في مواجهة هذا العدد الضخم من القتلى، سجلت الأمم المتحدة عام 2020 مقتل 20 فلسطينيا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. 

الصحيفة أشارت إلى أنه في 28 يوليو/ تموز 2021، قتل محمد العلمي، 12 عاما، عندما أصيبت السيارة التي كان يستقلها مع أسرته بالقرب من الخليل بحوالي 13 رصاصة أطلقتها دورية عسكرية.

وفي مواجهات أحاطت بجنازة العلمي، قتل فلسطيني يبلغ من العمر 20 عاما برصاص الجنود الإسرائيليين.
معظم حوادث إطلاق النار وقعت من قبل جنود إسرائيليين في احتجاجات في بلدة بيتا، شمال الضفة الغربية، ضد بناء مستوطنة إيفياتار البرية القريبة، إذ استقرت مجموعة من المستوطنين في مايو/ أيار 2021.