نصرة شكلية.. هكذا حاربت "الحوثي" مؤسسات خيرية فلسطينية في اليمن

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يدفع إعلان جماعة "الحوثي" دعم القضية الفلسطينية بقوة، الشعب اليمني لأن يتذكر الفترة التالية لسيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء عام 2014، ونهب عناصرها للمؤسسات الخيرية اليمنية والفلسطينية التي تقدم الدعم للقضية العادلة.

فبعد أشهر من الانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن، اقتحم "الحوثيون" ونهبوا مؤسسة القدس - فرع اليمن، و"الأقصى الخيرية" في صنعاء، وفروعهما في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، وأيضا مقر حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وفي أبريل/نيسان 2015، اقتحم مسلحون حوثيون مقر جمعية "الأقصى" في شارع الرباط بصنعاء، ونهبوا المحتويات والممتلكات الخاصة بالجمعية، بما فيها صناديق التبرعات، واعتقلوا العاملين فيها، ناهيك عن اقتحام فروعها في عدة محافظات، واعتقال مسؤوليها.

كما أقدم الحوثيون في 10 أغسطس/آب 2015 على اعتقال "محمد العديل" الذي يشغل عدة مناصب، منها ممثل الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين في اليمن، وعضو مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية ببيروت، ومنسق ورئيس القوافل التي تم تسييرها لكسر الحصار عن غزة، لأربع مرات.

ومنذ تأسيسها قبل نحو 30 عاما، كانت جمعية "الأقصى" تقدم الدعم وتعول أكثر من 3 آلاف يتيم فلسطيني، ونحو 350 أسرة بشكل دائم، وتشرف على إنشاء عشرات المشاريع في فلسطين، بحسب بيان للجمعية أدانت فيه الاقتحام ونهب ممتلكاتها واعتقال العاملين معها.

وفي 23 فبراير/شباط 2015، اقتحمت جماعة "الحوثي" مكتب حركة "حماس" في صنعاء، واعتقلت العاملين فيه.

وفي الفترة ذاتها، اقتحم الحوثيون فرع منظمة القدس الدولية في اليمن، ومقر النادي الفلسطيني بصنعاء، واعتقلوا العاملين فيهما من الجنسية اليمنية والفلسطينية.

وحتى الوقت الحالي، تحكم "الحوثي" سيطرتها على تلك المؤسسات، رغم أن بعضها دولية لها فروعها في اليمن، ولم تسمح لها بمعاودة نشاطها.

استياء واستنكار 

تلك الحملة الواسعة، أثارت استياء كثير من اليمنيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين استنكروا هذا السلوك، في الوقت الذي تدعي جماعة "الحوثي" دعمها وتضامنها مع الفلسطينيين والأقصى.

وكتب في تلك الفترة، الصحفي أحمد شبح، تدوينة عبر صفحته على "فيسبوك" قائلا: "سرق الحوثي مؤسسة القدس وجمعية الأقصى ومكتب حماس ويتحدث اليوم عن يوم القدس.. هيفاء وهبي تتحدث عن صلاة الوتر..".

من جانبه، قال الناشط السياسي حمزة المقالح عبر صفحته على فيسبوك: "الحوثي يحتفل بيوم القدس العالمي وإسرائيل لم تفعل بالمسلمين اليمنيين ما فعله عبدالملك وأنصاره".

وفي العدوان الأخير على غزة في مايو/أيار 2021، استذكر رواد موقع التواصل الاجتماعي تلك الحملات التي قادها الحوثي، بالتزامن مع دعواته وتحشيده ومطالبته بالدعم والتبرع للفلسطينيين.

وفي سياق الرد، استذكر الناشط أبو ريان الدهيش، اعتقال "محمد العديل" متسائلا عبر منشور  على "فيسبوك": "وعليه هناك تساؤل حاضر في المشهد وبقوة، ما مدى صحة الموت لإسرائيل في هكذا حالات؟ وهل جزاء من يخدم قضيتهم الأولى، كما يدعون، الاختطاف والسجن؟".

من جانبه، تطرق  الصحفي المعروف باسم "الأخ الوجيه" في منشور عبر حسابه على "فيسبوك"، إلى المؤسسات الفلسطينية التي قام "الحوثيون" بمصادرتها.

وقال "أثبت الحوثيون ويثبتون أنهم العدو رقم واحد للقضية الفلسطينية"، فمنذ اللحظات الأولى لاقتحامهم العاصمة صنعاء قاموا بالاستيلاء على منزل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ونهب محتوياته، والاستيلاء على مقري السفارة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما نهبوا محتويات مقرات حركات "فتح" و"حماس" و"الشعبية والديمقراطية".

وأيضا اعتقال واختطاف العاملين اليمنيين في هذه المؤسسات، وإطلاق سراح بعضهم مقابل فديات يدفعها أهاليهم بالملايين بعد التحقيق معهم وتعذيبهم .

كما يقوم الحوثيون بدفع اللاجئين والطلبة الفلسطينيين لمغادرة صنعاء وإلا تعرضوا للاعتقال والتعذيب، يؤكد "الأخ الوجيه".

وأضاف "حاولت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وقائدها الفقيد الشهيد عبد الله شلح الذي اتخذ من صنعاء مقرا له منذ ثورة فبراير/شباط 2011 الصمود فيها، وزار صعدة لمقابلة عبدالملك الحوثي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فلسطينيا في صنعاء لكنه فشل، واضطر آخر الأمر لمغادرة صنعاء عندما وجد نفسه محاصرا فيها، ما عرض مقر حركته للإغلاق والنهب".

تبرع أم ابتزاز؟

وأثناء العدوان الأخير على غزة، دعا "الحوثيون" إلى التبرع للمقاومة في فلسطين، عبر قيادات حوثية.

وفي 12 مايو/أيار 2021، دعا زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك، لحملة تبرعات مالية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وفي كلمة متلفزة له نقلتها قناة "المسيرة" التابعة للحوثي والقنوات الخاضعة لسيطرة الجماعة، قال الحوثي: "سيتم التنسيق مع ممثلي حركات المقاومة الفلسطينية في صنعاء لاستلام التبرعات المالية".

وأضاف: "نتابع باهتمام كبير التطورات على الساحة الفلسطينية إثر التصعيد الذي يقوم به العدو الإسرائيلي واستهدافه المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح".

وبناء على تلك الدعوات، قامت الجماعة بتسيير حملات منظمة تجمع التبرعات من التجار "بشكل إجباري".

وفي حديث مع "الاستقلال"، قال أحد التجار المقيمين في صنعاء طلب عدم الكشف عن اسمه: "دعانا المشرف الحوثي في منطقتنا للتبرع لفلسطين، وبالطبع لا يمكننا الرفض، فالرفض يعني الدخول في إشكالات أكبر، لكن يمكننا المفاصلة في مبلغ التبرع".

وأكد أنه "دفع 500 ألف ريال يمني نحو (830 دولار)، وهي ليست المرة الأولى التي ألزم فيها بالتبرع للقدس"، موضحا: "لا أبخل بالتبرع لفلسطين والمقاومة، لكني لا أثق بمن يأخذ التبرعات أنه سيوصلها لإخواننا في فلسطين".

جدير بالذكر أن تلك الدعوات للتبرع قد أثارت استياء كثير من رواد التواصل الاجتماعي الذين رأوا أن القضية الفلسطينية بالنسبة للحوثيين أصبحت مناسبة للتربح وابتزاز الناس وسرقتهم، مذكرين بحوادث اقتحام المؤسسات الفلسطينية ومصادرة ممتلكاتها وأرصدتها في البنوك بشكل كامل.

وعبر حسابه على تويتر، ربط القيادي في جماعة الحوثي حسين العزي، "ثروات مأرب بدعم المقاومة"، قائلا: "أقلية فاسدة من المرتزقة يستحوذون على كل ثرواتنا النفطية والغازية ويحرمون منها شعبنا في أغلبيته المطلقة الموجودة في إطار حكومة صنعاء (85 بالمئة من سكان اليمن)".

وأضاف "إننا كأغلبية -وبما لنا من حقوق في هذه الثروات-  نطالب (بشكل فوري وعاجل ومستمر) بتخصيص إنتاج يومين أسبوعيا لدعم فلسطين ومقاومتها البطلة".

تغريدة العزي، دفعت العديدين للرد عليه، بينهم القيادي في حزب "المؤتمر"، كامل الخوداني: "خصصوا لهم 3 شحنات نفطيه من حق محمد عبدالسلام (المتحدث باسم الحوثي) أو الذي يأتي لكم من إيران أو دخل جمارك ذمار أو إب وإلا ضرائب صنعاء..".

فيما كتب الناشط السياسي المقالح ردا على القيادي الحوثي العزي: "سلموا لفلسطين فوارق الأسعار التي تنهبونها من فوق المواطنين، وستتحرر فلسطين في شهرين.. تزايدون على قضية مقدسة لتسوقوا نهبكم ولصوصيتكم.. هذه إساءة لقضية مقدسة لا يقبلها أي حر".