حقوقي فلسطيني لـ"الاستقلال": صمت أوروبا يزيد جرائم إسرائيل في غزة

12

طباعة

مشاركة

منذ 10 مايو/أيار 2021، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، واستهداف المدنيين، ما أدى إلى استشهاد 200 فلسطيني، بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين وإصابة أكثر من 1500.

وبشكل واضح ينتهك جيش الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي والإنساني، من خلال استهداف المنشآت المدنية، والمدنيين وهم نائمون في بيوتهم، ما يتطلب تجهيز ملف تحقيق لإدانته.

ولمعرفة الموقف القانوني من انتهاكات جيش الاحتلال لحقوق الإنسان في قطاع غزة، وإمكانية محاكمته، حاورت "الاستقلال" صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد".

العدوان الشامل

  • القصف الإسرائيلي لبيوت المدنيين.. كيف يشكل انتهاكا للقانون الدولي والإنساني؟

السجل الإجرامي لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، آخذ بالاتساع، فالجرائم الإسرائيلية لليوم السابع على التولي تتسرع رقعتها وتوقع ضحايا من المدنيين.

وحتى الآن، نفذت قوات الاحتلال أكثر من 1600 غارة واستهداف حربي، 90 بالمئة كانت تستهدف مدنيين أو منشآت مدنية وحيوية لا غنى للسكان عنها. 

وقصفت طائرات الاحتلال 783 وحدة سكنية وتدميرها إما بشكل كلي أو جزئي، فضلا عن تضرر قرابة 5000 وحدة سكنية ما بين متوسطة وطفيفة.

هذا إلى جانب الاستهداف المتعمد للمنازل متعددة الطبقات والأبراج السكنية، التي قصفت منها 5 أبراج من بينها برج الجلاء الذي يضم مقرات لمؤسسات إعلامية دولية ومحلية في محاولة إسرائيلية لإخراس الصحافة. 

السياسات الإسرائيلية الإجرامية ساهمت وفق تقديرات الأمم المتحدة بنزوح قسري لقرابة 40 ألفا من السكان المدنيين الذين يخشون على أنفسهم من خطر الموت المحدق بهم جراء الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمناطق السكنية.

كما تعمدت قوات الاحتلال قصف المنشآت المدنية والمنازل فوق رؤوس قاطنيها ما أدى لإبادة عائلات بأكملها، واستهداف البنية التحتية التي لا غنى للسكان عنها.

جاءت الجرائم الإسرائيلية وسط استمرار إغلاق المعابر الحدودية كافة، ما أدى وسيؤدي لتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، خاصة مع إعلان شركة توليد الكهرباء أن مخزون الوقود في محطة التوليد الوحيدة في قطاع غزة يوشك على النفاد.

وبالتالي خطر توقف محطة التوليد بالكامل ما زال قائما بقوة، وخاصة في حال استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم ومنع إدخال شحنات الوقود للمحطة.

  • ما الموقف القانوني مما يحدث من انتهاكات متصاعدة بالضفة الغربية والقدس؟

قوات الاحتلال وعلى مدار الأيام القليلة الماضية صعدت من جرائمها بحق المتظاهرين في الضفة الغربية، ما أسفر عنه عدد من الشهداء ممن خرجوا للتعبير عن تضامنهم مع المدنيين في قطاع غزة وضد الجرائم في القدس.

 وترافق ذلك مع استمرار عمليات الاعتداء على الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 من قبل المتطرفين بحماية الشرطة الإسرائيلية.

إضافة إلى مواصلة اعتداءات المستوطنين على مواطني مدينة القدس واعتداءات قوات الاحتلال على المصلين في المسجد الأقصى، ومواصلة عمليات الاعتداء والتهجير القسري لسكان حي الشيخ جراح في المدينة المقدسة. 

كما يشكل تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي قتل المدنيين جريمة حرب وفقا لنظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.

تحايل على القانون

  • هل تنفذ إسرائيل إجراءات شكلية لتجميل صورتها ولتخفيف احتمالات محاسبتها، مثل إعطاء فرصة للسكان في بعض الأبراج بالخروج قبل القصف؟

حاولت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي تقديم أسباب غير واقعية لتبرير سلوكها الحربي تجاه المدنيين وممتلكاتهم.

فمرة تتهم المقاومة الفلسطينية إنها تستخدم المناطق المكتظة بالسكان في عملياتها الحربية، وهذا الأمر غير حقيقي وغير صادق ولا ينسجم مع الواقع، فضلا عن كونه يعد بذاته انتهاكا واضحل لقاعدة قانونية دولية (إذا ساورك الشك فامتنع) التي تحكم قواعد الاشتباك المسلح.

ومرة أخرى تقول إنها قتلت 120 مقاتلا فلسطينيا، وهذا الأمر تفنده وتكذبه الحقائق الميدانية حيث إن قرابة 51 بالمئة من ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هم من الأطفال والنساء، و 50 بالمئة من المصابين أيضا أطفال ونساء، فيما جرى ارتكاب مجازر كاملة بحق 14 عائلة قتل أفرادها بالكامل.

وحتى المقاتلون وهم عدد لا يزيد عن 10 بالمئة من الشهداء تم استهدافهم في منازلهم مع عائلاتهم وهم ليسوا في ميادين القتال، وبالتالي هم في هذه الحالة يتمتعون بمركز المدني المحمي بموجب القانون الدولي.

فاستهداف بيوت المقاومين خلال فترة سكونهم أثناء بيوتهم هو جريمة حرب بامتياز؛ فهؤلاء في أثناء التوقف عن القتال محميون كالمدنيين، فقط يجوز استهداف المقاتلين أثناء لحظات الاشتباك والقتال مع الاحتلال. ولذا تل أبيب تمارس إجراما منظما وسياسية انتقام جماعي، واقتصاص من المدنيين.

  • ما هي أهم بنود القانون الدولي والإنساني التي تجاوزتها "إسرائيل" في غزة والقدس؟

تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وسعيها لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية التوسعية وسياسة التطهير العرقي في المدينة المحتلة، لتهجير عشرات العائلات الفلسطينية قسريا من حي الشيخ جراح والاستيلاء على منازلهم الواقعة في قلب المدينة.

وذلك في إطار سعي سلطات الاحتلال إلى تغيير التكوين الديموغرافي للمدينة وإحكام سيطرتها عليها، وإحلال مستوطنيها مكان السكان الفلسطينيين في انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي الذي يعتبر "القدس الشرقية أرضا محتلة". 

وبالإضافة لاعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الممنهج على المقدسيين والمصلين في المسجد الأقصى في شهر رمضان وسكان حي الشيخ جراح والمتضامنين معهم، والتضييق عليهم يتعرض مواطنو الضفة الغربية المحتلة لهجمة جديدة، تسببت في استشهاد أعداد منهم منذ بدء العدوان على الأقصى، وخلال مواجهات تمت استنكارا للعدوان الإسرائيلي على القطاع وحوادث انتقامية أخرى، وهو ما ينذر بخطر قادم.

  • هل هناك أنواع أسلحة محرمة دوليا استخدمها الاحتلال خلال عدوانه على غزة؟

هناك أسلحة محرمة دوليا استخدمها الاحتلال كالفسفور الأبيض (في أعوام سابقة)، والقذائف المستخدمة من الطائرات الحربية الإسرائيلية، وهي محرم استخدامها في أواسط المدنيين، واستخدام الطاقة الكبيرة من القوة بطائرات إف 35 التي تستخدم قذائف محرمة دوليا.

وكل ذلك حسب اتفاقية لاهاي أساليب غير مشروعة في القتال ومحظور استخدامها في أواسط المدنيين، خاصة أن قطاع غزة أعلى كثافة للسكان، وهذا أمر يتطلب تحقيقا دوليا.

الصمت وإمكانيات المحاسبة

  • ما رأيك في موقف المجتمع الدولي مما يحدث في غزة؟

المجتمع الدولي صامت أمام جرائم الحرب التي يتم ارتكابها في قطاع غزة، وإفلات دولة الاحتلال من العقاب هو ما شجعها على التمادي في عدوانها وارتكاب المزيد من الجرائم في القطاع الذي ما زال يعاني من آثار العدوان المتكررة السابقة عليه والحصار المشدد المفروض عليه.

محاسبة المجتمع الدولي لدولة الاحتلال على جرائمها الجسيمة بحق الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة سيكون أقل كلفة من التعاطي مع مختلف التداعيات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي سيخلفها كل من العدوان على قطاع غزة وتنفيذ سياسة التطهير العرقي في مدينة القدس المحتلة.

  • كيف يفيد هذا الصمت دولة الاحتلال؟

صمت المجتمع الدولي بمثابة ضوء أخضر لقوات الاحتلال للاستمرار باستباحة دماء المدنيين العزل، وينذر بوقوع المئات من الضحايا. 

المجتمع الدولي؛ دولا ومنظمات مطالب بممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية الكافية على دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف ارتكاب أي جريمة أو انتهاك أو مخالفة دولية تجاه المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم المدنية.

ويجب على المجتمع الدولي ولا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب للعام 1949، بالوقوف أمام التزاماتها القانونية والأخلاقية والمتمثلة في توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.

يجري ذلك من خلال التحرك العاجل واتخاذ الإجراءات الفاعلة لممارسة الضغط الجاد على دولة الاحتلال لوقف عدوانها الفوري على قطاع غزة المحتل وحماية أرواح سكانه والحيلولة دون إزهاق المزيد منها.

ووضع حد لترويعهم ولانتهاكاته الجسيمة بحقهم وبحق ممتلكاتهم، وضمان احترام دولة الاحتلال لمبادئ القانون الدولي الإنساني التي تعد ملزمة له في كل الأحوال.

المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة مطالبة أيضا باتخاذ كافة الإجراءات من أجل وقف عمليات التهجير القسري الجماعي التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي لسكان القطاع.

  • ما دور محكمة الجنايات الدولية، كيف يمكن محاسبة الاحتلال من خلالها؟

وفق عضوية فلسطين، يمكن إحالة كل الانتهاكات الجسيمة إلى مدعى عام محكمة الجنايات الدولية، لفتح تحقيق جاد وضمان المساءلة عليها.

 الآن المحكمة تفتح تحقيقا جادا، ونحن بدورنا نرسل بلاغات يومية للمحكمة من أجل حثها على التقدم في مجرى التحقيق، وضمان مساءلة دولة الاحتلال.

لكن يتطلب ما يحدث دعوة مجلس حقوق الإنسان إلى جلسة استثنائية إلى النظر في حقيقة الانتهاكات الجسيمة والتحقيق وتشكيل لجنة تقصي حقائق، تمهيدا لبدء مسار جاد لمحاكمة الاحتلال.

إضافة إلى دعوة الأطراف السامية المتقاعدة على اتفاقية جنيف وتوفير الحماية الدولية بما في ذلك طلب دولة حامية للقيام بواجباتها لحماية المدنيين وضمان الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني.

والجهود الفلسطينية والعربية غير كافية لمساءلة "إسرائيل"، وهناك حالة تراخ وغياب إستراتيجية وطنية في هذا المجال، وعدم تحرك كاف من أجل ضمان مساءلة دولة الاحتلال باستخدام كافة الأدوات بما فيها محكمة الجنايات الدولية وإحالة الملفات.